حضارة بلاد الرافدين
الحضارة
الحضارة في اللغة هي التّمدّن؛ أي الإقامة في الحضر، وهي بذلك عكس البداوة، كما أنّها مرحلة من مراحل التّطور الإنساني. والحضارة في الاصطلاح هي مجموعة المظاهر الّتي تُعبّر بها أمّةٌ ومجتمعٌ معين عن ثقافته، وتقوم هذه الأمة من خلال الحضارة بحماية ثقافتها، وتوريثها للأجيال القادمة.، وقد تشكّل العديد من الحضارت في مختلف أنحاء العالم كالحضارة المصريّة القديمة والحضارة الصّينيّة واليونانيّة وكذلك الحضارة الإسلاميّة وفي هذا المقال سوف نتحدّث عن إحدى هذه الحضارات وهي حضارة بلاد الرّافدين:
حضارة بلاد الرّافدين
حضارة بلاد الرّافدين واحدة من الحضارات القديمة في الشّرق الأدنى. وتميّزت هذه الحضارة بقيامها عند نهري دجلة والفرات اللذان لعبا دوراً كبيراً في نشوء هذه الحضارة. وقد ساعد وجود هذين النّهرين على استقرار النّاس وارتقاء حضارتهم. وتعدّ حضارة بلاد الرّافدين أقدم حضارة في التّاريخ الإنساني، وقد كانت آثار هذه الحضارة واضحةً في كل من أكّاد، وبابل، وآشور. وحكمت العديد من الممالك أرض بلاد الرّافدين، ومن أهمها:
مملكة السّومريين
مملكة السّومريين هي إحدى الممالك الّتي قامت في العراق، وأنشأت هذه المملكة حضارة كبيرة، وامتدّت أراضي هذه المملكة حتّى وصلت البحرين ( جزيرة دلمون قديماً ). وتعتبر حضارة السّومريون أقدم حضارة في العالم. وقد قُسّمت فترة حكم السّومريين إلى ثلاث عصورٍ وهي كالتّالي:
- عصر فجر السّلالات الأول ( 2800-2700 قبل الميلاد ).
- عصر فجر السّلالات الثّاني ( 2700-2600 قبل الميلاد ).
- عصر فجر السّلالات الثّالث ( 2600-2400 قبل الميلاد ).
كان للحضارة السّومريّة العديد من الإنجازات في مختلف المجالات فقد تميّزت في العمارة وخاصّة في عمارة القصور والمعابد ففي العهد السّومري ظهرت العقود والقبوات لأول مرة، كما تميّزت في النّحت وكذلك التّعدين، وسبك المعادن، وقد كان للسّومريين الفضل في ابتكار طريقة لحم الذّهب ، وذلك في عام 2500 قبل الميلاد. ويُذكر أنّ لغة السّومريين تعدّ من اللغات الملتصقة.Agglutinative،
مملكة الأكاديين
الأكّاديون هم قوم نزحوا من موطنهم الأصلي ( شبه الجزيرة العربيّة ) إلى بلاد الرّافدين (العراق) في أوائل الألفية الثّالثة قبل الميلاد تقريبا أو قبل ذلك بقليل، ويُعتقد أنّ الأكاديين قد عاشوا في نفس الوقت مع السّومريين. وقد قامت الدّولة الأكاديّة على يد سرجون الأكادي (2371 - 2316 قبل الميلاد)، الّذي وحّد العراق في مملكة واحدة، وقد استمرّ حكم سرجون الأكادي لمدة خمس وخمسين سنة، قام خلالها بالكثير من الإصلاحات في الجيش ( تطوير السّلاح وأساليب الحرب ) وكذلك إصلاحات في نظام الحكم، كما تطوّرت في عهده الفنون والعمارة.
ومن ملوك الدّولة الأكاديّة نرام سين الّذي يعدّ من أقوى الملوك الأكاديين، وقد دام حكمه ما يقارب الأربعين عاماً، وتَذكر الكثير من الرّوايات والأساطير أنّ نرام سين قد كان هو الحاكم الأعلى، ويُعتبر نرام سين أول ملك في بلاد الرّافدين يؤّله نفسه، وقد أَطلق نارام سين على نفسه لقب ملك ملوك الأرباع، وفي عهده وصلت المملكة الأكادية إلى أوجها إلا أنّها بدأت بالسّقوط بعد وفاة نرام سين.
مملكة البابليين
في بلاد الرّافدين ظهرت مملكة قويّة وهي المملكة البابليّة وقد قُسّمت المملكة البابليّة إلى عصور ثلاثة لكل عصر ميزاته الحضاريّة. وهذه العصور هي:
- العصر البابلي القديم: في بداية الألف الثّاني قبل الميلاد نشأت الدّولة البابليّة على يد أسرة عُرفت بسلالة بابل الأولى ( 2894 - 1595 ) قبل الميلاد، ويعدّ حمورابي من أشهر ملوك هذا العصر ( 1728 - 1686 ) قبل الميلاد إذ بفضله تم توحيد البلاد، ومن أهم أعمال حمورابي سَنُّه قوانين مُوحَّدة تسري على جميع بلاد الرّافدين (قانون حمورابي )، وهي أولى القوانين المتكاملة في العالم الّتي ضمّت قانون العقوبات والقانون المدني إضافة إلى الأحوال الشّخصيّة، وقد تميّز العصر البابلي القديم بتطور علومه ومعارفه البشريّة إضافة إلى اتساع وازدياد عدد المدن.
- العصرالبابلي الوسيط: في أواخر العصر البابلي القديم هجمت على العراق أقوام جاءت من الشّمال الشّرقي أو من الشّرق عُرفت باسم الكاشيين وأَسست هذه الأقوام دولة حكمت مدة خمسة قرون تقريباً، ويُعتقد أنّهم تحولوا إلى بابلين، ويُذكر الملك ( أجوم - كاكريم ) كأول ملك لهم، وهو الّذي أعاد تمثال الإله مردوخ بعد هزم الحثيين. يُعتبر العصر البابلي الوسيط عصر ضمور وتراجع للحضارة البابليّة، وعلى الرغم من وجود حكم سياسي في بابل إلا أنها بقيت تحت حكم وسيطرة قوىً أقوى منها، تمثّلت في مملكة ميتاني الّتي اندثرت وانهارت بعد بروز الدّولة الآشوريّة، وقد أصبحت بابل تحت سيطرة الآشوريين في عهد الملك نينورتا الآشوري.
- العصر البابلي الحديث: تعد فترة حكم الملك البابلي نبوخذ نصر الثّاني من الفترات المزدهرة في التّاريخ البشري بشكل عام، وفترة انتعاش وقوة للحضارة البابليّة بشكلٍ خاص، وقد تميّزعهد نبوخذ نصّر الثّاني بالعمران، ومن أهم المعالم العمرانية التي بُنيت في عهده الزّقورة، إضافةً إلى بناء العديد من المعابد في مدينة بابل، وإقامة شارع الموكب، وبوابة عشتار، وكذلك الحدائق المعلّقة التي تُعتبر من عجائب الدّنيا السّبعة .
في عام 539 قبل الميلاد احتلّ قورش العظيم مدينة بابل، وعلى الرغم من سقوطها إلا أنها بقيت في صراع مع الحكم فظهرت العديد من الثّورات فيها، مثل ثورة نبوخذ نصر الثاّلث في عام 522 قبل الميلاد، وثورة عام 521 قبل الملاد بقيادة نبوخذ نصر الرّابع، وثورة عام 484 بقيادة بيل سيماني وسامسا إيريبا وغيرها من الثّورات.
مملكة الآشوريين
ظهرت المملكة الآشوريّة في الجزء الشّمالي من العراق، ويُعرف الآشوريين بأنهم أقوام هاجروا من شبه الجزيرة العربيّة واستقرّوا في العراق، وقد اشتُق اسمهم من إسم إلههم آشور، وتميّزت المملكة الآشوريّة بالعديد من الملوك العظماء منهم:
- شلمنصر الأول : وهو من أعظم ملوك الدّولة الآشوريّة، وكان له إنجازات كبيرة في مختلف المجالات، إلّا أنّ أهمّها التّوسع الخارجي للدّولة.
- سرجون الثّاني: تميّز عهده بالفتوحات الخارجيّة، حيث قام ببناء عاصمة قرب نينوى سُمّيت بدور شروكين.
- آشور بانيبال: من أكثر الملوك حُباً للأدب والعلم والمعرفة فقد قام ببناء دار للكتب جمع فيها مختلف أنواع المعارف والعلوم التي عرفتها الحضارة في العراق.