أحكام الإفطار في رمضان بسبب المرض وكفارته
أحكام الإفطار في رمضان بسبب المرض وكفارته
الحالات التي يسمح فيها بالإفطار في رمضان وحكم الشرع فيها
يختلف الحكم في أمر الإفطار في شهر رمضان المبارك بسبب المرض باختلاف المرض الذي يصاب به الشخص، وباختلاف الوضع الصحي للمريض، وفيما يأتي توضيح للحالات المرضية وما يترتب عليها في الحكم الشرعي لها:
- إذا كان المرض مستعصيًا ولا يمكن الشفاء منه
في هذه الحالة مثل أن يكون الشخص مصابًا بمرض عضال يمنع صاحبه من الصيام أو يستلزم تناول الدواء أو المسكن أثناء فترة النهار، أو أن يكون الشخص من كبار السن وضعيف الجسد الذي لا يقوى على تحمل مشاق الصيام فإن الإفطار في هذه الحالات مباح ويستوجب الكفارة الشرعية المقررة بدل الصيام.
- إذا كان المرض عرضيًا ويمكن الشفاء منه
في هذه الحالة يتوجب على الشخص الذي منعه المرض من الصيام في رمضان أن يقوم بقضاء الأيام التي أفطرها في شهر رمضان المبارك بعد انقضاء الشهر وفي الوقت الذي يختاره، ويباح له أن يقضي هذه الأيام بشكل متتابع أو متفرقة، ولا حرج في ذلك، والدليل على ذلك قول الله -تعالى-: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
ما هي الكفارة الشرعية للإفطار بسبب المرض في رمضان
يتوجب على الشخص المصاب بمرض عضال ولا يمكن له أن يبرأ منه أو يشفى أن يقوم بإخراج الكفارة عن الأيام التي يفطرها في شهر رمضان المبارك، وهي عبارة عن إطعام مسكين عن كل يوم من الأيام التي أفطرها، وتقدر هذه الكفارة بحوالي 600 غرام من القمح أو الأرز.
بحيث يتوجب على الشخص المريض أن يقوم بتقدير سعر هذه الفئة أو الكفارة في منطقته أو بلده، ومن ثم يقوم بإخراجها إلى أحد الفقراء الذين يعرفهم، وفي مبدأ الكفارة في التشريع الإسلامي تخفيف على الناس في عباداتهم وتطهير لهم من ذنوبهم وإزاحة للإثم عنهم.
لذا فإنه من الواجب على من مرض ولم يستطع الصوم لا في رمضان ولا ما بعد رمضان، أن يقوم بإخراج هذه الكفارة الواجبة عليه، ولكن يتوجب على من يستطيع الصيام أن يقوم بقضاء الأيام التي فاتته في الشهر الكريم فلا تسد الكفارة عن الأيام التي أفطرها، ويقول الله في كتابه الكريم: (وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
لماذا شرّع الإسلام الإفطار في رمضان للمريض
لا يتيح الإسلام لجميع المرضى رخصة الإفطار في شهر رمضان المبارك وذلك لحرمة هذا الشهر وأهميته عند الله -عز وجل-، ولكن هناك العديد من الأمراض التي تستوجب الإفطار مثل؛ السرطان أو أي مرض يشق على النفس أن تكمل الصيام معه.
أما المرض الخفيف كالصداع والإنفلونزا فيُقدر المسلم وضعه الصحي خلالها فإن خشي الإنسان على نفسه وشقَّ عليه الصوم يُفطر، وذلك لأنها لا تؤدي إلى هلاك صاحبها عادةً، ويمكن للشخص أن يتحسن بعد الإفطار ويتناول الدواء ولا يحصل عليه تأثير كبير من الصيام.
أما في حالة أن يشق على النفس الصيام فهنا يتوجب على الشخص المريض أن يفطر، وذلك لأن حفظ النفس في الإسلام هي غاية عظمى، وجلب الضرر إلى النفس هو من المحرمات، والدليل على ذلك ما يأتي:
- قول الله -تعالى- في محكم التنزيل: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا).
- كما يقول -سبحانه وتعالى- أيضًا في ضرورة الحفاظ على النفس وإبعادها عن الهلاك والشقاء في كتابه الكريم: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
- والدليل أيضًا على ضرورة حفظ النفس وصون الجسد في الدين الإسلامي هو ما رُويَ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول: "لا ضرر ولا ضرار".
رحمة الله بعباده
وهذه الأدلة هي دلالة على وجود رحمة الله -سبحانه وتعالى- بعباده وإبعادهم عن ضرر نفسهم وأذاها، وأن الدين الإسلامي جاء لتحقيق مصلحة الناس والحفاظ على حياتهم وأجسادهم، وفي جميع الأحوال فإن الصيام فيه خير الجسد ونفع له.
والصيام يعلمنا كيفية تطهير الجسد من الخارج ومن الداخل أيضًا، لذا فإن القادر على الصيام يفرح بصيامه، أما المريض الذي لا يستطيع الصيام فهو معذور وقد شرعت له الكفارة لئلا يفوته الأجر وفضيلة شهر رمضان وفضله.