تعبير مقال شخصي
الذكريات الشخصية شوق لا يبرد
أشتاق دائمًا إلى ذكريات الماضي، أحنّ إلى وقت مضى، إلى الوجوه التي بقيت عالقةً في ذهني، إلى الأماكن والأصدقاء، إلى الطفولة والمدرسة وبيتنا القديم، إلى الماضي الذي كان يُشعرني بالأمان والحب، إلى أيام الدراسة والشقاوة، إلى تلك الأيام البريئة الخالية من المسؤولية.
الأيام تمضي بسرعة ولا يبقى لنا سوى الذكريات، فنعيش في الماضي بذكرياتنا الشخصية، ونَحنّ للعودة إليه، ونروي لأنفسنا القصص باستمرار.
الطفولة ذكريات لا تُنسى
أحنّ دائمًا إلى أيام الصبا والبراءة، ذلك العالم المليء بالأحلام الجميلة، فالطفولة لا يُمكن أن تُنسى، فهي راسخة في عقلي، فالطفولة تذكرني بنقاء السريرة، والعيون التي تلمع بصدق، وتفرح على أبسط الأشياء، الطفولة ربيع وروح الحياة وعذبها، لكن الذكريات الجميلة لا تدوم.
الطفولة أمل المستقبل، وهي كالمطر الذي يحمل الخير، والشجرة الممتدة فروعها، والسماء بلونها الأزرق النقي، وذكريات الطفولة تُثير فينا الشجن، فكم نشتاق لها، فما زال ذلك الشعور في داخلنا حيّ، شعور الطفولة، فهي عالقة ما بين النسيان والذكرى، فلم نكن نعرف قيمتها الحقيقة، إلّا بعد أن غابت عنا.
الأماكن القديمة قصص حية بداخلنا
كما أثرت الطفولة بشخصيتنا، كان للأماكن القديمة دور أيضًا بوجداننا، فهي قصص بلا لسان، ومشاهد مصورة بقيت عالقة في أذهاننا، فلا أنسى بيتنا الذي نشأت به، ولا المدرسة التي صنعت ذكريات لا يُمكن تجاوزها، ولا بيت جدي ومشاعر الراحة والبركة التي كنت أشعر بها عند الجلوس به، فلا أنسى تلفاز جدي القديم والمذياع الذي كان يسمع بها الأخبار، ومزرعة جدي الجميلة.
أمّا عن النادي الذي كنت أذهب إليه في الصيف، فقد بقي عالقًا في ذاكرتي، فلا أنسى أجواء هذا النادي ومدربيه، وكيف كنت أستمتع عند الذهاب إليه، وكذلك كنت أُحب شكل البيوت القديمة في مدينتي، فانظر لها مذهولًا، فأرى فيها العراقة والأصالة الممتدة.
الصداقة شعلة لا تأفل
في الختام، يأخذني الحنين إلى أصدقائي الذين كبرت معهم وأحببتهم بصدق، فصنعت معهم ذكريات لا تُمحى، فصداقتي معهم نقية كالماء، نضحك ونمرح ونبكي معًا، وأدركت معهم أنّ الصداقة الحقيقة مفتاح الحياة، وكنز ثمين لا يُقدر بثمن أبدًا، فكانت قلوبنا صافيةً ومحبةً بصدق، قال الإمام الشافعي عن الصداقة:
إِذا لَم يَكُن صَفوُ الوِدادِ طَبيعَةً
- فَلا خَيرَ في وِدٍّ يَجيءُ تَكَلُّفا
وَلا خَيرَ في خِلٍّ يَخونُ خَليلَهُ
- وَيَلقاهُ مِن بَعدِ المَوَدَّةِ بالجفا
وَيُنكِرُ عَيشاً قَد تقادم عَهدُهُ
- وَيُظهِرُ سِرّاً كانَ بِالأَمسِ قَد خَفا
سَلامٌ عَلى الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها
- صَديقٌ صَدوقٌ صادِقُ الوَعدِ مُنصِفا
الصداقة لا تُوصف بالكلمات، فالأصدقاء سر الفرح والبهجة ومخزن الأسرار، والصديق وقت الضيق، تجده سندًا لك عند المحن، يفرح من قلبه لفرحك، ويحزن وكأنه مصابه لحزنك، داعم لك دائمًا، والحقيقة أنّ الصداقة أثمن الأشياء وأبهجها.