حد شارب الخمر
حد شرب الخمر
لقد نهى الشرع الحنيف عن شربِ الخمرِ بشكلٍ صريحٍ في القرآنِ الكريمِ حيث قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وعدَّ هذه المعصية من كبائر الذنوبِ التي تُوجب على فاعلها حداً.
وإنَّ حدَّ شربِ الخمر؛ هو الجلدُ باتفاق أهل العلمِ، إلَّا أنَّ آراءهم قد تعدد في عددِ الجلداتِ، وفيما يأتي بيان هذه الآراء:
- يُجلدُ شارب الخمرِ ثمانون جلدة إن كان حراً، وأربعونَ جلدة إن كان عبداً، وهذا مذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة.
- يُجلد شارب الخمر أربعونَ جلدةً إن كان حراً، وعشرونَ إن كان عبداً، وهذا مذهب الشافعيّة، وهو رواية أخرى عند الحنفيّة.
- ليس هناكَ عددٌ معينٌ لجلدِ شارب الخمر.
الخمر الذي يجب على شاربه الحد
إنَّ الخمرَ في اللغةِ؛ هو التغطيةُ والسترُ، أمَّا في الاصطلاحِ الشرعي، فقد تعددت آراءُ أهلِ العلمِ فيه، وقد أثمرَ اختلافُ المعنى عندهم إلى اختلافِ الخمرِ الذي يجب على شاربه الحدّ، وفيما يأتي بيان ذلك:
- رأي الحنفيّة
لقد فرَّق الحنفيّة بين الخمرِ وبين المسكر، فذهبوا إلى أنَّ الخمرَ؛ هو ماء العنبِ إذا غلا واشتدَّ حتى قذف الزبد منه، أمَّا المُسكر فهو؛ كلَّ مشروبٍ يُذهب العقلَ من غير العنبِ، وبناءً على ذلك، فإنَّ حدَّ شرب الخمرِ يجب على كلّ من شرب ماء العنبِ المغلي سواءً قلَّ أو كثر، كما أنَّه يجب على من شربَ ما عداه من الأشربة المُسكرةِ بقدرِ المسكر منها.
- رأي جمهور الفقهاء
ذهب المالكيّة والشافعيّة والحنابلة إلى أنَّ الخمرَ بالمعنى الاصطلاحي؛ هو عبارة عن كلَّ مشروبٍ مسكرٍ، سواءً أكان من العنب أم من غيرِ العنبِ، وبناءً على ذلك فإنَّ الحدَّ يجب على كلِّ من شربَ مشروباً مسكراً سواءً قلَّ أم كثر.
كيف يثبت حد الخمر على شاربه؟
يثبت حدُّ الخمرِ على شاربه إمَّا بالإقرارِ أو بشهادة رجلينِ عدلينِ، وإنَّ هناك عدداً من القواعد التي لا بدَّ من ذكرها بخصوص ثبوت حدِّ الخمرِ من عدمه، وفيما يأتي ذلك:
- يثبت حدَّ الخمر بثبوتِ شربه من غير إكراهٍ سواءً قلَّ أم كثُر.
- يثبت حدَّ الخمرِ بشهادة الذكورِ؛ إذ إنَّ شهادة النساءِ في حدِّ الخمرِ لا تثبت؛ ففي شهادتهنَّ شبهة البدلية، وتهمة الضلال والنسيان.
- يثبت حدَّ الخمرِ بإقرار الشاربِ مرةً واحدةً عند الأئمة الأربعة، إلَّا أنَّ الإمام أبا يوسف ذهب إلى وجوب الإقرار مرتينِ.
- لا يثبت حدَّ الخمر بوجودِ ريحٍ في فمِ المرءِ، عند أكثر أهل العلم؛ لاحتمال أنَّه تمضمض بها، أو ظنَّها ماءً ولمَّا ذاقها مجَّها، ولاحتمالِ أن تكون الرائحة من رائحةَ شيءٍ آخر تُشبه رائحة الخمرِ، بينما ذهب المالكية إلى ثبوت حدِّ الخمرِ بوجودِ الريحِ في فمِ المرء.