تعبير كتابي عن خسوف القمر
المقدمة: خسوف القمر جدال العصر
خسوف القمر هو تلك الظاهرة العلمية الفلكية التي حار النّاس لها حتى ظهور العلم الحديث، ذلك العلم الذي وقف مع تلك الظاهرة مُحاوِلًا إيجاد تفسير لها، حتى رأى العلماء أنّها تحدث عندما يحجب ظلّ الأرض ضوء الشمس التي تنعكس على القمر في الأوضاع العادية.
بقي خسوف القمر محلّ جدال بين العلماء إلى بدايات التسعينات؛ حيث لم تُعد الأساطير مشبعةً لحاجة المعرفة عند عامة النّاس، ويكون الخسوف في منتصف الشهر القمري، ولا تطول مدة الخسوف أكثر من ساعة وأربعين دقيقة على الوجه الأكثر.
العرض: خسوف القمر لا يكون لموت أحد
القمر هو تلك البلورة المضيئة التي تسطع بين الغيوم، ثم تختفي في لحظة ما دون أن تنذر أحبابها أو تتهيأ للرحيل، وبعد بحثي الطويل عن خسوف القمر وجدت أنّ الشعوب القديمة كانت تُفسر الخسوف بتفسيرات غريبة جدًّا تنافي العقل البشري.
هل يا تُرى قَبِلَ العقل البشري تلك التفسيرات في تلك الآونة بسبب عدم وجود غيرها؟ أمّ أنّ غياب العلم يُحتم على الإنسان تصديق كل ما يسمعه من الآخرين؟ إنّ أوّل من نفى تلك الخرافات عن خسوف القمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمّا مات ابنه إبراهيم وهو ابنه من جارية له كان اسمها مارية القبطية، وقد أهداها ابن القوقس لرسول الله -عليه السلام-.
لمّا تُوفي ابن رسول الله -عليه السلام- منها خُسف القمر، فظنّ الناس والصحابة -رضي الله عنهم- أجمعين أنّ خسوف القمر كان حزنًا على موت ابن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأنّ القمر شارك النبي حزنه والتف على نفسه ليكون السواد هيأته، فما كان من رسول الله إلّا أن خرج لصاحبته -رضوان الله عليهم- مُوضّحًا لهم خسوف القمر قائلًا:
"إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ لا يَخْسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، ولَكِنَّهُما آيَتانِ مِن آياتِ اللَّهِ، فإذا رَأَيْتُمُوهُما فَصَلُّوا".
كان ذلك أول تفسير تُنفي فيه الأساطير عن خسوف القمر، وفي رأيي أنّ في ذلك دليل واضح على أنّ الإسلام جاء ليمحي غمامة الجهل عن عقول النّاس، وفي ذلك دليل جديد على أنّ الإسلام ليس بدعةً من النبي بل هو وحي يُوحى، فلو كان كذلك لقبل ذاك التفسير الذي يعز من شأنه وشأن ابنه.
إنّ القمر لما يُخسف يُذكرني باليد التي تغمض عمّا فيها حين تعمد إلى إخفاء شيء ثمين، فيكون القمر هو ماسة السماء ، وكأنّ ظلّ الأرض أبى إلّا أن يكون تلك اليد الخائفة على كنزها.
الخاتمة: خسوف القمر يأمر بالتضرع لله
ختامًا، لمّا تأملتُ قول رسول الله -عليه السلام-: "إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ لا يَخْسِفانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولا لِحَياتِهِ، ولَكِنَّهُما آيَتانِ مِن آياتِ اللَّهِ، فإذا رَأَيْتُمُوهُما فَصَلُّوا"، لمست أمرًا وهو أنّ رسول الله يأمرنا أن نعود إلى الله ونتضرع عليه عند خسوف القمر.
حيث إنّ القمر آية من عند الله تبارك وتعالى يُخوف به عباده، والخائف لا يلتجئ سوى للمكان الذي يشعر فيه بالأمن والأمان، والأمان لا يكون سوى مع الله تبارك وتعالى هو أرحم الراحمين ورب الخائفين.