تعريف شعب الإيمان
تعريف شعب الإيمان
يُعرف الإيمان في اللغة؛ بأنه مطلق التصديق، ويعرّف اصطلاحاً؛ بالتصديق المخصوص بخمسة أركان، وهي التصديق بالله تعالى، وملائكته، وكتبه، ورسله، و اليوم الآخر ، والقدر خيره، وشره، وأما الشُعب لغةً؛ فهي أجزاء الشيء الذي يتكون منها، وشعب الإيمان؛ هي أجزائه المكوّنة له، والإيمان كالشجرة الطيّبة المثمرة التي تُخرج ثمرها كل حين.
وللإيمان شعب كثيرة أخبرنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بأنها بضعة وسبعون شعبة، أو بضع وستون شعبة كما جاء في رواية الإمام البخاري ، قال -عليه السلام-: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ).
وتحتوي بعض شعب الإيمان على فروع متعدّدة، ومن ذلك حفظ المسلم للسانه؛ فإنّ فيه ما يزيد على عشرين فرعاً، وتحصين المسلم لفرجه عن الحرام يدخل فيه صيانته عن الزنا؛ فالإيمان يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي والمنكرات.
والأعمال الصالحة دليل على الإيمان في قلب العبد، فالأعمال الصالحة الظاهرة، والإيمان الباطن بينهما ارتباط لا ينفك، وكل طاعة أمر من أوامر الله -تعالى- يفعلها المسلم متّبعاً فيها القرآن أو السنّة النبوية تُعدّ من شعب الإيمان، وكذلك ترك جميع المعاصي المنهي عنها من شعب الإيمان أيضاً.
عدد شعب الإيمان
يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم- موضّحاً عدد شعب الإيمان: (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً)، وقد اشتهر هذا الحديث عند العلماء باسم حديث الشعب، وقد ذهب بعض العلماء إلى أنّ العدد الوارد في الحديث لا يتعلّق بمفهوم خاص، وإنّما هو على سبيل التكثير.
وقد وجد هذا في لغة العرب كثيراً، خصوصاً في الرقم سبعة ومضاعفاته، وقال بعض العلماء: إنّ العدد الوارد في الحديث مقصود لذاته، والمقصود أنّ عدد شعب الإيمان يبلغ بضع وسبعين، أو بضع وستين شعبة، وقد اعتنى عدد من العلماء بحصر هذه الشعب.
كيفية معرفة شعب الإيمان
معرفة شعب الإيمان تكون بمعرفة الطاعات الواردة في الكتاب والسنة، فيرى الإمام ابن حبان أنّ عدد شعب الإيمان بضع وسبعون شعبة، وقال: إنّ البضع يطلق على الأعداد من ثلاثة إلى تسعة، وبناءً على ذلك يمكن أن يبلغ عدد شعب الإيمان تسع وسبعين شعبة، وبيّن أنها تمثل عدد الطاعات التي ذكرها الله -تعالى -في القرآن ومجموعة إلى عدد الطاعات التي جعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان.
وهو ما قرره الإمام البيهقي في كتابه شعب الإيمان، حيث عدّد شعب الإيمان في كتابه، وأوصلها إلى تسع وسبعين شعبة، ويقول الإمام ابن حبان -رحمه الله تعالى-: فعرفت أنّ مقصود النبي- -صلى الله عليه وسلم- في حديث شعب الإيمان، هو أنّ الإيمان يتكون من بضع وسبعين شعبة مما ورد في الكتاب العزيز و السنّة النبويّة ، وقد بيَّن الإمام ابن حبان هذه المسألة في كتاب وصف الإيمان وشعبه.
ولا يجب على المسلم معرفة هذه الشعب بعينها، ولا ينقص جهلها من الإيمان؛ فللإيمان أصول وفروع معروفة محقّقة، ولكن يجب الإيمان بعددها جملة كما ورد في الحديث، وأمّا تفصيل أصول الإيمان وتعيينها بعدد معيّن يحتاج إلى توقيف.
تعداد بعض شعب الإيمان
وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تقرن بعض الأعمال بالإيمان، وتجعلها من شعبه ومن هذه الأعمال:
التوحيد
جعل النبي- صلى الله عليه وسلم- أعلى شعب الإيمان، وأرفعها مرتبة شهادة أن لا إله إلا الله، وهي شهادة التوحيد، يقول -صلى الله عليه وسلم- : (الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ).
فالتوحيد هو الاعتقاد بالعقل والقلب، والقول باللسان، والعمل بالجوارح والأركان؛ بحيث تؤدي جميعها إلى توحيد الله -تعالى-؛ فالتوحيد المنسوب إلى القلب هو نفس التوحيد المنسوب إلى اللسان أو الجوارح.
ويشترط في شهادة التوحيد أن يقولها المسلم خالصة لله -تعالى-، صادقاً بها من قلبه، متيقّناً بها، ومطمئنّاً إليها، وليس المراد من شهادة التوحيد مجرّد التلفظ بها فقط، وإنّما العمل بما اقتضته من أوامر ونواهي.
وأعمال الناس تتفاضل حسب درجة صدقهم ويقينهم بها؛ فأعلى الناس إخلاصاً وصدقاً لله -تعالى- ينال بعمله الدرجات العُلى، وكلمة التوحيد تشتمل على نفي جميع الآلهة الباطلة التي تُعبد من دون الله -تعالى-، ومن ذلك أيضاً إثبات العبودية لله -تعالى- وحده لا شريك له؛ فكلمة التوحيد هي الحد الفاصل بين الجحود و الإسلام ، وبين أصحاب الجنّة وأصحاب النار.
إماطة الأذى عن الطريق
إماطة الأشياء المؤذية عن المسلمين، وإبعادها عن طرقهم هي إحدى الأمور التي ندبت إليها الشريعة الإسلامية، وقد عدَّها النبي -صلى الله عليه وسلم- من شعب الإيمان،(الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ) فبيَّن أنّ إبعاد الأذى عن طريق المسلمين سبب لدخول الجنّة ، ونهى -عليه الصلاة والسلام- عن إيذاء المسلم لغيره من المسلمين.
كما أمر المسلم بإزالة الأذى عن أخيه المسلم؛ لأنّ كل منهما مرآة للآخر، وإزالة الأذى من الأعمال الصالحة التي تقرّب المسلم إلى الله -تعالى-، وهي سبب لنيل مغفرته سبحانه؛ فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ فأخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له)،
ويدخل في إماطة الأذى رفع حجر عن طريق المسلمين، أو معاونة أهل المنطقة في تنظيف المكان، أو إغلاق الحفر التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالناس أو بمركباتهم، وأقل شيء من ذلك أن يحرص المسلم على عدم إلقاء شيء في طريق الناس.
الحياء
الحياء صفة كريمة تحثّ المسلم على اجتناب الرذائل، وتدعوه إلى كلّ فعل أو قول محمود، والقلب هو منبع الحياء ومنشؤه، وقد عدَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- من شعب الإيمان وخصاله، بقوله: (والحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ).
ويروى أنّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان أشدّ حياءً من المرأة العذراء في بيتها، والحياء محمود في كل الأمور؛ لأنّه يدعو إلى كلّ خير، ولحسن عاقبته في الدنيا والآخرة، ولا يدخل في الحياء الممدوح شرعاً ما يكون من الخجل والضعف، الذي يصدّ صاحبه عن طلب العلم، أو ترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، أو يجعله ساكتاً عن إيضاح الحقّ وبيانه.