تفسير آية (إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام)
تفسير آية (إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام)
بيان معاني الآية الكريمة
بيان معاني الألفاظ الواردة في قول الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) فيما يأتي:
- الخمر: كلّ مُسكرٍ يحجب العقل.
- المَيْسِر: القِمار .
- الأَنصَاب: الأصنام.
- الأزلام: قداح الاستقسام: وهي السَّهام التي لا ريشَ عليها، فقد كانوا في الجاهلية يضعونها في وعاءٍ، ثمّ يكتبون عليها الأمر والنَّهْي؛ فإذا أرادوا فعل شيءٍ أخرَجَوا سَهْماً من ذلك الوعاء، فإن خَرَجَ ما فيه الأمر أكملوه، وإن خرج سهمٌ فيه نهي توقفوا وكفَّوا عنه.
- رجس: كلّ مستخبثٍ ومستقذرٍ.
تفسير الآية الكريمة
نزلَت الآية الكريمة السابقة بعد غزوة أُحُد، في السنة الثالثة للهجرة، وآتياً تفسيرها كما أورده أهل العلم والمفسرون:
- تعدّ الآية الكريمة أصلٌ في تحريم الخمر، وكلّ ما يؤدي إلى ذهاب العقل قلَّ أو كثر، وهي أصلٌ كذلك في تحريم القمار وكلّ ما شابهه، كاللعب في النَّرد وغيرها من أشكال الميسر .
- جاء في صفوة التفاسيرعن أبي حيان في تفسير الآية الكريمة: أنَّ الله -تعالى- ذكر في الخمر والميسر مفسدتين: الأولى دنيويةٌ؛ لأنَّ الخمر سببٌ للشرور والأحقاد، والقطيعة، والميسر يجعل الرجل يقُامر حتى يصل إلى المقامرة على أهل بيته، فيُسلب كلّ ما يملكه فتضيع دنياه، أمَّا الثانية فهي مفسدةٌ دينيةٌ؛ لأنَّ الخمر تصرف وتُلهي عَن ذِكْرِ اللهِ وعن إقامة الصلاة، والميسر سواءٌ كان المُقامر غالباً أو مغلوباً فإنَّه يُلهي كذلك عن ذِكر الله.
- ورد في تفسير قول الله -تعالى-: (رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّه قال: "سخطٌ مِن عمل الشيطان"، وقال زيد بن أَسْلَم في تفسيرها: "شَرٌّ مِن عمل الشيطان"، أمّا سعيد بن جُبَيْر فقد وصف الرجس بالإثم، أي: إثمٌ من عمل الشيطان، فتلك المفاسد إنَّما هي من الشيطان الذي يسعى لإغواء الإنسان بشتى الطرق والوسائل.
- تتابع الآية الكريمة الحثّ على ترك تلك المفاسد، فيقول الله -تعالى-: (فاجتنبوه)، وهو تعبيرٌ عن الترك بالكلية، فهو أبلغ في التحريم، والنهي عنها، وتختتم الآية الكريمة هذا الحثّ على الترك بذكر الثواب المترتّب عليه؛ وهو النصر على مكائد الشيطان؛ وتحقيق الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة، قال -عزّ وجلّ-: (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
سبب نزول آية (إنّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام)
قال الله -تعالى- في سورة المائدة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وسبب نزولها أنَّ عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وجمع من الأنصار جاءوا إلى الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يطلبون قولاً فصلاً في الخمر والميسر؛ ففيهما ذهاب للعقل والمال، فأنزل الله -عزّ وجلّ- الآية السابقة.
وعن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى و يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ نسختها الَّتي في المائدةِ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ الآيةُ).