تعرف على شخصيتك وشخصيات الآخرين
تعريف الشخصية
يعود أصل معنى كلمة شخصيّة من الكلمة اللاتينية (persona)، والتي تعني القناع الذي كان يرتديه الممثّلون في المسارح الإغريقيّة على وجوههم لأداء الأدوار، فكان الشخص الحقيقي أي الممثل يختبئ خلف هذا القناع لأداء دور معين، وبالتالي وقوع التأثير في نفوس الآخرين للدور أو المشهد المعروض على خشبة المسرح، ومن الممكن تعريف الشخصيّة من المنطلق النفسيّ على أنها مجموع الظواهر والخصائص السلوكيّة التي يتفرد بها الإنسان، ويتميّز بها عن غيره، وتشمل أيضاً ردود أفعال الفرد تجاه المثيرات المختلفة للوصول لمرحلة التكيّف، أي أنّها النظام المتكامل الذي يشمل جميع النواحي العامة التي تُعنى بالفرد؛ كالميول، والانفعالات والدوافع، وغيرها.
الأنماط الشخصية
يولد الإنسان وتولد معه مكوّناته الشخصيّة من الصفات الجينيّة والاستعدادات الفطريّة، التي تمثل جميعها الشخصيّة الخاصة التي يتفرّد بها الفرد، يضاف إليها تفاعلها مع البيئة الخارجيّة، والمحيط الدينيّ والفكريّ الذي من شأنه أن يساهم في توجيه وتعديل الطباع الشخصيّة للفرد، ومن أهم فوائد معرفة أنماط الشخصية محاولة توقع استجابات الفرد في موقف معيّن، وبالتالي تكوين فكرة عامة عن الأنماط السلوكيّة التي تكون عليها طباعه وتفاعلاته في المستقبل.
أنماط الشخصيات وكيفية التعامل معها
إن عملية تصنيف الشخصيات البشرية إلى أنماط شخصيّة وتحليلها ودراستها، تتيح الفرصة أمام الفرد للتعرّف على نفسه وذاته وعلى الآخرين من حوله، وبالتالي الدراية المهمة بالقدرات والاستعدادت والكفاءات والحاجات التي إذا فُهمت ولُبيت بالطرق المناسبة؛ فهي تفتح أبواب النجاح للفرد، بالإضافة إلى معرفة الذات وتحقيقها، إذ إنّ هناك علاقة واضحة بين شخصيّة الفرد وبين ميوله واتجاهاته، وبالتالي معرفة المجالات الحياتيّة الأكاديميّة والعلمية والوظيفية المُلائمة لكل نمط على حدة، ونظراً لأهمية هذا المجال وكثرة الباحثين فيه اختلفت تصنيفاته بحسب اتجاه الباحث فيه.
وقد قسم علم النفس الشخصيات بحسب تفاعلاتها الداخلية؛ كالشخصية السيكوباتية، والمازوخية، والسادية وغيرها،، وهناك تصنيف مايرز بريغز وكريسي الذي جعل لشخصيّة الإنسان ستة عشر نمطاً من أنماط الشخصيات الإنسانية ، وغيرها الكثير من التصنيفات التي اختلفت باختلاف العلماء، ومن الممكن أن تختلف سمات هذه الأنماط الشخصية باختلاف درجاتها وشدتها، فقد تكون بسيطة وطفيفة لا تؤثر سلباً في سير حياة الفرد، وقد تكون شديدة وحادة بحيث يتم تشخيصها على أنها من اضطرابات الشخصيّة، أو الاضطرابات النفسيّة، وسيتم عرض أحد التصانيف البسيطة والقريبة من الحياة اليومية على الشكل الآتي:
الشخصية المرتابة أو الشكاكة
هي الشخصية التي يطغى عليها سوء الظن والحذر الشديد تجاه الآخرين، وتتميز هذه الشخصية بما يلي:
- تتبُّع أسباب ومظاهر الحوادث، ومحاولة ربطها ببعضها بشكل مستمر، وبطريقة غريبة وشكاكة، فيكون في حالة دائمة من التوتر والحذر الشديد أثناء تعامله مع الآخرين.
- ثقته بنفسه متدنّية غالباً، بالإضافة إلى انعدام ثقته بالآخرين، ومطالبته المستمر لمن حوله بأن يكونوا على ثقة تامة به في جميع الأحوال.
- مواجهة الكثير من الصعوبات عند حاجته لاتخاذ قرار معين، والتردد الشديد في جميع أحواله.
- العيش في دائرة من انعدام ولاء من حوله له، وإمكانية تعرّضه للخذلان والخيانة في أي وقت، فيكون متحفّزاً ومشغول البال دائماً من احتمال وجود مؤامرة تُحاك ضده.
- هو في الغالب شخص قاسي القلب لا يتفهم مشاعر وعواطف الآخرين، ولا ينسى أخطاءهم.
- ويمكن التعامل مع هذه الشخصية من خلال النقاط الآتية:
- الصراحة والوضوح في أغلب المعاملات لتلافي إثارة الريبة في نفسه مع عدم المبالغة بها، وتقديم الأدلة المنطقيّة التي تنفي حالات الشك والريبة التي يعيشها تجاه الآخرين.
- محاولة إعطاء الآخرين المجال لزيادة ثقتهم به.
- الإصغاء له بتمعن وعناية وشرح ما وراء نوايا الآخرين الحسنة.
الشخصية الساذجة
يتميز هذا النمط من الشخصيات :
- بالثقة العمياء بالناس دون التفريق بين من يستحق هذه الثقة وبين من لا يستحقها، وعدم توقّع السوء والأذى من الناس.
- عدم إدراك الفرص المهمة المتاحة في محيطه، والغفلة عن الانتباه لها.
- الانقياد للآخرين بشكل كامل، بحيث يتم تسيير الفرد فكريّاً وسلوكيّاً، بالإضافة إلى سرعة الاقتناع بآراء الآخرين، والتنازل السريع عن الآراء والاتجاهات الشخصيّة .
- المسامحة المفرطة عند التعرض للإساءة والخطأ بشكل دائم ومستمر دون الاستناد إلى مبدأ خلقيّ أو دينيّ، وتقبل الملاحظات والانتقادات ولو كانت مجحفة وغير صحيحة.
- الحديث الدائم بصراحة غير محبّذة ومبالغ فيها، مما يُعطي عن الفرد صورة غير مرغوب فيها.
- يُنصح التعامل معه بالطرق الآتية:
- من الأفضل تعريض أصحاب هذه الشخصية إلى الخبرات والتجارب الجديدة، وتوكيله ببعض المهمات الصعبة والتشجيع على أدائها، وإخراج كامل القدرات والإمكانات.
- عدم التدخل في تفاصيل حياته، ومساعدته على الاعتماد على نفسه تدريجيّاً من خلال توسيع آفاقه بالقراءة، والثقافة، ومحاولة تغيير بيئته، ودمجه مع محيط أكثر فاعلية وتأثير فيه.
- مساعدته على اكتشاف ذاته وقدراته ومواهبه، ليصبح فرداً قادراً على الإنجاز واثقاً بنفسه .
الشخصية القاسية
يُميز هذه الشخصية ما يلي:
- هي شخصية تتّسم بالصلابة والقسوة تجاه الآخرين وتجاه الذات أحياناً.
- التشبث بالرأي والعناد الشديد، وتحويل كل نقاش حاصل إلى جدال مطوَّل، ليتم إثبات وجهة النظر الشخصية .
- هو شخص غير مستمع، ولا يصغي لحديث غيره؛ كي لا يترك المجال لغيره لإثبات ذاته.
- عديم الثقة بالآخرين ودائم الشك بمن حوله.
- يُمكن التعامل معه بالطرق الآتية:
- محاولة التحكم بالأعصاب والتحلي بالهدوء عند التحدث معه في أي أمر.
- عدم توقع مبادلته من حوله العواطف، أو التعبير عنها، أو الاستجابة الفوريّة، وتلبية طلب الآخرين.
- عند وجود الحاجة للدخول في نقاش معين معه فيجب انتقاء الكلمات بعناية، والابتعاد عن استعمال الأسلوب الاستفزازي.
- الابتعاد والانسحاب من النقاش معه في حال لجوئه إلى التجريح، واستعماله الكلمات الفظة والقاسية، وإظهاره التجاهل وعدم التعاطف، وتجنب إلقاء اللوم عليه؛ كي لا يستعمل هذا اللوم للهجوم مرة أخرى.
الشخصية العاطفية
تتميز هذه الشخصية بما يلي:
- تتميز هذه الشخصيّة بالحساسيّة والعاطفة القويّة، بحيث تؤثر هذه العاطفة في الفرد، وتتحكم فيه أثناء عمليّة اتخاذه القرارات المهمة.
- تنجح هذه الشخصيّة في كسب الآخرين؛ لأنها مهتمّة بمشاعر من حولها وأحاسيسهم.
- الانسحاب بهدوء من المواقف المختلفة مع تجنب توجيه الإهانات للآخرين من حوله، بالإضافة إلى حب تلبية المناسبات الاجتماعيّة وحضورها.
- الاهتمام بالآخرين ومحاولة إرضائهم، ويغلب على هذه الشخصيّة اللطف واللين والحنان، والابتعاد عن الخلافات والنزاعات والنفور منها، كما أنه من الممكن أن يُجرح شعور الشخص العاطفي بسهولة.
- يمكن التعامل مع هذا النمط من خلال الأساليب الآتية:
- الابتعاد عن الغموض والحدية في التعامل، الإصغاء والاستماع وإظهار الاهتمام أثناء الحديث، وتجنب الأسلوب الاستبدادي والقاسي أثناء التحدث معه؛ كي لا يفقد ثقته بالآخرين.
- عدم الإكراه والإجبار لتنفيذ مهمة معينة، أو تحقيق هدف معين بشكل فوري وسريع.
- إظهار الاهتمام تجاهه وتجاه مشاعره، والتكلم معه بكلمات شخصية قريبة تلمس قلبه وعاطفته.