ثلاثة لا ينظر الله اليهم
الروايات في الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم
وردت عدة روايات فيها لفظ "ثلاثة لا ينظر الله -تعالى- إليهم"، وفيما يأتي ذكر عدة أحاديث فيها كل الأصناف وما يشبهها التي ذُكرت بالروايات الصحيحة، وسيأتي بيانُها تفصيلاً في الفقرات اللاحقة:
- الحديث الأول: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ: المَنَّانُ الذي لا يُعْطِي شيئًا إلَّا مَنَّهُ، والْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الفاجِرِ، والْمُسْبِلُ إزارَهُ، وفي رواية: ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، ولا يَنْظُرُ إليهِم، ولا يُزَكِّيهِمْ، ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ).
- الحديث الثانيّ: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ ولا يُزَكِّيهِمْ، قالَ أبو مُعاوِيَةَ: ولا يَنْظُرُ إليهِم، ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ: شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذّابٌ، وعائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ).
- الحديث الثالث: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، ولا يَنْظُرُ إليهِم، ولا يُزَكِّيهِمْ، ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ علَى فَضْلِ ماءٍ بطَرِيقٍ، يَمْنَعُ منه ابْنَ السَّبِيلِ، ورَجُلٌ بايَعَ رَجُلًا لا يُبايِعُهُ إلَّا لِلدُّنْيا، فإنْ أعْطاهُ ما يُرِيدُ وفَى له وإلَّا لَمْ يَفِ له، ورَجُلٌ ساوَمَ رَجُلًا بسِلْعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، فَحَلَفَ باللَّهِ لقَدْ أعْطَى بها كَذا وكَذا فأخَذَها).
- الحديث الرابع: (ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ، وثلاثةٌ لا يدخُلونَ الجنَّةَ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمدمِنُ على الخمرِ، والمنَّانُ بما أعطى)،
الروايات الصحيحة
الرواية الأولى
قال النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ: المَنَّانُ الذي لا يُعْطِي شيئًا إلَّا مَنَّهُ، والْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بالحَلِفِ الفاجِرِ، والْمُسْبِلُ إزارَهُ، وفي رواية: ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ ولا يَنْظُرُ إليهِم ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ)، وبيان هذه الأصناف فيما يأتي:
- المُسبل إزارهُ تكبُّراً: وهو الذي يُرخي طرف إزاره على الأرض بقصد التكبُّر والخُيلاء، وذلك لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إلى مَن يَجُرُّ إزَارَهُ بَطَرًا)، والإزار هو ما يُتحزّم به، حيثُ كانت العرب لا تعرف السراويل، وخصّ الحديث الإزار؛ لأنه كان أكثر لباس العرب وأشهره عندهم، وهذا الحُكم ينطبق على جميع اللِباس ، وقد يكون الإسبال في غير الإزار، فقد يكون في إطالة الكُم، ويكون الإسبال في الإزار إلى ما نزل عن الكعبين.
- والإسبالُ في اللُغة: هو الإطالة والإرخاء، فيُقال أسبل إزاره: إذا أرخاه وطوّله إلى الأرض، وكذلك تعريفه في الاصطلاح بشرط أن يكون ذلك بقصد الكِبر كما جاء عن ابن الأعرابيّ، وحُكمهُ الكراهة، وذهب الشافعيّ إلى القول بكراهة الصلاة عند إطالة الرجل ذيله في الصلاة، وأجازها المالكيّة؛ لأن المُصلي لا يكون في تطويله له نوعٌ من الكِبر، وإنما يكون ذلك في الرجُل الماشي.
- المنان بما يُعطي: وقد حذر الله -تعالى- من المنّ في العطية لِقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ)، والمنان هي من صيغ المُبالغة في المنّ، فالوعيد يشمل من يُكثر من المنّ في صدقته، وهو الشخص الذي لا يُعطي شيئاً إلا بمنّهٍ منه، وهو مُبطلٌ لأجر صدقته وعطائه؛ لما في ذلك من البُخل والعُجب، ونسيان منّةً الله -تعالى- عليه فيما أعطاه، حيثُ يشعر الإنسان المنّان أنه مُنعمٌ بماله فيما يتصدق به، ومُتفضّلٌ فيه على الفقير.
- ومن معاني المنّ أيضاً القطع، لِقولهِ -تعالى-: (لَهُمْ أَجْرٌ غَيرُ مَمْنُونٍ)، أي لا ينقطع أجرُهم، فيكون المعنى أن البخيل يقطع عطاءه عمن يستحقُه، وقد ذمّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- الشخص المنان لما ورد في الحديث، وأمّا المنّ الذي يكون بمعنى العطاء والإحسان فهو محمود، ويُطلق المنّ على الشخص الذي يُعطي ويمُنّ على غيره بما صنع، كما تُطلق على الشخص الذي يُنقص من الحق.
- المُنفق سلعتهُ بالحلف الكاذب: وهو الشخص الذي يبيع سلعته المعروضة للبيع باليمين الفاجرة الكاذبة، وهذا الفعل من الكبائر ، كما أن في ذلك نوعٌ من الخِداع والغِش بِالمُشتري، وهو سببٌ من أسباب محق البركة، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (إيَّاكُمْ وكَثْرَةَ الحَلِفِ في البَيْعِ، فإنَّه يُنَفِّقُ، ثُمَّ يَمْحَقُ).
الرواية الثانية
قال النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ثَلَاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ علَى سِلْعَةٍ لقَدْ أَعْطَى بهَا أَكْثَرَ ممَّا أَعْطَى وَهو كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ علَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، لِيَقْتَطِعَ بهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فيَقولُ اللَّهُ: اليومَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كما مَنَعْتَ فَضْلَ ما لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ)، وبيان هذه الأصناف فيما يأتي:
- الحالف يميناً ليقتطع بها حق مُسلم: ومن يقوم بهذا العمل يلقى الله -تعالى- يوم القيامة وهو عليه غضبان، لأن الأصل في المُسلم أن يقوم بالحلف بالله -تعالى- صادقاً حتى وإن كان الشيء المحلوف عليه بسيطاً، بل إنه يأتي يوم القيامة ولا ينظر الله -تعالى- إليه ولا يُكلمه، واليمين الكاذبة: هي اليمين التي يؤدّيها صاحبها على غير الواقع المعلوم، وخصّ الحديث بعد العصر؛ لأن أغلب وُقوعها يكون في هذا الوقت، حيثُ إنه وقت رُجوعه إلى البيت بغير ربح، فيحلف كاذباً ليعود بالربح، وقيل: لأن اليمين في هذا الوقت أغلظ، فيحلف ليأخذ حق غيره بيمينه.
- وقيل: إن الله -تعالى- عظّم هذا الوقت، فتكون اليمين فيه أعظم في الحُرمة، مع أن اليمين الفاجرة تكون مُحرمة في كُل الأوقات. وفي الحديث تشديدٌ على حُرمة أكل مال المُسلم، حيثُ يلقى ربه وهو عليه غضبان، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (مَن حَلَفَ علَى مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بغيرِ حَقِّهِ، لَقِيَ اللَّهَ وَهو عليه غَضْبَانُ، قالَ عبدُ اللهِ: ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- مِصْدَاقَهُ مِن كِتَابِ اللهِ: {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77] إلى آخِرِ الآيَةِ)، وذهب بعض العُلماء إلى أن تخصيصها بالعصر؛ لأنه وقت الكسب ويرغب الإنسان بالرجوع بالربح، وقيل: لأنه الوقت الذي تشهدهُ الملائكة .
- الرجل يمنع فضل مائه بغير وجه حق: بأن يمنع الإنسان غيره عن الماء الزائد عن حاجته، لأن الماء من فضل الله -تعالى-، وإن كان الحفر من الإنسان، فإن كان الماء في غير الأرض المملوكة لأحد، فلا يجوز لأحد أن يختصّ بها دون غيره، مع جواز منع غيره من الدُخول إلى مائه إن كانت الأرض مملوكةً له.
الرواية الثالثة
قال النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ثَلاثٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ، ولا يَنْظُرُ إليهِم، ولا يُزَكِّيهِمْ ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ علَى فَضْلِ ماءٍ بالفَلاةِ يَمْنَعُهُ مِنَ ابْنِ السَّبِيلِ، ورَجُلٌ بايَعَ رَجُلًا بسِلْعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ فَحَلَفَ له باللَّهِ لأَخَذَها بكَذا وكَذا فَصَدَّقَهُ وهو علَى غيرِ ذلكَ، ورَجُلٌ بايَعَ إمامًا لا يُبايِعُهُ إلَّا لِدُنْيا فإنْ أعْطاهُ مِنْها وفَى، وإنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْها لَمْ يَفِ، وفي رواية: ورَجُلٌ ساوَمَ رَجُلًا بسِلْعَةٍ)، وقد تم بيانُ بعض هذه الأصناف في الروايات السابقة، وأمّا بيانُ من لم يتم ذكره من الأصناف فهو الرجل الذي يُبايعُ إمامه لأجل الدُنيا؛ لما في ذلك من إعانته على غش المُسلمين، ونقضه لعهد ربه، وإعانته على الظُلم ، وهو يبني مُبايعته على المنفعة الماديّة وإن كان في ذلك اتّباعاً للباطل.
الرواية الرابعة
قال النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ ولا يُزَكِّيهِمْ، قالَ أبو مُعاوِيَةَ: ولا يَنْظُرُ إليهِم، ولَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ: شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كَذّابٌ، وعائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ)، وبيانُ هذه الأصناف كما يأتي:
- الشيخُ الزانيّ: وقد توعّده الله -تعالى- بالتوبيخ والعذاب يوم القيامة؛ لانتفاء دواعي الفعل عنده، وكمال عقله، وضعف أسباب الشهوة لديه للنساء، كما أن في ذلك نوعٌ من الاستخفاف بحق الله -تعالى-، وجاء عن القاضي عياض بتخصيص هذه الأصناف ومنهم الشيخ الزاني بذلك؛ لفعله المعصية مع بُعدها عنه، وعدم ضرورته إليها، وضعف دوافعها بالنسبة إليه، والمقصود بالشيخ: هو كبير السن، وقيل: هو المُتزوج، وخصّ ذلك بالشيخ ولكنّه يشمل الشيخة كذلك.
- الملك الكذاب: وجاء في بعض الروايات "الإمامُ الجائر"، وفي رواية الإمام مُسلم أنه الملك الكذاب، وذكره بالعقوبة؛ لأن السبب الذي حمله على المعصية هو المُعاندة، والاستخفاف بأمرها مع عدم حاجته إليها، حيثُ إن الإنسان يكذب بقصد المُداهنة والخوف، او لِطلب منزلة عالية أو جلب منفعة، وهو غنيٌ عن ذلك.
- العائل المُتكبِّر: وذلك لأن في فعله الكِبر على نفسه، حيثُ لا سبب يحملهُ على الفعل، فالشخص يتكبر بمال أو جاه وغير ذلك، وهو قد انتفت عنده، فهو لا يملك دواعي الكِبر، ولكنه فعل ما يؤدي إليه، والعائل هو الفقير، وقد توعّدهُ الله -تعالى- بالوعيد؛ لانتفاء دواعي المعصية مع إقدامه على فعلها، وهذا يدُل على لؤم صاحبها، وقيل: إن العائل هو صاحب العيال، وعدم قبوله الصدقة والإحسان يُلحق به وبعياله الضرر بسبب تكبُره من عدم قبولها.
الرواية الخامسة
قال النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ، والدَّيُّوثُ، وثلاثةٌ لا يدخُلونَ الجنَّةَ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمدمِنُ على الخمرِ، والمنَّانُ بما أعطى)، وبيانُ هذه الأصناف فيما يأتي:
- العاق لوالديه: العُقوق ضدّ البِر، فيُقال عقّ والديه: أي قطعهما ولم يصل رحمه منهُما، ومن عُقوق الوالدين: تحزينُهُما، وزجرهما، ورفع الصوت عليهما، والتأفُّف من كلامهما وأوامرهما، والعبوس في وجههما، وانتقاد كلامهما والطعام الذي يصنعانه، وعدم الاهتمام برأيهما، وترك استئذانهما، وإثارة المُشكلات في حُضورهما، وشتمهما، وإيقاعهما في الحرج، وتفضيل الزوجة عليهما، والتخلّي عنهُما عند حاجتهما إليه، والبُخل عليهما.
- ومن عُقوق الوالدين عصيانهما وإغضابهما، وعدم الإحسان إليهما، وفعل ما يؤذيهما؛ سواءً بالقول أو الفعل، ويُعد عُقوق الوالدين من الكبائر، ولعظم حقّهما فقد قرن الله -تعالى- عبادته بالإحسان إليهما في كثيرٍ من الآيات، كقوله -تعالى-: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، وبر الوالدين هو جُزءٌ من رد الجميل إليهما لِما عانوه في تربيته، وحمل أُمّه به وإرضاعه.
- المتشبهة بالرجال: وتُسمّى أيضاً بالمرأة المُترجلة، فيحرُم على المرأة التشبه في اللبس بالرِجال مما كان لهم خاصة، كما يحرُم على الرجال لبس ما كان خاصاً للنِساء؛ كالأساور، والقلائد، وغيرها، ويلحق بذلك التشبه بهم في الكلام والمشي لمن يقصد ويتعمّد ذلك، وجاء في بعض الأحاديث لعن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- للمُتشبّهين بالجنس الآخر.
- الديوث: وهو الشخص الذي يوافق على الزنا في أهله مع علمه بذلك، وورد عن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أن الديوث: هو الرجل الذي لا يُبالي بمن يدخُل على زوجته وأهل بيته، وتوعده الله -تعالى- بالوعيد؛ لأن ذلك مُنافياً لأصل الدين في الغيرة، فمن لا غيرة له فلا دين له، ويدُل ذلك على موت القلب والجوارح، وقيل: هو الذي يرضى الزنا في أهله مع علمه، فلا يغضب لذلك ولا يمنعه، مما يدُل على ضعف دينه وقلة غيرته، أما من أنكر ذلك ولم يقدر أن يمنعه فهو خارج معنى الديوث.
الروايات الضعيفة
الرواية الأولى
وهي من الروايات الضعيفة، وهي: (ثلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ إليهم يومَ القيامةِ: المَنَّانُ عَطاءَهُ، والمُسْبِلُ إزارَه خُيَلاءَ، ومُدْمِنُ الخمرِ)، وقد تم بيانُ بعض هذه الأصناف في الروايات السابقة، وأمّا بيانُ من لم يتم ذكره من الأصناف فهو مُدمن الخمر؛ وقد توعّدهُ الله -تعالى- بالوعيد؛ لأنه يُراعي لذة نفسه ويُفضل سُكره على غيره، ولا يُبالي بغيره، ومن شربه مُختاراً عالماً بالتحريم، فعقوبته الحد أربعون جلدة، ومن شربها في الدُنيا ولم يتب من ذلك يُعاقب في الآخرة بعدم شُربها إن دخل الجنة، ومن شربها وسكر لم تقبل له صلاة أربعين صباحاً، فإن تاب تاب الله -تعالى- عليه، قال -صلى الله عليه وسلم-: (من شرب الخمرَ لم تُقبلْ له صلاةٌ أربعين صباحًا، فإن تاب تاب اللهُ عليه...)، ويجوزُ لولي الأمر كسر الأواني التي يُشربُ فيها الخمر إن رأى المصلحة في ذلك.
الرواية الثانية
وهي من الروايات الضعيفة، وهي: (ثلاثةٌ لا ينظرُ اللهُ إليهم يومَ القيامةِ: حُرٌّ باع حُرًّا، وحُرٌّ باع نفسَه، ورجلٌ أَبْطَلَ كِرَاءَ أَجِيرٍ حتى جَفَّ رَشْحُهُ)، وبيانُ هذه الأصناف فيما يأتي:
- حُرٌ باع حُراً: وذلك لأنه قام بتحقيره وإذلاله.
- حُرٌ باع نفسه: وفي ذلك إثباتٌ أنه غير مُكره، وفيه تحقير لنفسه.
- الإنسان الذي يمنع إعطاء الأجير أجره أو يتأخر فيه دون عُذر: وذلك بأن يقوم إنسان باستعمال واستئجار غيره للعمل عنده، وبعد تعبه وعرقه وفراغه من عمله لم يُعطه أجره، ويجب الأجر ضماناً في ذمته وواجبٌ عليه حتى يؤديه لصاحبه، ويحرُم منع الأجير أُجرته بعد إتمامه لعمله وإتقانه، ومن منعه فيكون الله -سبحانه وتعالى- خصمه يوم القيامة.