تحليل الأجسام المضادة للغدة الدرقية
تحليل الأجسام المضادة للغدة الدرقية
يُمكن بيان أنواع الأجسام المضادة للغدة الدرقية عند إجراء التحليل على النحو الآتي:
أجسام مضادة للبيروكسيداز الدرقي
يُقصد بالأجسام المضادة للبيروكسيداز الدرقي (بالإنجليزية: Thyroid Peroxidase Antibodies) بأنّها الأجسام المضادة التي تُهاجم عن طريق الخطأ أحد إنزيمات الغدة الدرقية المعروف بالبيروكسيداز الدرقي (بالإنجليزية: Thyroid peroxidase) واختصاراً TPO، حيث تستعين الغدة الدرقية بهذا الإنزيم لإتمام عملية تصنيع الهرمونين الدرقيين؛ الأول هو ثلاثي يود الثيرونين (بالإنجليزية: Triiodothyronine) واختصاراً T3، والثاني هرمون الثيروكسين (بالإنجليزية: Thyroxine) واختصاراً T4.
الأجسام المضادة لثايروغلوبيولين
قد تُهاجم الأجسام المُضادة البروتين السُّكري الذي تُنتجه الغدة الدرقية بشكلٍ رئيسي والمعروف بالغلوبولين الدَرَقِيّ أو الثايروغلوبيولين (بالإنجليزية: Thyroglobulin) واختصاراً Tg؛ حيث يلعب هذا البروتين دوراً مهماً في تصنيع هرمونات الغدة الدرقية وتخزين الأشكال غير النشطة منها، وتخزين اليود كذلك، ويُشير ارتفاع مستويات الأجسام المُضادة لثايروغلوبيولين في الدم إلى أحد اضطرابات الغدة الدرقية، ولا سيما: مرض هاشيموتو، أو داء غريفز، أو تضخم الغدة الدرقية المتعدد (بالإنجليزية: Sporadic multinodular goiter)، أو العقيدات الدرقية المنفردة (بالإنجليزية: Isolated thyroid nodule)، أو سرطان الغدة الدرقية، ولكنها قد تُشير أيضاً إلى حالاتٍ ومشاكل صحيّةٍ أُخرى لا علاقة لها بالغدة الدرقية مثل مرض السّكري من النوع الأول والحمل.
مستقبلات الهرمون المنشط للغدة الدرقية
تنتج الغدة النخامية (بالإنجليزية: Pituitary gland) الموجودة في الجزء السفلي من الدماغ الهرمون المنشط للغدة الدرقية (بالإنجليزية: Thyroid stimulating hormon) وذلك استجابة للإشارات التي تصلها من منطقة تحت المهاد (بالإنجليزية: Hypothalamus) الموجودة في الدماغ أيضاً، حيث يتمثل دور الهرمون المنشط للغدة الدرقية بتعزيز نمو الغدة الدرقية وتحفيزها لإنتاج المزيد من هرموناتها عند الحاجة لذلك، وهنا ينبغي التوضيح أن علاقة هرمونات الغدة الدرقية والهرمون المنشط للغدة الدرقية علاقةٌ عكسية، بمعنى آخر تؤدي زيادة هرمونات الغدة الدرقية في الدم إلى تثبيط إفراز الهرمون المنشط للغدة الدرقية، بينما يؤدي نقص هرمونات الغدة الدرقية في الدم إلى تحفيز إنتاج الهرمون المنشط للغدة الدرقية، ولكن قد تُهاجم الأجسام المضادة المستقبلات التي يرتبط فيها الهرمون المنشط للدرقية، وقد وجد أن ارتفاع مستويات هذه الأجسام المضادة برتبط ببعض الحالات المرضية كمرض غريفز ومرض هاشيموتو.
دواعي تحليل الأجسام المضادة للغدة الدرقية
يلجأ الطبيب إلى إجراء فحوصات الدّم الخاصة بالكشف عن الأجسام المضادة للغدة الدرقية في حال اضطراب مستويات الهرمون المنشط للدرقية وهرمون الثيروكسين في الدّم، أو في حال ظهور أعراض وعلامات فرط نشاط الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Hyperthyroidism) أو قصورها (بالإنجليزية: Hypothyroidism)، أو تضخم الغدة الدرقية (بالإنجليزية: Goiter)، وفي سياق الحديث عن قصور الغدة الدرقية فإنّ من أبرز أعراضه زيادة الوزن، والشعور بالإعياء أو التعب الشديد، وجفاف الجلد، وتساقط الشعر، وعدم تحمّل البرد، والإمساك، في المقابل يُمكن أن يسبّب فرط نشاط الغدة الدرقية أعراضاً عديدة مثل التّعرق، وتسارع ضربات القلب، والقلق، والرعاش، والشعور بالإعياء أو التعب الشديد، وصعوبة النوم، وفقدان الوزن بشكلٍ مفاجئ، وبروز أو جحوظ العينين.
التحضير لتحليل الأجسام المضادة للدرقية
بشكلٍ عام، لا يحتاج الفرد الذي سيخضع لفحوصات الكشف عن الأجسام المضادة للغدة إلى إجراءاتٍ تحضيرية سابقة للفحص، ولكن عليه الامتناع عن تناول الفيتامينات أو المكملات الغذائية التي تحتوي على البيوتين (بالإنجليزية: Biotin) المعروف بفيتامين ب7 والموجود تحديداً في المكملات الغذائية الخاصة بالشعر، والجلد، والأظافر، قبل 12 ساعة من الخضوع لفحص الدم؛ نظراً لتأثير البيوتين في دقة الفحص، فإمّا أنّ يعطي قراءاتٍ مرتفعة خاطئة أو قراءاتٍ منخفضة خاطئة للفحص، الأمر الذي قد يؤدي في النهاية إلى تشخيص الحالة وعلاجها بشكلٍ خاطئٍ، ولتجنّب حدوث أي خطأ في نتائج تحليل الأجسام المضادة للغدة الدرقية يجدر إخبار الطبيب عن جميع الأدوية، والأعشاب، والفيتامينات، والمكملات المُستخدمة، كذلك يجدر بالمرأة التي تنوي إجراء هذه الفحوصات إخبار الطبيب عن احتمالية حملها حتى لو لم يكن الحمل مؤكداً بعد؛ لأن الحمل أيضاً يؤثر في نتيجة الاختبار، وعدا ذلك فإنّ الفرد لا يحتاج إلى أيّ تحضيراتٍ إضافيةٍ قُبيل الفحص.
كيفية إجراء تحليل الأجسام المضادة للدرقية
يُمكن إجراء التحاليل للكشف عن الأجسام المضادة للغدة الدرقية من خلال سحب عينةٍ دمٍ من وريد الشخص المعنيّ وفحصها مخبرياً، وعادةً لا يتسبّب هذا الإجراء بأيً أعراضٍ جانبيةٍ مقلقة، وتتضمن الخطوات الخاصة بسحب عينة الدّم ما يأتي:
- الجلوس على كرسي مريح أو الاستلقاء على سرير في العيادة أو المختبر.
- الكشف عن الجزء العلوي من الذراع الذي ستُؤخذ منه العينة.
- ربط حزامٍ من المطاط بإحكامٍ حول الجزء العلوي من الذراع لجعل الأوردة تمتلئ بالدم.
- إدخال الإبرة في الوريد المناسب.
- جمع الدّم في أنابيب الاختبار الخاصة من أجل إرسالها إلى المختبر لتحليلها.
- سحب الإبرة والضغط على مكان الثقب حتى يتوقف النزيف.
- وضع ضمادةٍ صغيرةٍ على الجرح، ويجدر القول إن المريض يستطيع العودة إلى ممارسة أنشطته اليومية بشكل اعتيادي على الفور بعد سحب الدم.
تفسير نتائج التحليل
في البداية نؤكد على أنّ القيم الطبيعية للأجسام المضادة للدرقية يمكن أن تختلف باختلاف المختبر الذي أُجريت فيه الفحوصات، لهذا السبب ترافق نتيجة المختبر عادةً قيم توضح الحد الطبيعي لها، ومن الجدير بالذكر أنّ تقييم الطبيب لوضع الحالة لا يقتصر فقط على معرفة القيمة الرقمية للفحص، وإنما يعتمد أيضاً على الوضع الصحي للشخص المعنيّ وعلى عدة عوامل أُخرى، وبشكلٍ عام يُمكن بيان القيم الطبيعية الإرشادية للأجسام المضادة للغدة الدرقية على النحو الآتي:
- الأجسام المضادة للبيروكسيداز الدرقي: أقل من 35 وحدة دولية / مل
- الأجسام المضادة للثايروغلوبيولين: أقل من 20 وحدة دولية / مل
- الأجسام المضادة لمستقبلات الهرمون المنشط للدرقية: 1.75 وحدة دولية/ مل أو أقل.
ينبغي التأكيد على أنّ نتائج فحوصات الكشف عن الأجسام المضادة للدرقية قد تختلف بناءً على عمر، وجنس، والصحة العامة للفرد، والطريقة المستخدمة لإجراء الفحص وغيرها، لكن إجمالاً تُشير النتائج السلبية إلى عدم وجود أجسام مضادة ضد البيروكسيداز الدرقي أو الثايروغلوبيولين، أو الهرمون المنشط للدرقية، وهذا قد يعني عدم وجود مشكلةٍ في الغدة الدرقية، أما إذا أظهرت نتائج الاختبار وجود أجسام مضادة للبيروكسيداز الدرقي أو للثايروغلوبيولين، فقد يُشير ذلك إلى إصابة الفرد بالتهاب الغدة الدرقية لهاشيموتو، بينما قد يُشير وجود الأجسام المضادة لمستقبلات الهرمون المنشط للدرقية إلى الإصابة بمرض غريفز، وينبغي القول إنّه من المحتمل بشكلٍ كبير أن تكون نتائج فحوصات الكشف عن الأجسام المضادة للدرقية إيجابيةً لدى الحوامل أو الأشخاص الذين يعانون من مرض السكري من النوع الأول أو بعض أمراض المناعة الذاتية الأُخرى، وعلى الصعيد الآخر تنبغي الإشارة إلى أنّ بعض الأشخاص الذين يتمتعون بصحةٍ جيدة قد يكون لديهم واحد أو أكثر من الأجسام المضادة للغدة الدرقية دون وجود مشاكل في الغدة الدرقية أو مشاكل أخرى، وتزداد هذه الفرصة لدى النساء ومع التقدّم بالسن، وفي مثل هذه الحالات قد يُوصي الطبيب بمتابعة المريض بشكلٍ دوري للكشف عن تطور مشاكل الغدة الدرقية في المستقبل، وعلى الرغم من أنّ المعظم لا يُصاب بأيّ اضطراباتٍ في الغدة الدرقية مستقبلاً إلاّ أنّها قد تتطور مستقبلاً لدى البعض، وعليه يمكن القول إنّ وجود الأجسام المضادة للغدة الدرقية ليس له علاج مباشر؛ إذ لا يُسبب ضررًا حقيقيًا مباشرًا، وقد تنخفض مستوياته مع الزقت أو تبقى على حالها.
فحوصات أخرى
ينبغي التأكيد على أنّ اختبارات الأجسام المضادة للغدة الدرقية ليست الاختبارات الوحيدة المُستخدمة لتقييم الغدة الدرقية، فقد تكون المستويات المرتفعة أو المنخفضة من هرمونات الغدة الدرقية دليلاً على وجود مشاكل في الغدة الدرقية؛ فقد يلجأ الطبيب لطلب إجراء اختبارات الكشف عن وجود الأجسام المضادة بعد إجراء اختبارات قياس مستويات هرمونات الدرقية لمعرفة سبب ارتفاع أو انخفاض هذه الهرمونات، ومن بين هذه الاختبارات الأخرى المستخدمة لتقييم وظيفة الغدة الدرقية: فحص الدم لقياس مستوى الهرمون المنشط للغدة الدرقية، وفحص الدم لقياس مستويات الهرمونين الدرقيين الثيروكسين وثلاثي يود الثيرونين، واختبار امتصاص اليود المشع ، ومسح الغدة الدرقية.