تفسير آية (اقتربت الساعة وانشق القمر)
آية: (اقتربت الساعة وانشق القمر)
تفسير آية اقتربت الساعة وانشق القمر
اقتربت الساعة أي اقترب الوقت الذي ستقوم فيه الساعة، واحتمال أن يكون القصد بأنّ ما بقي من الوقت بعد بعثة النبيّ -عليه أفضل الصلاة والسلام- قليلٌ بالنسبة لما مرّ، ويدلّ على ذلك ما رواه أنس رضي الله عنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب أصحابه ذات يوم وقد كادت الشمس أن تغرب فلم يبق منها إلا شق يسير، فقال: "خطبَنا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بعدَ العصرِ وقد كادَتِ الشَّمسُ تغيبُ فقالَ والَّذي نفسي بيدِه ما بقِيَ من دُنياكم إلَّا كما بقيَ من يومِكم هذا فيما مضَى منهُ"، ويعدّ هذا إنذارًا من الله سبحانه للناس باقتراب يوم القيامة، واقتراب زوال الدنيا؛ حيث أمرهم بأن يتأهّبوا لأهوال يوم القيامة الذي هم عنه غافلون، ومعنى انشقّ القمر؛ أي انفلق كما ذكرنا سابقًا، وقد حصل ذلك فعلًا في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم.
معجزة انشقاق القمر
انشقّ القمر في عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم، وذكر ذلك في القرآن في قوله الله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) ، وثبت في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك: "أنَّ أهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فأرَاهُمُ القَمَرَ شِقَّتَيْنِ، حتَّى رَأَوْا حِرَاءً بيْنَهُمَا"، وذكر المفسرون أنّ سبب نزول الآية؛ هو طلب المشركين منه -صلى الله عليه وسلم- معجزةً توضّح صدق نبوّته ، واختاروا أن يشقّ لهم القمر، ووعدوه بأن يأمنوا إن فعل ذلك، وكانت ليلة الرابع عشر من الشهر الهجريّ؛ وهي الليلة التي يكون القمر فيها واضحًا، وبدرًا في أتمّ حاله؛ فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ربّه أن يحقّق ذلك؛ فانشق القمر إلى نصفين: نصفٌ على جبل الصفا، ونصفٌ على جبل قيقعان المقابل له، وذكر السعديّ في تفسيره بأنّ معنى الآية أنّ يوم القيامة اقترب، وانقسم القمر إلى قسمين، حين سأل كفار مكة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أن يريهم معجزةً؛ فقام -عليه الصلاة والسلام- بدعاء الله فأراهم هذه الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ا شْهَدُوا اشْهَدُوا) ، فقال المشركون: "سَحَرَ محمدٌ أعينَنا"؛ فنزلت الآية.
وبعد حصول هذه الآية الجليلة، لم تصدّق قريش بها واعتبارتها سحرًا، وهذا من فعل المشركين الذين يطلبون آيةً، ثمّ إذا حصلت طمس الله على قلوبهم، وأعرضوا عنها ولكن الله سبحانه لهم بالمرصاد: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) ، وقد رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه- قوله: "إنَّ القَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".