تفسير سورة الماعون
التعريف بسورة الماعون
سورةُ الماعون من قصارِ سور جزء عمَّ، وعددُ آياتها سبعُ آياتٍ، ورقمها في ترتيبِ المصحف مئةٌ وسبعة، وهي سورةٌ مكيَّةٌ نزلت في مكَّة المكرَّمة، وسمِّيت بهذا الأسم نسبةً إلى الماعون وهو العارية؛ أي الشيء الذي يُعار ويتبادله النَّاس، ومن أسماء هذه السورة "سُورَةُ الدِّين "، وسماها بعضهم بأوَّلها " أَرَأَيْتَ "، وبعضهم يقول " أَرَأَيْتَ الَّذِي "، وسمَّاها آخرون "سُورَة التَّكذِيب".
وهذه السُّورة تسلِّط الضوء على فئةٍ قد توجد في المجتمع المسلم ألا وهي فئةُ المنافقينَ الذين يُظهِرون الإسلامَ ويُخفُون الكُفرَ، أمَّا سبب النُّزول فقد قال أهل العلم إنَّها نزلت في المنافقين الذين كانوا يراؤون المؤمنين في العبادة، ومن أهدافها التحذير من حال هؤلاء المنافقين والحذر منهم ومن أفعالهم.
تفسير سورة الماعون
تفسير سورة الماعون وسبب نزولها فيما يأتي:
- قوله-تعالى-: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ)، أي أَرأَيت الذي يكذِّب بيوم الدِّين ويكذِّب بثواب الله -تعالى- للمؤمنين وعقابه للكافرين، والاستفهامُ هنا أُريد به التَّشويقَ والتَّعجُّب، والخطابُ للنَبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أو إلى كلِّ شخصٍ.
- قوله -تعالى-: (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ)، أي ذلك الذي يدفع اليتيم دفعاً عنيفاً ويردُّه ويُعنِّفه بقسوة ويقوم بزجره.
- قوله -تعالى-: (وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ)، ولا يطعم المسكين ويحثُّ غيره من الناس على عدم إطعامه لشدَّة قسوته ولؤمه عليه.
- قوله -تعالى-: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ)، وهذا تهديدٌ ووعيدٌ للمنافقين الذين يتظاهرون بالصَّلاة في العلن لكن لا يصلونها في السرِّ؛ لأنَّهم ينكرون الصَّلاة ولا يعتقدون وجوبها، فهم يدخلون أنفسهم في جملة المصلِّين ويصلُّون رياءً وليس طاعةً لله، وهذه الآية جاءت في المنافقين الذين يُظهرون ما لا يبطنون.
- قوله -تعالى-: (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) ، وهذه الآية صفةٌ لهؤلاء المنافقين؛ أي أنَّهم غافلون عن الصَّلاة غير مبالين بها، ولا يكترثون بدخول وقتها أو بخروجه.
- قوله -تعالى-: (الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ)، أي أنَّ صلاة هؤلاء المنافقين ليست لله -تعالى-، وإنَّما هي رياء أمام الناس.
- قوله -تعالى-: (وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ)، والماعون هو العارية؛ أي الشَّيء الذي يُعار ويتبادله النَّاس، فيكون مقصود الآية أنَّهم يمنعون الفقير من بعض الأشياء التي لا يمتلكها، و قد يلجأ إلى استعارتها من الآخرين، وفي هذا إشارةٌ إلى قلَّة نفع المنافقين للمؤمنين.
أما سبب نزولها فقد تعدّدت أقوال العلماء فيمن نزلت هذه السورة؛ فقد قيل إنَّها نزلت في الوليد بن المغيرة، وقيل نزلت في العاص بن وائل السهمي، وقيل في أبي جهل، قال ابن جريج: "نزلت في أبي سفيان، وكان ينحر في كل أسبوع جزوراً ، فطلب منه يتيم شيئاً، فقرعه بعصاه، فأنزل الله هذه السورة".
صفات أهل الكفر في سورة الماعون
ذكرت الآيات أوصاف الذين يُكذّبون بالدِّين وتعدُّ سبباً للدُّخول في النَّار، وهذه الأوصاف هي: أنَّهم يقومون بإيذاء اليتيم ويدفعونه بغلظةٍ وشدةٍ، وأيضاً لا يطعمون المسكين ويحثُّون غيرهم على عدم إطعامهم، ولا يهتمون للصلاة فهم يصلّونها رياءً، ويمنعون الفقراء من الماعون.
السلوكات التي حذرت منها سورة الماعون
احتوت هذه السورة في طياتها على عددٍ من التحذيرات؛ منها التَّحذير من الاستخفاف بالصَّلاة والجحود بها وعدم المبالاة بها وبأوقاتها، وكذلك التَّحذير من عمل الخير والبر رجاء الحصول على الثناء والسمعة الطيبة بدون الإخلاص لله -تعالى-، والتحذير من عدم إعطاء النَّاس ما قد يحتاجونه من أشياء ضروريَّة .
ما يستفاد من سورة الماعون
يُستفاد من سورة الماعون العديد من الأمور منها ما يأتي:
- على المؤمنِ التَّصديق الجازم بالبعث والجزاء.
- على المؤمنِ أنْ يُحسنَ إلى اليتيم ويكرمه.
- ضرورةُ الاحسانِ إلى المساكينِ وإطعامهم وتفقد أحوالهم.
- مراعاة الصلاة والمحافظة عليها والإخلاص فيها وفي جميع الأعمال.
- الحث على فعل المعروف وبذل الأموال للآخرين.
ملخّص المقال: سورة الماعون مكّية، نزلت في بيان شأن المنافقين والحديث عنهم، فهم يكذّبون بالدين، ولا يرحموا اليتيم والمسكين، ويُكذّبون الصلاة ويجحدون بها، وإذا صلّوها كان ذلك رياءً أمام الناس.