حديث الرسول الكريم عن وباء آخر الزمان
وباء الطاعون في آخر الزمان
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَناءُ أُمَّتي بالطَّعْنِ والطاعونِ، قالَتْ: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، هذا الطَّعْنُ قد عَرَفناهُ، فما الطاعونُ؟ قال: غُدَّةٌ كغُدَّةِ الإبِلِ، المُقيمُ فيها كالشَّهيدِ، والفارُّ منها كالفارِّ مِن الزَّحفِ)،فيدل الحديث على أن من علامات الساعة حصول طاعون ينتشر بين الناس فيأتي على كثير منهم فيموتوا.
وقيل إنّ هذا الطاعون الذي أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث السابق قد حصل في زمن خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حيث مات كثير من الناس لا سيّما أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم أمين الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح -رضي الله عنه-،
ورأى بعض العلماء أنّ الأمر في علم الله، فقد يكون هو ذاك الطاعون، وقد يكون طاعون آخر لم يأتِ بعد، وكل ذلك إنما في علم الغيب عند الله ولا يعلمه ولا يجزم به إلا الله سبحانه، ولكن الناس يجب دائماً أن يستعدوا للقاء الله سواء حصل وباء يحتمل أن يموتوا فيه أو من غير وباء، إذ الأصل في المسلم أن يكون مُستعداً دائماً للقاء الله.
وباء الجهل في آخر الزمان
أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من أشراط وعلامات الساعة رفع العلم وانتشار الجهل، ورفع العلم يكون بقبض أرواح العلماء فلا يبقى في الأرض علماء يهدون الناس ويعلمونهم، فينتشر الجهل بين الناس ويتخذوا رؤوساً من الجُهال مكان العلماء، فيضلونهم ويكونون دعاة إلى أبواب جهنم.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يُقْبَضُ العِلْمُ، ويَظْهَرُ الجَهْلُ والفِتَنُ، ويَكْثُرُ الهَرْجُ، قيلَ يا رَسولَ اللَّهِ، وما الهَرْجُ؟ فَقالَ: هَكَذَا بيَدِهِ فَحَرَّفَهَا، كَأنَّهُ يُرِيدُ القَتْلَ)،وإنّنا نرى شدة الجهل الذي وصل إليه الناس؛ فعلى سبيل المثال: كان ألف باء العلوم قديماً هو حفظ القرآن الكريم وحفظ الصحيحين؛ فلا يكاد الطفل يتم العاشرة من عمره حتى يكون قد أتم حفظ هذين الوحيين، فينشأ الناس على تربية إيمانية عظيمة.
أما في زماننا اليوم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، حيث نجد بعضاً من طلبة من الجامعات لا يكادون يحفظون شيئاً من القرآن الكريم ولا من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضلاً عن أحكام الصلاة والزكاة والصيام والحج.
وباء الخمر والزنا في آخر الزمان
ومما أخبر عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- من أشراط وعلامات الساعة انتشار الخمر و الزنا بين الناس، والعياذ بالله منهما، وقد أصبح بيع الخمر مشروعاً في كثير من الدول وللأسف، وكذلك فقد فشا الزنا، وكل ذلك مؤذن بانتشار الأمراض البدنية التي تفتك بالمجتمعات كالزهري والسيلان ومرض الإيدز، حفظنا الله من ذلك كله.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في شأن ذلك وهو مما يؤكد صدق نبوته: (إنَّ مِن أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ، وَيَفْشُوَ الزِّنَا، وَيُشْرَبَ الخَمْرُ، وَيَذْهَبَ الرِّجَالُ، وَتَبْقَى النِّسَاءُ حتَّى يَكونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ).
والوباء هو كل مرض عام ينتشر بين الناس كالطاعون وغيره،وقد يقصد به مرض أخلاقي أو مرض اجتماعي عام يصيب المجتمع فيكون له تأثير بالغ في المجتمع، فلا ينحصر الوباء في الأمراض البدنية التي تصيب بدن الإنسان.
وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أشراط الساعة وليس المقام هنا مقام بسطها وسرد تفاصيلها، ولكن يمكن القول أنه من خلال فهم مجموعة كبيرة من أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- التي تتكلم عن أشراط وعلامات الساعة، بأن انتشار الأمراض والأوبئة من علامات الساعة الصغرى ولو لم يسميها النبي باسمها الخاص.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (خمسٌ بخمسٍ، ما نقض قومٌ العهدَ إلا سُلِّطَ عليهم عدَوُّهم، وما حكموا بغير ما أنزل اللهُ إلا فشا فيهم الفقرُ، ولا ظهرتْ فيهم الفاحشةُ إلا فشا فيهم الموتُ، ولا طفَّفوا المكيالَ إلا مُنِعوا النباتَ وأُخِذوا بالسِّنين، ولا مَنَعوا الزكاةَ إلا حُبِسَ عنهم القطرُ).
ويظهر من الحديث الشريف أنّ الأمراض والعقوبات وكثرة الموت إنما هي بسبب الذنوب والمعاصي التي يقوم بها الناس، فينزلها الله عليهم لعلهم يتوبوا ويرجعوا إليه ويستغفروه، ومما تجدر الإشارة إليه في الحديث كلمة "فشا" التي بمعنى انتشر وظهر.