حساسية الإنسولين
حساسية الإنسولين
تعبّر حساسية الإنسولين (بالإنجليزية: Insulin sensitivity) عن مدى استجابة خلايا الجسم للإنسولين لخفض نسبة الجلوكوز في الدم، ولفهم ذلك يتوجب ذكر أن الخلايا تحتاج السكر لإنتاج الطاقة، ولانتقال السكر للخلايا؛ تنتج خلايا بيتا الموجودة في البنكرياس هرمون الإنسولين، الذي يرتبط بالخلايا وحفزها لامتصاص السكر من الدم، حيث يعمل الإنسولين كمفتاح يسمح للسكر بالدخول إلى الخلايا، ومن الجدير بالذكر أن الأشخاص الذين يعانون من حساسية مرتفعة للإنسولين يحتاجون إلى كميات قليلة منه لخفض نسبة الجلوكوز بينما الأشخاص الأشخاص ذو الحساسية المنخفضة يحتاجون إلى كميات أكبر منه، ويطلق على هذه الحالة اسم مقاومة الإنسولين (بالإنجليزية: Insulin Resistance)، وهي الحالة التي لا تستجيب فيها خلايا الجسم للأنسولين بشكل جيد وبالتالي لا تتمكن من استخدام الجلوكوز لانتاج الطاقة، ونذكر في السياق أنه يمكن الحصول على الجلوكوز من خلال وجبات الطعام، وفي بعض الحالات التي لا يتلقى فيها الجسم الطعام مثل أوقات الصيام يقوم الكبد بانتاجه ليمد السجم بالطاقة، وحينها يقوم الإنسولين بدوره في مساعدة الجلوكوز على الانتقال إلى خلايا الجسم لتتمكن من انتاج الطاقة وبالتالي تنخفض نسبة الجلوكوز في الدم لتبقى في مستوايتها الطبيعية، ومن الجيد قوله أن الإصابة بمقاومة الإنسولين ليست من المشاكل الصحية الصعبة أي يمكن تخفيفها من خلال اتباع نمط حياة صحي يعتمد على ممارسة التمارين الرياضية بشكل دوري واتباع حمية غذائية معينة خاصةً في حال الإصابة بأحد أنواع السكري والذي سيتم الشرح عنه بالتفصيل لاحقاً.
أنواع حساسية الإنسولين
تقسم حساسية الإنسولين إلى ثلاثة أنواع رئيسية سيتم شرح كل واحدة منها فيما يأتي:
- حساسية الإنسولين المحيطيّة: (بالإنجليزية: Peripheral insulin sensitivity)، وهو أكثر أنواع الحساسية شيوعاً، حيث تعبّر عن قدرة خلايا الأنسجة والعضلات المحيطية أو الطرفية لامتصاص الجلوكوز الموجود بالدم سواء من خلال تحفيزها من قِبل الإنسولين أو من خلال انقباضاتها.
- حساسية الإنسولين المرتبطة بالكبد: (بالإنجليزية: Hepatic insulin sensitivity) يرتبط هذا النوع من الحساسية بعملية تسمى استحداث الجلوكوز (بالإنجليزية: Gluconeogenesis) وهي عملية تصنيع جزيئات جلوكوز جديدة في الكبد ، ولكن قد تؤثر بعض عوامل الالتهاب في فاعلية الإنسولين مما قد يتسبب في حدوث مقاومة الإنسولين، وبالتالي لا يتمكن من إيقاف عن تصنيع الجلوكوز.
أهمية حساسية الإنسولين
تعد حساسية الإنسولين من الأمور المهمة في الجسم حيث إن انخفاض هذه الحساسية يسبب حدوث العديد من المشاكل الصحية الناتجة عن زيادة انتاج الجسم للإنسولين، حيث تزيد نسبته في الدم وتعرف هذه الحالة باسم فرط إنسولين الدم (بالإنجليزية: Hyperinsulinemia)، ومن الجدير بالذكر إن هذه الحالة تؤثر مباشرة في الأوعية الدموية، كما أنها تسبب الإصابة ببعض المشاكل الصحية الأخرى، مثل: ارتفاع ضغط الدم، وهشاشة العظام، والسمنة خاصة في منطقة البطن، بالإضافة إلى الإصابة بأمراض القلب كمرض فشل القلب (بالإنجليزية: Heart Failure)، وبعض أنواع السرطانات مثل سرطان القولون والثدي والبروستات، وتحدث هذه المشاكل وغيرها بسبب تتابع ارتفاع السكر في الدم وارتفاع الإنسولين لفترات زمنية طويلة مما يؤدي إلى حدوث ردة فعل عكسية فتتوقف الخلايا عن التأثر بالإنسولين كما يجب؛ أي تزداد مقاومة الجسم للإنسولين، بالإضافة إلى ذلك يحدث تلف في خلايا البنكرياس بسبب إنتاجها لكميات كبيرة ولفترات طويلة ومستمرة من الإنسولين مما يضعف قدرتها الإنتاجية وبالتالي ينخفض مستوى الإنسولين الذي ينتجه البنكرياس عن الحد الطبيعي، وبذلك ترتفع معدلات الجلوكوز أو السكر في الدم (بالإنجليزية: Hyperglycemia) مؤدية إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني (بالإنجليزية: Diabetes Mellitus type 2).
كما يوجد بعض الأمراض أو الحالات الصحية المرتبطة بمقاومة الإنسولين مثل مرض الكبد الدهني غير الكحولي (بالإنجليزية: NAFLD)(Non-alcoholic fatty liver disease) الذي يسبب حدوث تلف في خلايا الكبد، وبهذا يمكن القول أن مقاومة الإنسولين قد تسبب حدوث العديد من المشاكل الصحية والأمراض في الكبد والقلب، لذلك لابد من الحرص على محاولة زيادة حساسية الجسم للإنسولين والمحافظة على نسب السكر التراكمي ضمن المستويات الطبيعية، حيث تعد زيادة مدى حساسية الجسم للإنسولين سواء الطبيعي الذي ينتجه البنكرياس أو الصناعي الذي يتم أخذه عن طريق الحقن من أهم الأمور التي تساعد على المحافظة على نسبة السكر في الدم ضمن معدلها الطبيعي.
ويجدر التنبيه إلى أنه في بعض الحالات قد تكون الحساسية المفرطة للإنسولين سبباً للإصابة ببعض المشاكل الصحية، فمثلاً في حال كان الشخص مصاب بمرض السكري من النوع الأول - وهي حالة صحية يكون فيها الجسم غير قادر على إنتاج كميات كافية من الإنسولين لخفض مستوى السكر في الدم، فيحتاج المصاب إلى تعويض نقص الإنسولين من مصادر خارجية عن طريق أخذ حقن إنسولين- فإن الحساسية الزائدة للإنسولين تزيد من خطر احتمالية إصابة المريض بهبوط السكر في الدم (بالإنجليزية: Hypoglycemia) وهي حالة تعبر عن انخفاض مستوى سكر الجلوكوز في الدم ويكون الانخفاض لدى المصابون بمرض السكري في حال كانت قراءة سكر الدم تعادل (70 ملغ / ديسيلتر) أو أقل، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الحد يختلف من شخص إلى آخر ويمكن معرفته من خلال متابعة فحوصات سكر الدم بمساعدة طبيب.
العوامل المؤثرة في مقاومة الإنسولين
هنالك العديد من العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بمقاومة الإنسولين، ومنها:
- التدخين.
- السمنة، والوزن الزائد خاصة إن كان يتمركز في منطقة الحجاب الحاجز أي في الجزء الاوسط من جذع الإنسان.
- المعاناة من مشاكل في النوم.
- الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
- التعرض للتوتر، وذلك لأنه في حالات التوتر يزيد من إفراز هرمونات معينة في الجسم مثل هرمون الكورتيزول، الذي يتسبب في زيادة نسبة الجلوكوز في الدم،
نصائح لتحسين حساسية الإنسولين
تعد حساسية الإنسولين من الأمور التي يمكن التحكم بها من خلال تغير نمط الحياة واتباع بعض الأمور التي سنذكرها بشيء من التفصيل فيما يأتي:
ممارسة التمارين الرياضية
تعود أهمية ممارسة التمارين الرياضية إلى أنها تحث الجسم على حرق الغلايكوجين، وهو أحد أشكال السكر المخزن في العضلات، وبذلك تقوم العضلات بتعويض الكمية المستهلكة من خلال امتصاص الجلوكوز المتواجد في الدم مما يؤدي إلى زيادة حساسية الجسم للإنسولين لفترة أطول، ولكن يجب الانتباه إلى أن الغلايكوجين لا يتم حرقه أثناء ممارسة النشاطات اليومية التي لا تتطلب القيام بمجهود كبير لذلك ينصح بممارسة التمارين الرياضية المكثفة مثل المشي السريع، كما ينصح بممارسة التمارين الرياضية بشكل دوري يومياً أو كل يومين لمساعدة الجسم على المحافظة على معدل حساسيته اتجاه الإنسولين.
التخلص من الوزن الزائد
يؤثر التخلص من الوزن الزائد في حساسية الإنسولين بشكل كبير، وقد أُثبت ذلك من خلال دراسة نشرتها المجلة العالمية للسمنة (بالإنجليزية: International Journal of Obesity) عام 2014، أن الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد لاحظوا زيادة بمقدار 80% على مدى حساسية أجسامهم للإنسولين بعد قيامهم بخسارة ما يقارب 10% من وزنهم من خلال اتباع حمية غذائية معينة وممارسة التمارين الرياضية بشكل دوري، بينما لاحظ الأشخاص الذين خسروا نفس النسبة من وزنهم من خلال اتباع حمية غذائية فقط دون ممارسة أي تمارين رياضة بزيادة نسبة الحساسية للإنسولين بمقدار 38%، ولكن الأشخاص الذين مارسوا التمارين الرياضية دون أي خسارة في أوزانهم لم يلاحظوا أي تغيُّر على حساسية أجسامهم اتجاه الإنسولين.
تجنب التعرض للتوتر
يؤثر التوتر بشكل كبير في جسم الإنسان، حيث إن التوتر المزمن يرفع معدل هرمون الكورتيزول (بالإنجليزية: Cortisol) والذي يعمل بدوره على رفع نسبة السكر في الدم من خلال تحفيز عملية استحداث الجلوكوز في الكبد وذلك لدعم الجسم بالطاقة اللازمة لمقاومة الضغط الذي يقع عليه، ولكن ارتفاع هذا الهرمون لفترات زمنية طويلة أو بشكل متكرر قد يؤدي إلى ارتفاع معدل الجلوكوز في الدم وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
اتباع نظام غذائي صحي
ينصح بتناول الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من الألياف والحد من تناول الأطعمة التي لديها مؤشر جلايسيمي (بالإنجليزية: Glycemic Index) أو مؤشر سكري عالي وذلك لزيادة حساسية الإنسولين، بالإضافة إلى ذلك ينصح بتجنب تناول الأطعمة أو المشروبات المحلاة أي المضاف إليها السكر الصناعي وذلك لتأثيرها المباشر في رفع نسبة السكر في الدم بشكل كبير ومفاجئ.