المناخ في العصر الطباشيري
ما هو العصر الطباشيري
يشير العصر الطباشيري إلى آخر الفترات الثلاث لعصر "الدهر الوسيط"، عبر سلم العصر الجيولوجي ؛ وقد شغل الفترة ما بين (145-66) مليون سنة، أي أنه استمر قرابة (79) مليون سنة، وشكل بذلك أطول فترة زمنية لعصر عبر دهر الحياة.
وسمي بالعصر الطباشيري أو الكريتيلي؛ وهي كلمة مشتقة من الكريتا باللاتينية وتعني "الطباشير"؛ نسبة إلى الطبقات السميكة من الطباشير والتي تكونت خلال ذلك العصر، والطباشير هي نوع من الأحجار الجيرية الناعمة ذوات الحبيبات الدقيقة، إلا أن معظم الصخور الطباشيرية ليست بطباشير، وإنما تم ترسيب معظم الطباشير خلال العصر الطباشيري.
وقد احتوت الطبقات الرسوبية لهذا العصر على الكثير من الأحافير لعدد كبير جدًا من أنواع الكائنات الحية، التي عاشت وانقرضت في ذلك العصر؛ خلال الانقراضات الجماعية الرهيبة بما في ذلك الطيور غريبة الشكل، والأسماك وبعض الأحياء البحرية، وصولًا للديناصورات.
وعبر دراسة الأحافير ومقارنتها مع أماكن العثور عليها؛ استدل العلماء على الظروف الجوية السائدة في تلك الفترة، بالإضافة إلى التوزيع الجغرافي المختلف تمامًا عما لدينا اليوم للقارات، والبحار والمحيطات.
المناخ في العصر الطباشيري
أثارت الظروف المناخية التي سادت في العصر الطباشيري عبر الزمن الجيولوجي للأرض، اهتمام الباحثين والعلماء وذلك أنه يتبع العصر الجوراسي أحد الفترات الثلاث؛ التي شكلت مع العصر الطباشيري ما يسمى بالعصر الثلاثي، أو الدهر الوسيط، الذي سكنته الديناصورات وازدهرت خلاله.
العصر الطباشيري وحقبة الدهر الوسيط
ويمثل العصر الطباشيري آخر فترات حقبة الدهر الوسيط، التي انتهت بالانقراض الجماعي الشهير، وتشير الدراسات إلى أن في ذلك الوقت اصطدم كويكب بالأرض في الحيز الذي تشغله جزيرة يوكاتان المكسيكية اليوم؛ مشكلًا ما يسمى بفوهة اصطدام "تشيككسولوب".
كما تشير التقديرات إلى أن انقراض نصف أنواع الأحياء في العالم، قد ترافق مع هذا الاصطدام بالرغم من عدم وجود تعداد دقيق لتلك الأنواع، ثم استمرت القارة العملاقة المسماه "بانجيا"؛ والتي كانت قد بدأت بالانقسام في الفترة السابقة لذلك العصر؛ بالتباعد أكثر فأكثر حتى انقسمت إلى عدة قارات أصغر حجمًا، وأحواض محيطية كالمحيط الهادي والأطلسي الأولي، وبحر تيثيس بحلول منتصف العصر الطباشيري.
العصر الطباشيري وانقسام القارات
وعبر انتشار القارات وتباعدها ظهرت سواحل جديدة واسعة النطاق مما حفز ظهور الموائل المائية القريبة من الشواطئ، وفي تلك المرحلة بدأت الفصول بالتمايز فيما بينها وتجلت أكثر وضوحًا مع برودة المناخ العالمي.
مناخ العصر الطباشيري
وكل ما سبق يقودنا إلى تشكل ما يسمى "بالمناخ الدافئ المستقر"؛ الذي ساد العصر الطباشيري مع درجات حرارة استوائية، وقطبية تفوق ما يتم تسجيله اليوم، بالإضافة إلى تدرج أقل من خط الاستواء نحو القطب ومن اليابسة نحو المحيط كما شهد ذلك العصؤ القليل من الظواهر الموسمية المتطرفة.
ثم إن تركيزات هطول الأمطار، و غازات الاحتباس الحراري المتراكمة في الغلاف الجوي؛ كثاني أكسيد الكربون والميثان تفوق مستوياتها في العصر الطباشيري ما يتم تسجيله اليوم، وهذا جزئيًا يفسر المناخ الأكثر دفئًا نسبيًا على نطاق العالم.
كما أدت درجات الحرارة المرتفعة؛ الممتدة للمناطق القطبية إلى عدم تراكم الصفائح الجليدية، وخفض تدرج درجة الحرارة بين خط الاستواء والقطبين، مما عطل أنظمة الرياح في خطوط العرض المتوسطة والعالية، وتوزيع دراجات الحرارة العالمية، ودورة المحيطات التي تتحرك بواسطة الرياح.
الظروف البيئية المتأثرة بمناخ العصر الطباشيري
الدفء الشديد
امتاز العصر الطباشيري بالدفء الشديد، وخلا القطبان من الجليد، كما انتشرت تيارات المحيط الدافئة من خط الاستواء نحو القطبين، وارتفعت تراكيز ثاني أكسيد الكربون بكميات كبيرة متسببة " بالاحتباس الحراري " .
ولم تكن وفرة النباتات قادرة على خفض تلك الكميات في الغلاف الجوي، بالرغم من قوة نموها نظرًا لدفء ورطوبة المناخ السائد، كما لم تهطل الأمطار بشكل كاف في المناطق الاستوائية لدعم نمو الغابات المطيرة، وقد نمت النباتات في أقصى الشمال وصولًا للدائرة القطبية الشمالية، وهو ما يشير إلى أنها أكثر دفئًا بكثير مما هي عليه اليوم.
الاحتباس الحراري
ولم تكن الشمس المصدر الوحيد لدفء المناخ؛ ففي منتصف العصر الطباشيري سادت البراكين الشديدة، مطلقةً ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ، كما عملت تجوية الصخور الكربونية على إطلاق كميات إضافية منه، متسببةً بحبس ضوء الشمس وزيادة درجة حرارة الغلاف الجوي؛ وهو ما يعرف "بالاحتباس الحراري".
كما تأثرت المحيطات هذه الظاهرة بحيث بلغت درجات الحرارة عن الأقطاب أعلى من التجمد؛ ولكن لم تتكون المسطحات الجليدية في أي من القطبين؛ وذلك لأن درجة حرارة المياه السطحية المعرضة للحرارة الناتجة عن الاحتباس الحراري أعلى بكثير، من تلك المرصودة في قيعان المحيطات، والتي تعد أكثر دفئًا مقارنة مع درجة حرارة القيعان المرصودة اليوم، وبهذا لم يتشكل الجليد حتى نهاية العصر الطباشيري.