تفسير حديث (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)
نصّ حديث: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إيَّاكُمْ والظَّنَّ؛ فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَباغَضُوا، وكُونُوا إخْوانًا، ولا يَخْطُبُ الرَّجُلُ علَى خِطْبَةِ أخِيهِ حتَّى يَنْكِحَ أوْ يَتْرُكَ).
تفسير حديث (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)
معاني المفردات
في الحديث مفردات آتيًا بيانها:
- الظنّ: إِدراك الذهن الشيءَ مع ترجيحه، وقد يكون مع اليقين.
- تجسسوا: تجسَّس الخبرَ استطلعه وبحث عنه، وتفحَّصه بطريقة غير مشروعة.
- تحسسوا: التحسس من التتبع.
- تباغضوا: تكارهوا.
المعنى الإجماليّ للحديث
في الحديث يحذرنا النّبي -عليه الصلاة والسلام- من كل ما قد يؤدي إلى الفرقة والعداوة بين المسلمين، فحذّر -عليه السلام- من الظنّ والمقصود التهمة بغير وجه حقّ و دون دليل، ف سوء الظنّ سببٌ للفرقة بين المسلمين، وقول النّبي بأنّ: (الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ)، أي أنّ الكذب الذي في الظنّ يكون أكثر من وقوعه في الكلام، فقيل أنّ المراد حديث النّفس وقيل غيره، وينهى النّبي -عليه السلام- عن التجسس وتتبع عورات النّاس لأنّها سبب للتباغض والعداوة، وأشار النّبي -عليه السلام- إلى أمر مهم وهو حكم خطبة الرجل على خطبة أخيه ، فقد نهى عنها الرسول عليه الصلاة والسلام؛ فإذا أراد رجل أن يخطب امرأة فلا يحق لغيره أن يخطبها إلّا إذا امتنع الخاطب الأول عن خطبتها لما لذلك من آثار سلبية.
مما يّستفاد من الحديث
في الحديث جملة من المعاني والفوائد، نذكر منها:
- في الحديث حثّ على التراحم والمحبة، والتحذير من الوقوع في الحسد والبغض وغيرها من سيء الأخلاق.
- في الحديث حثّ على التخلص من سوء الظنّ وتجنبه؛ لتجنّب عواقبه.
أسباب سوء الظنّ
لسوء الظنّ أسباب نستعرض بعضها فيما يأتي:
- التربية السيئة، فالوالدان مسؤولان عن تنشئة أبنائهما تنشئةً صالحة، والتربية السيئة سبب لسيء الأخلاق ومنها سوء الظنّ.
- أثر الصحبة السيئة، التي هي سبب لزرع سوء الظنّ تجاههم.
- كثرة الوقوع المعاصي، وارتكاب الشبهات.
- عدم التخلق ب آداب الإسلام في معاملة الناس
- العجلة في إصدار الأحكام دون التثبت منها.
- عدم إدراك حجم آثار الظن السيء بالخلق.
متى يباح سوء الظن؟
يباح سوء الظنّ في حالتين، بيانهما آتيًا:
- الحالة الأولى: في حال كون سوء الظنّ تجاه عدو واضح من أعداء المسلمين كاليهود والنّصارى والمشركين ونحوهم ممن يظهرون العداوة للإسلام والمسلمين، فهؤلاء لا يُحسن الظنّ بهم وينبغي الحذر منهم.
- الحالة الثانية: وهي أن يكون الطرف الآخر مظهرًا للعداوة والشقاق بصورة شيطانية، فهذا لا يُحسن الظنّ به أيضًا، بل ينبغي التنبه إليه حتى لا ينال المرء من الأذى والمفاسد بسبب سذاجة حسن ظنّه، ومع ذلك فإنّ الإسلام ندب إلى رد الإساءة بالحسنة ما أمكن والعفو والصفح عند المقدرة، لينال بذلك الأجر العظيم عند الله -تعالى-.