تحليل كتاب جمهورية أفلاطون
التعريف بكتاب جمهورية أفلاطون
وهو كتاب من تأليف الفيلسوف اليوناني أفلاطون، ويعد من أمهات الكتب في الفلسفة، كتب فيه أفلاطون خلاصة تفكيره الاجتماعي والسياسي، وهو استكمال لمسيرته المثالية، ويتضح فيه مدى تأثره بفلسفة سقراط، وقدم أستاذه إرهاصات لنظرية المثل، ودون أفلاطون محاورات أستاذه التي أجراها مع تلاميذه والناس، ويحتوي الكتاب على جزء من هذه المحاورات، إلا أن كل المحاورات مدونة في كتاب محاورات أفلاطون.
تحليل اللغة والحوار والسرد في كتاب الجمهورية
الجمهورية هي بالأصل إحدى المحاورات الأفلاطونية التي دونها عن أستاذه سقراط، ويتميز الحوار السقراطي بالعفوية والتهكم، فيبدأ المحاورة دئمًا بالسؤال عن المفاهيم ومثال ذلك السؤال عن الفضيلة أو العدالة أو الحق، أما السرد فيتميز بالسلاسة والسهولة.
الطبعات الحديثة من كتاب الجمهورية تحتوي على هوامش تسهّل على القارئ العربي غير الملم بالفلسفة أن يطالع الكتاب بأريحية لكونه مترجماً عن اللغة اليونانية القديمة.
أما المنهج المتبع فهو المنهج السقراطي في الحوار -وهو شكل من أشكال الحوار الحجاجي بين المتحاورين ويكون بطريقة تعاونية-، والذي يُستنبط من مبادئ أولية ومقدمات واضحة نتائج نهائية، وغالبًا ما يُوقع بمحاوريه، فيتراجعون عن مفاهيمهم ويعيدون الكَرّة.
تحليل فصول كتاب الجمهورية
تنقسم جمهورية إلى مجموعة من الكتب الأخرى، وهذه الكتب هي كالآتي:
العدالة
هو أول كتاب في الجمهورية، وعد أفلاطون العدالة فضيلة، ويقصد بها الالتزام بالواجبات والمهام الموكلة لكل إنسان، ولكن الكتاب يبدأ بالحوار الذي أجراه سقراط مع بوليمارخس ، وسأله عن مفهوم العدالة، وأجاب بأنَّ العدالة هي أن يُرد الحق لصاحبه، إلا أنَّ المفهوم أصبح أكثر تعقيدًا، وذلك لأنَّ الحق يحتاج أيضًا لتعريف، فماذا يعني أن يكون الإنسان ذا حق؟
يستكمل بعد ذلك مفهومه بأنَّ الحق يعتمد على طبيعة التعامل بين الناس وعلاقاتهم، وبهذا يص إلى نتيجة هي أنَّ الحق نفع الأصحاب وإلحاق الضرر بالأعداء، وبعد سلسلة من الأحادث يزلزل سقراط كل المفاهيم المقترحة، ويظهر في هذا الفصل العقل الفذ الذي يتمتع به سقراط.
المدينة السعيدة، أو الفاضلة
وفي هذا الكتاب يستكمل سقراط حواره، لكنه يتطرق للجوانب السياسية والاجتماعية سبل تشكيل الدولة، والمجتمع المثلي، وكيفية تربية الأطفال، ومن هنا توصل أفلاطون إلى أنَّ الدولة تتكون من ثلاث طبقات أساسية، وهي:
- الحكام
وهم الفلاسفة والحكماء.
- الجنود
ووظيفتهم حراسة الدولة.
- العامة
وهم الحرفيون وأرباب الصنائع.
دستور المدينة
في هذا الكتاب يؤكد أفلاطون على تربية الأفراد، واستعدادهم للعيش في المدينة المثالية، ويبين السبل لتهيئة الحكماء والفلاسفة لحكم الدولة، ويجب لهؤلاء أن يتحلوا بضبط النفس، والحكمة، الترفع عن الشهوات واللذائذ.
في الحوار يذكر سقراط فضيلة الصدق، ويقول: "إن جاز الكذب لأحد فللحكَّام فقط في مخادعة الأعداء، أو في إقناع الأهالي بما هو لخير الدولة، ولا يُباح لأحد الاشتراك معهم في هذا الامتياز، بل نحسب كذب الناس في ما يُضير الدولة مُساويًا على أقل تقدير كذب العليل على طبيبه، والتلميذ على مدربه في أمر صحته، وكذب الملَّاح على رُبَّانه في ما يتعلَّق بحال السفينة وبحَارتها، ووصف حاله أو وصف حال رفقائه."
الفضائل الأربع
وهما يركز أفلاطون على الفضائل التي يجب على كل طبقة في المجتمع أن تلتزم بها، ويمكن توضيحها من خلال الجدول الآتي:
الطبقة | الفضيلة |
الفلاسفة الحكام | الحكمة |
الجنود | الشجاعة |
العامة والحرفيون | العفة |
ولضمان الاتساق بين هذه الفضائل اقترح أن يكون هنالك فضيلة رابعة وهي العدالة، فكل طبقة يجب أن تلتزم بفضيلتها ولا تتعدى على مهام الطبقات الأُخرى.
المسألة الجنسية
ذكر أفلاطون مبدأ شيوعية الأطفال والنساء، ومن خلال ذلك يضمن حصول كافة الأطفال على تربية متكافئة، أما النساء فهن الفئة الأقل حظًا في مدينة أفلاطون، أكد على ضرورة التزام الفلاسفة بالعفة، لدرجة أنه نادى بعدم زواج الحكام والفلاسفة، وتفرغهم للحكمة وإدارة الدولة.
الفلاسفة
وهنا يعرض أفلاطون السمات العامة للفلاسفة، وأهمها الآتي:
- الترفع عن اللذات
- التعقل والحكمة
- سرعة البديهة، وملكة الفهم
- ضبط النفس
- غير متمسكين بالعالم المادي، فالحقيقة في عالم مفارق
المثل
وهنا يبين أفلاطون خلاصة نظريته في المعرفة والوجود، فالوجود الحقيقي ليس الوجود المحسوس، وإنما هو المثالي، الواقع في عالم المثل، شبه المتعلق بالعالم المادي بالسجين، الذي أسر وتقيد بالأغلال، ولكن الحقيقة لا يدركها إلا من تحرر من قيود العالم المادي، وهو الفيلسوف.
الحكومات الدنيا
وبعد أن فصّل أفلاطون في الحكم المثالي للدولة، وهو الحكم الأرستقراطي، يذكر أنواع الحكومات الدنيا، وهي الحكومات التي لا تخضع لحكم الفلاسفة، أو الفئة الحكيمة، ومن الحكومات الدنيا الحكومة الأوليغارشية، وهي الخضوع لسلطة الأقلية الممتلكة للثروات، والحكومة الديموقراطية التي تنادي بالمساواة، هذا يُشكل خطراً على الدولة، لانعدام الحكمة في الحكم.
المستبد
حكم الطغاة هو الحكم التالي للديموقراطية، فالمستبد رجلٌ سيطرت عليه شهواته بالنسبة لأفلاطون، وأصبح يفكر في فقط في إشباع رغباته، والسعي وراء المال والجاه، دون الحكمة والعدالة.
التقليد وجزاء الفضيلة
وفي هذا الكتاب يبين الفرق بين الصنعة أو التقليد والأصل، ومن هذا المنطلق يستنبط أفلاطون نظريته في الشعر، لكونه محاكاة للطبيعة أو الواقع، وليس فقط للمثل.