جزاء قوم عاد
جزاء قوم عاد
أنذر سيدنا هود قومه وأخبرهم بأنهم إن أعرضوا عن دعوته واستكبروا سيحل عليهم عقاب من الله -تعالى- وسخط، وأن الله سيبيدهم ويعذبهم ويستخلف قوماً آخرين غيرهم، وقدد كرر نصحه لهم كثيراً؛ إلا أنهم كانوا يصدونه دائماً متعجبين من ذلك، ومعتبرين أن في دعوته تلك احتقاراً لهم وامتهانه لآبائهم.
وبعد أن أصرت عاد على ذلك أنذرهم هود بأن الله -تعالى- سينزل عليهم عذاباً من عنده؛ لكنهم أجابوه بأنهم لن يتركوا آلهتهم بذلك القول، فأنزل الله سخطه وعذابه عليهم بأن حبس عنهم المطر حتى جهدوا، وأثناء حبس المطر عنهم كان هود يقول لهم بأن الله سيرحمهم ويغيثهم إن أطاعوا دعوته وعبدوا الله؛ إلا أنهم استمروا في تمردهم وعصيانهم رغم ما أصابهم من بلاء.
وبينما كانت عاد على تلك الحال؛ مر عليهم سحاب أسود اللون، ظنوا أن ذلك السحاب فيه خير لهم و سيمطرهم، إلا أن الله قد أرسل عليهم بعد ذلك ريحاً شديدة سلطها عليهم سبعة ليالي وثمانية أيام؛ فأهلكتهم وأبادتهم إلى أن صارت أجسامهم كأعجاز النخل.
وهلك كل من استكبر وأبى، ونجا كل من آمن، وقد بيّن الله -تعالى- ذلك في سورة هود، قال -تعالى-: (وَتِلْكَ عَادٌ ۖ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ* وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ ۗ أَلَا بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ).
التعريف بقوم عاد
سكن قوم عاد في جنوب الجزيرة العربية، في منطقة الربع الخالي الواقعة بينها وبين حضرموت في اليمن، ودل بالبحث عن الآثار وجود قصور شاهقة، ومدينة عظيمة وجبال منحوتة؛ فقد كان قوم عاد ينحتون من الجبال قصوراً وبيوتاً شاهقة.
ووصف الله -سبحانه وتعالى- قوم لوط في القرآن الكريم؛ بأنهم قوم ذو قوة ومكانة عالية، وقدرة على نحت البيوت من الصخور؛ وذلك دليل على قوتهم وقدرتهم العالية، فالبشر في الوقت الحالي لا يستطيعون بناء وتشييد القصور العالية إلا بوجود آلات ضخمة تساعد البشر في البناء.
ولقد أنعم الله -تعالى- عليهم بنعم كثيرة؛ لكنهم استكبروا وجحدوا بما أُرسل إليهم، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون).
دعوة هود لقومه
أرسل الله -تعالى- سيدنا هود -عليه السلام- لدعوة قومه عاد لعبادة الله -تعالى- وحده، وترك عبادة الأصنام، والاستسلام واليقين بأن ما هم فيه من النِعم والعطايا هي من الله -تعالى- وحده، وعدم التكبر والتجبر بما لديهم من قدرة على الصناعة والنحت وتشيد القصور والبيوت الضخمة.
لكن قوم عاد كفروا بما أنعم الله -تعالى- عليهم، واستكبروا عما جاءهم من الحق والدين؛ فأرسل الله -تعالى- عليهم ريحاً شديدة، أهلكتهم جميعا وجعلت مدينتهم رماداً لا يُرى منها أي شيء، قال -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ* فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ).