بلاغة الصور البيانية و المحسنات البديعية
الصور البيانية وبلاغتها
تاليًا أقسام علم البيان وتوضيح لموضع بلاغتها.
بلاغة التشبيه
تكمن بلاغة التشبيه في إيجازه وإيضاح المعنى وضوحًا تامًا، فالمخاطب عندما يسمع جملة "القلب قاسٍ"، لن تُحدِث في نفسه الأثر الذي تحدثه جملة "قلبُه كالفولاذ"، هنا يتبادر إلى ذهنه صورة الفولاذ وقساوته، ويتصوّر صورة القلب بأقسى الصور التي يمكن تخيلها، واعتملَ هذا الأثر في نفسه بسبب التشبيه، حيث وصلت الصورة إليه بوضوحٍ تامٍّ مع إيجازٍ في التعبير وبلاغةٍ في القول.
بلاغة الاستعارة
الاستعارة تشبيهٌ حذف أحد طرفيه، ويُحدث في النفس ما يُحدثه التّشبيه، إلّا أنّها أبعد غورًا، فالاستعارة تثير الذهن لاستكناه التشبيه الموجود فتجعل المخاطب يبحث عن هذا التشبيه ما يشوقه لمعرفة المعنى والتركيز عليه، كما أنه فنٌ قادر على تمثيل المعنويات بالماديات، فلو سمعتَ "قد جرح مشاعره"، لَبحثت لِتجد تشبيه المشاعر بالشيء المادي الذي يجرح، ولجاء في بالك أنّ المشاعر قد جرحت وتألمت حتى سالت دماؤها.
بلاغة الكناية
الكناية ذكرُ كلامٍ وإرادةُ غيرِهِ، كقولك "هو كثير الرماد" بمعنى أنّه كثير الكرم، وبلاغة الكناية تكون في إثارة العقل الذي يسعى لإيجاد المعنى المراد ما يجعل النفس تتشوق لمعرفة هذا المعنى، ويضاف إلى ذلك أن الكناية تُكَوّن صورًا في الذهن حتى الوصول إلى المعنى المراد، ففي المثال السابق الصور هي: كثرة الرماد ما يعني كثرة الطبخ ما يعني كثرة الإطعام ما يعني كثرة الكرم، ولا يخفى ما فيها من إيجاز وما تؤديه من المعنى التام.
المحسنات البديعية وبلاغتها
المحسنات البديعية تقسم إلى قسمين: محسنات معنوية تعنى بالمعاني ومنها التورية وحسن التعليل والطباق، ومحسنات لفظية تعنى بالألفاظ ومنها السجع والجناس .
بلاغة التورية
التورية ذكر كلمةٍ لها معنيان: قريب غير مراد وبعيد مراد، كقول الشاعر "ولا بَرِحَتْ مصرُ أحقَّ بيوسف ** من الشامِ لكن الحظوظ تُقسم"، فالمعنى القريب إلى الذهن هو يوسف -عليه السلام- ولكن الشاعر قصد هنا صلاح الدين الأيوبي، وتكمن بلاغة التورية في كونها تبلغ معنى المتكلم لمن يريد ويخفيه عمّن أراد، كما أنها تدعو المخاطب لإعمال عقله حتى يكتشف المعنى المراد.
بلاغة حسن التعليل
تعليل أمرٍ بشيءٍ لا يكون سببه الحقيقي، كقولك "إذا رأيت الندى على الزهر مات فلان فبكى الورد"، والورد لا يبكي لكنك جعلت الندى عليه كأنها بكاءٌ على الميت والسبب الحقيقي للندى معروف،
وتكمن بلاغة حسن التعليل في كونه يبين اقتدار الكاتب على إيجاد المعاني المختلفة، كما أنه يزيد في بلاغة التعبير ففي المثال السابق كأن الكاتب يقول إن جميع المخلوقات حزنت على موت فلان حتى بدأت تبكي.
بلاغة الطباق
الطباق كلمتان متضادتان في المعنى كقولك: يومك أبيض ويومه أسود، فالطباق في كلمتي أبيض وأسود، وتكمن بلاغة الطباق في جمع الأضداد في كلامٍ واحدٍ، علاوةً على ذلك فجمع الأضداد يبين شدة التّباين، ويوضّح المعنى المقصود؛ ففي المثال السابق يَعقِد المستمع مفارقةً بين أمرين يكون الأولى في الأعلى والثاني في الأدنى.
بلاغة المقابلة
المقابلة جملتان إحداهما ضد الأخرى، ويمكن القول إن الطباق على مستوى الكلمات والمقابلة على مستوى الجمل، ومن أمثلة المقابلة قوله تعالى: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}، فالمقابلة كانت في (أعطى، بخل) (اتقى، استغنى) (صدق، كذب) (اليسرى، العسرى). وبلاغة المقابلة كبلاغة الطباق، ولكنها أقوى وأكثر تأثيرًا في النفس.
بلاغة السجع
السجع توافق الفواصل (الكلمات) الأخيرة في الجملة من حيث اللفظ كقولك: السماء صافية، والأبدان في عافية، والنسمات لها شافية، وبلاغة السجع تكمن في إثارة طرب السامع وانسجامه مع النص وتركيزه فيه، وتشوّقه لإتمام المتكلم لكلامه دون توقف حتى يستمرّ في سماع رنّات الألفاظ.
بلاغة الجناس
الجِناس هو وجود كلمتين متوافقتين في المعنى مختلفتان في اللفظ، كقولك: بعض الكَلام يسبب في القلوب كِلام. فكَلام تعني الحديث وكِلام تعني الجروح. وبلاغة الجناس تكمن في شد انتباه المستمع للكلمتين المتجانستين وتركيزه عليهما.