تحليل رواية قنديل أم هاشم
تحليل رواية قنديل أم هاشم
رواية قنديل أم هاشم، هي إحدى الروايات العربية التي كتبها الروائي يحيى حقي، وتضم في مضمونها 153 صفحة، وتحكي هذه الرواية عدد من القصص القصيرة، التي تتحدث عن الحياة الشعبية في شوارع مصر وأحيائها القديمة، وتحدثت الرواية أيضًا عن الانفعالات التي تصدر عن شخصيات الرواية، وبينت مشاعرهم، ومعتقداتهم، وأحلامهم.
استطاع يحيى حقي تجسيد الأفكار والمشاعر، من خلال شخصية بطل الرواية إسماعيل، وهو دكتور مصري، درس طب العيون في إنجلترا ، وعاد إلى بلده بعد انتهائه من الدراسة، وفي هذا المقطع الروائي فكر يحيى حقي بالسيناريو الذي يجب أن يُكتب طويلًا وطويلًا، وتحليل الرواية فيما يأتي:
تحليل موقف الطبيب إسماعيل عندما وصل مصر بعد غياب
رغب الطبيب إسماعيل في مساعدة الآخرين وعلاج الأمراض المتعلقة بالعيون، فهو طبيب مختص بطب العيون، ليكون بذلك شخصية خدومة تحب تقديم العون للآخرين، ولكن أفكاره العصرية والمتطورة تتعارض مع تلك التي يؤمن بها المصريين، فهو يكره الجهل والتخلف، ولا يؤمن بالخرافات والترهّات.
فكر إسماعيل الجديد الذي اكتسبه من دراسته في أوروبا، وتعرفه على حضارات جديدة، وقف عائقًا أمام تقبل أهل ومجتمعه له، فعندما حاول معالجة ابنة عمه المصابة بالرمد ، اكتشف أن علاجها بزيت القنديل المقدس زاد الأمر سوءًا، وتسبب في تلف جفنيها، ومقلتيها، فحاول إيصال فكرته للناس بأن هذا الزيت لا يشفي العيون ولا يعتبر مقدس، وأن كل هذه خرافات.
تحليل ردة فعل إسماعيل على العادات والتقاليد
ما الذي فعله إسماعيل لإثبات ذلك، هو تكسير السراج المقدس الموجود في السيدة زينب ، مما زاد الأمر سوءًا، وأدى إلى حدوث ضجة كبيرة في المجتمع، وقرارهم بمقاطعه، ومقاطعة عيادته، واعتباره منبوذًا، ومنكرًا للإيمانيات التي تربى عليها، وبذلك انقلب كل شيء رأسًا على عقب، وذهبت كل جهوده سدًا، ولم يستطع تغيير معتقدات الناس المتأصلة في نفوسهم.
وفكر بعد ذلك في طريقة تجعل الناس يغيروا فكرتهم عن، ويتقبلوه من جديد، فقرر فتح العيادة مرة أخرة، وجلب زيت القنديل المقدس، ووضع في العيادة، ليظن الناس بأنه يستخدمه في العلاج، وحتى يقنعوا بأن إيمانيات إسماعيل لم تتغير بسبب سفره إلى بلاد الغرب، وحاول بعد ذلك أن يوازن بين الطب والعلم وبين العادات والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع الشرقي.
تحليل استخدام الناس للقنديل والإيمان به
يرمز القنديل إلى الولاية، فلا يمكن أن يفرّق القنديل الناس بحب الطبقة التي ينتمون إليها، أو بحسب درجة الإيمان الموجودة في قلوبهم، فالقنديل يعطي نوره وزيته لجميع الناس بنفس القدر، وينظر إلى الناس بعين التساوي، وفي القنديل إشارة إلى قدرة الله المطلقة على التحكم في النفس البشرية .
تحليل لقاء الحضارات في مصر
تشير الرواية إلى لقاء الحضارية الشرقية مع الغربية، من خلال إسماعيل الذي ذهب للغرب وأثر بثقافتهم، وعاد إلى مصر ليواجه الثقافة الشرقية، ويعيد النظر إلى جميع القيم المجتمعية والمبادئ الثابتة التي يؤمنون بها، وقد تشكل لدى إسماعيل صراع حقيقي بكل ما كان يملك من إيمانيات.
تحليل صراع الأفكار في شخصية البطل إسماعيل
توضح الرواية فكرة الصراع الذي يعيشه كل عربي يذهب إلى بلاد الغرب لغاية، وبعدها يعود لوكنه، بعد أن يكون قد تشبع بكل مبادئ الغرب وأفكارهم، فالصراع الأساسي في الرواية، تمثل بصراع إسماعيل مع القنديل، وهو الصراع بين العلم والإيمان بالمعتقدات الدينية، ففي القنديل رمز للشرق ومعتقدات الشرقيين، أما إسماعيل فهو يكذب كل ما جاء عن القنديل وزيته المبارك.
التوفيق بين العلم والإيمان
يبدأ إسماعيل بمحاسب نفسه، ويقرر أنه لا بد أن يغير سلوكه تجاه أهله وجيرانه، وأدرك أن الموقف الذي فعله عندما حطم القنديل هو تصرف متهور وخاطئ، وأدرك أن العلم يجب أن يأتي ليدعم الإيمان، ويسنده، لا لأن يلغيه، وأدرك ضرورة احترام عقليات من حوله، وتقديم المعلومات الطبية لهم بطريقة ملائمة لعقولهم، وليس بالعنف والقسوة.
نستنتج من قصة الطبيب إسماعيل ضرورة احترام الآخر، وعدم مهاجمة مبادئه ومعتقاده، لأنه هذا هو كل ما يملك، فالعادات والتقاليد والإيمانيات لدى الشعوب الشرقية، وخاصة لدى كبار السن، مبادئ راسخة تربوا عليها منذ صغرهم، ولا يمكنهم تقبل أي شخص يكذبها ويهاجمها بأسلوب همجي، فلا بد من توظيف العلم بشكل عقلاني لحل مشاكل الناس.