جساس بن مرة (شاعر وأمير جاهلي)
جساس بن مرَّة ونسبه
جساس بن مرة هو عمرو بن مرة بن ذهل الشيباني البكري، فارسًا وشاعرًا من شعراء العصر الجاهلي ، ويُعد من الأشراف والأمراء وأعلام وأبطال قبيلة بني بكر، أبوه مرة بن ذهل الشيباني زعيم قبلية بني بكر، أما أمه فايمها الهالة، وهي من بني تميم.
لماذا لُقِب جساس بهذا اللقب
الجسَّاس هو اسم من أسماء الأسد والذي يدل على أنَّ الأسد يؤثر في الفريسة ببراثنه، كما يرد الاسم أيضاً بمعنى الشجاع الجريء الذي يطأ الأرض، والحادِّ البصر، والجسَّاس هو من يستطلع الأخبار لقومه، وقد لُقِب به عمرو بن مرة لما عُرِفَ عنه من فروسية وشجاعة وإقدام، ولأنَّه كان سيّداً عزيزاً وأميراً ذو مكانه في بني بكر.
جساس بن مرة وحرب البسوس
نزلت البسوس بنت منقذ التميمة وهي خالة جسَّاس بن مرة في ضيافة أختها، وكان لها ناقة دخلت بالخطأ في حمى كليب بن ربيعة، فأطلق كليب عليها سهمًا فأرداها قتيلة، وحين علمت البسوس ما حصل لناقتها حزنت حزنًا شديدًا ولم ترضى بما عرضه عليها جساس بن مرة من أخذ ناقة أخرى، فبقيت تبكي وتنشد الأشعار وكان ممّا قالت:
لعمرك لو أصبحت في دار منقذً... لما ضيم سعد وهو جارٌ لأبياتي
ولكنني أصبحت في دار غربةٍ... متى يعدُ الذئبُ فيها يعدُ على شاتي
إن لم قوموا بثاري ويصدقوا... طعانهم والضرب في كل الغاراتِ
فلا آب ساعيهم ولا سدَّ فقرهم... ولا زال في الدنيا لهم شر نكباتِ
جسَّاس بن مرة وكُليب بن ربيعة
توتَّرت العلاقات بين كليب بن ربيعة وجساس بن مرة منذ صار كليب ملكاً، ففي الوقت الذي كان فيه يُعلي شأن قومه، كان يحاول أن يَحُطَ من شأن البكريين، ويُقلل من قيمتهم واعتبارهم في كلِّ فرصة، رغم أنَّ بينهم دماً ونسباً، وقد ظل جساس بن مرة يراقب تصرفات كليب دون أن يتخذ موقفًا حادًا إلى أنَّ ذهب بعض البكريين يوماً على ماءٍ يُقال له "شبيث"، ليشربوا ويتزودوا بالمياه، لكن كليباً منعهم عنه، فلما بلغ الخبر جسَّاس، ذهب إلى كليب معاتباً له على فعلته، فجادله كليب أنَّ الماء في حماه.
وهنا ذكَّر جساس كليباً بفعلته بناقة البسوس فردَّ عليه كليبٌ قائلاً: "أما وإني قد وجدتها في غير إبل مرة لاستحللت تلك الإبل بها، أتجرؤ أن تمنعني أن أذبَّ عن حماي؟"، وقد بلغ الغضب بجساس مبلغه عند هذه النقطة، فاستلَّ رمحه وطعن كليباً به، ثم تركه ليموت عطشاً ردّاً على منعه الماء عن بني بكر.
مقتل جساس بن مرة
كان قتل كليب نقطة أشعلت الحرب التي أطلق عليها حرب البسوس والتي دامت أربعين عامًا، وكان المقصد منها أولاً أخذ الثأر لكليب على يد أخيه المهلهل عدي بن ربيعة، والذي كان من غضبه أن رفض القبول بأخذ جساس بدلاً عن كليب، بل طالب بأن يعيدوا له كليب حياً ليقتنع بأنَّ الثأر قد تمَّ له، وقد ظلَّت هذه الحرب قائمة حتى مقتل المهلهل نفسه على يد جبير بن الحارث بن عباد.
وقد تعددت الأقوال في مقتل جساس فقال البعض إنَّه مات أثناء الحرب على يد أبي نويرة التغلبي، وقال آخرون إنه عاش حتى ما بعد الحرب، وصار أميرًا للعرب لفترة من الزمن بعد مقتل كليب، وكان آخر من قُتل فيها وقتله الجرو بن كليب وابن أخته.