تعريف الاستقراء التام وأمثلة عليه
مفهوم الاستقراء التام
يُعرف الاستقراء بأنه نوع من أنواع الاستدلال الكثير الاستعمال في حياتنا العادية وفي العلوم الطبيعية ، بدأ استخدامه من وحي التجربة والممارسة، ومع تقدم العلم واجتهاد وتوسع علوم ودراسات العلماء، عُرّف بأنه: عملية استدلال تضيف مجموعة جزيئات إلى موضوع ما بسبب مشاهدة هذا المحمول في جزئيات ذلك الموضوع ذاته سواء أكان كله أو بعضه.
قد تكون الجزئيات هذه أفراد نوع، أو أنواع جنس وقد تكون استُقرئت كلّها مُسبقاً، وهذا الفرع هو ما يعرف بالاستقراء التام ، وقد تكون لم يستقرأ منها سوى بعضها، وهذا هو ما يعرف بالاستقراء الناقص.
الاستقراء التام لا يثير أي إشكال من حيث إنه يقوم بالحكم على المشهد الكلي بما يشاهده تماماً في الكل، وأنه مكتفٍ بنفسه لا ينقصه بيان أو تأييد، حيث أنه وهمٌ ناتج من الخلط بين الكلي المنطقي والكلي المجموعي.
إننا إذا قمنا بأخذ الاستقراء التام على وجهه الشمولي لن نجد سوى صورةً للاستدلال وليس شيئاً واضحاً عن معناه، إذ إن كل ما يعنيه هنا هو الأفراد المسؤولين عن حمل فكرة ما، فلا يفيدنا شيئاً الانتقال من المرحلة الصغرى لمحمولٍ ما إلى النتيجة النهائية مباشرةً أي معرفة جديدةً، ويصبح كأننا انتقلنا من الشيء وعدنا للشيء ذاته.
فعلياً وعملياً إذا أردنا دلالةً صحيحًة واضحة فيجب أن نفهم صُغرى الاستقراء على أنها عملية تذكُّر الجزئيات لكي تنتقل إلى الكلي، فنصل بالنتيجة إلى معرفةٍ جديدةٍ هي نسبة كلية ضرورية بين الماهية المشتركة والمحمول المُشاهد، بغض النظر عن عدد الجزئيات، حيث أنه لا بد من وسيلة لإتمام الاستقراء، وتعبئة الفراغ بين الجزئيات التي تعود إليه وهذا هو المطلب الحقيقي لهذا العلم.
الاستقراء التام في أصول الفقه
الاستقراء التام في أصول الفقه هو تتبُّع الأفراد، فيتم وضع الحُكم في كلّ صوره ما عدا الصورة الأصلية التي وقع فيها النزاع، فتتم عملية الاستدلال حينها بإيجاد وثبوت حكم جزئي عن طريق ثبوته مُسبقاً في الكلي.
فالاستقراء التام يوجد به توحيد في الحكم على جميع أفراد الكلّي ما عدا الصورة المُتنازع بها، فالتام هو حجة ثابتة بلا خلاف وهو عند الأكثرية يُعتبر دليل قطعي، ولا تعارض فيه لأنّ الأكثرية هي الأغلب ولا ينافي هذا البعض.
أمثلة على الاستقراء التام
فيما يأتي مجموعة من الأمثلة على الاستقراء التام:
- عودة الأمر والوجوب بالشيء بعد أن تم تحريمه يدلّ على العودة إلى حُكم أصله الذي كان عليه قبل أن يُحرّم، كمثل قوله عليه الصلاة والسلام: (كُنْتُ قَدْ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا)، فالحكم هنا أن يُردّ الأمر إلى ما كان عليه قبل أن يتم النهي عن عمله، فإن كان قبله جائزًا رجع إلى الجواز.
- دراسة تمدد قطعة معدن، وكانت النتيجة الأولى أن تتمدد بالحرارة، والثانية أن تتمدد بالحرارة، والثالثة أن تتمدد بالحرارة، إذاً النتيجة النهائية أن قطعة المعدن هذه تتمدد بالحرارة، بالتالي إن كان الموضوع واجبًا رجع إلى الوجوب وهذا هو الاستقراء التام.