تحليل قصيدة تعلق قلبي طفلة لامرئ القيس
التحليل الموضوعي ل قصيدة تعلق قلبي طفلة لامرئ القيس
القصيدة التي يذكر فيها امرؤ القيس عبارة "تعلق قلبي طفلة عربية" هي من القصائد الطوال المُختَلَف في نسبتها لامرئ القيس، وفيما يأتي تحليل لها:
تحليل المقطع الأول من القصيدة
يقول امرؤ القيس في قصيدته المشهورة:
لِمَن طَلَلٌ بَينَ الجُدَيَّةِ والجبَل
- مَحَلٌ قَدِيمُ العَهدِ طَالَت بِهِ الطِّيَل
عَفَا غَيرَ مُرتَادٍ ومَرَّ كَسَرحَب
- ومُنخَفَضٍ طام تَنَكَّرَ واضمَحَل
بِرِيحٍ وبَرقٍ لَاحَ بَينَ سَحَائِبٍ
- ورَعدٍ إِذَا ما هَبَّ هَاتِفهُ هَطَل
فَأَنبَتَ فِيهِ مِن غَشَنِض وغَشنَضٍ
- ورَونَقِ رَندٍ والصَّلَندَدِ والأَسل
فَقُلتُ لَها يا دَارُ سَلمَى ومَا الَّذِي
- تَمَتَّعتِ لَا بُدِّلتِ يا دَارُ بِالبدَل
لَقَد طَالَ مَا أَضحَيتِ فَقراً ومَألَفًا
- ومُنتظَراً لِلحَيِّ مَن حَلَّ أَو رحَل
هذه القصيدة موضوعها يدور حول عدّة أمور، فبداية يكون الموضوع فيها يدور حول الوقوف على الأطلال ووصفها وصفًا دقيقًا حتى أنّ الشاعر ليصف أدقّ الأشياء كالأطلال، والحيوانات، والنباتات التي فيها، والأمطار التي كانت تسقيها، وأنواع الطيور الأهلية والأليفة التي كانت تعيش في ذلك المكان، إضافة لتصوير حال الشاعر وهو يُخاطب الدار ويهتمّ لها ويسألها عن سبب تبدّل معالمها.
تحليل المقطع الثاني من القصيدة
يقول امرؤ القيس:
ومَأوىً لِأَبكَارٍ حِسَانٍ أَوَانسٍ
- ورُبَّ فَتىً كالليثِ مُشتَهَرٍ بَطَل
لَقَد كُنتُ أَسبي الغِيدَ أَمرَدَ نَاشِئًا
- ويَسبِينَني مِنهُنَّ بِالدَّلِّ والمُقَل
لَيَالِيَ أَسبِي الغَانِيَاتِ بِحُمَّةٍ
- مُعَثكَلَةٍ سَودَاءَ زَيَّنَهَا رجَل
تَعَلَّقَ قَلبي طَفلَةً عَرَبِيَّةً
- تَنَعمُ في الدِّيبَاجِ والحَلى والحُلَل
لَهَا مُقلَةٌ لَو أَنَّهَا نَظَرَت بِهَ
- إِلى رَاهِبٍ قَد صَامَ لِلهِ وابتَهَل
لَأَصبَحَ مَفتُوناً مُعَنَّى بِحُبِّهَ
- كأَن لَم يَصُم لِلهِ يَوماً ولَم يُصَل
يردف الشاعر بالحديث عن حاله وكيفية اهتدائه لمعرفة هذا الطلل، ويصف حاله وكيف تحدَّرَت الدموع من عينه، وأخيرًا يصف فتاة قد شُغِف بها، فيصفها بأنّها عربية وأنّها ناعمة وبريئة كالطفلة، ويصف جمالها وكيف تصنَع بمن ينظر إليها سواء كان إنسانًا عاديًّا أم من الرهبان الذين ينقطعون عن الدنيا وملذاتها ويتفرّغون للعبادة.
التحليل الفني ل قصيدة تعلق قلبي طفلة لامرئ القيس
لقد استَعمَلَ امرؤ القيس ألوانًا بلاغيّة كثيرة في هذه القصيدة بين مُحسِّنات بديعية وصور فنية ليُوازن بين اللفظ والمعنى على عادة الشعراء الفحول، ومن ذلك قوله:
لِمَن طَلَلٌ بَينَ الجُدَيَّةِ والجبَل
- مَحَلٌ قَدِيمُ العَهدِ طَالَت بِهِ الطِّيَل
استعمل امرؤ القيس في هذا البيت نوعًا من المُحسنات البديعية وهو التصريع؛ بمعنى أن يجعل للبيت الأول من القصيدة مصراعين يفتتح بهما القصيدة، وذلك بأن يكون الحرف الأخير من الشطر الأول هو نفسه الحرف الأخير من الشطر الثاني مع كون التفعيلة الأخيرة في الشطرين واحدة.
ومن الصور الفنية في الأبيات ما يأتي:
- فَتىً كالليثِ مُشتَهَرٍ بَطَل
شبّه الفتى بالليث من حيث كونه مُشتهر وبطل، فهذا التشبيه هو تشبيه تام الأركان.
- تَكَفكَفَ دَمعِي فَوقَ خَدَّي وانهمَل
شبّه الدمع بالماء الذي ينهمل ويجري، فحذف المُشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
التحليل الإيقاعي ل قصيدة تعلق قلبي طفلة لامرئ القيس
بنى الشاعر قصيدته على البحر الطويل، وهذا البحر هو من البحور التي يكثر دورانها في الشعر القديم ولا سيما الشعر الجاهلي، لِما فيه من سعة صوتية تسمح للشاعر التصرف بحرية في قصيدته، ومن هنا استطاع الشاعر صاحب القصيدة السالفة أن يُعبّر عمّا يجول في خاطره من دون قيود وبنَفَسٍ طويلٍ معهود عن الشعراء القدامى.
كذلك كان أيضاً لدوران القصيدة بين تفعيلات البحر التي تتكرّر في كلّ شطر مرّتين (فعولن مفاعيلن) نغَم يظهر معه صوت الشاعر بأريحية، فكأنّ الشاعر يقف قبالة المُخاطَب وهو يُنشد هذه القصيدة.