النظرية الوضعية عند سان سيمون
النظرية الوضعية لدى سان سيمون
لقد تميزت النظرية الوضعية بتأثيرها القوي على الاتجاهات أو النظريات الأخرى، وفي سرعة انتشارها وشيوعها بين الناس، والهدف منها يتأتى من سعيها إلى تحديد المعرفة الإنسانية ، وتفسير الظواهر الطبيعية تفسيرًا ذاتيًا بطريقة مقنعة.
الهدف هو أن يقدم سان سيمون للمجتمع طريقةً ملموسةً تبين أهمية الفرد في تقديم طريقة واضحة نحو تطور الإنسانية، ووصولها نحو أفضل طور بشري مجتمعي يهيئ ثورة علمية كبيرة لدى الحياة على جميع أصعدتها؛ فقد كان يميل نحو تطبيق المنهج العلمي الفلسفي في دراسة المجتمع مجموعة وأفرادًا.
وقد رأى سان سيمون أن المنهج الوضعي يعتد به في تغيير الإنسانية إلى حياة تتمتع بنظام ثابت مطور في داخله؛ فقد رأى أن علم الاجتماع والصناعة يخرجان من مشكاة واحدة أي أنهما علمان قائمان بحد ذاتهما يمكنان الفلاسفة من التعقيب خلف الجوانب المختلفة للبيئة الإنسانية بأفضل طريقة.
فكر سان سيمون في طريقة تضم أفراد المجتمع في سياق علمي يمكنه تشكيل أنساق اجتماعية جديدة تتكيف مع التطور وتقدم أفضل صورة له من خلال تجهيز الأفراد ليكونوا فاعلين ومحورين يستطيعون أن يقدموا صورة معاصرة للحياة الاجتماعية، من خلال استخدامه للصناعة الحديثة التي تلائم فكره الناضج والتخلي عن الأساليب الاعتقادية التي تسبب الركود في عقل الإنسان.
خصائص النظرية الوضعية لدى سان سيمون
على الرغم من شيوع هذه النظرية، وتمكنها غالبًا من تقديم وصف علمي دقيق للمجتمع الإنساني، فقد تميزت النظرية الوضعية لدى سان سيمون ببعض السمات الخاصة بها التي تفصل بينها وبين النظريات الأخرى، منها ما يعكس طريقة تناول المادة العلمية وكيفية التعامل معها، ومنها ما يأتي:
- الاعتماد على الأحداث والنتائج الملموسة.
- البحث عن مفاهيم فلسفية منطقية.
- اعتماد الوصف والملاحظة.
- عدم الأخذ بالجانب الاعتقادي (الديني).
- ارتكاز النظرية على المنهج العقلي والمنطقي.
مفهوم النظرية الوضعية
هي إحدى النظريات الاجتماعية التي تتخذ اتجاهًا فلسفيًا يركز على دراسة علم الاجتماع وفق ضوابط معيارية عقلية تعتمد على المنطق؛ إذ تتم دراسة علوم المجتمع ضمن أسس ثابتة ترتكز في البحث على الحجج والأدلة العلمية، على العكس تمامًا من تلك العلوم التي تنحو باتجاه أسس اعتقادية غير المثبتة.
مثال على ما سبق الجانب اللاهوتي العقائدي، وبطريقة أدق هي نظرية تتخذ ملاحظة المعرفة في العلوم والأحداث من خلال ربطها بأحداث أخرى؛ فهي نظرية تتناول العلوم التي تتعامل مع العقل والفعل بشكل مباشر.
يمكننا القول في سياق حديثنا عن الوضعية أن هذه النظرية تختلف أدواتها عن غيرها في تناول المادة المطروحة؛ لأنها تقوم على ربط الملاحظة بما يتناسب مع العقل، وهذا ما جعلها تتسم بالوضعية والثبوتية، من خلال فرض الطابع المحسوس بالتجربة بطريقة مدروسة ومنطقية تعبر عن الحقائق بشكل أدق.
سبب نشوء النظرية الوضعية
تطورت هذه النظرية في القرنين التاسع عشر والعشرين على يد رواد الاتجاه الفلسفي الوضعي؛ ولعل ذلك يعود إلى عدم مناسبة الاتجاه العلمي الفلسفي لجميع المراحل الزمنية؛ فقد اتخذ من العلوم ملامح دراسية تعتمد على معطيات التجربة والملاحظة والتحليل، ويعود سبب تسميتها بالوضعية؛ لأنها تركز على دراسة ما هو قائم بإثباتات وأدلة ناهيك عن دقة الوصف والملاحظة.
كان ظهور النظرية ردة فعل على النظرية التجريبية التي تتخذ التجربة فقط أداة رئيسةً لها في وضع الملاحظة حول الدراسات، الأمر الذي قد يصعب على هذه النظرية تطبيق المنهج على كل العلوم الإنسانية ، حيث جاء المنهج الوضعي أكثر مصداقية في القدرة على التنبؤ ومحاكاة العلوم والمعارف الاجتماعية، وبإمكانية الملاحظة والتجربة وصولًا إلى نتائج موثوقة تُخلص المجتمع من الضعف وتكسبه قوةً وتطوّرًا.
إن فلسفة العلوم الأخرى عاجزة بدورها العلمي عن تقديم تبرير تجريبي للدراسات كافة، وقد شكل هذا الأمر صعوبة في الوصول بدقة لكل من العلم والمعرفة الفلسفية؛ بسبب سطحية النتائج وعدم القدرة على تطبيق مفاهيم النظرية الوضعية عليها، فإن عدم الاقتناع ببعض النتائج دفع الفلاسفة لاستحداث النظرية الوضعية المنطقية التي تقدم صورة لطبيعة العلم وتعكس ما نعرفه عن التاريخ، وتبرز الجانب المتقدم من المجتمع.