تفسير آية (قال لا تثريب عليكم اليوم)
تفسير آية (قال لا تثريب عليكم اليوم)
قال تعالى: (قالَ لا تَثريبَ عَلَيكُمُ اليَومَ يَغفِرُ اللَّـهُ لَكُم وَهُوَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ)، قال هذه الجملة سيدنا يوسف -عليه الصلاة والسلام- لإخوانه بعد أن أصبح عزيز مصر، وجاءه إخوته ليأخذوا من القمح الذي كان يديره يوسف -عليه الصلاة والسلام- باسم الدولة المصرية، وبعد أن تعرفوا عليه، وظهر لهم خطأ أفعالهم السابقة، وتبين لهم أن يوسف أفضل منهم، واعترفوا بذلك وطلبوا منه أن يسامحهم على سوء أفعالهم، وقال لهم سيدنا يوسف -عليه الصلاة والسلام-: (لا تَثريبَ عَلَيكُمُ اليَومَ) : أي لا لوم ولا تعيير ولا توبيخ ولا تأنيب سيقع مني عليكم في هذا اليوم، وزادهم بأن دعا الله -سبحانه وتعالى- لهم فقال: (يَغفِرُ اللَّـهُ لَكُم) ما أذنبتم وظلمتم، وشجعهم على التوبة بأن بين لهم أن الله -سبحانه وتعالى- (أَرحَمُ الرّاحِمينَ) لمن تاب إليه وأناب إلى طاعته.
وموقف سيدنا يوسف -عليه الصلاة والسلام- مع إخوته يعتبر مثالاً عالياً في السماحة و العفو والصفح ، ويدل على كِبَرِ نفسه؛ إذ إنه عفو لا لوم فيه ولا تعيير ولا توبيخ، وهو صفح في حال المقدرة على العقاب، وهو تنازل عن حقوقه دون أي حقد أو كراهية، وأضيف إليه الدعاء بالمغفرة على الذنب والستر والرحمة في يوم القيامة عند الوقوف بين يدي أرحم الراحمين، ومن لطيف ما نقل عن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- حول هذه الآية الكريمة أنه بعد أن فتح مكة ودخل المسجد الحرام، وأخذ الناس يترقبون ما سيفعل بهم، وعندما سألهم ما هو ظنهم بالذي سيفعله بهم، فيصفونه بأنه أخ كريم وابن أخ كريم، فيرد عليهم بسماحته -صلى الله عليه وسلم- مع قدرته عليهم بأنه سيكون موقفه كموقف أخيه يوسف -عليه الصلاة والسلام- ثم تلا عليهم هذه الآية الكريمة.
التعريف بسورة يوسف التي تحوي الآية الكريمة
سورة يوسف -عليه الصلاة والسلام- سورة مكية ، نزلت بعد سورة هود -عليه الصلاة والسلام-، وترتيبها من حيث النزول الثالثة والخمسون، وعدد آياتها مئة وإحدى عشرة آية، وهي تتناول قصة سيدنا يوسف -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك سميت بهذا الاسم.
ملخص قصة يوسف
تتلخص قصة سيدنا يوسف -عليه الصلاة والسلام- بأنه كان الولد الأقرب إلى قلب أبيه سيدنا يعقوب -عليه الصلاة والسلام-، ولذلك كان يغار منه بقية إخوانه، فيدبرون له مكيدة ويلقونه في بئر، فتلتقطه قافلة ليباع كعبدٍ لبيت عزيز مصر، وعندما كبر أعجبت به زوجة العزيز وراودته عن نفسه فرفض، لينتهي به المقام في السجن، ثم يخرج بعد أن فسر حلماً للملك، وصار بعدها عزيز مصر، وبعدها يأتيه إخوانه من دون أن يعرفوه، فتحدث بينهم أحداث تنتهي بمعرفتهم لفضله عليهم، ومسامحته لهم، وتنتهي القصة بقدوم جميع عائلته للعيش عنده في مصر، وعلى رأسهم والده سيدنا يعقوب -عليه الصلاة السلام-.