تعريف التفشي في التجويد
تعريف التفشي لغةً واصطلاحًا
إن الغرض من علم التجويد هو معرفة حقائق صفات الحروف، والصفات هي التي تُميّز الحرف عن الحروف المشترِكة معه في المخرج، وبتالي إعطاء كلّ حرفٍ حقّه ومُستحقّه من غير تكلُّفٍ ولا تعسُّفٍ، ومن هذه الصفات، هي صفة التفشِّي التي تُعرف في اللغة والاصطلاح بما يأتي:
تعريف التفشي في اللغة
معناه لغةً: اتِّساع الشيء، وقيل الانبثاث والانتشار، يقال: تفشَّت القرحة، إذا اتسعت.
تعريف التفشي في الاصطلاح
هو انتشار الهواء في الفم عند النطق بحروف التفشي، وهو كثرة خروج الهواء بين اللسان والحنك، وانبساطه في الخروج عند النطق به؛ حتى يتَّصل الحرف بمخرج غيره، ومع التنويه أنَّ صفة التفشي من صفات الحروف القويّة التي لا ضدَّ لها، وتتَّضح في الحرف الساكن أكثر منها في المتحرِّك.
حروف صفة التفشي
صفة التفشي تتطلّب انبساط الهواء وانتشاره، حتى يُخيَّل أنّ الحرف اتّصل بمخرج حرفٍ آخرٍ، لذا ذكر بعض علماء التجويد أنَّ هذه الصفة تتحقَّق في أكثر من حرفٍ، وتعدَّدت آراء العلماء على عِدَّة أقوالٍ، ومنها ما يأتي:
- القول الأول: وقيل فيه أنّ للتفشّي حرفٌ واحدٌ، وهو الشين، وهذا القول هو الأرجح، وممّا يجب التنبّه له في حرف الشين، أنَّه يخرج من المخرج الثالث من الفم، بعد الكاف، من وسط اللسان بينه وبين وسط الحنك، وهو مهموسٌ رخو منفتحٌ، مستفلٌ، متفشي، وينبغي أن يبين التفشي الذي فيه عند النطق به، وإذا كان مُشدَّدٌ فلا بدَّ من إشباع تفشّيه.
- القول الثاني: الذي قال فيه ابن مريم الشيرازي أنَّ للتفشي أربعة حروفٍ، وهي: (الميم والشين والفاء والراء)، وهي حروفٌ فيها غُنَّةٌ، ونفشٌ، وتأفُّفٌ، وتكرارٌ، قيل لها حروف التفشّي أيضًا، وإن كان التفشّي في الشين خاصَّةً؛ لأنّ البقيَّة مقاربةٌ له؛ لأنّ الشين بما فيه من التفشّي ينتشر الصوت منه، ويتفشّى حتّى يتّصل إلى المخارج الباقية.
سبب تسمية صفة التفشي بهذا الاسم
عند إطلاق التسمية على الصفات؛ يكون لذلك اعتباراتٌ معيَّنةٌ تعبّر عن هذه الصفة، وصفة التفشّي إنَّما سُمَّيت بذلك؛ فسُمِّي الشين المُتفشِّي؛ لأنَّه انتشر في الفم برخاوته حتى اتّصل بمخرج الطاء، والتفشي الانتشار، وسُمِّي بذلك أيضًا؛ لاتساع مخرجه.
أمثلةٌ على صفة التفشي
صفة التفشي هي صفةٌ ملازمةٌ لحروفها، فلا تنفكّ عنها بحالٍ من الأحوال، وإن كانت كما قلنا إنَّها في الساكن أوضح وأظهر من المتحرِّك، وأمثلتها كما يأتي:
- حرف الشين في كلمة: (اشدُد) في قوله -تعالى-: (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)، إذ يقول ابن جنيّ فيها: «فالشين» لما فيها من التفشّي، تشبه صوت انجذاب الحبل قبل استحكام العقد، ثمَّ يليه إحكام الشدّ والجذب.
- حرف الشين في كلمة: (اشتراه) من قوله -تعالى-: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ).
- حال الوقف على حرف الشين في كلمة: (العرش) من قوله -تعالى-: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ)، فلا بُدَّ من الحرص على إظهار التفشّي عند الوقف .