تعبير عن التضامن الإنساني
المقدمة: التضامن خلق إنساني قيّم
التضامن من أفضل الأخلاق وأسماها، وهو خلق إنساني رفيع وقيّم له مكانة مرموقة في القلوب بسبب أثره الطيب؛ لما له من أثرٍ طيب في المجتمع، خاصة أنّ التضامن يشجع الناس على الاندماج معًا ، وحدوث ألفة وتبادل للخبرات والتجارب فيما بينهم، فيساعدون بعضهم بعضًا في كلّ شيء.
فهو يقوي روابط أبناء المجتمع معًا، ويعزز الصلات بين الأشخاص، ونوع من الشراكة والتعاون على أداء المهمات بمختلف أنواعها، وينعكس أثره الإيجابي على الجميع، مما يعزز من مكانة التضامن في المجتمع.
العرض: في التضامن رفعة المجتمعات
في التضامن رفعة وسمو للمجتمعات ؛ لأنه يجمع العقول والقلوب ويقرب بينها، ويجعل بينها ألفة عظيمة، كما يلفت نظر الناس المقتدرين لمساعدة الأشخاص الأقل حظًا في المجتمع، وهذا يجعل من أبناء المجتمع مثل الشجرة عميقة الجذور يانعة الثمر، التي تحمي الأشجار الصغيرة من الشعف والدمار.
لهذا فإنّ أفضل ما يقدمه التضامن للمجتمع هو أنه يكون كالمحرك الأساسي للناس، وكأنه وقود الحياة فيها، وهذا يزيد من إظهار قدرات الناس على فعل الكثير من الأشياء الصعبة وتحقيق المزيد من النجاحات والانتصارات، فلو تضامنا جميعًا على فعل الخير لشاعَ الخير في المجتمع.
يُعلّمنا التضامن أن نتحمل المسؤولية المجتمعية التي يُمليها علينا ديننا وتُمليها علينا حياتنا، كما يعلمنا أن نضع أيدينا بأيدي بعض لنصل إلى ما نريد، وألّا نسمح لأي أحدٍ أن يثير حولنا الفتن التي تقلل من عزيمتنا.
علمًا بأن تضامن المجتمعات الكبيرة يبدأ من تضامن الأفراد أولًا، ثم تضامن المجتمع الصغير بوصفه نواة للمجتمع الكبير، ممّا يجعل التضامن قويًا وفعالًا، وله الكثير من الآثار.
يُعلّمنا التضامن أن نغرس في نفوس أبنائنا وبناتنا معنى التعاون والتكافل، وأن نساندهم في أن يضعوا أيديهم في يد كل من يمدّ يده للخير، وهذا يفتح أبوابًا للثقة والمحبة بين الناس، ويجعلهم يقبلون على ممارسة العديد من الأنشطة دون خوف.
ولا ننسى أنّ نبينا العظيم وديننا الحنيف يدعونا إلى التضامن وعدم الخروج عن الجماعة، وأن تكون كلمتنا واحدة في الحق، وأن نعتصم بحبل الله ولا نتشبث بآرائنا الشاذة إن لم تكن حاصلة على تأييد الأغلبية؛ لأنّ في التجمع والتضامن رحمة وإنجاز أكثر بكثير من الفرقة والتزعزع الحاصل في بعض المجتمعات.
التضامن لا يقتصر على أشخاص ومناصب معينة، ولا يمكن ربطه بفئة قليلة من الناس أو في ظروف محددة، رغم أنّه قد يكون ضرورة في بعض الأوقات أكثر من أوقات ثانية؛ إذ يكفي أن نجمع حولنا عددًا من الطيبين القادرين على أن يمنحوا ما لديهم من قدراتٍ لنا.
ونتعلم معًا أن نثابر لأجل الوصول، وأن يكون تضامننا في مختلف القضايا لأجل الجميع بعيدًا عن الأنانية وحب التملك، علمًا بأنّ التضامن الحقيقي لا يكون بالأقوال فقط وإنما بالأفعال، كي يكون على أرض الواقع، وكي يكون تضامنًا حقيقيًا ليس فيه كذب أو خديعة.
مَن يجد التضامن في بيته ومدرسته ومجتمعه سيشعر بأنّه قوي وقادرٌ على تخطي الكثير من العقبات وتحقيق الانتصارات، والتخلص من أي سبب يدعو للقلق أو التردد، فالتضامن يجعلنا نتحرر من أنانيتنا ويجعلنا نتخلى عن خوفنا وانعدام ثقتنا بأنفسنا؛ لهذا طوبى للتضامن المدروس المبني على الثقة الغالية، لأنه يجعل الأشخاص يشعرون بالأمان والطمأنينة، ويمنحهم شعورًا كبيرًا بالفرح والاطمئنان.
لا يقتصر التضامن على المجتمعات فقط، بل يحدث أيضًا بين الدول والقارات والمؤسسات عندما تتوحّد جميعها على أهداف واحدة ويسعون إلى تحقيقها، وعندما يتبنون قضايا معينة معًا ويدافعون عنها بشراسة كي لا يمسها سوء، وليس شرطًا أن يكون التضامن لأجل الإنسان.
بل يمكن أن يكون لاستعادة الحقوق المهدورة التي استولت عليها جماعة الشر، وفي هذه الحالة يكون التضامن بنكهة وطنية جميلة بعيدًا عن أي شخص يحاول أن يشكك فيه أو يطعن في هويته.
يُمكن أن يكون التضامن مبنيًا على أسسٍ معينة؛ وموجهًا نحو فئات محددة في المجتمع كالنساء مثلًا، أو أن يكون فقط لأجل كبار السن أو الأطفال، كما يجب ألّا يكون التضامن من اختصاص جهة معينة فقط، كأن يكون هناك مؤسسات معينة مخصصة للتضامن مع مختلف القضايا.
بل يجب أن يكون التضامن أساسيًا وجزءًا من ثقافة أي مجتمع قادر على الدفاع عن نفسه وقوته، وأن يتعامل حسب مبدأ تجاهل كل ما هو سلبي والالتفات إلى ما هو إيجابي، وهذا يعززه التضامن بشكلٍ كبير لأنه يجمع القلوب والعقول.
يُعلّمنا التضامن أن نتبنى العديد من القضايا الحساسة في المجتمع، ونقول كلمتنا تجاهها، ونُعبّر عن رأينا فيها بكل ما نملك من قوة؛ لهذا يجب أن يكون التضامن تلقائيًا لدى الناس، وأن يتعاملوا معه برغبة نابعة من الداخل، وعلينا أن نتضامن مع القضايا المهمشة ومع الضعفاء والأشخاص الذين لا يجدون من يتعاطف معهم ويقف إلى جانبهم.
لهذا أهم ما يجب فعله أن نجعل الناس يعرفون المعنى الحقيقي للتضامن وكيف يكون، وكيف يُمكن أن نتضامن مع بعضنا لنُحقّق التقدم والازدهار والتفوق.
الخاتمة: التضامن غرس فرعه في السماء
في الختام، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ التضامن بمثابة الغرس القوي المثمر الذي يكون فرعه في السماء، وتكون جذوره ممتدة في أعماق الأرض، لأنّ مَن يستطيع أن يتضامن مع الآخرين ويتجاوز جميع الاختلافات بينه وبينهم، لا بدّ أن يكون شخصًا ذا نفسٍ نقية.
فالتضامن يكشف عن معادن الناس ومدى تقبلهم لفكرة التعاون والعمل الجماعي والانخراط مع أفراد المجتمع في مختلف الأنشطة، وممارسة العديد من الأعمال التي تُشير إلى أنّ في التضامن قوة كبيرة ومؤثرة، لكن يجب أن يتم استغلالها بأفضل صورة.