تكيس أم أكياس المبايض
تكيس أم أكياس المبايض؟
قد يُخلط بين الإصابة بأكياس المبيض (بالإنجليزيّة: Ovarian cysts) ومتلازمة المبيض متعدّد الكيسات أو متلازمة تكيّس المبايض (بالإنجليزيّة: Polycystic ovarian syndrome) واختصارًا PCOS وذلك لكونهما اضطرابين يرتبطان بالعديد من الأعراض المتشابهة؛ إلا أن أكياس المبيض تعرف بأنها مشكلةٌ صحيةٌ تتمثل بوجود أكياسٍ مملوءةٍ بمادّة سائلة أو شبه صلبة تظهر فوق أو داخل أحد المبيضين، بينما تعدّ متلازمة تكيّس المبايض مصطلحًا شاملًا يُستخدم لوصف مجموعة من الأعراض المرتبطة بوجود اختلالات هرمونيّة معيّنةٍ وجوهرية لا تحدث عمومًا عند الإصابة بأكياس المبيض وهو ما يمثل أهم فرقٍ بينهما؛ فمثلًا قد تعاني المرأة من عدّة أكياس على المبيض لكن دون إصابتها بمتلازمة تكيّس المبايض.
كما وُجد أيضًا أن النساء المصابات بأكياس المبيض لا يواجهن في العادة صعوبةً بحدوث الحمل مقارنةً بالنساء المصابات بمتلازمة تكيّس المبايض اللواتي يعانين بشكلٍ شائعٍ من هذه الصعوبات، وبناءً على ما نشر عام 2018 في المجلّة الدوليّة للبحوث البيئيّة والصحّة العامّة (بالإنجليزيّة: International journal of environmental research and public health)؛ فإن معدّل انتشار متلازمة تكيّس المبايض يترواح بشكلٍ عامٍ بين 3-10%، كما يُعتقد أن متلازمة تكيّس المبايض هي أكثر اضطربات الغدد الصمّاء شيوعًا لدى النساء؛ حيث إنّها قد تصيب النساء من مختلف الأعراق والأصول خلال سنوات الإنجاب، بينما من الصعب حساب مدى الإصابة الفعلية بأكياس المبيض لدى النساء في المجتمع.
الفرق في الأسباب
تشمل الفروقات في الأسباب ما يأتي:
أسباب متلازمة تكيس المبايض
بالرغم من أنّ السبب الحقيقي وراء إصابة النساء بمتلازمة تكيّس المبايض غير معروف بشكلٍ دقيقٍ حتى الآن؛ إلا أن هناك مجموعةً من عوامل الخطر التي قد تلعب دورًا في رفع فرصة الإصابة، ومنها ما يأتي:
- مقاومة الإنسولين: بداية يُشار إلى أنّ الإنسولين يتم إنتاجه في البنكرياس يساعد على دخول السكر الذي يمثّل مصدر الطاقة الرئيسي في الجسم إلى الخلايا، وقد تتسبب مقاومة خلايا الجسم وعدم استجابتها للإنسولين بارتفاع مستويات سكر الجلوكوز في الدم؛ مما قد يزيد معدل إنتاج الإنسولين في الجسم بهدف محاولة الحفاظ على مُستوى الجلوكوز ضمن مُعدَّلاته الطبيعيَّة في الدم، فيترتَّب على ذلك زيادة في مستوى الهرمونات الذكريَّة؛ كهرمون الأندروجين (بالإنجليزيّة: Androgen) الذي يسبّب صعوبةً في حدوث عملية الإباضة أو التبويض.
- العوامل الوراثيّة: يُشار إلى أنّ متلازمة تكيّس المبايض قد تكون مرتبطةً بجينات معيّنة لدى الأفراد.
- الالتهاب منخفض الدرجة: وجد أنّ النساء المصابات بمتلازمة تكيّس المبايض لديهنّ نوع من الالتهاب ذي الدرجة المنخفضة يحفّز المبيض على إنتاج الأندروجينات التي قد تسبّب مشاكل في القلب والأوعية الدمويّة، ويستخدم مصطلح الالتهاب منخفض الدرجة عادةً لوصف عملية إنتاج خلايا الدم البيضاء لمواد وعناصر لمحاربة العدوى التي يُعاني منها الجسم.
- ارتفاع مستويات الأندروجين: يتسبب إنتاج كميّاتٍ كبيرةٍ من الأندروجين بصورة غير طبيعيّة من قبل المبيضين بكثرة نموّ الشعر أو ما يعرف بالشعرانيّة (بالإنجليزيّة: Hirsutism) بالإضافة إلى المعاناة من حب الشباب.
أسباب أكياس المبيض
تُنتج معظم النساء كيسًا واحدًا شهريًا يكون ناتجًا عن الجريب أو الجسم الأصفر، ويعرفان بالكيس الجريبي (بالإنجليزية: Follicular cyst) وكيس الجسم الأصفر (بالإنجليزية: Corpus luteum cyst)؛ لذلك فإنّ أكياس المبيض تّعدّ شائعةً عند النساء اللواتي لديهنّ دورات شهريةٌ منتظمة، بينما هي أقلّ شيوعًا عند النساء بعد انقطاع الطمث ، ولكن يشار إلى أن المرأة قد لا تكتشف الإصابة بكيس المبيض إلّا في حال حدوث مشكلةٍ تسببت بزيادة حجمه أو تكوّن عدّة أكياس، وأدى ذلك بالمحصلة إلى ظهور الأعراض واكتشاف الإصابة بعد أن تم إجراء الفحوصات اللازمة عند الطبيب، وفيما يأتي بيان الأسباب الأكثر شيوعًا لأكياس المبيض:
- المشاكل الهرمونية: قد تظهر الأكياس الوظيفية (Functional cysts) بنوعيها سواءً الكيس الجريبي أو كيس الجسم الأصفر بسبب معاناة المرأة من اضطرابات ومشاكل هرمونيّة أو بسبب الأدوية الهرمونية التي يصفها الطبيب للمرأة للمساعدة على التبويض، وعادةً ما يختفي هذا النوع من الأكياس من تلقاء نفسه دون الحاجة لأي علاج.
- بطانة الرحم المهاجرة: أو الانتباذ البطاني الرحمي (بالإنجليزيّة: Endometriosis)؛ إذ قد تُعاني النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة من تكوّن نوعٍ من أكياس المبيض يعرف بالورم البطاني الرحمي (بالإنجليزيّة: Endometrioma) الذي قد يتسبب بالشعور بالألم أثناء الجماع وخلال فترة الدورة الشهريّة، ويشار إلى أنه يظهر نتيجة التصاق نسيج بطانة الرحم المهاجرة مع المبيض.
- الحمل: من الطبيعي أن يتكوّن كيس المبيض في المراحل المبكّرة من الحمل؛ وذلك لمساعدة الحمل على الاستمرار إلى حين تكوّن المشيمة، لكن في بعض الأحيان يبقى هذا الكيس موجودًا على المبيض حتى المراحل المتأخرة من الحمل؛ مما قد يستدعي إزالته من قبل الطبيب.
- عدوى شديدة في الحوض: قد تنتشر العدوى الشديدة التي تصيب منطقة الحوض إلى المبيضين وقناتيّ فالوب وتؤدي إلى تكوّن الأكياس.
الفرق في الأعراض
تشمل الفروقات في الأعراض التي تظهر لدى النساء المصابات بكلٍ منهما ما يأتي:
أعراض متلازمة تكيّس المبايض
فيما يأتي أبرز الأعراض التي قد تظهر لدى النساء المصابات بمتلازمة تكيّس المبايض:
- غياب الدروات الشهرية، أو عدم انتظامها ، أو قلة وانخفاض النزيف الشهري بشكلٍ كبير.
- الشعرانيّة؛ وهي نموّ الشعر بصورةٍ زائدة وغير طبيعية ويشمل ذلك مناطق في الجسم بما في ذلك الصدر، والبطن، والظهر لدى الإناث.
- زيادة الوزن خاصةً حول منطقة البطن.
- ظهور حب الشباب أو المعاناة من البشرة الدهنيّة.
- ظهور بقع جلديّة داكنة أو سميكة على الجزء الخلفي من الرقبة، والإبط، وتحت الثديين.
- خفة أو ترقق شعر الرأس أو حدوث الصّلع المعروف بالثعلبة الذكريّة (بالإنجليزية: Male-pattern baldness).
- ظهور الزوائد الجلديّة الصغيرة على الرقبة أو الإبط.
- العقم.
أعراض أكياس المبيض
تكون معظم أكياس المبيض صغيرة الحجم ولا تتسبب بحدوث أعراضٍ لدى النساء، كما قد لا يتم اكتشاف وجود أكياس المبيض كما ذكر سابقًا إلا بعد أن يجري الطبيب فحصًا للحوض، وفي حال ظهور أعراض لدى المرأة؛ فقد تشمل ما يأتي:
- التورّم والشعور بالضغط في منطقة وجود الكيس.
- حدوث النزيف .
- الشعور بالألم أو الانزعاج في منطقة أسفل البطن.
- الشعور بالألم خلال الجماع.
- الحاجة الملحة للتبول أو التبول بشكل متكرّرٍ وأكثر من المعتاد.
- صعوبة التبرّز أو الشعور بضغطٍ في المستقيم يتسبب بزيادة الحاجة للتبرز.
- الانتفاخ في البطن.
- المعاناة من عسر الهضم، أو حرقة المعدة ، أو الشعور بالامتلاء الشديد بعد تناول الطعام.
- ملاحظة حدوث تغيّرٍ في نمط الدورة الشهريّة أو المعاناة من دوراتٍ شهريةٍ مؤلمة ، مع ضرورة الإشارة إلى أنّ مشكلة عدم انتظام الدورة الشهريّة لا ترتبط عادةً مع الإصابة بأكياس المبيض.
الفرق في العلاج
فيما يأتي بيان الفروقات في الطرق العلاجية المتبعة في كلٍ منهما:
علاج متلازمة تكيّس المبايض
يعتمد علاج متلازمة تكيّس المبايض على الأعراض التي تعاني منها المرأة، وقد تشمل التدابير والإجراءات ما يأتي:
- تغيير نمط الحياة: قد يساعد اتّباع نظامٍ غذائي صحيّ وزيادة مستوى النشاط البدني على التخفيف من أعراض متلازمة تكيّس المبايض.
- إنقاص الوزن: وذلك في حال المعاناة من زيادةٍ في الوزن؛ إذ يشار إلى أن إنقاص الوزن ولو بنسبة بسيطةٍ قد يحسن من الحالة الصحية وقد يزيد من فعالية الأدوية التي قد يوصي بها الطبيب لعلاج متلازمة تكيس المبايض.
- العلاج الطبي: قد يصف الطبيب العلاجات الطبيّة التي قد تتضمّن الهرمونات أو الأدوية.
علاج أكياس المبيض
تختفي أكياس المبيض في الغالب دون الحاجة إلى العلاج أو التدخّل الطبي، ولكن في حال وجود بعض الحالات التي تستدعي التدخّل الطبي؛ فإنّ علاج أكياس المبيض يعتمد على عدّة عوامل، وهي:
- حجم ومظهر الأكياس.
- الأعراض التي تُعاني منها المرأة.
- وصول المرأة إلى سنّ انقطاع الطمث أم لا.
وبناءً على العوامل السابقة قد يصف الطبيب الأدوية التي تحتوي على الهرمونات؛ كحبوب منع الحمل في حال الإصابة بأكياس المبيض الوظيفية، وذلك بهدف إيقاف عمليّة الإباضة ومنع تكوين هذا النوع من الأكياس، بينما قد تتم إزالة أكياس المبيض جراحيًا في الحالات الأكثر خطورة والتي تتمثّل بوجود أكياسٍ كبيرة الحجم أو في حال وجود احتماليّة بكونها أورامًا سرطانيّة.
كيف يفرق الأطباء بين تكيس أو أكياس المبايض؟
لا يوجد فحص محدّد يُشخّص الإصابة بمتلازمة تكيّس المبايض بشكل نهائي وحاسم، ولكن يشار إلى وجود العديد من الإجراءات والفحوصات التي قد يوصي بها الطبيب لتشخيص الحالة الصحية، وبدايةً يستفسر الطبيب عن التاريخ الطبي للمرأة، ويتضمّن ذلك التعرّف على طبيعة الدورات الشهريّة لديها وتغيّرات الوزن التي مرّت بها، وبعد ذلك قد يتم إجراء الفحوصات الآتية:
- الفحص البدني: لملاحظة أيّ من علامات وأعراض متلازمة تكيّس المبايض، مثل: نموّ الشعر الزائد، ومقاومة الإنسولين، وحب الشباب.
- فحص الحوض: يفحص الطبيب الأعضاء التناسليّة بصريًا ويدويًا لملاحظة أي نموّ، أو كتلٍ غير طبيعيّةٍ، أو أيّ عيوبٍ أخرى.
- فحوصات الدم: قد يتم إجراء تحليلٍ للدم لقياس مستويات الهرمونات؛ وذلك لاستبعاد الأسباب الأخرى المحتملة والتي تتشابه مع متلازمة تكيّس المبايض في تسبّبها باضطرابات الدورة الشهريّة أو ارتفاع مستويات الأندروجين في الجسم، كما قد يتم إجراء تحاليل إضافيّة لفحص تحمّل الجلوكوز، وقياس مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثيّة في حالة الصيام.
- التصوير بالموجات فوق الصوتيّة: يتم هذا الإجراء عن طريق إدخال جهاز يشبه العصا في المهبل، ثم يُصدر هذا الجهاز موجاتٍ صوتيّة تتم ترجمتها على شكل صورٍ تظهر على شاشة الحاسوب، ويمكن للطبيب من خلالها أن يتحقق من المظهر الخارجي للمبيضين وسماكة بطانة الرحم .
أما بالنسبة لتشخيص مشكلة أكياس المبيض فإن الطبيب يجري الفحوصات اللازمة لاستبعاد وجود الحمل بدايةً، ثم قد يتم إجراء الفحوصات واتباع الإجراءات الآتية:
- فحص الحوض: يستخدم الطبيب أداةً لتوسيع المهبل بهدف فحص المهبل، وعنق الرحم، والرحم، كما يفحص الطبيب الأعضاء التناسليّة لملاحظة أي كتلٍ أو تغيّراتٍ غير طبيعيّة.
- فحوصات الدم: يتم إجراؤها لقياس مستويات بعض الهرمونات في الجسم.
- تنظير البطن: (بالإنجليزيّة: Laparoscopy)؛ يتم إجراؤه في غرفة العمليّات عن طريق إدخال جهازٍ صغيرٍ من خلال شقّ يحدثه الطبيب في منطقة البطن، وذلك لفحص الأعضاء التناسليّة وتجويف الحوض، وفي حال ملاحظة وجود كيس؛ فإنه بالإمكان إزالته من خلال هذا الإجراء.
- التصوير بالرنين المغناطيسي: يتم من خلال التصوير بالرنين المغناطيسي (بالإنجليزيّة: Magnetic resonance imaging) إنشاء صورةٍ مفصّلةٍ للمنطقة من خلال استخدام مغناطيسٍ كبير وجهاز حاسوب.
- الخزعة: (بالإنجليزيّة: Biopsy)؛ إذ يتم أخذ عينة صغيرةٍ من المبيض لفحصها في المختبر بحثًا عن الخلايا السرطانيّة، وفي الحقيقة لا يتم إجراء خزعةٍ للمبيض في حالة الاشتباه بوجود السرطان في العادة، ولكن قد يكون هناك حاجة لهذا الإجراء في حال أظهرت الموجات فوق الصوتيّة نوعًا معيّنًا من النمو أو الورم على المبيض.