بماذا عذب الله قوم صالح
عذاب قوم صالح
لقد عذّب وأهلك الله جلّ وعلا قومَ النبي صالح عليه السلام بالصّيحة والرّجفة حتى أصبحوا جاثمين، حيث قال تعالى في عذابهم: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ)، وأشار عزّ وجلّ في موضع آخر بقوله: (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ)، فقد أرسل الله لثمود نبياً منهم هو صالح بن عبد بن ماسح بن عبيد بن حاجر بن ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح عليه السلام، حيث دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة الأصنام فآمن قليلهم، وكذّب بنبيّ الله كثيرهم، وقتلوا النّاقة التي جعلها الله معجزةً لصالح وحجةً عليهم، فأصابهم عذاب الله وهلاكه: (وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ ۖ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ۖ فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ ۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).
ناقة صالح عليه السلام
ألحّ نبيّ الله صالح في دعوته لقومه ثمود بأن يتركوا عبادة الأصنام، والتوحيد لله عز وجل في ألوهيته، وحذّرهم من عذابه تعالى، فطلبوا منه معجزةً تكون حجةً له حتى يتّبعوه، وأخذ منهم العهود والمواثيق، فخرجوا في عيدهم ومعهم صالح معتزلاً لهم يُصلّي، ويتعبّد اللهَ، فطلبوا منه أن يُخرج لهم من الصّخرة ناقةً على أن يتّبعوه، وإن لم يستطِع فهو من الكاذبين، وقد كانوا مُستهزئين بصالح، فلم يظنّوا أنّه قادر على فعل ذلك بقدرة الله، فتوجّه عليه الصلاة والسلام إلى الله عزّ وجلّ مُتضرّعاً وداعياً فإذا بالصّخرة تتصدّع، وتتمخّض كأنّها تُنجب، فخرجت منها ناقة عظيمة أقبلت عليهم حتى ظنّوا أنّها ستهلكهم، فلمّا شاهد ذلك رئيسهم جندع بن عمرو سجد ومعه الكثير، فإنّ خالق الكون لن يقبل أن يردّ نبيه، ويحقرّه أمام القوم الكافرين وهو القادر على كل شيء، بَيد أنّهم أعموا قلوبهم وبصائرهم، وكفروا بالله ونبيه إلّا القليل، فبقيت النّاقة في مراعي ثمود، وقد نبّههم النبي صالح بعدم إيذائها، وإلّا فإنّ الله سيهلكهم، حتى جاء رجل شقيّ يُدعى قدار بن سالف بن مليف بن جندع، وتبعه رهط من تسعة أشخاص، فقتلوا الناقة بعد أن حرّضتهم امرأة ذاتُ مال وجمال على ذلك، فجاءهم وعد الله الحقّ بالعذاب والهلاك، وأنجى نبيه صالح ومن معه من المؤمنين.
قبيلة ثمود وموقعهم
قبيلة ثمود هي قبيلة معروفة ويعود نسبها إلى ثمود أخي جديس أبناء عابر بن إرم بن سام بن نوح ، وهم من العرب العاربة، كان موقع سكنهم في الحجر بين الحجاز وتبوك، وقد كَثُر في كتاب الله عزّ وجلّ ذكر قوم ثمود وعاد مقترنين مع بعضهما كما في سور التوبة، وإبراهيم، والفرقان، وسور ق، والنجم، والفجر، ولا يُعرف عن خبرهما إلّا ما ورد في القرآن الكريم، وفيه تِبيان أنهم جاءوا بعد قوم عاد، ولم يعتبروا بهم قال تعالى: (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا ۖ فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)، وقد اشتهر قوم ثمود بالنّحت في الصخر، فبنوا البيوت في قلب الصخور، وبذلك جاءت الناقة من الصخر معجزة النبي صالح عليه السلام في أكثر ما يُتقنون؛ لتكون حجةً عليهم، لكنّهم أفسدوا وكذبوا بما جاءهم، فنزل بهم عذاب الله وهلاكه.