تصنيف الكائنات الحية والتوازنات الطبيعية
مفهوم تصنيف الكائنات الحية
يعرف تصنيف الكائنات الحية بأنه فرع من فروع العلم، والذي يتعامل بشكل أساسي مع وصف الكائنات الحية من حيث وضع تسمية لها وتحديدها وتصنيفها إلى مجموعات رئيسية وأخرى فرعية، ولا يقتصر تصنيف الكائنات فقط على تلك التي تعيش في الوقت الحالي وإنما يمتد ليشمل كذلك الكائنات التي تعرضت للانقراض.
ويشمل تصنيف الكائنات الحية جميع الكائنات مثل؛ الحيوانات، والنباتات، والكائنات الدقيقة وكذلك البشر، والهدف الرئيسي من التصنيف هو تسهيل عملية دراسة الكائن الحي والتعرف عليه وعلى خصائصه والمميزات التي يتمتع بها.
فعلى سبيل المثال؛ الإنسان والحوت يعدان كائنان غير مرتبطين من الناحية الظاهرية، ولكن كلاهما يعد من الثدييات وبالتالي فهما مرتبطان من الناحية التصنيفية، ويتضمن التصنيف سبعة أنواع مختلفة من العمليات؛ وهي:
- الوصف.
- التسمية.
- التعريف.
- المقارنة.
- التنوع الجيني.
- تحديد العينات.
- تعريف الأصناف في النظام البيئي.
كيف تصنف الكائنات الحية؟
تصنف جميع الكائنات الحية على شكل مجموعات وفقًا للخصائص الأساسية المشتركة بينها، ثم تقسم هذه المجموعات إلى مجموعات أصغر نظرًا لبعض أوجه التشابه:
التصنيف الحديث
وفقًا للتصنيف الحديث تصنف الكائنات الحية على شكل فئات هرمية مختلفة، إذ تبدأ من الفئات الواسعة حيث تتضمن أنواعًا عديدة من الكائنات الحية وصولًا إلى قاعدة الهرم التي تمثل أنواعًا مفردة ومحددة للغاية، ومع كل خطوة باتجاه الأسفل من هذا التصنيف الهرمي تقسم الكائنات الحية إلى فئات أكثر تحديدًا.
وعليه هنالك ثماني فئات تصنيفية، وهي على النحو الآتي:
النوع
النوع (بالإنجليزية: Species) وهو الطريقة التي يطلق فيها الاسم العلمي على الكائنات الحية التي تشترك بخصائص معينة وقادرة على التزاوج فيما بينها، وهو مفهوم واسع، إذ إن هنالك أكثر من 20 مفهوم مختلف بالنسبة للأنواع.
تستخدم (التسمية ذات الحدين) وهي نظام معين للتصنيف أوجده عالم الأحياء كارل لينيوس، إذ يرى أن جميع الكائنات الحية لها اسم علمي يتكون من كلمتين لاتينيتين؛ الأولى اسم الجنس الذي ينتمي إليه الكائن الحي، أما الثانية؛ فهي الأنواع من ذات الجنس، وتعرف الكلمة الثانية بكونها الصفة المميزة للكائن.
نشأ تصنيف النوع باعتباره يمثل الوحدة الأساسية في التصنيف والمعترف بها من قبل اللجنة الدولية للتسميات في علم الحيوان، فيتم تعيين اسم قياسي من جزئين مثل الذئب الرمادي (Canis lupus) الذي يعد قريبًا للذئب الأمريكي ( Canis latrans)، فكلاهما يتبعان الجنس نفسه لكنهما نوعين مختلفين .
الجنس
الجنس (بالإنجليزية: Genus) وهو الوسيلة العلمية المستخدمة لوصف الاسم العام للكائن الحي، وحقيقة أن تصنيف الجنس أمر محدد للغاية، حيث يوجد عدد قليل من الكائنات الحية داخل كل جنس، لذا عند استخدام التصنيف لتسمية كائن حي من خلال جنسه، يستخدم التصنيف لتحديد الجزء الأول من اسم هذا الكائن المكون في الغالب من جزئين.
الجنس هو تصنيف يستخدم في علم التصنيف البيولوجي ويكون أدنى من الفصيلة، حيث إن الأنواع التي تظهر خصائص متشابهة يمكن لها أن تشكل جنسًا واحدًا، وهو يأتي فوق الأنواع حيث يتكون الجنس من نوع واحد أو أكثر.
فعلى سبيل المثال؛ حيوان الهامستر (Cricetus) هو جنس من عائلة القداديات أي القوارض (بالإنجليزية: Cricetidae)، ومثال آخر البط البري الذي يعد جنسًا من عائلة (Anatidae) وهي الفصيلة البيولوجية لطيور الماء.
الفصيلة
الفصيلة أو العائلة أو الأسرة (بالإنجليزية: Families)، إذ تصنف الكائنات الحية داخل أسرة واحدة تجمعها خصائص وقوائم مشتركة أكثر من تلك الموجودة في أي مستوى تصنيفي آخر، فهم مرتبطون ببعضهم البعض، ومن الأمثلة على ذلك الإنسان في عائلة البشريات (Hominidae).
والأسرة التصنيفية هي من أكثر التصنيفات تحديدًا في الهرم التصنيفي، ومن أبرز الأمثلة على الأسرة أو العائلة؛ عائلة الكلبيات (بالإنجليزية: Canidae) التي تحوي حيوان الذئب والكلب، وعائلة الظربان (بالإنجليزية: Mephitidae)، وعائلة القطط أو السنوريات (بالإنجليزية: Felidae).
الرتبة
الرتبة (بالإنجليزية: Order) وهي مرتبة من مراتب التصنيف، إذ تصنف الكائنات الحية في كل صف من الصفوف إلى رتب، وبالتالي يستخدم مفتاح التصنيف لتحديد ما هو الترتيب الذي ينتمي إليه الكائن الحي، وهو بمثابة قائمة مرجعية لجميع الخصائص التي تحدد آلية تجميع الكائنات الحية معًا.
يتراوح عدد الرتب ما بين 420-450 رتبة في علم الحيوان، فعلى سبيل المثال؛ حيوانات الثدييات لديها رتب تتراوح بين 19- 26 رتبة، والتي تضم؛ الرئيسيات، والحيتانيات؛ (وهي الحيوانات المائية مثل الحيتان والدلافين وخنازير البحر)، ورتبة الخفاشيات (بالإنجليزية: Chiroptera).
الصف
الصف (بالإنجليزية: Classes) هي وسيلة لتقسيم كائنات الشعبة، حيث تشترك الكائنات الحية في فئة ما أكثر من تلك الكائنات الموجود في شعبة واحدة، فعلى سبيل المثال؛ ينتمي الإنسان إلى الثدييات لأن جميع الناس تشترك بصفة واحدة عند الصغر وهي التغذية على الحليب.
ويبدو أن الصف هو رتبة تصنيفية أكثر تحديدًا من تصنيف الشعبة، ووفقًا للتصنيف الحديث دمج الصف في علم تصنيف الأحياء بواسطة العالم كارل، ويبدو أنه كان وما يزال أكثر الأصناف استخدامًا خاصة في عالم الحيوان.
يوجد ما يقارب 108 فئة أكثرها شيوعًا هي الثدييات (بالإنجليزية: Mammalia) والطيور (بالإنجليزية: Aves) والزواحف (بالإنجليزية: Reptilia).
الشعبة
الشعبة (بالإنجليزية: Phylum) وهو المستوى الأقل الذي يلي المملكة في تصنيف الكائنات الحية، وفيه محاولة لإيجاد مختلف أوجه التشابه بين الكائنات الحية داخل المملكة الواحدة، حيث تشير أوجه التشابه الجسدي إلى وجود أصل مشترك لمجموعة الكائنات الحية ضمن الشعبة الواحدة.
لا يزال تصنيف الشعبة واسعًا للغاية، ومع ذلك فهو يقسم الممالك إلى مجموعات متنوعة، على سبيل المثال؛ الشعبة من مملكة الحيوان الخاصة بمفصليات الأرجل تضم جميع الحشرات والعناكب والقشريات.
المملكة
المملكة (بالإنجليزية: Kingdoms) وهو التصنيف الأساسي للكائنات الحية، وفي الوقت الراهن يضم هذا التقسيم خمس ممالك، حيث توضع الكائنات الحية في هذه الممالك بالنظر لكيفية حصولها على الطعام، وأنواع الخلايا التي يتكون منها جسمها، وعدد الخلايا التي يحتويها جسم الكائن الحي.
وهذه الممالك هي؛ الحيوانات، والنباتات، والفطريات، والطلائعيات، والبكتيريا، مع ملاحظة أنه يمكن فصل المملكة الواحدة إلى ممالك متعددة.
النطاق
يشير النطاق (بالإنجليزية: Domain) إلى أكبر مجموعة في مجال تصنيف الكائنات الحية، وفي الوقت الراهن يوجد 3 مجموعات أساسية في هذا المجال أو النطاق وهي؛ البكتيريا والعتائق وحقيقيات النوى، حيث تحتوي كل مجموعة من الكائنات الحية تلك على خصائص متشابهة، كما أن لها نفس تاريخ التطور.
تاريخ تصنيف الكائنات الحية
وضع العديد من التصنيفات العلمية للكائنات الحية على مر التاريخ، حيث عبرت كل مرحلة تاريخية عن مدى المستوى العلمي والمعرفي الذي وصلت إليه شعب تلك المرحلة، ومن هذه المراحل ما يأتي:
تصنيف الصينيين والمصريين القدامى
يعد الصينيون والمصريون أول الأقوام التي سعت إلى وضع تصنيف علمي للكائنات الحية، فبالنسبة للصينين كان تصنيفهم عبارة فهرس مكون من 365 نوعًا من أنواع النباتات الطبية ، والذي أسس فيما بعد للكثير من الدراسات والتصنيفات اللاحقة.
كذلك الحال بالنسبة للمصريين القدامى عندما وضعوا بعض التصنيفات الطبية لبعض أنواع النباتات وكيفية استخدامها وطرق العلاج بالنسبة لبعض الإصابات وكان هذا ما بين عام 1700-1600 ق. م.
تصنيف الإغريق
كان أرسطو أول من وضع تصنيفًا علميًا للكائنات الحية، والتي تمكن من دراستها أثناء إقامته في جزيرة ليسبوس، حيث وضع العديد منها في مجموعات وصنفها من البسيط إلى المعقد، ولكن تصنيفه لم يكن تنصيف تطوري، مع ذلك كان تصنيفه بمثابة خطوة نحو الأمام في ذلك العصر.
واجه أرسطو مشكلات عندما صنف الحيوانات اللافقارية إلى مجموعات مختلفة، إذ كان يدرك أن الدلافين والحيتان وخنازير البحر هي حيوانات لها بعض سمات الثدييات وهي ليست أسماك، وبسبب عدم اكتشاف المجهر في ذلك الوقت فلم يتمكن من التعامل مع أشكال الحياة الدقيقة.
تصنيف عصر النهضة
شهد عصر النهضة ازدهار في مفهوم علم الأحياء ، خاصة مع بداية القرن الثاني عشر الميلادي، حيث بدأت بعض المحاولات في وضع رسوم توضيحية دقيقة لبعض النباتات، كما بدأ البعض في ترتيب النباتات المتشابهة مع بعضها البعض.
حقق أول إنجاز عام 1543م عندما طرح أندرياس فيزاليوس رأيه حول علم التشريح البشري، ثم أنشئت أول حديقة نباتية، وبدأ العمل بشكل جاد فيما يخص عالم النبات والحيوان بعد ذلك.
وضع العالم جون راي في أواخر القرن السابع عشر بعض التصنيفات، حيث ميز بين النباتات أحادية الفلقة وثنائية الفلقة، كما أوجد الصلات الحقيقية التي تربط الحيتان، وثم قدم تعريفًا عمليًا لمفهوم الأنواع، وهو بمثابة الأساس للتصنيف البيولوجي فيما بعد.
تصنيف كارل لينيوس
يعد كارولوس لينيوس مؤسس علم التصنيف الحديث، حيث كانت كتاباته تمثل البداية في إطلاق بعض التسميات على النباتات والحيوانات، كما يعد أول من استخدم التسمية ذات الحدين، وقدم لينيوس التصنيف الهرمي القائم على أساس (الصف والرتبة والجنس والنوع)، كذلك وفرت كتبه المفاتيح الأساسية للتعرف على النبات والحيوان بشكل مكثف.
حاول لينيوس أن يضع آراءه حول التصنيفات الطبيعية المشابهة لما ذهب إليه أرسطو من خلال التعرف على السمات الأساسية للكائنات الحية، ولكنه كان أقل دقة من أرسطو في تصنيفه للحيوانات، حيث قسمها إلى (ثدييات وطيور وزواحف وأسماك وحشرات وديدان).
نظرية التوازن الطبيعي
تعرف نظرية التوازن الطبيعي بأنها توازن بيولوجي بين الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض، مثل الإنسان والنبات والحيوان، وهؤلاء جميعهم من المفترض أن يكونوا في حالة استقرار طوال الوقت، وبالتالي فإن أي تغيير ولو كان بسيطًا سوف يؤدي إلى حدوث خلل في هذا التوازن الطبيعي.
وعليه ووفقًا لهذه النظرية فإن الطبيعة تتوازن من خلال وجود علاقة ترابطية بين جميع الكائنات الحية، فكل نوع من الكائنات يرتبط في بقائه باستمرار على وجود نوع ثانٍ من الكائنات الحية، لذلك فإن هذه النظرية مفادها توازن الطبيعة وكيفية المحافظة على هذا التوازن.
على سبيل المثال؛ تبقى مختلف أنواع الحيوانات المفترسة موجودة في الطبيعة ما دامت تجد ما تتغذى عليه من الحيوانات الأخرى الصغيرة، وبالتالي غياب أي واحد من هذه الأنواع من الحيوانات سوف يحدث خللًا كبيرًا في عملية التوازن الطبيعي في حياة الكائنات الحية.
تعرضت نظرية التوازن الطبيعي للعديد من الانتقادات والرفض من قبل علماء البيئة، والسبب في ذلك يعود إلى أنهم يرون أن التغييرات العشوائية التي يحدثها البشر كثيرة ولا يمكن حصرها بأمر واحد وهو أمر كفيل بإحداث الكثير من الخلل في عملية التوازن الطبيعي في البيئة.
مع ذلك لا تزال نظرية التوازن الطبيعي تحظى بالكثير من الدعم والتأييد بين الكثير من المهتمين والمتخصصين في مجال علم البيئة .