تعريف الأخلاق
تعريف الأخلاق
يُعرف الخُلق في اللغة العربية بالطبع والسجية لأنّ صاحبها قد قُدِّر عليه، وفي مقولة أخرى هي الدِّين والمروءة، قال العلاّمة ابن فارس:(الخاء واللام والقاف أصلان: أحدهما تقدير الشيء، والآخر ملامسة الشيء).والأخلاق في الاصطلاح هي هيئة راسخة في النفس، يصدر عنها العديد من الأفعال بشكل سهل ومُيسّر، دون الحاجة للتروي أو التفكير ، فمن الممكن أن يصدُر عن هذه الهيئة أفعال مذمومة أو محمودة.
الأخلاق الإسلامية
تعتبر الأخلاق الإسلامية من سمات المؤمنين الصالحين، حيث تساعدهم على تجنب الوقوع في العيب، واللوم، والنقد، ولا تجعل صاحبها يميل إلى الخطيئة أو الإجرام، لأنّ الأخلاق تُعتبر من الهدي النبوي، والوحي الإلهي، وهي خُلق الرسول صلى الله عليه وسلّم، قال الله سبحانه وتعالى:(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
تعتبر مكارم الأخلاق بناء شيّده أنبياء الله عليهم السلام، وقد بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى يُتمم ذلك البناء، من أجل أن يكتمل صرح مكارم الأخلاق، كما أنّ امتلاك الإنسان للأخلاق دون امتلاكه للدين هو أمر لا فائدة منه، قال النبي صلى الله عليه وسلّم: (إنَّما بُعِثْتُ لأُتممَ صالحَ الأخلاقِ).
أهمية الأخلاق
تتبين أهمية الأخلاق بالإسلام لعدّة أمور، منها ما يلي:
- اختيار الرسول صلى الله عليه وسلّم أن تكون الغاية من بعثته هي الدعوة لمكارم الأخلاق، فقد بيّن الرسول عليه السلام بهذا الأسلوب مدى أهمية الخُلق، بالرغُم من وجود العديد من الأمور الأهم من الأخلاق مثل: العقيدة ، والعبادة، إلا أنّ الخُلق يبرز بشكل أكبر أمام الناس أكثر من سائر الأعمال الإسلامية، حيث إنّ الناس لا يستطيعون رؤية عقيدة الإنسان لأنّ مكانها بالقلب، كما أنّهم لا يرون العبادة ، إلا أنهم يرون الأخلاق ويتعاملون من خلالها، لذا سيقوم الناس بتقييم دين الإنسان بالنظر لتعامله معهم، ويحكمون على صحّته من خلال خُلقه وسلوكياته.
- تعظيم الإسلام لحُسن الخُلق، لأنّه ليس خُلق مُجرّد بل عبادة يؤجر العبد عليها، وهو من الأُسس التي يتفاضل الناس بها يوم القيامة، والدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلّم: (إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ وأقربِكُم منِّي مجلسًا يومَ القيامةِ أحاسنَكُم أخلاقًا ، وإنَّ مِن أبغضِكُم إليَّ وأبعدِكُم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ والمتشدِّقونَ والمتفَيهِقونَ، قالوا : يا رسولَ اللَّهِ، قد علِمنا الثَّرثارينَ والمتشدِّقينَ فما المتفَيهقونَ ؟ قالَ : المتَكَبِّرونَ).
- تعتبر الأخلاق أساس بقاء الأُمم، وهي المؤشر على انهيار الأمّة أو استمرارها، لأنّ انهيار أخلاق الأُمّة هو انهيار لكيانها، والدليل قوله تعالى: (وَإِذا أَرَدنا أَن نُهلِكَ قَريَةً أَمَرنا مُترَفيها فَفَسَقوا فيها فَحَقَّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمَّرناها تَدميرًا).
- تعتبر الأخلاق من أسباب المودّة وإنهاء العداوة، قال الله سبحانه وتعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
- الخُلق أفضل الجمالين، حيث ينقسم الجمال إلى قسمين، هما الجمال الحسّي، وهو الجمال الذي يتمثّل في الهيئة، والشكل، والجاه، والمنصب، والجمال المعنوي الذي يتمثّل في السلوك، والذكاء ، والعِلم، والأدب، وقد ذكر الله عزّو جلّ بأنّ للإنسان عورتين الأولى هي عورة الجسم التي تُستر بالملابس، وعورة النفس التي تُستر بالأخلاق، وقد أمر الله بالسِتر، وذكر بأنّ السِتر المعنوي أهم من الحسّي، والدليل قوله تعالى: (يا بَني آدَمَ قَد أَنزَلنا عَلَيكُم لِباسًا يُواري سَوآتِكُم وَريشًا وَلِباسُ التَّقوى ذلِكَ خَيرٌ ذلِكَ مِن آياتِ اللَّـهِ لَعَلَّهُم يَذَّكَّرونَ).
أقسام الأخلاق
يوجد العديد من أقسام للأخلاق، وذلك تبعاً لعدة أمور، هي كما يلي:
الأخلاق من حيث المصدر
تنقسم الأخلاق من مصدرها إلى قسمين، هما:
- الأخلاق الغريزية: الأخلاق التي فُطر عليها الإنسان، والدليل على ذلك الحديث النبوي: (إنَّ فيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُما اللهُ الحِلْمُ والأناةُ . قال : يا رسولَ اللهِ ! أنا أَتَخَلَّقُ بهما أَمِ اللهُ جَبَلَنِي عليهما ؟ قال: بَلِ اللهُ جبلكَ عليهما . قال : الحمدُ للهِ الذي جَبَلَنِي على خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهما اللهُ ورسولُه).
- الأخلاق المُكتسبة: الأخلاق التي يحصُل عليها الإنسان عن طريق التعود والتعلّم ، والدليل على ذلك من السنّة ، قول الرسول صلى الله عليه وسلّم: (إنَّما العلمُ بالتَّعلَّمِ).
الأخلاق من حيث المعاملات
تنقسم الأخلاق الإسلامية بمن تُمارس معه إلى ثلاثة أقسام، هي:
- الخُلق مع الله عز وجلّ: يُقصد في هذا النوع من الأخلاق الأسس والقواعد التي تحكُم علاقة الإنسان بربه، بالإضافة إلى الآداب التي يتحلى بها الإنسان، وممارساته الباطنة والظاهرة.
- الخُلق مع النفس: هو ما يلتزم به الإنسان مع نفسه من الأخلاق والآداب .
- الخُلق مع الخلْق: هو الأمر الذي يلتزم به الإنسان من أخلاق وسلوكيات مع الآخرين، وهي القواعد الأخلاقية التي تضبط علاقة الإنسان مع من حوله، وتتمثّل هذه القيم في الخُلق مع الوالدين، والخُلق مع الأنبياء ، والخُلق مع الكفّار، والخُلق مع المؤمنين.
أمور تساعد على اكتساب الأخلاق
هناك العديد من الأسباب والوسائل التي تساعد على اكتساب الخُلق الحسن، وهي:
- سلامة العقيدة: يعتبر السلوك ثمرة مما يحمله الإنسان من معتقدات وفكر، حيث إنّ انحراف السلوك يتسبب في ظهور خلل في المعتقد، فإن صحّت العقيدة أصبحت الأخلاق حسنة، وذلك لأنّ العقيدة الصحيحة تردع الإنسان من مساوئ الأخلاق، وتحمله على مكارمها.
- الدعاء: يلجأ العبد إلى ربه بالدعاء من أجل أن يرزقه حُسن الخُلق، والدليل من السنّة قول الرسول صلى الله عليه وسلّم: (اللَّهمَّ إني أعوذُ بكَ من مُنكراتِ الأخلاقِ والأعمالِ والأَهواءِ والأدواءِ).
- الجهاد: يعتبر الخُلق أحد أنواع الهداية التي يحصُل عليها الإنسان عن طريق المجاهدة ، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
- المحاسبة: هي نقد النفس عند ارتكابها للأفعال الذميمة، من أجل أن لا تعود للقيام بها مجدداً، وأخذها بمبدأ الثواب ، فإن أحسنت ارتاحت، وإن أساءت أُخذت بالجد والحزم.