تحليل قصيدة بانت سعاد
التحليل الموضوعي ل قصيدة بانت سعاد
قصيدة بانت سعاد أو البردة هي قصيدة في المديح النبوي قالها كعب بن زهير بن أبي سُلمى، وفيما يأتي تحليل لهذه القصيدة:
التحليل الموضوعي للقسم الأول من القصيدة
قال كعب بن زهير:
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ
- مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُجزَ مَكبولُ
وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا
- إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ
هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً
- لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت
- كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ
شُجَّت بِذي شَبَمٍ مِن ماءِ مَحنِيَةٍ
- صافٍ بِأَبطَحَ أَضحى وَهُوَ مَشمولُ
تَجلو الرِياحُ القَذى عَنُه وَأَفرَطَهُ
- مِن صَوبِ سارِيَةٍ بيضٍ يَعاليلُ
بداية يجب معرفة أنّ هذه القصيدة قد قيلت في الاعتذار أوَّلًا ثمّ المديح ثانيًا، وكان الجو العام المُسيطر عليها هو خوف الشاعر من إهدار دمه، فيصف بدايةً حياته وسعادته التي ودّعها ويرمز لها بقوله سعاد، فموضوع هذا القسم هو وصف سعادته المُدْبرة عنه، وتصويره للدنيا في عينيه لو عادت تلك السعادة إليه.
التحليل الموضوعي للقسم الثاني من القصيدة
قال كعب بن زهير:
يا وَيحَها خُلَّةً لَو أَنَّها صَدَقَت
- ما وَعَدَت أَو لَو أَنَّ النُصحَ مَقبولُ
لَكِنَّها خُلَّةٌ قَد سيطَ مِن دَمِها
- فَجعٌ وَوَلعٌ وَإِخلافٌ وَتَبديلُ
فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها
- كَما تَلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ
وَما تَمَسَّكُ بِالوَصلِ الَّذي زَعَمَت
- إِلّا كَما تُمسِكُ الماءَ الغَرابيلُ
كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلاً
- وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ
أَرجو وَآمُلُ أَن يَعجَلنَ في أَبَدٍ
- وَما لَهُنَّ طِوالَ الدَهرِ تَعجيلُ
يُمكن القول إنّ موضوع هذا القسم هو الحديث عن إدبار الحياة في وجه كعب مُنذ أهدرَ النبي -عليه الصلاة والسلام- دمه، فيرى أنّ كلّ ما كان يأمله من هذه الدنيا بات أضغاث أحلام كمن يعده أمرًا ثمّ يُخلفه.
التحليل الموضوعي للقسم الثالث من القصيدة
قال كعب بن زهير:
إِنَّ الرَسولَ لَسَيفٌ يُستَضاءُ بِهِ
- مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللهِ مَسلولُ
في عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم
- بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا
زَالوا فَمازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ
- عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ
شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ
- مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ
بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ
- كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ
يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم
- ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ
لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ
- قَوماً وَلَيسوا مَجازيعاً إِذا نيلوا
لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ
- ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ
موضوع هذا القسم من أقسام القصيدة يدور حول مدح النبي -عليه الصلاة والسلام- ومدح الصحابة رضي الله عنهم، فيصف النبي -عليه الصلاة والسلام- بالقوّة والهداية، ويصف الصحابة بالشدّة، والبأس، والصبر وكرم الاخلاق.
التحليل الفني ل قصيدة بانت سعاد
ورد في قصيدة بانت سعاد للصحابي كعب بن زهير -رضي الله عنه- بعضًا من الصور الفنية، ومنها ما يأتي:
يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم
- ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ
- يَمشون مَشيَ الجِمالِ
تشبيه بليغ؛ فقد شبّه مشي الصحابة بمشي الجمال، وذكر المُشبه والمُشبه به وحذف أداة التشبيه ووجه الشبه.
لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ
- قَوماً وَلَيسوا مَجازيعاً إِذا نيلوا
- نالَت رِماحُهُمُ
استعارة مكنية؛ فقد شبّه الرماح بالإنسان الذي ينال من الآخرين، فحذف المُشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
لا يَقَعُ الطَعنُ إِلّا في نُحورِهِمُ
- ما إِن لَهُم عَن حِياضِ المَوتِ تَهليلُ
- حِياضِ المَوتِ
استعارة مكنية؛ فقد شبّه الموت بالماء الذي في الحياض، فحذف المُشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
التحليل الإيقاعي لقصيدة بانت سعاد
جاءت قصيدة البردة أو بانت سعاد منسوجة على البحر البسيط، وهذا البحر مع البحر الطويل من أكثر البحور التي نظم عليها الشعراء القدامى أشعارهم؛ نظرًا لِمَا في ذلك من نفس طويل يُعطى الشاعر أفضلية ليسرد ما يشاء من المعاني والصور الكثيرة التي تتزاحم في صدره.
يُلاحَظ في القصيدة اضطراب في الإيقاع وكأنّه يخرج من نفسٍ مُضطربة خائفة لا تدري ما عواقب الأمر الذي أقدمت عليه، أيضًا من الجدير ذكره أنّ بناء القصيدة على روي اللام المضمومة يُشكّل جوًّا من الرهبة والأمل، إضافةً لحُسْن توظيف الشاعر للحروف المهموسة في المقام الذي يستدعي الخوف، والحروف الانفجارية في المقام الذي يتطلّب الشجاعة للإفصاح عن الآمال.
التحليل النحوي لقصيدة بانت سعاد
لقد ظهرَ في القصيدة عددٌ من الأفعال التي كان لها بالغ الأثر في السيطرة على بنية القصيدة وتوجيهها نحو مُراد الشاعر، فقد دلّت الأفعال الماضية على أسَف الشاعر وحُزنه مرّة، وعلى تسليمه لما سيكون مُستقبلًا مرّة أخرى، إضافة لاعتماده على الفعل المضارع في بيان الصور الحيّة التي رسمها على طول القصيدة.