تحليل قصيدة (إنما الأمم الأخلاق) لأحمد شوقي
التحليل الموضوعي لـ قصيدة (إنما الأمم الأخلاق) لأحمد شوقي
قصيدة "إنّما الأمم الأخلاق" من القصائد المشهورة للشاعر أحمد شوقي، وفيما يأتي تحليلها:
تحليل القسم الأول من ال قصيدة
قال أحمد شوقي:
صحوتُ واستدركتني شيمتي الأدب
- وبتُّ تنكرني اللذات والطرب
وما رشاديَ إلّا لمع بارقة
- يرام فيه ويُقضَى للعلى أرب
دعت فأسمع داعيها ولو سكتت
- دعوت أسمعها والحرّ ينتدب
وهكذا أنا في همي وفي هممي
- إن الرجال إذا ما حاولوا دأبوا
ولي همامة نفس حيث أجعلها
- لا حيث تجعلها الأحداث والنوب
لها على عزة الأقدار إن مطلت
- حلم الليوث إذا ما أستأخر السلب
وإن تحير بي قوم فلا عجب
- إن الحقيقة سبل نحوها الرّيب
موضوع هذا المقطع هو حديث الشاعر أحمد شوقي عن نفسه المفعمة بالآداب والأخلاق؛ فيصف نفسه بأنّها نفسٌ قد ابتعدت عن الملذات والطرب، بمعنى أنّه قد كبر على هذه الأمور، ويتحدث عن الرجولة الحقيقية، ثمّ يردف بالحديث عن نفسه فيصفها بالهمة العالية والحلم الكبير.
تحليل القسم الثاني من ال قصيدة
أوشكت أتلف أقلامي وتتلفني
- وما أنلت بني مصر الذي طلبوا
همو رأوا أن تظل القضب مغمدة
- فلن تذيب سوى أغمادها القضب
رضيت لو أنّ نفسي بالرضى انتفعت
- وكم غضبت فما أدناني الغضب
نالت منابر وادي النيل حصتها
- منّي ومن قبل نالَ اللهو والطرب
وملعب كمعاني الحلم لو صدقت
- وكالأماني لولا أنّها كذب
تدفق الدهر باللذات فيه فلا
- عنها انصراف ولا من دونها حجب
وجاملت عصبة يحيا الوفاء بهم
- فهم جمال الليالي أو هم الشهب
يتحدث شوقي في هذا المقطع عن حال مصر في وقت من الأوقات، فيقول إنّ بعض الناس قد حاولوا ثنيه عن شعره الحر الذي يحاول الارتقاء بالناس والشعوب، فيرى أنّ نفسه لا ترضى بذلك وأنّ شعره الحر لن يتوقف وقد شهدت عليه منابر مصر كلها.
تحليل القسم الثالث من ال قصيدة
أبا الحيارى ألا رأي فيعصمهم
- فليس إلّا إلى آرائك الهرب
لن يعرف اليأس قوم حصنهمو
- وأنت رايتهم والفيلق اللجب
عوّدتهم أن يبينوا في خلائقهم
- فأنت عانٍ عوّدتهم تعِب
والصدق أرفع ما اهتز الرجال له
- وخير ما عوّد ابناً في الحياة أب
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
- فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
موضوع هذا المقطع هو حديث شوقي عن الأخلاق الحميدة والآراء الصائبة التي يرى أنّه لا بدّ من الالتفاف حولها، ويرى أنّ اليأس لا يدخل قلوب الناس المؤمنة بشيء، ويختم المقطع ببيته الشهير بأنّ الأخلاق هي عنوان الحضارات، وإنّ الذين تندثر أخلاقهم فسيموت معهم إرثهم الحضاري مهما كان.
التحليل الفني للقصيدة
لقد استعمل شوقي بعضًا من الصور الفنية في القصيدة، ومن أبرزها ما يأتي:
- استدركتني شيمتي
شبه الشيمة بالإنسان الذي يستدرك غيره، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- تنكرني اللذات
شبه اللذات بالإنسان الذي يُنكِرُ من يعرفه، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- حيث تجعلها الأحداث
شبه الأحداث بالإنسان الذي يجعل الأمور حيث يشاء، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- نالت منابر وادي النيل حصتها
شبّه المنابر بالإنسان الذي ينال حصة من شيء ما، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- نالَ اللهو
شبه اللهو بالإنسان الذي ينال ما يشاء، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- لن يعرف اليأس قوم
شبه اليأس بالإنسان الذي له القدرة على معرفة الأمور، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
- ذهبت أخلاقهم
شبه الأخلاق بالإنسان الذي يذهب، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية.
التحليل الإيقاعي للقصيدة
بنى الشاعر قصيدته على البحر البسيط، وهو من البحور الطويلة التي يستعملها الشعراء ذوو النفَس الطويل؛ فمعروف عن شوقي غزارته في الإنتاج الشعري ونفسه الطويل في القصائد، فهذه القصيدة أراد شوقي أن يقول فيها الكثير، ولذلك جاء بها على بحر من أربع تفعيلات من البحور الطويلة التي ركبها فحول الشعراء قبلًا.
جاء روي هذه القصيدة حرف الباء؛ وذلك لسبب خارجي وهو محاولته معارضة قصيدة للشريف الرضي، وسبب داخلي هو فحوى القصيدة الذي يتطلّب حرفًا انفجاريًّا كالباء ليجهر بما يريده بملء فيه ويقول موضوع قصيدته الخطير نوعًا ما في ذلك الوقت.