تفسير سورة التكاثر للأطفال
شرح آيات سورة التكاثر
فيما يأتي شرح آيات سورة التكاثر:
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ...حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ
فيما يأتي شرح ومعنى آيات سورة التكاثر بصورة مختصرة تُناسب أن تُشرح للأطفال:
- قال -تعالى-: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ)، أي أنساكم أو شغلكم، والتكاثر: بمعنى المكاثرة بالمال والأولاد، أما تفسير الآية: أي شغلكم التفاخر والمباهاة بأموالكم وأولادكم عن عبادة الله -تعالى-، وقال قتادة: "أي التفاخر بالقبائل والعشائر"، وقيل التفاخر بالمعاش والتجارة.
- قال -تعالى-: (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ)، وزرتم: أي ذهبتم، والمقابر: جمع مقبرة، وهو مكان دفن الأموات. وتفسير الآية: بقيتم منشغلين بالتكاثر حتى ذهبتم إلى المقابر زواراً لتتفاخروا وتتباهوا بالأموات، وقيل إنها نزلت في اليهود وذلك لأنهم بقوا متشاغلين في التفاخر حتى ماتوا على ضلال.
كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ...ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
- قال -تعالى-: (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ)، وكَلَّا: كلمة يراد بها الزجر والردع، وتفسير الآية: كلا سوف يظهر لكم ما ينزل بكم من العذاب في القبر، وستعرفون أن الآخرة خير وأبقى من دنياكم الزائلة.
- قال -تعالى-: (ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ)، وتفسير الآية: ثم ستعلمون أن ما وعدناكم به صدق، وسوف يتبين لكم سوء اختياركم بتقديم الدنيا على الآخرة.
كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ
قال -تعالى-: (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ) ، و اليقين: الحق الذي وعد الله به أو الموت المتيقن وقوعه، وعلم اليقين هو علم الحق. وتفسير الآية: أن عِلمكم أيها الكافرون ليس هو علم اليقين الذي عند المسلمين.
لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ...ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ
- قال -تعالى-: (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ)، و الجحيم: نار جهنم. و تفسير الآية: يتوعد لهم بأنهم سيشاهدون نار الجحيم بأعينكم، ويحشرون إليها فيرونها.
- قال -تعالى-: (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ)، وعين اليقين: أي سترونها حقيقة مشاهدة عيناً. وتفسير الآية: ستشاهدون عذاب الجحيم حقيقة أمام أبصاركم.
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ
قال -تعالى-: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ)، ومعنى لتسألن: ستحاسبون عليه.، ويومئذٍ: أي يوم القيامة، والنعيم: ما يتلذذ به الإنسان في الدنيا؛ مثل الصحة، والفراغ، والأمن، والمطعم، والمشرب، وغير ذلك من النعم. وتفسير الآية: ستسألون يوم القيامة عن كل نعيم في الدنيا، وسيُسأل الكافر والمؤمن عن هذا النعيم، فهل شكر ربه عليه؟
وفيما يأتي قصة حدثث مع النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حين خرج هو وأبو بكر وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهم- ذات يوم من الجوع، ومرّوا على بستان لرجل اسمه أبو الهيثم بن التيهان، فاستأذنوا أهل البستان بالدخول، وكان الرجل قد ذهب لجلب الماء، وجلسوا ينتظرونه، ولما عاد ورآهم فرح بهم فرحاً شديداً، ثم قطع لهم عذقاً من النخل -غصن كبير فيه بسر ورطب ومذنب- ووضعه بين أيديهم.
فلامه الرسول -صلى الله عليه وسلم- على فعله، فقال له أنّه لو أخذ الرطب فقط، فقال له: أردت يا رسول الله أن يكون بين أيديكم البسر، والرطب، والمذنب، فأكلوا وطلبوا الماء ثم شربوا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حينها أنّهم سيُسألون عن هذا النعيم، وهذا يعني أن المسلم والكافر كلهم سيسألون عن النعيم، لكن المؤمن يسأل من باب تذكيره بنعمة الله عليه حتى يفرح ويعلم نعمة الله عليه، أما الكافر فإن سؤاله سيكون للتوبيخ وللتنبيه.
يتلخّص مما سبق أن سورة التكاثر من السور المكية القصيرة التي نزلت في قبيلتين من الأنصار كانوا يتفاخرون بتكاثرهم، وهي تذكر بالآخرة، وتنبه الناس من غفلتهم، حيث ألهاهم التكاثر وجمع المال ونسوا الموت الذي هو ملاقيهم، ونسوا الآخرة، فينبههم الله -تعالى- ويحذرهم من الآخرة، ويتوعد الكافرين بالعذاب الشديد الذي سيرونه بأعينهم.
تعريف عام بسورة التكاثر
سورة التكاثر من السورالمكية بالإجماع، وذكر فيها الله -تعالى- ما يلهي العباد عن الطاعة والعبادة، وقد أنذرهم وحذّرهم من هذا الانشغال بنعيم الدنيا عن الآخرة، وسمّيت سورة التكاثر في بعض المصاحف بسورة ألهاكم، وقد سماها بعض الصحابة بالمقبرة، وهي من السور القصيرة، وعدد آياتها ثماني آيات، ونزلت بعد سورة الكوثر، وقد نزلت آية التكاثر في قبيلتين من قبائل الأنصار وهما: بنو حارثة وبنو الحرث، حيث كانوا يتفاخرون بعددهم ويتكاثروا، فكانوا يتفاخرون بالأحياء، ويذهبون إلى المقابر، ويشيرون إلى القبور، ويتفاخرون بالأموات أيضاً، فأنزل الله -تعالى- سورة التكاثر.
أثر سورة التكاثر على الطفل المسلم
إنّ في سورة الثكاثر الكثير من الدروس والعبر، فقد جاء فيها ذكر الله -تعالى- لما يلهي عباده عن الطاعة والعبادة، وفيما يأتي أبرز الدروس المستفادة من سورة التكاثر:
- طبيعة الإنسان أنّ يحب المال، وهذه غريزة وطبيعة في البشر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يقول الله -تعالى-: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ)، يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: مَالِي مَالِي، وَهَلْ لَكَ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟)، فقد جاءت الشريعة الإسلامية لتهذب هذه الغريزة عنده، فالمسلم ينفق ماله في ما يحبه الله ويرضاه.
- زيارة القبور تكون زيارة مؤقتة، وتسمى حياة القبر بحياة البرزخ، فهي تفصل بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، فيبعث الإنسان بعدها ويذهب إما إلى الجنة أو إلى النار.
- سيعلم الذين كذبوا البعث حقيقة الأمر، ويرون العذاب بأعينهم، وذلك عند البعث من قبورهم، ووقوفهم في أرض المحشر منتظرين حسابهم.
- سيسأل المؤمن عن شكره لله على نعمه التي أنعمها عليه من الصحة، والمال، والأمن، والرزق، وغيرها من النعم، فهل قابل كل ذلك بشكر الله -عز وجل-، وتصريفها في ما يحبه الله -تعالى- ويرضاه؟
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (نِعمتانِ مغْبونٌ فيهما كَثيرٌ مِن النّاس: الصِّحَّةُ والفَراغُ)، فإن صحة الإنسان نعمة من الله -تعالى-، والفراغ الذي يجده الإنسان إذا تيسر له الأمن والصحة والمعاش، فيكون الإنسان مغبون -خائب- إذا لم يستثمرهما في طاعة الله -عز وجل-.
- سورة التكاثر تعلم الإنسان أن لا يتمسك بالدنيا الزائلة ويضيع وقته فيها، وأن يعمل للآخرة فهي الحياة الباقية، حتى يفوز بالجنة.
- على المسلم الابتعاد عن التفاخر، والتعالي، والغرور.
- عدم الإسراف في الأمور المباحة، وتذكر نعم الله دائماً، وشكره عليها، فبالشكر تزيد النعم وتدوم.
يتلخّص مما سبق أثر سورة التكاثر على الطفل المسلم، بأن يتربى على عدم التعلق بالمال، والجاه، وكل ملذات الدنيا عن هدف وجوده الأساسي؛ وهو طاعة الله وعبادته وحده، والسعي لإصلاح آخرته، لمن كان من أهل الإحسان، والحسرة لمن ابتعد وضل عن الطريق.
دروس وعبر مستفادة من سورة التكاثر
إنّ في سورة التكاثر مجموعة من الإرشادات ومنها:
- يجب على المسلم إنفاق المال في ما يرضي الله -تعالى-.
- يُستحب للمسلم إخراج صدقة حسب القدرة المادية من ماله في سبيل الله -تعالى- حتى يرضى عنه، وحتى يشكر الله على نعمة المال، ولا يجعله نقمة أو ابتلاء.
- الإكثار من ذكر الله -تعالى-، فلا يمر يوم بدون ذكر الله -تعالى- حتى لو لمدة دقائق يسيرة من الاستغفار، والحمد، والتسبيح، وشكر الله -تعالى- على النعم التي أنعمها علينا، فإن الباقيات الصالحات خير وأبقى.
- قصد النية لله وحده في كل عمل يقوم المسلم به، ولا يشرك به أي أحد، مهما كان العمل صغيراً أو كبيراً، حتى نومه هو لله؛ لأنه ينام ويريح جسده ليستعد في اليوم التالي للعمل والعبادة.
يتلخّص مما سبق أنّ سورة التكاثر لها أثر كبير في حياة الفرد، فهي تذكره بالآخرة، وتوقظه من غفلة انشغاله في الدنيا، وسيُسأل عن كل هذه النعم التي بين يديه من صحة، وفراغ، وأمان، وتذكّره السورة بضرورة العمل من أجل الحياة الآخرة، وأن هناك حياة بعد الموت، وضرورة شكر الله -تعالى- على نعمه؛ لأن الإنسان سيُسأل عنها يوم القيامة.