تفسير آية (نور على نور)
معنى آية نور على نور
قال الله -تعالى-: (اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ).
(نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّـهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، وردت آية النور في سورة النور وهي سورة مدنية عدد آياتها أربعة وستون آية،وتفسير الآية كما يأتي:
(اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)
وتفسير هذا المقطع من الآية الكريمة؛ أي إنَّه بنور الله يهتدي من في السموات والأرض،وأنَّ الله منير السموات والأرض ومدبِّر الأمور في السموات والأرض، والله -سبحانه وتعالى- من أسمائه النور لكنَّه ليس كالأنوار المُدركة في البصر، تعالى عن ذلك -سبحانه-، فالله سمَّى نفسه نوراً واحتجب عن عباده بالنور وجعل دينه ونبيه نوراً يهتدي الناس بهم.
(مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ)
المشكاة هي الكوة في البيت، وهي الفتحة الصغيرة في الجدار دون أن تكون نافذة فيه، والمصباح هو السراج، وهذا يعني أنَّ مثل نور الإيمان في قلب المؤمن مثل المصباح الذي في المشكاة، أو مثل نور الله -تعالى- وهدايته كالمشكاة في المصباح، وذكر المشكاة لأنَّ النور فيها يكون أجمع وأظهر.
(الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ)
أي القنديل الذي يتكون من الزجاج، فالمصباح يكون داخل هذا الزجاج وهو شديد النقاء ويزيد المصباح سطوعاً، والكوكب الدريّ؛ أي الكوكب الضخم المنير، فيذكر الله -سبحانه وتعالى- في هذه الآية ما يزيد النور سطوعاً كالزجاج النقي الذي يشكل المصباح فيضيف نوراً قويّاً كنور الكواكب المضيئة.
(يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ)
أي يُوقد هذا الزيت من شجرة كثيرة المنافع وهي شجرة الزيتون، أي إنَّ هذه الشجرة وهي الزيتون تنبت في مكان تتعرض فيه إلى الشمس في الغروب والشروق ويكون زيتها من أصفى أنواع الزيت، وكذلك قلب المؤمن الذي قد أجير من الفتن بإذن الله -تعالى-، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار؛ أي يكاد هذا الزيت أن يضيء من شدة نقائه وجودته من غير أن تمسَّه النار.
(نُّورٌ عَلَى نُورٍ)
نورٌ عظيم متضاعف وهو نور الله وهدايته؛ تماماً كنور المصباح على نور الزجاجة على نور الزيت، فهذا كلَّه مثل نور الله -تعالى- وهدايته أو نور الإسلام الذي أنزل الله -تعالى- على نور محمد -صلى الله عليه وسلم- والقرآن الكريم، وأيضًا هذا حال كلام المؤمن فهو نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره يوم القيامة إلى النور.
(يهدي الله لنوره من يشاء)
هذه المقطع من الآية يُبين أنَّ الله يهدي لنوره من يشاء من عباده بأن يُوَفقَّهم لما فيه خير وفلاح لهم، فيهديهم لفهم تعاليم الإسلام والعمل بها والسير على طريق الصلاح بتطبيق شريعة الله بالامتثال لأوامر الله -تعالى- واجتناب نواهيه.
وَيَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
أي يضرب الله -تعالى- الأمثال ويذكرها لعباده ليُقرِّب لهم الأمور ويُبين لهم المسائل، فيوضحها بجعل المعقول بصورة المحسوس، والله بكل شيءٍ عليم، فهو -سبحانه- عليم وعالم بجميع الأمور سواء أكان ظاهراً أم باطناً خفيّ.