تفسير آية (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة)
تفسير آية (ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة)
قال -تعالى- في سورة إبراهيم: (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبيثَةٍ اجتُثَّت مِن فَوقِ الأَرضِ ما لَها مِن قَرارٍ)، والشّجرة الخبيثة كما بيّن رسولنا محمّد -عليه الصلاة والسّلام- هي الحنظلة، ووُصِفَت الشجرة الخبيثةُ بصفاتٍ ثلاث هي:
- أنها خبيثة الطعم
لما فيها من المَضار، أو خبيثة الرّائحة.
- اجتُثَّتْ من فوق الأرض
أي اقتُلعت واستُؤصلت، فكذلك الشِّرك بالله -تعالى- ليس له حجة، ولا ثبات، ولا قوة.
- ما لها من قرار
أي ليس لها استقرار، وهذه الصفة كأنّها متمِّمة للصفة الثانية.
وسبب تشبيه الكفّار والمشركين في هذه الآيات الكريمة بهذه الشّجرة؛ فكما أنّها أخبثُ الْأشجار، فكذلك الشِّرْك بالله أخبثُ الكلمات، وكما أنه لا يُنتَفَعُ بها كذلك الشِّركُ لا ينفع صاحبه، بل يضرُّه ويكون سببًا لدخوله النّار.
ما هي الكلمة الخبيثة
الكلمة الخبيثة كما ذكر المُفسَِرون هي الشَِرْكُ بالله -تعالى- ، والدُّعاء إلى الْكُفر، وتكْذيبُ الحق، وكلمة الباطل هذه (الكلمة الخبيثة) قدْ تهيجُ وتتعالى، ويُخيَّلُ إلى بعض الناس أنها أضخم وأعظم من الشجرة الطيبة وأقوى، ولكنها تظلُّ هشَّة، وتبقى جُذورها في التربة قريبة حتى لكأنَّها على وجه الأرض، وما هي إلا فترةٌ ثمَّ تُجْتَثُّ من فوق الأرض، فلا قرار لها ولا بقاء ولا دوام.
وسبب اعتبار الكفر و الشِّرك كلمة خبيثة كما قال ابن عباس: الكلمة الخبيثة هي الشِّرك، والشَّجرة الْخبيثةُ هي الكافر؛ ما يعني أنَّ الشِّرك ليس له أصلٌ يأْخُذ به الكافر ولا برهانَ عليه، ولا يقبل الله مع الشِّرك عملاً أبداً.
وأيضًا سبب التَّشبيه كما ذُكِرَ في تفسير البغوي أنَّ هذه الشَّجرة -أي الحنظلة- لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ ثَابِتٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فَرْعٌ صَاعِدٌ إِلَى السَّمَاءِ، كَذَلِكَ الْكَافِرُ لَا خَيْرَ فِيهِ، وَلَا يَصْعَدُ لَهُ قَوْلٌ طَيِّبٌ ولا عملٌ صالح.
الحكمة المستفادة من الآية الكريمة
قال -سبحانه وتعالى-:(وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبيثَةٍ اجتُثَّت مِن فَوقِ الأَرضِ ما لَها مِن قَرارٍ* يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظّالِمينَ وَيَفعَلُ اللَّـهُ ما يَشاءُ).
في هذه الآيات الكريمة يُبيِّن الله -عزَّ وجل- للمسلم أنَّ الكلمة الخبيثة لها مردودٌ عكسي وتأثير سلبي، تضرّ ولا تنفع؛ وهي كالوباء، ولا خير فيها ولا بقاء، على العكس من الكلمة الطيّبة، وأنَّ الله -سبحانه وتعالى- يثبّتُ أهل الحق، ويُضلّ أصحاب الظّلم والجور ويغويهم.