تاريخ اللغة التركية
تاريخ اللغة التركية
اللغة التركية هي لغة قديمة جدًا تعود جذورها إلى 5500 إلى 8500 عام مضت، وتتميز بأن لها بنية صوتية وصرفية ونحوية مع حصيلة مفردات غنية جدًا، وتنتمي اللغة التركية إلى فرع اللغات الألتائية من عائلة اللغات الأورال ألتائية (بالإنجليزية: Ural-Altaic)، ويتحدث بها العديد من الأشخاص في مساحة جغرافية واسعة في كل من أوروبا وآسيا.
مراحل تطور اللغة التركية
هناك العديد من النظريات التي تذكر تطور اللغة التركية، إلا أن أكثر النظريات انتشارًا هي النظرية القائلة بأن اللغة التركية تطورت في منغوليا وجنوب سيبيريا، منذ 2500 إلى 3000 عام مضت، ويمكننا أن نقسم تاريخ اللغة التركية إلى 3 مجموعات رئيسية؛ هم:
اللغة التركية القديمة
اللغة التركية القديمة أو كما يطلق عليها العثمانية القديمة، هي اللغة التي ظهرت من القرن السابع إلى القرن الثالث عشر، وكانت أبجديتها تشبه الحروف الرونية الجرمانية، وعلى الرغم من ذلك فإنه لا توجد أي صلة بين الخطين، وكانت التركية التي يتم التحدث بها في منغوليا في هذا الوقت تشبه قليلًا التركية الحديثة، ويقال -حسب النقوش التي عثر عليها آنذاك- إن الأتراك احتجزوا في فترة من الفترات كعبيد عند الصينيين، ثم انتهت هذه الفترة وأصبح هناك علاقات دبلوماسية وتبادل ثقافي بين الشعبين، وهذا يدل على وجود علاقة وثيقة بين الأتراك والصينيين، الأمر الذي يفسر سبب وجود بعض الكلمات الصينية في اللغة التركية.
وخلال القرن الحادي عشر -بعد اعتناق الأتراك للإسلام- تأثرت اللغة التركة بالعربية بسبب العلاقة الجديدة مع العرب المسلمين، وكانت التركية في هذا الوقت تكتب بالخط العربي ، لكن يجب العلم أنه على الرغم من ذلك لا ترتبط التركية بأي صورة من الصور باللغة العربية، ومع ظهور الإمبراطورية السلجوقية تأثر الأتراك بالثقافة الفارسية، وأصبحت اللغة الفارسية هي لغة الحكومة الرسمية، وهذا كان له أثر كبير على تطور اللغة التركية كذلك.
اللغة التركية الوسطى
من القرن الثالث عشر إلى القرن العشرين، تطورت اللغة التركية إلى ما يسمى بالتركية الوسطى، أو التركية العثمانية، نظرًا لأنها كانت خلال فترة حكم الإمبراطورية العثمانية، وقد كانت التركية في هذا الوقت خليطاً من ثلاث لغات مختلفة؛ وهم: التركية، العربية والفارسية، واستمرت على هذا المنوال لستة قرون، وبالتالي كان تطورها مقيداً إلى حد كبير.
وعلى الرغم من أن التركية العثمانية كانت في الأساس ذات بنية تركية، إلا أنها كانت غارقة في المفردات العربية والفارسية، وكانت تكتب بحروف عربية، ومن الجدير بالذكر أن الإمبراطورية العثمانية توسعت من بحر قزوين شرقًا حتى الجزائر غربًا، لذا كانت اللغة التركية العثمانية هي اللغة الرسمية للإمبراطورية، لكن على الرغم من ذلك كان يتم التحدث بالعديد من اللغات المحلية، مثل: اللغة البلغارية، اللغة الألبانية ، الكردية البربرية، العربية، اليونانية، الإيطالية وغيرهم، إذ كان يتحدث باللغات المحلية عامة الشعب، بينما النخبة لم يتحدثوا إلا التركية العثمانية.
اللغة التركية الحديثة
من القرن العشرين فما فوق دخلت اللغة التركية في تطور جديد بدأه كمال أتاتورك، فبعد خمس سنوات من إعلان الجمهورية التركية، تحديدًا في 1928م، استبدلت الأبجدية العربية التي كانت تكتب اللغة التركية بها بالأبجدية اللاتينية، وتخلصت اللغة التركية من الكلمات الأجنبية التي كانت تضمها في قاموسها بشكل أسرع، فحتى القرن الخامس عشر كانت التركية تكتب بالأبجدية الأويغورية، وبعد القرن الخامس عشر كانت تكتب بالأبجدية العربية، حتى ما عرف بعصر الإصلاح، الذي جعل أبجدية الكتابة لاتينية، وتطورت اللغة التركية منذ هذا الوقت بشكل ملحوظ، لا سيما مع إنشاء معهد اللغة التركية في عام 1932م.
الهدف من تأسيس معهد اللغة التركية
سعى معهد اللغة التركية إلى إجراء بحوث لغوية بهدف المساهمة في تطوير اللغة التركية، التي أصبحت الآن لغة أدبية وثقافية تتطور بشكل طبيعي، خالية من التأثيرات الأجنبية التي كانت تعاني منها سابقًا، وإذا نظرنا إلى الأمر بشمولية، سنجد أن النص اللاتيني أكثر ملاءمة للغة التركية من النص العربي، كونه سمح بتمثيل نظام الحروف التركية المتحركة بصورة أفضل، وعلى هذا استبدلت الكلمات التي كانت من أصل فارسي وعربي وغيرها، بما يكافئها في اللغة التركية بصورة تدريجية.
وقد كانت بعض هذه الكلمات جديدة تمامًا تم إنشاؤها من الأساس، بينما البعض الآخر كان موجوداً بالفعل في اللغة التركية الشعبية لكنها لم تكن مستخدمة لقرون، كما ساعد المعهد في تغيير هياكل القواعد العربية والفارسية التي كانت تعتمد عليهما اللغة التركية، بحيث أصبحت تعتمد اليوم على التركيبات والهياكل اللغوية التركية، وقد ساعدت هذه الإصلاحات اللغوية في تركيا جنبًا إلى جنب مع الإصلاحات التعليمية في تحسين محو الأمية بشكل كبير، حيث أصبحت معدلات معرفة القراءة والكتابة في تركيا اليوم أكثر من 96%.