المعلقات العشر مكتوبة كاملة

المعلقات العشر مكتوبة كاملة

قصيدة: قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزِل

للشاعر امرئ القيس

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ 
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

فَتُوْضِحَ فَالمِقْرَاةِ لم يَعْفُ رَسْمُهَا

لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وَشَمْأَلِ

تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصَاتِهَا

وَقِيْعَانِهَا كَأَنَّهُ حَبُّ فُلْفُلِ

كَأَنِّيْ غَدَاة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُوا

لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ

وُقُوْفًا بِهَا صَحْبِيْ عَليََّ مَطِيَّهُمْ

يَقُولُونَ لا تَهْلِكْ أَسًى وَتَجَمَّلِ

وَإِنَّ شِفَائِيْ عَبْرَةٌ مَهَراقَةٌ

فهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ

كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا

وَجَارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَلِ

فَفَاضَتْ دُمُوعُ العَيْنِ مِنِّيْ صَبَابَةً

عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلِي

أَلا رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ

وَلا سِيَّمَا يَوْمٌ بِدَارَةِ جُلْجُلِ

وَيَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَى مَطِيَّتِيْ

فَيَا عَجَبًا مِنْ رَحْلِهَا المُتَحَمَّلِ

يَظَلُّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَا

وَشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّلِ

وَيَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ

فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاتُ إِنَّكَ مُرْجِلِي

تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعًا

عَقَرْتَ بَعِيْرِيْ يَا امْرَأَ القَيْسِ فَانْزِلِ

فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِيْ وَأَرْخِي زِمَامَهُ

وَلا تُبْعِدِيني مِنْ جَنَاكِ المُعَلِّلِ

فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِعًا

فَأَلْهَيْتُهَا عَنْ ذِيْ تَمَائِمَ مُغْيَلِ

إذا ما بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْحَرَفَتْ لَهُ

بِشِقٍّ وَشِقٌّ عِنْدَنَا لم يُحَوَّلِ

وَيَوْمًا عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَذَّرَتْ

عَلَيَّ وَآلَتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّلِ

أَفَاطِمُ مَهْلاً بَعْضَ هذا التَّدَلُّلِ

وَإِنْ كُنْتِ قَدْ أَزْمَعْتِ صَرْمِيْ فَأَجْمِلِي

وَإنْ كنتِ قَدْ سَاءَتْكِ مِنِّيْ خَليْقَةٌ

فَسُلِّيْ ثِيَابِيْ مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ

أَغَرَّكِ مِنِّيْ أَنَّ حُبَّكِ قَاتِلِي

وَأَنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَلِ

وَمَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إِلا لِتَقْدَحِي

بِسَهْمَيْكِ في أَعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّلِ

وَبَيْضَةِِ خِدْرٍٍ لا يُرَامُ خِبَاؤُهَا

تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَلِ

تَجَاوَزْتُ أَحْرَاسًا وَأَهْوَالَ مَعْشَرٍاً

عَلَيَّ حِرَاصٍ لَوْ يُشِرُّونَ مَقْتَلِي

إذا ما الثُّرَيَّا في السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ

تَعَرُّضَ أَثْنَاءِ الوِشَاحِ المُفَصَّلِ

فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَتْ لنَوْمٍ ثِيَابَهَا

لَدَى السِّتْرِ إِلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّلِ

فَقَالَتْ يَمُيْنَ اللهَ ما لَكَ حِيْلَةٌ

وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ العَمَايَةَ تَنْجَلِي

خَرَجْتُ بِهَا تَمْشِيْ تَجُرُّ وَرَاءَنَا

عَلَى أثَرَيْنَا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ

فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وَانْتَحَى

بِنَا بَطْنُ حِقْفٍ ذِيْ رُكَامٍ عَقَنْقَلِ

إِذَا التَفَتَتْ نَحْوِيْ تَضَوَّعَ رِيْحُهَا

نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ

إِذَا قُلْتُ هَاتِيْ نَوِّلِيْنِيْ تَمَايَلَتْ

عَلَيَّ هَضِيْمَ الكَشَحِ رَيَّا المُخَلْخَلِ

مُهَفْهَفَةٌ بَيْضَاءُ غَيْرُ مُفاضَةٍ

تَرَائِبُهَا مَصْقُوْلَةٌ كَالسَّجَنْجَلِ

كِبِكْرِ مُقَانَاةِ البَيَاضِ بِصُفْرَةٍ

غَذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرِ المُحَلَّلِِ

تَصُدُّ وَتُبْدِيْ عَنْ أَسِيْلٍ وَتَتَّقِيْ

بِنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِلِ

وَجِيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِشٍ

إِذَا هِيَ نَصَّتْهُ وَلا بِمُعَطَّلِ

وَفَرْعٍ يُغَشِّي المَتْنَ أَسْودَ فَاحِمٍ

أَثِيْثٍ كَقِنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِلِ

غَدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلى العُلا

تَضِلُّ المَدَارَى في مُثَنًى وَمُرْسَلِ

وَكَشْحٍ لَطِيْفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّرٍ

وَسَاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّلِ

وَتَعْطُو بِرَخْصٍ غَيْرِ شَثْنٍ كَأَنَّهُ

أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاوِيْكُ إِسْحِلِ

تُضِيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَا

مَنَارَةُ مُمْسَى رَاهِبٍ مُتَبَتِّلِ

وَتُضْحِيْ فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِرَاشِهَا

نَؤُوْمُ الضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّلِ

إِلى مِثْلِهَا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَةً

إِذَا ما اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ

تسلت عمايات الرجالِ عن الصّبا

وليسَ صِبايَ عن هواها بمنسل

ألا رُبّ خَصْمٍ فيكِ ألْوَى رَدَدتُه

نصيح على تعذَاله غير مؤتل

وليل كموج البحر أرخى سدولهُ

عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي

فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بجوزه

وأردف أعجازا وناء بكلكل

ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي

بصُبْحٍ وما الإصْباحَ فيك بأمثَلِ

فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ

بكل مغار الفتل شدت بيذبل

كأنَّ الثريا علقت في مصامها

بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَندَلِ

وَقَدْ أغْتَدي وَالطّيرُ في وُكنُاتُها

بمنجردٍ قيدِ الأوابدِ هيكلِ

مِكَرٍّ مفرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ معًا

كجلمودِ صخْر حطه السيل من علِ

كميت يزل اللبد عن حال متنه

كما زَلّتِ الصَّفْواءُ بالمُتَنَزّلِ

مسحٍّ إذا ما السابحاتُ على الونى

أثرنَ غبارًا بالكديد المركل

على العقبِ جيَّاش كأن اهتزامهُ

إذا جاش فيه حميُه غَليُ مِرْجلِ

يطيرُ الغلامُ الخفُّ عن صهواته

وَيُلْوي بأثْوابِ العَنيفِ المُثقَّلِ

دَريرٍ كَخُذْروفِ الوَليدِ أمَرّهُ

تقلبُ كفيهِ بخيطٍ مُوصلِ

لهُ أيطلا ظبيٍ وساقا نعامة

وإرخاء سرحانٍ وتقريبُ تتفلِ

كأن على الكتفين منه إذا انتحى

مَداكَ عَروسٍ أوْ صَرية َ حنظلِ

وباتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلجامُهُ

وباتَ بعيني قائمًا غير مرسل

فعنَّ لنا سربٌ كأنَّ نعاجَه

عَذارَى دَوارٍ في المُلاءِ المُذَيَّلِ

فأدبرنَ كالجزع المفصل بينه

بجيدِ مُعَمٍّ في العَشيرَة ِ مُخْوَلِ

فألحَقَنا بالهادِياتِ وَدُونَهُ

جواحِرها في صرة ٍ لم تزيَّل

فَعادى عِداءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعْجَة ٍ

دِراكًا ولم يَنْضَحْ بماءٍ فيُغسَلِ

فظلّ طُهاة ُ اللّحمِ من بينِ مُنْضِجٍ

صَفيفَ شِواءٍ أوْ قَديرٍ مُعَجَّلِ

ورُحنا وراحَ الطرفُ ينفض رأسه

متى ما تَرَقَّ العينُ فيه تسهل

كأنَّ دماءَ الهادياتِ بنحره

عُصارة ُ حِنّاءٍ بشَيْبٍ مُرْجّلِ

وأنتَ إذا استدبرتُه سدَّ فرجه

بضاف فويق الأرض ليس بأعزل

أحار ترى برقًا كأن وميضه

كلمع اليدينِ في حبي مُكلل

يُضيءُ سَناهُ أوْ مَصَابيحُ راهِبٍ

أهان السليط في الذَّبال المفتَّل

قَعَدْتُ لَهُ وَصُحْبَتي بينَ حامر

وبين إكام بعد ما متأمل

وأضحى يسحُّ الماء عن كل فيقة

يكبُّ على الأذقان دوحَ الكنهبل

وتيماءَ لم يترُك بها جِذع نخلة

وَلا أُطُمًا إلا مَشيدًا بجَنْدَلِ

كأن طمية المجيمر غدوةً

من السَّيلِ والغثاء فَلكة ُ مِغزَلِ

كأنَّ أبانًا في أفانينِ ودقهِ

كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ

وَألْقى بصَحْراءِ الغَبيطِ بَعاعَهُ

نزول اليماني ذي العياب المخوَّل

كأنّ سباعًا فيهِ غَرْقَى غدية

بِأرْجائِهِ القُصْوى أنابيشُ عُنْصُلِ

على قَطَنٍ بالشَّيْمِ أيْمَنُ صَوْبهِ

وَأيْسَرُهُ عَلى السّتارِ فَيَذْبُلِ

وَألقى بِبَيسانَ مَعَ اللَيلِ بَركَهُ

فَأنزَلَ مِنهُ العَصمَ مِن كُلِّ مَنزِلِ

قصيدة: هل غادر الشعراء من متردم

للشاعر عنترة بن شداد :

هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ

أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ

يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي

وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي

فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها

فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ

وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا

بِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ

حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُ

أَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ

حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَت

عَسِراً عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ

عُلِّقتُها عَرَضاً وَأَقتُلُ قَومَها

زَعماً لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ

وَلَقَد نَزَلتِ فَلا تَظُنّي غَيرَهُ

مِنّي بِمَنزِلَةِ المُحَبِّ المُكرَمِ

كَيفَ المَزارُ وَقَد تَرَبَّعَ أَهلُها

بِعُنَيزَتَينِ وَأَهلُنا بِالغَيلَمِ

إِن كُنتِ أَزمَعتِ الفِراقَ فَإِنَّماْ

زُمَّت رِكابُكُمُ بِلَيلٍ مُظلِمِ

ما راعَني إِلّا حَمولَةُ أَهلِها

وَسطَ الدِيارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمخِمِ

فيها اِثنَتانِ وَأَربَعونَ حَلوبَةً

سوداً كَخافِيَةِ الغُرابِ الأَسحَمِ

إِذ تَستَبيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ

عَذبٍ مُقَبَّلُهُ لَذيذِ المَطعَمِ

وَكَأَنَّ فارَةَ تاجِرٍ بِقَسيمَةٍ

سَبَقَت عَوارِضَها إِلَيكَ مِنَ الفَمِ

أَو رَوضَةً أُنُفاً تَضَمَّنَ نَبتَها

غَيثٌ قَليلُ الدِمنِ لَيسَ بِمَعلَمِ

جادَت عَليهِ كُلُّ بِكرٍ حُرَّةٍ

فَتَرَكنَ كُلَّ قَرارَةٍ كَالدِرهَمِ

سَحّاً وَتَسكاباً فَكُلَّ عَشِيَّةٍ

يَجري عَلَيها الماءُ لَم يَتَصَرَّمِ

وَخَلا الذُبابُ بِها فَلَيسَ بِبارِحٍ

غَرِداً كَفِعلِ الشارِبِ المُتَرَنِّمِ

هَزِجاً يَحُكُّ ذِراعَهُ بِذِراعِهِ

قَدحَ المُكِبِّ عَلى الزِنادِ الأَجذَمِ

تُمسي وَتُصبِحُ فَوقَ ظَهرِ حَشِيَّةٍ

وَأَبيتُ فَوقَ سَراةِ أَدهَمَ مُلجَمِ

وَحَشِيَّتي سَرجٌ عَلى عَبلِ الشَوى

نَهدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المَحزِمِ

هَل تُبلِغَنّي دارَها شَدَنِيَّةٌ

لُعِنَت بِمَحرومِ الشَرابِ مُصَرَّمِ

خَطّارَةٌ غِبَّ السُرى زَيّافَةٌ

تَطِسُ الإِكامَ بِوَخذِ خُفٍّ ميثَمِ

وَكَأَنَّما تَطِسُ الإِكامَ عَشِيَّةً

بِقَريبِ بَينَ المَنسِمَينِ مُصَلَّمِ

تَأوي لَهُ قُلُصُ النَعامِ كَما أَوَت

حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لِأَعجَمَ طِمطِمِ

يَتبَعنَ قُلَّةَ رَأسِهِ وَكَأَنَّهُ

حِدجٌ عَلى نَعشٍ لَهُنَّ مُخَيَّمِ

صَعلٍ يَعودُ بِذي العُشَيرَةِ بَيضَهُ

كَالعَبدِ ذي الفَروِ الطَويلِ الأَصلَمِ

شَرِبَت بِماءِ الدُحرُضَينِ فَأَصبَحَت

زَوراءَ تَنفِرُ عَن حِياضِ الدَيلَمِ

وَكَأَنَّما تَنأى بِجانِبِ دَفَّها ال

وَحشِيِّ مِن هَزِجِ العَشِيِّ مُؤَوَّمِ

هِرٍ جَنيبٍ كُلَّما عَطَفَت لَهُ

غَضَبى اِتَّقاها بِاليَدَينِ وَبِالفَمِ

بَرَكَت عَلى جَنبِ الرِداعِ كَأَنَّم

بَرَكَت عَلى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ

وَكأَنَّ رُبّاً أَو كُحَيلاً مُعقَد

حَشَّ الوَقودُ بِهِ جَوانِبَ قُمقُمِ

يَنباعُ مِن ذِفرى غَضوبٍ جَسرَةٍ

زَيّافَةٍ مِثلَ الفَنيقِ المُكدَمِ

إِن تُغدِفي دوني القِناعَ فَإِنَّني

طَبٌّ بِأَخذِ الفارِسِ المُستَلئِمِ

أَثني عَلَيَّ بِما عَلِمتِ فَإِنَّني

سَمحٌ مُخالَقَتي إِذا لَم أُظلَمِ

وَإِذا ظُلِمتُ فَإِنَّ ظُلمِيَ باسِلٌ

مُرٌّ مَذاقَتَهُ كَطَعمِ العَلقَمِ

وَلَقَد شَرِبتُ مِنَ المُدامَةِ بَعدَما

رَكَدَ الهَواجِرُ بِالمَشوفِ المُعلَمِ

بِزُجاجَةٍ صَفراءَ ذاتِ أَسِرَّةٍ

قُرِنَت بِأَزهَرَ في الشَمالِ مُفَدَّمِ

فَإِذا شَرِبتُ فَإِنَّني مُستَهلِكٌ

مالي وَعِرضي وافِرٌ لَم يُكلَمِ

وَإِذا صَحَوتُ فَما أُقَصِّرُ عَن نَدىً

وَكَما عَلِمتِ شَمائِلي وَتَكَرُّمي

وَحَليلِ غانِيَةٍ تَرَكتُ مُجَدَّل

تَمكو فَريصَتُهُ كَشَدقِ الأَعلَمِ

سَبَقَت يَدايَ لَهُ بِعاجِلِ طَعنَةٍ

وَرَشاشِ نافِذَةٍ كَلَونِ العَندَمِ

هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ

إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمي

إِذ لا أَزالُ عَلى رِحالَةِ سابِحٍ

نَهدٍ تَعاوَرُهُ الكُماةُ مُكَلَّمِ

طَوراً يُجَرَّدُ لِلطِعانِ وَتارَةً

يَأوي إِلى حَصدِ القَسِيِّ عَرَمرَمِ

يُخبِركِ مَن شَهِدَ الوَقيعَةَ أَنَّني

أَغشى الوَغى وَأَعِفُّ عِندَ المَغنَمِ

وَمُدَجَّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزالَهُ

لا مُمعِنٍ هَرَباً وَلا مُستَسلِمِ

جادَت لَهُ كَفّي بِعاجِلِ طَعنَةٍ

بِمُثَقَّفٍ صَدقِ الكُعوبِ مُقَوَّمِ

فَشَكَكتُ بِالرُمحِ الأَصَمِّ ثِيابَهُ

لَيسَ الكَريمُ عَلى القَنا بِمُحَرَّمِ

فَتَرَكتُهُ جَزَرَ السِباعِ يَنُشنَهُ

يَقضِمنَ حُسنَ بِنانِهِ وَالمِعصَمِ

وَمِشَكِّ سابِغَةٍ هَتَكتُ فُروجَها

بِالسَيفِ عَن حامي الحَقيقَةِ مُعلِمِ

رَبِذٍ يَداهُ بِالقِداحِ إِذا شَتا

هَتّاكِ غاياتِ التِجارِ مُلَوَّمِ

لَمّا رَآني قَد نَزَلتُ أُريدُهُ

أَبدى نَواجِذَهُ لِغَيرِ تَبَسُّمِ

عَهدي بِهِ مَدَّ النَهارِ كَأَنَّما

خُضِبَ البَنانُ وَرَأسُهُ بِالعِظلِمِ

فَطَعَنتُهُ بِالرُمحِ ثُمَّ عَلَوتُهُ

بِمُهَنَّدٍ صافي الحَديدَةِ مِخذَمِ

بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيابَهُ في سَرحَةٍ

يُحذى نِعالَ السِبتِ لَيسَ بِتَوأَمِ

يا شاةَ ما قَنَصٍ لِمَن حَلَّت لَهُ

حَرُمَت عَلَيَّ وَلَيتَها لَم تَحرُمِ

فَبَعَثتُ جارِيَتي فَقُلتُ لَها اِذهَبي

فَتَجَسَّسي أَخبارَها لِيَ وَاِعلَمي

قالَت رَأَيتُ مِنَ الأَعادي غِرَّةً

وَالشاةُ مُمكِنَةٌ لِمَن هُوَ مُرتَمِ

وَكَأَنَّما اِلتَفَتَت بِجيدِ جَدايَةٍ

رَشإٍ مِنَ الغِزلانِ حُرٍّ أَرثَمِ

نِبِّئتُ عَمرواً غَيرَ شاكِرِ نِعمَتي

وَالكُفرُ مَخبَثَةٌ لَنَفسِ المُنعِمِ

وَلَقَد حَفِظتُ وَصاةَ عَمّي بِالضُحى

إِذ تَقلِصُ الشَفَتانِ عَن وَضَحِ الفَمِ

في حَومَةِ الحَربِ الَّتي لا تَشتَكي

غَمَراتِها الأَبطالُ غَيرَ تَغَمغُمِ

إِذ يَتَّقونَ بِيَ الأَسِنَّةَ لَم أَخِم

عَنها وَلَكِنّي تَضايَقَ مُقدَمي

لَمّا رَأَيتُ القَومَ أَقبَلَ جَمعُهُم

يَتَذامَرونَ كَرَرتُ غَيرَ مُذَمَّمِ

يَدعونَ عَنتَرَ وَالرِماحُ كَأَنَّها

أَشطانُ بِئرٍ في لَبانِ الأَدهَمِ

ما زِلتُ أَرميهِم بِثُغرَةِ نَحرِهِ

وَلَبانِهِ حَتّى تَسَربَلَ بِالدَمِ

فَاِزوَرَّ مِن وَقعِ القَنا بِلَبانِهِ

وَشَكا إِلَيَّ بِعَبرَةٍ وَتَحَمحُمِ

لَو كانَ يَدري ما المُحاوَرَةُ اِشتَكى

وَلَكانَ لَو عَلِمَ الكَلامَ مُكَلِّمي

وَلَقَد شَفى نَفسي وَأَذهَبَ سُقمَها

قيلُ الفَوارِسِ وَيكَ عَنتَرَ أَقدِمِ

وَالخَيلُ تَقتَحِمُ الخَبارَ عَوابِساً

مِن بَينِ شَيظَمَةٍ وَآخَرَ شَيظَمِ

ذُلُلٌ رِكابي حَيثُ شِئتُ مُشايِعي

لُبّي وَأَحفِزُهُ بِأَمرٍ مُبرَمِ

وَلَقَد خَشيتُ بِأَن أَموتَ وَلَم تَدُر

لِلحَربِ دائِرَةٌ عَلى اِبنَي ضَمضَمِ

الشاتِمَي عِرضي وَلَم أَشتِمهُم

وَالناذِرَينِ إِذا لَم اَلقَهُما دَمي

إِن يَفعَلا فَلَقَد تَرَكتُ أَباهُم

جَزَرَ السِباعِ وَكُلِّ نَسرٍ قَشعَمِ

قصيدة: ألا هبي بصحنك فاصبحين

للشاعر عمرو بن كلثوم

أَلا هُبّي بِصَحنِكِ فَاَصبَحين

وَلا تُبقي خُمورَ الأَندَرينا

مُشَعشَعَةً كَأَنَّ الحُصَّ فيه

إِذا ما الماءُ خالَطَها سَخينا

تَجورُ بِذي اللُبانَةِ عَن هَواهُ

إِذا ما ذاقَها حَتّى يَلينا

تَرى اللَحِزَ الشَحيحَ إِذا أُمِرَّت

عَلَيهِ لِمالِهِ فيها مُهينا

صَبَنتِ الكَأسَ عَنّا أُمَّ عَمرٍو

وَكانَ الكَأَسُ مَجراها اليَمينا

وَما شَرُّ الثَلاثَةِ أُمَّ عَمرٍو

بِصاحِبِكِ الَّذي لا تَصبَحينا

وَكَأسٍ قَد شَرِبتُ بِبَعلَبَكٍّ

وَأُخرى في دِمَشقَ وَقاصِرينا

وَإِنّا سَوفَ تُدرِكُنا المَناي

مُقَدَّرَةً لَنا وَمُقَدَّرينا

قِفي قَبلَ التَفَرُّقِ يا ظَعين

نُخَبِّركِ اليَقينا وَتُخبِرينا

قِفي نَسأَلكِ هَل أَحدَثتِ صَرم

لِوَشكِ البَينِ أَم خُنتِ الأَمينا

بِيَومِ كَريهَةٍ ضَرباً وَطَعن

أَقَرَّ بِهِ مَواليكِ العُيونا

وَإنَّ غَداً وَإِنَّ اليَومَ رَهنٌ

وَبَعدَ غَدٍ بِما لا تَعلَمينا

تُريكَ إِذا دَخَلتَ عَلى خَلاءٍ

وَقَد أَمِنَت عُيونَ الكاشِحينا

ذِراعَي عَيطَلٍ أَدماءَ بِكرٍ

هِجانِ اللَونِ لَم تَقرَأ جَنينا

وَثَدياً مِثلَ حُقِّ العاجِ رَخص

حَصاناً مِن أَكُفِّ اللامِسينا

وَمَتنَي لَدنَةٍ سَمَقَت وَطالَت

رَوادِفُها تَنوءُ بِما وَلينا

وَمَأكَمَةً يَضيقُ البابُ عَنه

وَكَشحاً قَد جُنِنتُ بِهِ جُنونا

وَساريَتَي بَلَنطٍ أَو رُخامٍ

يَرِنُّ خُشاشُ حَليِهِما رَنينا

فَما وَجَدَت كَوَجدي أُمُّ سَقبٍ

أَضَلَّتهُ فَرَجَّعَتِ الحَنينا

وَلا شَمطاءُ لَم يَترُك شَقاه

لَها مِن تِسعَةٍ إَلّا جَنينا

تَذَكَّرتُ الصِبا وَاِشتَقتُ لَمّ

رَأَيتُ حُمولَها أُصُلاً حُدينا

فَأَعرَضَتِ اليَمامَةُ وَاِشمَخَرَّت

كَأَسيافٍ بِأَيدي مُصلِتينا

أَبا هِندٍ فَلا تَعَجَل عَلَين

وَأَنظِرنا نُخَبِّركَ اليَقينا

بِأَنّا نورِدُ الراياتِ بيض

وَنُصدِرُهُنَّ حُمراً قَد رَوينا

وَأَيّامٍ لَنا غُرٍّ طِوالٍ

عَصَينا المَلكَ فيها أَن نَدينا

وَسَيِّدِ مَعشَرٍ قَد تَوَّجوهُ

بِتاجِ المُلكِ يَحمي المُحجَرينا

تَرَكنا الخَيلَ عاكِفَةً عَلَيهِ

مُقَلَّدَةً أَعِنَّتَها صُفونا

وَأَنزَلنا البُيوتَ بِذي طُلوحٍ

إِلى الشاماتِ تَنفي الموعِدينا

وَقَد هَرَّت كِلابُ الحَيِّ مِنّ

وَشذَّبنا قَتادَةَ مَن يَلينا

مَتى نَنقُل إِلى قَومٍ رَحان

يَكونوا في اللِقاءِ لَها طَحينا

يَكونُ ثِفالُها شَرقِيَّ نَجدٍ

وَلُهوَتُها قُضاعَةَ أَجمَعينا

نَزَلتُم مَنزِلَ الأَضيافِ مِنّ

فَأَعجَلنا القِرى أَن تَشتُمونا

قَرَيناكُم فَعَجَّلنا قِراكُم

قُبَيلَ الصُبحِ مِرداةً طَحونا

نَعُمُّ أُناسَنا وَنَعِفُّ عَنهُم

وَنَحمِلُ عَنهُمُ ما حَمَّلونا

نُطاعِنُ ما تَراخى الناسُ عَنّ

وَنَضرِبُ بِالسُيوفِ إِذا غُشينا

بِسُمرٍ مِن قَنا الخَطِّيِّ لُدنٍ

ذَوابِلَ أَو بِبيضٍ يَختَلينا

كَأَنَّ جَماجِمَ الأَبطالِ فيه

وُسوقٌ بِالأَماعِزِ يَرتَمينا

نَشُقُّ بِها رُؤوسَ القَومِ شَقّ

وَنُخليها الرِقابَ فَتَختَلينا

وَإِنَّ الضِغنَ بَعدَ الضِغنِ يَبدو

عَلَيكَ وَيَخرِجُ الداءَ الدَفينا

وَرِثنا المَجدَ قَد عَلِمَت مَعَدٌّ

نُطاعِنُ دونَهُ حَتّى يَبينا

وَنَحنُ إِذا عَمادُ الحَيّ خَرَّت

عَنِ الأَحفاضِ نَمنَعُ مَن يَلينا

نَجُذُّ رُؤوسَهُم في غَيرِ بِرٍّ

فَما يَدرونَ ماذا يَتَّقونا

كَأَنَّ سُيوفَنا فينا وَفيهِم

مَخاريقٌ بِأَيدي لاعِبينا

كَأَنَّ ثيابَنا مِنّا وَمِنهُم

خُضِبنَ بِأَرجوانٍ أَو طُلينا

إِذا ما عَيَّ بِالإِسنافِ حَيٌّ

مِنَ الهَولِ المُشَبَّهِ أَن يَكونا

نَصَبنَا مِثلَ رَهوَةَ ذاتَ حَدٍّ

مُحافَظَةً وَكُنّا السابِقينا

بِشُبّانٍ يَرَونَ القَتلَ مَجد

وَشيبٍ في الحُروبِ مُجَرَّبينَا

حُدَيّا الناسِ كُلِّهِمُ جَميع

مُقارَعَةً بَنيهِم عَن بَنينا

فَأَمّا يَومَ خَشيَتِنا عَلَيهِم

فَتُصبِحُ خَيلُنا عُصَباً ثُبينا

وَأَمّا يَومَ لا نَخشى عَلَيهِم

فَنُمعِنُ غارَةً مُتَلَبِّبينا

بِرَأسٍ مِن بَني جُشَمِ بنِ بَكرٍ

نَدُقُّ بِهِ السُهولَةُ وَالحُزونا

أَلا لا يَعلَمُ الأَقوامُ أَنّ

تَضَعضَعنا وَأَنّا قَد وَنينا

أَلا لا يَجهَلَن أَحَدٌ عَلَين

فَنَجهَلَ فَوقَ جَهلِ الجاهِلينا

بِأَيِّ مَشيئَةٍ عَمرُو بنَ هِندٍ

نَكونُ لِقَيلِكُم فيها قَطينا

بِأَيِّ مَشيئَةٍ عَمرُو بنَ هِندٍ

تُطيعُ بِنا الوُشاةَ وَتَزدَرينا

تَهَدَّدنا وَأَوعِدنا رُوَيد

مَتى كُنَّا لِأُمِّكَ مَقتَوينا

فَإِنَّ قَناتَنا يا عَمرُو أَعيَت

عَلى الأَعداءِ قَبلَكَ أَن تَلينا

إِذا عَضَّ الثِقافُ بِها اِشمَأَزَّت

وَوَلَّتهُم عَشَوزَنَةَ زَبونا

عَشَوزَنَةً إِذا اِنقَلَبَت أَرَنَّت

تَشُجُّ قَفا المُثَقَّفِ وَالجَبينا

فَهَل حُدِّثتَ في جُشَمَ بنِ بَكرٍ

بِنَقصٍ في خُطوبِ الأَوَّلينا

وَرِثنا مَجدَ عَلقَمَةَ بنِ سَيفٍ

أَبَاحَ لَنا حُصونَ المَجدِ دينا

وَرِثتُ مُهَلهِلاً وَالخَيرَ مِنهُ

زُهَيراً نِعمَ ذُخرُ الذاخِرينا

وَعَتّاباً وَكُلثوماً جَميع

بِهِم نِلنا تُراثَ الأَكرَمينا

وَذا البُرَةِ الَّذي حُدِّثتَ عَنهُ

بِهِ نُحمى وَنَحمي المُحجَرينا

وَمِنّا قَبلَهُ الساعي كُلَيبٌ

فَأَيُّ المَجدِ إِلّا قَد وَلينا

مَتى نَعقِد قَرينَتَنا بِحَبلٍ

تَجُزُّ الحَبلَ أَو تَقُصُّ القَرينا

وَنوجَدُ نَحنُ أَمنَعُهُم ذِمار

وَأَوفاهُم إِذا عَقَدوا يَميناً

ونَحنُ غَداةَ أُوقِدَ في خَزازى

رَفَدنا فَوقَ رِفدِ الرافِدينا

وَنَحنُ الحابِسونَ بِذي أُراطى

تَسُفُّ الجِلَّةُ الخورُ الدَرينا

ونَحنُ الحاكِمونَ إَذا أُطِعن

وَنَحنُ العازِمونَ إَذا عُصينا

وَنَحنُ التارِكونَ لِما سَخِطن

وَنَحنُ الآخِذونَ لِما رَضينا

وَكُنّا الأَيمَنينَ إذا اِلتَقَينَ

وَكانَ الأَيسَرين بَنو أَبينا

فَصالوا صَولَةً فيمَن يَليهِم

وَصُلنا صَولَةً فيمَن يَلينا

فَآبوا بِالنِهابِ وَبِالسَباي

وَأُبنا بِالمُلوكِ مُصَفَّدينا

إِلَيكُم يا بَني بَكرٍ إِلَيكُم

أَلَمّا تَعرِفوا مِنّا اليَقينا

أَلَمّا تَعرِفوا مِنّا وَمِنكُم

كَتائِبَ يَطَّعِنَّ وَيَرتَمينا

عَلَينا البَيضُ واليَلَبُ اليَماني

وَأَسيافٌ يَقُمنَ وَيَنحَنينا

عَلَينا كُلُّ سابِغَةٍ دِلاصٍ

تَرى فَوقَ النِطاقِ لَها غُضونا

إِذا وُضِعَت عَلى الأَبطالِ يَوم

رَأَيتَ لَها جُلودَ القَومِ جونا

كَأَنَّ غُضونَهُنَّ مُتونُ غُدرٍ

تُصَفِّقُها الرِياحُ إِذا جَرَينا

وَتَحمِلُنا غَداةَ الرَوعِ جُردٌ

عُرِفنَ لَنا نَقائِذَ وَاَفتُلينا

وَرَدنَ دَوارِعاً وَخَرَجنَ شُعث

كَأَمثالِ الرَصائِعِ قَد بَلينا

وَرِثناهُنَّ عَن آباءِ صِدقٍ

وَنُورِثُها إِذا مُتنا بَنينا

عَلى آثارِنا بيضٌ حِسانٌ

نُحاذِرُ أَن تُقَسَّمَ أَو تَهونا

أَخَذنَ عَلى بُعولَتِهِنَّ عَهد

إِذا لاقَوا كَتائِبَ مُعلَمينا

لَيَستَلِبُنَّ أَفراساً وَبيض

وَأَسرى في الحَديدِ مُقَرَّنينا

تَرانا بارِزينَ وَكُلُّ حَيٍّ

قَدِ اِتَّخَذوا مَخافَتَنا قَرينا

إِذا ما رُحنَ يَمشينَ الهُوَينى

كَما اِضطَرَبَت مُتون الشارِبينا

يَقُتنَ جِيادَنا وَيَقُلنَ لَستُم

بُعولَتَنا إِذا لَم تَمنَعونا

ظَعائِنَ مِن بَني جُشَمَ بنِ بَكرٍ

خَلَطنَ بِمَيسَمٍ حَسَباً وَديناً

وَما مَنَعَ الظَعائِنَ مِثلُ ضَربٍ

تَرى مِنهُ السَواعِدَ كَالقُلينا

كَأَنّا وَالسُيوفُ مُسَلَّلاتٌ

وَلَدنا الناسَ طُرّاً أَجمَعينا

يُدَهدونَ الرُؤوسَ كَما تُدَهدي

حَزاوِرَةٌ بِأَبطَحِها الكُرينا

وَقَد عَلِمَ القَبائِلُ مِن مَعَدٍّ

إِذا قُبَبٌ بِأَبطَحِها بُنينا

بِأَنا المُطعِمونَ إِذا قَدَرن

وَأَنّا المُهلِكونَ إِذا اِبتُلينا

وَأَنّا المانِعونَ لِما أَرَدن

وَأَنّا النازِلونَ بِحَيثُ شينا

وَأَنّا التارِكونَ إِذا سَخِطن

وَأَنّا الآخِذونَ إَذا رَضينا

وَأَنّا العاصِمونَ إِذا أُطِعن

وَأَنّا العازِمونَ إِذا عُصينا

وَنَشرَبُ إِن وَرَدنا الماءَ صَفو

وَيَشرَبُ غَيرُنا كَدَراً وَطينا

أَلا أَبلِغ بَني الطَمّاحِ عَنّ

وَدُعمِيّاً فَكَيفَ وَجَدتُمونا

إِذا ما المَلكُ سامَ الناسَ خَسف

أَبَينا أَن نُقِرَّ الذُلَّ فينا

مَلَأنا البَرَّ حَتّى ضاقَ عَنّ

وَنَحنُ البَحرُ نَملأُهُ سَفينا

إَذا بَلَغَ الفِطامَ لَنا وَليدٌ

تَخِرُّ لَهُ الجَبابِرُ ساجِدينا

عُقاراً عُتِّقَت مِن عَهدِ نوحٍ

بِبَطنِ الدَنِّ تَبتَذِلُ السِنينا

كَأَنَّ الشُهبَ في الأَذانِ مِنه

إِذا قَرَعوا بحافَتِها الجَبينا

إِذا صَمَدَت حُمَيّاها أَريب

مِنَ الفِتيانِ خِلتَ بِهِ جُنونا

فَما بَرِحَت مَجالَ الشِربِ حَتّى

تَغالوها وَقالوا قَد رَوينا

أَفي لَيلى يُعاتِبُني أَبوه

وَإِخوَتُها وَهُم لي ظالِمونا

وَنَحراً مِثلَ ضَوءِ البَدرِ وافي

بِإِتمامٍ أُناساً مُدجِنينا

بِأَيِّ مَشيئَةٍ عَمرُو بنَ هِندٍ

تَرى أَنّا نَكونُ الأَرذَلينا

بِأَيِّ مَشيئَةٍ عَمرُو بنَ هِندٍ

تَقَدَّمُنا وَنَحنُ السابِقونا

بِنا اِهتَدَتِ القَبائِلُ مَن مَعَدٍّ

بِنارَينا وِكُنّا الموقِدينا

وَكانَ القَلبُ مِن عَكٍّ وَكانو

كَميناً حينَ أَن جُعِلوا كَمينا

وَأَسلَمنا الرِياسَةَ في نِزارٍ

وَكانَت مِنهُمُ في الأَحوَصينا

نَقودُ الخَيلَ دامِيَةً كُلاه

إِلى الأَعداءِ لاحِقَةً بُطونا

وَأَنّا المانِعُون لما يَلين

إَذا ما البيضُ فارَقَتِ الجُفونا

وَأَنّا الطالِبونَ إِذا اِنتَقَمن

وَأَنّا الضارِبون إِذا اُبتُلينا

وَأَنّا النازِلون بِكُلِّ ثَغرٍ

يَخافُ النازِلونَ بِهِ المَنونا

إِذا لَم نَحمِهِنَّ فَلا بَقين

لِشَيءٍ بَعدَهُنَّ وَلا حَيينا

لَنا الدُنيا وَمَن أَضحى عَلَيه

وَنَبطِشُ حينَ نَبطِشُ قادِرينا

نُسَمّى ظالِمينَ وَما ظُلِمن

وَلكِنا سَنَبدَأُ ظالِمينا

سَقَيناهُم بِكَأسِ المَوتِ صِرف

وَلاقوا في الوَقائِعِ أَقوَرينا

وَنَعدو حينَ لا يُعدى عَلَين

وَنَضرِبُ بِالمَواسي مَن يَلينا

تَنادى المُصعَبانِ وَآلُ بَكرٍ

وَنادوا يا لَكِندَةَ أَجمَعينا

فَإِن نَغلِب فَغَلّابونَ قِدم

وَإِن نُغلَب فَغَيرُ مُغَلَّبينا

قصيدة: أمن أم أوفى دمنة لم تكلم

للشاعر زهير بن أبي سلمى

أَمِن أُمِّ أَوفى دِمنَةٌ لَم تَكَلَّمِ

بِحَومانَةِ الدُرّاجِ فَالمُتَثَلَّمِ

وَدارٌ لَها بِالرَقمَتَينِ كَأَنَّها

مَراجِعُ وَشمٍ في نَواشِرِ مِعصَمِ

بِها العَينُ وَالأَرآمُ يَمشينَ خِلفَةً

وَأَطلاؤُها يَنهَضنَ مِن كُلِّ مَجثِمِ

وَقَفتُ بِها مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً

فَلَأياً عَرَفتُ الدارَ بَعدَ التَوَهُّمِ

أَثافِيَّ سُفعاً في مُعَرَّسِ مِرجَلٍ

وَنُؤياً كَجِذمِ الحَوضِ لَم يَتَثَلَّمِ

فَلَمّا عَرَفتُ الدارَ قُلتُ لِرَبعِها

أَلا عِم صَباحاً أَيُّها الرَبعُ وَاِسلَمِ

تَبَصَّر خَليلي هَل تَرى مِن ظَعائِنٍ

تَحَمَّلنَ بِالعَلياءِ مِن فَوقِ جُرثُمِ

عَلَونَ بِأَنماطٍ عِتاقٍ وَكِلَّةٍ

وِرادٍ حَواشيها مُشاكِهَةِ الدَمِ

وَفيهِنَّ مَلهىً لِلصَديقِ وَمَنظَرٌ

أَنيقٌ لِعَينِ الناظِرِ المُتَوَسِّمِ

بَكَرنَ بُكوراً وَاِستَحَرنَ بِسُحرَةٍ

فَهُنَّ لِوادي الرَسِّ كَاليَدِ لِلفَمِ

جَعَلنَ القَنانَ عَن يَمينٍ وَحَزنَهُ

وَمَن بِالقَنانِ مِن مُحِلٍّ وَمُحرِمِ

ظَهَرنَ مِنَ السوبانِ ثُمَّ جَزَعنَهُ

عَلى كُلِّ قَينِيٍّ قَشيبٍ مُفَأَّمِ

كَأَنَّ فُتاتَ العِهنِ في كُلِّ مَنزِلٍ

نَزَلنَ بِهِ حَبُّ الفَنا لَم يُحَطَّمِ

فَلَمّا وَرَدنَ الماءَ زُرقاً جِمامُهُ

وَضَعنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيِّمِ

سَعى ساعِيا غَيظِ بنِ مُرَّةَ بَعدَما

تَبَزَّلَ ما بَينَ العَشيرَةِ بِالدَمِ

فَأَقسَمتُ بِالبَيتِ الَّذي طافَ حَولَهُ

رِجالٌ بَنَوهُ مِن قُرَيشٍ وَجُرهُمِ

يَميناً لَنِعمَ السَيِّدانِ وُجِدتُما

عَلى كُلِّ حالٍ مِن سَحيلٍ وَمُبرَمِ

تَدارَكتُما عَبساً وَذُبيانَ بَعدَما

تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ

وَقَد قُلتُما إِن نُدرِكِ السِلمَ واسِعاً

بِمالٍ وَمَعروفٍ مِنَ الأَمرِ نَسلَمِ

فَأَصبَحتُما مِنها عَلى خَيرِ مَوطِنٍ

بَعيدَينِ فيها مِن عُقوقٍ وَمَأثَمِ

عَظيمَينِ في عُليا مَعَدٍّ وَغَيرِها

وَمَن يَستَبِح كَنزاً مِنَ المَجدِ يَعظُمِ

فَأَصبَحَ يَجري فيهُمُ مِن تِلادِكُم

مَغانِمُ شَتّى مِن إِفالِ المُزَنَّمِ

تُعَفّى الكُلومُ بِالمِئينَ فَأَصبَحَت

يُنَجِّمُها مَن لَيسَ فيها بِمُجرِمِ

يُنَجِّمُها قَومٌ لِقَومٍ غَرامَةً

وَلَم يُهَريقوا بَينَهُم مِلءَ مِحجَمِ

فَمِن مُبلِغُ الأَحلافِ عَنّي رِسالَةً

وَذُبيانَ هَل أَقسَمتُمُ كُلَّ مُقسَمِ

فَلا تَكتُمُنَّ اللَهَ ما في نُفوسِكُم

لِيَخفى وَمَهما يُكتَمِ اللَهُ يَعلَمِ

يُؤَخَّر فَيوضَع في كِتابٍ فَيُدَّخَر

لِيَومِ الحِسابِ أَو يُعَجَّل فَيُنقَمِ

وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ

وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ

مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً

وَتَضرَ إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ

فَتَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها

وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ

فَتُنتَج لَكُم غِلمانَ أَشأَمَ كُلُّهُم

كَأَحمَرِ عادٍ ثُمَّ تُرضِع فَتَفطِمِ

فَتُغلِل لَكُم ما لا تُغِلُّ لِأَهلِها

قُرىً بِالعِراقِ مِن قَفيزٍ وَدِرهَمِ

لَعَمري لَنِعمَ الحَيُّ جَرَّ عَلَيهِمُ

بِما لا يُواتيهِم حُصَينُ بنُ ضَمضَمِ

وَكانَ طَوى كَشحاً عَلى مُستَكِنَّةٍ

فَلا هُوَ أَبداها وَلَم يَتَجَمجَمِ

وَقالَ سَأَقضي حاجَتي ثُمَّ أَتَّقي

عَدُوّي بِأَلفٍ مِن وَرائِيَ مُلجَمِ

فَشَدَّ وَلَم تَفزَع بُيوتٌ كَثيرَةٌ

لَدى حَيثُ أَلقَت رَحلَها أُمُّ قَشعَمِ

لَدى أَسَدٍ شاكي السِلاحِ مُقَذَّفٍ

لَهُ لِبَدٌ أَظفارُهُ لَم تُقَلَّمِ

جَريءٍ مَتى يُظلَم يُعاقِب بِظُلمِهِ

سَريعاً وَإِلّا يُبدَ بِالظُلمِ يَظلِمِ

رَعَوا ما رَعَوا مِن ظِمئِهِم ثُمَّ أَورَدوا

غِماراً تَسيلُ بِالرِماحِ وَبِالدَمِ

فَقَضَّوا مَنايا بَينَهُم ثُمَّ أَصدَروا

إِلى كَلَأٍ مُستَوبِلٍ مُتَوَخَّمِ

لَعَمرُكَ ما جَرَّت عَلَيهِم رِماحُهُم

دَمَ اِبنِ نَهيكٍ أَو قَتيلِ المُثَلَّمِ

وَلا شارَكوا في القَومِ في دَمِ نَوفَلٍ

وَلا وَهَبٍ مِنهُم وَلا اِبنِ المُحَزَّمِ

فَكُلّاً أَراهُم أَصبَحوا يَعقِلونَهُم

عُلالَةَ أَلفٍ بَعدَ أَلفٍ مُصَتَّمِ

تُساقُ إِلى قَومٍ لِقَومٍ غَرامَةً

صَحيحاتِ مالٍ طالِعاتٍ بِمَخرِمِ

لِحَيٍّ حِلالٍ يَعصِمُ الناسَ أَمرُهُم

إِذا طَلَعَت إِحدى اللَيالي بِمُعظَمِ

كِرامٍ فَلا ذو الوِترِ يُدرِكُ وِترَهُ

لَدَيهِم وَلا الجاني عَلَيهِم بِمُسلَمِ

سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش

ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ

رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب

تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر فَيَهرَمِ

وَأَعلَمُ عِلمَ اليَومِ وَالأَمسِ قَبلَهُ

وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَمي

وَمَن لا يُصانِع في أُمورٍ كَثيرَةٍ

يُضَرَّس بِأَنيابٍ وَيوطَأ بِمَنسِمِ

وَمَن يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ

عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَمِ

وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ

يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ

وَمَن لا يَذُد عَن حَوضِهِ بِسِلاحِهِ

يُهَدَّم وَمَن لا يَظلِمِ الناسَ يُظلَمِ

وَمَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلقَها

وَلَو رامَ أَسبابَ السَماءِ بِسُلَّمِ

وَمَن يَعصِ أَطرافَ الزُجاجِ فَإِنَّهُ

يُطيعُ العَوالي رُكِّبَت كُلَّ لَهذَمِ

وَمَن يوفِ لا يُذمَم وَمَن يُفضِ قَلبُهُ

إِلى مُطمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمجَمِ

وَمَن يَغتَرِب يَحسِب عَدُوّاً صَديقَهُ

وَمَن لا يُكَرِّم نَفسَهُ لا يُكَرَّمِ

وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ

وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ

وَمَن لا يَزَل يَستَحمِلُ الناسَ نَفسَهُ

وَلا يُغنِها يَوماً مِنَ الدَهرِ يُسأَمِ

قصيدة: آذنتنا ببينها أسماء

للشاعر الحارث بن حلزة

آَذَنَتنا بِبَينِها أَسماءُ

رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنهُ الثَواءُ

آَذَنَتنا بِبَينِها ثُمَّ وَلَّت

لَيتَ شِعري مَتى يَكونُ اللِقاءُ

بَعدَ عَهدٍ لَها بِبُرقَةِ شَمّا

ءَ فَأَدنى ديارَها الخَلصَاءُ

فَمَحيّاةٌ فَالصَفاحُ فَأَعلى

ذي فِتاقٍ فَغَاذِبٌ فَالوَفاءُ

فَرياضُ القَطا فَأَودِيَةُ الشُر

بُبِ فَالشُعبَتانِ فَالأَبلاءُ

لا أَرى مَن عَهِدتُ فيها فَأَبكي ال

يَومَ دَلهاً وَما يَرُدُّ البُكاءُ

وَبِعَينَيكَ أَوقَدَت هِندٌ النا

رَ أَخيراً تُلوي بِها العَلياءُ

أَوقَدَتها بَينَ العَقيقِ فَشَخصَي

نِ بِعودٍ كَما يَلوحُ الضِياءُ

فَتَنَوَّرتُ نارَها مِن بَعيدٍ

بِخَزارٍ هَيهاتَ مِنكَ الصلاءُ

غَيرَ أَنّي قَد أَستَعينُ عَلى الهَ

مِّ إِذا خَفَّ بِالثَوِيِّ النَجاءُ

بِزَفُوفٍ كَأَنَّها هِقلَةٌ أَ

مُّ رِئالٍ دَوِّيَّةٌ سَقفاءُ

آَنَسَت نَبأةً وَأَفزَعَها القَ

نّاصُ عَصراً وَقَد دَنا الإِمساءُ

فَتَرى خَلفَها مِنَ الرَجعِ وَالوَق

عِ مَنيناً كَأَنَّهُ إِهباءُ

وَطِراقاً مِن خَلفِهِنَّ طِراقٌ

ساقِطاتٌ تُلوي بِها الصَحراءُ

أَتَلَهّى بِها الهَواجِرَ إِذ كُ

لُّ اِبنَ هَمٍّ بَلِيَّةٌ عَمياءُ

وَأَتانا عَن الأَراقِمِ أَنبا

ءٌ وَخَطبٌ نُعنى بِهِ وَنُساءُ

أَنَّ إِخوانِنا الأَرَاقِمَ يَغلو

نَ عَلَينا في قَولِهِم إِحفاءُ

يَخلِطونَ البَريءَ مِنّا بِذي الذَن

بِ وَلا يَنفَعُ الخَلِيَّ الخِلاءُ

زَعَمُوا أَنَّ كُلَّ مَن ضَرَبَ العَي

رَ مَوالٍ لَنا وَأَنّا الوَلاءُ

أَجمَعوا أَمرَهُم بِلَيلٍ فَلَمّا

أَصبَحُوا أَصبَحَت لَهُم ضَوضاءُ

مِن مُنادٍ وَمِن مُجيبٍ وَمِن تَص

هالِ خَيلٍ خِلالَ ذاكَ رُغاءُ

أَيُّها الناطِقُ المُرَقِّشُ عَنّا

عِندَ عَمرَوٍ وَهَل لِذاكَ بَقَاءُ

لا تَخَلنا عَلى غَرائِكَ إِنّا

قَبلُ ما قَد وَشى بِنا الأَعداءُ

فَبَقينا عَلى الشَناءَةِ تَنمِي

نا حُصونٌ وَعِزَّةٌ قَعساءُ

قَبلَ ما اليَومِ بَيَّضَت بِعُيونِ ال

ناسِ فيها تَعَيُّطٌ وَإِباءُ

وَكأَنَّ المَنونَ تَردِي بِنا أَر

عَنَ جَوناً يَنجابُ عَنهُ العَماءُ

مُكفَهِراً عَلى الحَوادِثِ لا تَر

توهُ لِلدَهرِ مُؤيِدٌ صَمّاءُ

اَيّما خُطَّةٍ أَرَدتُم فَأَدّ

ها إِلَينا تَمشي بِها الأَملاءُ

إِن نَبَشتُم ما بَينَ مِلحَةَ فَالصا

قِبِ فيهِ الأَمواتُ وَالأَحياءُ

أَو نَقَشتُم فَالنَقشُ تَجشَمُهُ النا

سُ وَفيهِ الصَلاحُ وَالإِبراءُ

أَوسَكَتُم عَنّا فَكُنّا كَمَن أَغ

مَضَ عَيناً في جَفنِها أَقذاءُ

أَو مَنَعتُم ما تُسأَلونَ فَمَن حُ

دِّثتُمُوهُ لَهُ عَلَينا العَلاءُ

هَل عَلِمتُم أَيّامَ يُنتَهَبُ النا

سُ غِواراً لِكُلِّ حَيٍّ عُواءُ

إِذ رَفَعنا الجِمالَ مِن سَعَفِ البَح

رَينِ سَيراً حَتّى نَهاها الحِساءُ

ثُمَ مِلنا عَلى تَميمٍ فَأَحرَم

نا وَفينا بَناتُ مُرٍّ إِماءُ

لا يُقيمُ العَزيزُ في البَلَدِ السَه

لِ وَلا يَنفَعُ الذَليلَ النِجاءُ

لَيسَ يُنجي مُوائِلاً مِن حِذارِ

رَأَسُ طَودٍ وَحَرَّةٌ رَجلاءُ

فَمَلَكنا بِذَلِكَ الناسَ حَتّى

مَلَكَ المُنذِرُ بِنُ ماءِ السَماءِ

وَهُوَ الرَبُّ وَالشَهيدُ عَلى يَو

مِ الحَيارَينِ وَالبَلاءُ بَلاءُ

مَلِكٌ أَضلَعُ البَرِيَّةِ لا يو

جَدُ فيها لِما لَدَيهِ كِفاءُ

فَاِترُكوا البَغيَّ وَالتَعَدي وَإِما

تَتَعاشوا فَفي التَعاشي الدَاءُ

وَاِذكُرُوا حِلفَ ذي المَجازِ وَما قُ

دِّمَ فيهِ العُهودُ وَالكُفَلاءُ

حَذَرَ الخَونِ وَالتَعَدّي وَهَل يَن

قُضُ ما في المَهارِقِ الأَهواءُ

وَاِعلَموا أَنَّنا وَإِيّاكُم في

ما اِشتَرَطنا يَومَ اِختَلَفنا سَواءُ

أَعَلَينا جُناحُ كِندَةَ أَن يَغ

نَمَ غازِيهُمُ وَمِنّا الجَزاءُ

أم عَلَينا جُرّى حَنيفَةَ أَو ما

جَمَّعَت مِن مُحارِبٍ غَبراءُ

أَم جَنايا بَني عَتيقٍ فَمَن يَغ

دِر فَإِنّا مِن حَربِهِم بُراءُ

أَم عَلَينا جَرّى العِبادُ كَما ني

طَ بِجَوزِ المَحمَلِ الأَعباءُ

أَم عَلَينا جَرّى قُضاعَةَ أَم لَي

سَ عَلَينا مِمّا جَنوا أَنداءُ

لَيسَ مِنّا المُضَرَّبونَ وَلا قَي

سٌ وَلا جَندَلٌ وَلا الحَدَاءُ

أَم عَلَينا جَرّى إِيادٍ كَما قي

لَ لِطَسمٍ أَخوكُم الأَبّاءُ

غَنَناً باطِلاً وَظُلماً كَما تُع

تَرُ عَن حَجرَةِ الرَبيضِ الظَباءُ

وَثَمانونَ مَن تَميمٍ بِأيدي

هم رِماحٌ صُدُورُهُنَّ القَضاءُ

لَم يُخَلّوا بَني رِزاحٍ بِبَرقا

ءِ نِطاعٍ لَهُم عَلَيهُم دُعاءُ

تَرَكوهُم مُلَحَّبينَ فَآبوا

بِنهابٍ يَصَمُّ فيهِ الحُداء

وَأَتَوهُم يَستَرجِعُونَ فَلَم تَر

جِعُ لَهُم شامَةٌ وَلا زَهراءُ

ثُمَّ فاءَوا مِنهُم بِقاصِمَةِ ال

ظَّهرِ وَلا يَبرُدُ الغَليلَ الماءُ

ثُمَّ خَيلٌ مِن بَعدِ ذاكَ مَعَ الغَ

لّاقِ لا رَأَفَةٌ وَلا إِبقاءُ

ما أصابوا مِن تَغلَبِيِّ فَمَطَلو

لٌ عَلَيهِ إِذا تَوَلّى العَفاءُ

كَتَكاليفِ قَومِنا إِذ غَزا المُن

ذِرُ هَلِ نَحنُ لابنِ هِندٍ رِعاءُ

إِذ أَحَلَّ العَلاَةَ قُبَّةَ مَيسو

نَ فَأَدنى دِيارِها العَوصاءُ

فَتَأَوَّت لَهُم قَراضِبَةٌ مِن

مُحلِّ حَيٍّ كَأَنَّهُم أَلقاءُ

فَهَداهُم بِالأَسوَدَينِ وَأَمرُ اللَ

هِ بَلغٌ يَشقى بِهِ الأَشقياءُ

إِذ تَمَنّونَهُم غُروراً فَساقَت

هُمِ إِلَيكُم أُمنِيَّةٌ أَشراءُ

لَم يَغُرّوكُم غُروراً وَلَكن

يَرفَعُ الآلُ جَمعَهُم وَالضَحاءُ

أَيُّها الشانِئُ المُبلِّغُ عَنّا

عِندَ عَمرَوٍ وَهَل لِذاكَ اِنتهاءُ

مَلِكٌ مُقسِطٌ وَأَكمَلُ مَن يَم

شي وَمِن دونَ ما لَدَيهِ الثَناءُ

إِرمي بِمثلِهِ جالَتِ الجِنُّ

فَآبَت لِخَصمِها الأَجلاءُ

مَن لَنا عِندَهُ مِنَ الخَيرِ آيا

تٌ ثَلاثٌ في كُلِّهِنَّ القَضاءُ

آيةٌ شارِقُ الشَقيقَةِ إِذ جا

ءَوا جَميعاً لِكُلِّ حَيٍّ لِوَاءُ

حَولَ قَيسٍ مُستَلئِمِينَ بِكَبشٍ

قَرَظِيٍّ كَأَنَّهُ عَبلاءُ

وَصَتيتٍ مِنَ العَواتِكِ ما تَن

هاهُ إِلّا مُبيَضَّةٌ رَعلاءُ

فَجَبَهناهُمُ بِضَربٍ كَما يَخرُجُ

مِن خُربَةِ المَزادِ الماءُ

وَحَمَلناهُمُ عَلى حَزمِ ثَهلا

نِ شِلالاً وَدُمِّيَ الأَنساءُ

وَفَعَلنا بِهِم كَما عَلِمَ اللَ

هُ وَما إِن لِلحائِنينَ دِماءُ

ثُمَّ حُجراً أَعني اِبنَ أُمِّ قَطَامٍ

وَلَهُ فَارِسِيَّةٌ خَضراءُ

أَسَدٌ في اللِقاءَ وَردٌ هَموسٌ

وَرَبيعٌ إِن شَنَّعَت غَبراءُ

فَرَدَدناهُم بِطَعنٍ كَما تُن

هَزُ عَن جَمَّةِ الطَوِيِّ الدِلاءُ

وَفَكَكنا غُلَّ اِمرِئِ القَيسِ عَنهُ

بَعدَ ما طالَ حَبسُهُ وَالعَناءُ

وَأَقَدناهُ رَبَّ غَسانَ بِالمُن

ذِرِ كَرهاً إِذ لا تُكالُ الدَماءُ

وَفَدَيناهُمُ بِتِسعَةِ أَملا

كٍ نَدَامى أَسلابُهُم أَغلاءُ

وَمَعَ الجَونِ جَونِ آَلِ بَني الأَو

سِ عَنُودٌ كَأَنَّها دَفواءُ

ما جَزِعنا تَحتَ العَجاجَةِ إِذ وَ

لَّت بِأَقفائِها وَحَرَّ الصِلاءُ

وَوَلَدنا عَمرو بِن أُمِّ أُناسٍ

مِن قَريبٍ لَمّا أَتانا الحِباءُ

مِثلُها تُخرِجُ النَصيحةَ لِلقَو

مِ فَلاةٌ مِن دونِها أَفلاءُ

قصيدة: يا دار مية بالعلياء فالسند

للشاعر النابغة الذبياني

يا دارَ مَيَّةَ بِالعَلياءِ فَالسَنَدِ

أَقوَت وَطالَ عَلَيها سالِفُ الأَبَدِ

وَقَفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها

عَيَّت جَواباً وَما بِالرَبعِ مِن أَحَدِ

إِلّا الأَوارِيَّ لَأياً ما أُبَيِّنُها

وَالنُؤيَ كَالحَوضِ بِالمَظلومَةِ الجَلَدِ

رَدَّت عَلَيهِ أَقاصيهِ وَلَبَّدَهُ

ضَربُ الوَليدَةِ بِالمِسحاةِ في الثَأَدِ

خَلَّت سَبيلَ أَتِيٍّ كانَ يَحبِسُهُ

وَرَفَّعَتهُ إِلى السَجفَينِ فَالنَضَدِ

أَمسَت خَلاءً وَأَمسى أَهلُها اِحتَمَلوا

أَخنى عَلَيها الَّذي أَخنى عَلى لُبَدِ

فَعَدِّ عَمّا تَرى إِذ لا اِرتِجاعَ لَهُ

وَاِنمِ القُتودَ عَلى عَيرانَةٍ أُجُدِ

مَقذوفَةٍ بِدَخيسِ النَحضِ بازِلُها

لَهُ صَريفٌ صَريفُ القَعوِ بِالمَسَدِ

كَأَنَّ رَحلي وَقَد زالَ النَهارُ بِنا

يَومَ الجَليلِ عَلى مُستَأنِسٍ وَحِدِ

مِن وَحشِ وَجرَةَ مَوشِيٍّ أَكارِعُهُ

طاوي المُصَيرِ كَسَيفِ الصَيقَلِ الفَرَدِ

سَرَت عَلَيهِ مِنَ الجَوزاءِ سارِيَةٌ

تُزجي الشَمالُ عَلَيهِ جامِدَ البَرَدِ

فَاِرتاعَ مِن صَوتِ كَلّابٍ فَباتَ لَهُ

طَوعَ الشَوامِتِ مِن خَوفٍ وَمِن صَرَدِ

فَبَثَّهُنَّ عَلَيهِ وَاِستَمَرَّ بِهِ

صُمعُ الكُعوبِ بَريئاتٌ مِنَ الحَرَدِ

وَكانَ ضُمرانُ مِنهُ حَيثُ يوزِعُهُ

طَعنَ المُعارِكِ عِندَ المُحجَرِ النَجُدِ

شَكَّ الفَريصَةَ بِالمِدرى فَأَنقَذَها

طَعنَ المُبَيطِرِ إِذ يَشفي مِنَ العَضَدِ

كَأَنَّهُ خارِجاً مِن جَنبِ صَفحَتِهِ

سَفّودُ شَربٍ نَسوهُ عِندَ مُفتَأَدِ

فَظَلَّ يَعجُمُ أَعلى الرَوقِ مُنقَبِضاً

في حالِكِ اللَونِ صَدقٍ غَيرِ ذي أَوَدِ

لَمّا رَأى واشِقٌ إِقعاصَ صاحِبِهِ

وَلا سَبيلَ إِلى عَقلٍ وَلا قَوَدِ

قالَت لَهُ النَفسُ إِنّي لا أَرى طَمَعاً

وَإِنَّ مَولاكَ لَم يَسلَم وَلَم يَصِدِ

فَتِلكَ تُبلِغُني النُعمانَ إِنَّ لَهُ

فَضلاً عَلى الناسِ في الأَدنى وَفي البَعَدِ

وَلا أَرى فاعِلاً في الناسِ يُشبِهُهُ

وَلا أُحاشي مِنَ الأَقوامِ مِن أَحَدِ

إِلّا سُلَيمانُ إِذ قالَ الإِلَهُ لَهُ

قُم في البَرِيَّةِ فَاِحدُدها عَنِ الفَنَدِ

وَشَيِّسِ الجِنَّ إِنّي قَد أَذِنتُ لَهُم

يَبنونَ تَدمُرَ بِالصُفّاحِ وَالعَمَدِ

فَمَن أَطاعَكَ فَاِنفَعهُ بِطاعَتِهِ

كَما أَطاعَكَ وَاِدلُلهُ عَلى الرَشَدِ

وَمَن عَصاكَ فَعاقِبهُ مُعاقَبَةً

تَنهى الظَلومَ وَلا تَقعُد عَلى ضَمَدِ

إِلّا لِمِثلِكَ أَو مَن أَنتَ سابِقُهُ

سَبقَ الجَوادَ إِذا اِستَولى عَلى الأَمَدِ

أَعطى لِفارِهَةٍ حُلوٍ تَوابِعُها

مِنَ المَواهِبِ لا تُعطى عَلى نَكَدِ

الواهِبُ المِئَةَ المَعكاءَ زَيَّنَها

سَعدانُ توضِحَ في أَوبارِها اللِبَدِ

وَالأُدمَ قَد خُيِّسَت فُتلاً مَرافِقُها

مَشدودَةً بِرِحالِ الحيرَةِ الجُدُدِ

وَالراكِضاتِ ذُيولَ الرَيطِ فانَقَها

بَردُ الهَواجِرِ كَالغِزلانِ بِالجَرَدِ

وَالخَيلَ تَمزَعُ غَرباً في أَعِنَّتِها

كَالطَيرِ تَنجو مِنَ الشُؤبوبِ ذي البَرَدِ

اِحكُم كَحُكمِ فَتاةِ الحَيِّ إِذ نَظَرَت

إِلى حَمامِ شِراعٍ وارِدِ الثَمَدِ

يَحُفُّهُ جانِبا نيقٍ وَتُتبِعُهُ

مِثلَ الزُجاجَةِ لَم تُكحَل مِنَ الرَمَدِ

قالَت أَلا لَيتَما هَذا الحَمامُ لَنا

إِلى حَمامَتِنا وَنِصفُهُ فَقَدِ

فَحَسَّبوهُ فَأَلفَوهُ كَما حَسَبَت

تِسعاً وَتِسعينَ لَم تَنقُص وَلَم تَزِدِ

فَكَمَّلَت مِئَةً فيها حَمامَتُها

وَأَسرَعَت حِسبَةً في ذَلِكَ العَدَدِ

فَلا لَعَمرُ الَّذي مَسَّحتُ كَعبَتَهُ

وَما هُريقَ عَلى الأَنصابِ مِن جَسَدِ

وَالمُؤمِنِ العائِذاتِ الطَيرِ تَمسَحُها

رُكبانُ مَكَّةَ بَينَ الغَيلِ وَالسَعَدِ

ما قُلتُ مِن سَيِّئٍ مِمّا أَتَيتَ بِهِ

إِذاً فَلا رَفَعَت سَوطي إِلَيَّ يَدي

إِلّا مَقالَةَ أَقوامٍ شَقيتُ بِها

كانَت مَقالَتُهُم قَرعاً عَلى الكَبِدِ

إِذاً فَعاقَبَني رَبّي مُعاقَبَةً

قَرَّت بِها عَينُ مَن يَأتيكَ بِالفَنَدِ

أُنبِئتُ أَنَّ أَبا قابوسَ أَوعَدَني

وَلا قَرارَ عَلى زَأرٍ مِنَ الأَسَدِ

مَهلاً فِداءٌ لَكَ الأَقوامُ كُلُّهُمُ

وَما أُثَمَّرُ مِن مالٍ وَمِن وَلَدِ

لا تَقذِفَنّي بِرُكنٍ لا كِفاءَ لَهُ

وَإِن تَأَثَّفَكَ الأَعداءُ بِالرِفَدِ

فَما الفُراتُ إِذا هَبَّ الرِياحُ لَهُ

تَرمي أَواذِيُّهُ العِبرَينِ بِالزَبَدِ

يَمُدُّهُ كُلُّ وادٍ مُترَعٍ لَجِبٍ

فيهِ رِكامٌ مِنَ اليَنبوتِ وَالخَضَدِ

يَظَلُ مِن خَوفِهِ المَلّاحُ مُعتَصِماً

بِالخَيزُرانَةِ بَعدَ الأَينِ وَالنَجَدِ

يَوماً بِأَجوَدَ مِنهُ سَيبَ نافِلَةٍ

وَلا يَحولُ عَطاءُ اليَومِ دونَ غَدِ

هَذا الثَناءُ فَإِن تَسمَع بِهِ حَسَناً

فَلَم أُعَرِّض أَبَيتَ اللَعنَ بِالصَفَدِ

ها إِنَّ ذي عِذرَةٌ إِلّا تَكُن نَفَعَت

فَإِنَّ صاحِبَها مُشارِكُ النَكَدِ

قصيدة: أقفر من أهله ملحوب

للشاعر عبيد بن الأبرص

أَقفَرَ مِن أَهلِهِ مَلحوبُ

فَالقُطَبِيّاتُ فَالذَنوبُ

فَراكِسٌ فَثُعَيلِباتٌ

فَذاتُ فِرقَينِ فَالقَليبُ

فَعَردَةٌ فَقَفا حِبِرٍّ

لَيسَ بِها مِنهُمُ عَريبُ

إِن بُدِّلَت أَهلُها وُحوشاً

وَغَيَّرَت حالَها الخُطوبُ

أَرضٌ تَوارَثُها شُعوبُ

وَكُلُّ مَن حَلَّها مَحروبُ

إِمّا قَتيلاً وَإِمّا هالِكاً

وَالشَيبُ شَينٌ لِمَن يَشيبُ

عَيناكَ دَمعُهُما سَروبُ

كَأَنَّ شَأنَيهِما شَعيبُ

واهِيَةٌ أَو مَعينٌ مُمعِنٌ

أَو هَضبَةٌ دونَها لُهوبُ

أَو فَلَجٌ ما بِبَطنِ وادٍ

لِلماءِ مِن بَينِهِ سُكوبُ

أَو جَدوَلٌ في ظِلالِ نَخلٍ

لِلماءِ مِن تَحتِهِ قَسيبُ

تَصبو فَأَنّى لَكَ التَصابي

أَنّى وَقَد راعَكَ المَشيبُ

إِن تَكُ حالَت وَحُوِّلَ أَهلُها

فَلا بَديءٌ وَلا عَجيبُ

أَو يَكُ أَقفَرَ مِنها جَوُّها

وَعادَها المَحلُ وَالجُدوبُ

فَكُلُّ ذي نِعمَةٍ مَخلوسٌ

وَكُلُّ ذي أَمَلٍ مَكذوبُ

وَكُلُّ ذي إِبِلٍ مَوروثٌ

وَكُلُّ ذي سَلَبٍ مَسلوبُ

وَكُلُّ ذي غَيبَةٍ يَؤوبُ

وَغائِبُ المَوتِ لا يَؤوبُ

أَعاقِرٌ مِثلُ ذاتِ رِحمٍ

أَم غَنِمٌ مِثلُ مَن يَخيبُ

أَفلِح بِما شِئتَ فَقَد يُبلَغُ بِال

ضَعفِ وَقَد يُخدَعُ الأَريبُ

لا يَعِظُ الناسُ مَن لَم يَعِظِ ال

دَهرُ وَلا يَنفَعُ التَلبيبُ

إِلّا سَجِيّاتِ ما القُلوبِ

وَكَم يَصيرَنَّ شانِئاً حَبيبُ

ساعِد بِأَرضٍ إِذا كُنتَ بِها

وَلا تَقُل إِنَّني غَريبُ

قَد يوصَلُ النازِحُ النائي وَقَد

يُقطَعُ ذو السُهمَةِ القَريبُ

مَن يَسَلِ الناسَ يَحرِموهُ

وَسائِلُ اللَهِ لا يَخيبُ

وَالمَرءُ ما عاشَ في تَكذيبٍ

طولُ الحَياةِ لَهُ تَعذيبُ

بَل رُبَّ ماءٍ وَرَدتُ آجِنٍ

سَبيلُهُ خائِفٌ جَديبُ

ريشُ الحَمامِ عَلى أَرجائِهِ

لِلقَلبِ مِن خَوفِهِ وَجيبُ

قَطَعتُهُ غُدوَةً مُشيحاً

وَصاحِبي بادِنٌ خَبوبُ

عَيرانَةٌ مُؤجَدٌ فَقارُها

كَأَنَّ حارِكَها كَثيبُ

أَخلَفَ ما بازِلاً سَديسُها

لا حِقَّةٌ هِي وَلا نَيوبُ

كَأَنَّها مِن حَميرِ غابٍ

جَونٌ بِصَفحَتِهِ نُدوبُ

أَو شَبَبٌ يَحفِرُ الرُخامى

تَلُفُّهُ شَمأَلٌ هُبوبُ

فَذاكَ عَصرٌ وَقَد أَراني

تَحمِلُني نَهدَةٌ سُرحوبُ

مُضَبَّرٌ خَلقُها تَضبيراً

يَنشَقُّ عَن وَجهِها السَبيبُ

زَيتِيَّةٌ ناعِمٌ عُروقُها

وَلَيِّنٌ أَسرُها رَطيبُ

كَأَنَّها لِقوَةٌ طَلوبُ

تُخزَنُ في وَكرِها القُلوبُ

باتَت عَلى إِرَمٍ عَذوباً

كَأَنَّها شَيخَةٌ رَقوبُ

فَأَصبَحَت في غَداةِ قِرَّةٍ

يَسقُطُ عَن ريشِها الضَريبُ

فَأَبصَرَت ثَعلَباً مِن ساعَةٍ

وَدونَهُ سَبسَبٌ جَديبُ

فَنَفَضَت ريشَها وَاِنتَفَضَت

وَهيَ مِن نَهضَةٍ قَريبُ

يَدِبُّ مِن حِسِّها دَبيباً

وَالعَينُ حِملاقُها مَقلوبُ

فَنَهَضَت نَحوَهُ حَثيثَةً

وَحَرَدَت حَردَةً تَسيبُ

فَاِشتالَ وَاِرتاعَ مِن حَسيسِها

وَفِعلَهُ يَفعَلُ المَذؤوبُ

فَأَدرَكَتهُ فَطَرَّحَتهُ

وَالصَيدُ مِن تَحتِها مَكروبُ

فَجَدَّلَتهُ فَطَرَّحَتهُ

فَكَدَّحَت وَجهَهُ الجَبوبُ

يَضغو وَمِخلَبُها في دَفِّهِ

لا بُدَّ حَيزومُهُ مَنقوبُ

قصيدة: ودع هريرة إن الركب مرتحل

للشاعر الأعشى

وَدِّع هُرَيرَةَ إِنَّ الرَكبَ مُرتَحِلُ

وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيُّها الرَجُلُ

غَرّاءُ فَرعاءُ مَصقولٌ عَوارِضُها

تَمشي الهُوَينا كَما يَمشي الوَجي الوَحِلُ

كَأَنَّ مِشيَتَها مِن بَيتِ جارَتِها

مَرُّ السَحابَةِ لا رَيثٌ وَلا عَجَلُ

تَسمَعُ لِلحَليِ وَسواساً إِذا اِنصَرَفَت

كَما اِستَعانَ بِريحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ

لَيسَت كَمَن يَكرَهُ الجيرانُ طَلعَتَها

وَلا تَراها لِسِرِّ الجارِ تَختَتِلُ

يَكادُ يَصرَعُها لَولا تَشَدُّدُها

إِذا تَقومُ إِلى جاراتِها الكَسَلُ

إِذا تُعالِجُ قِرناً ساعَةً فَتَرَت

وَاِهتَزَّ مِنها ذَنوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ

مِلءُ الوِشاحِ وَصِفرُ الدَرعِ بَهكَنَةٌ

إِذا تَأَتّى يَكادُ الخَصرُ يَنخَزِلُ

صَدَّت هُرَيرَةُ عَنّا ما تُكَلِّمُنا

جَهلاً بِأُمِّ خُلَيدٍ حَبلَ مَن تَصِلُ

أَأَن رَأَت رَجُلاً أَعشى أَضَرَّ بِهِ

رَيبُ المَنونِ وَدَهرٌ مُفنِدٌ خَبِلُ

نِعمَ الضَجيعُ غَداةَ الدَجنِ يَصرَعَها

لِلَّذَةِ المَرءِ لا جافٍ وَلا تَفِلُ

هِركَولَةٌ فُنُقٌ دُرمٌ مَرافِقُها

كَأَنَّ أَخمَصَها بِالشَوكِ مُنتَعِلُ

إِذا تَقومُ يَضوعُ المِسكُ أَصوِرَةً

وَالزَنبَقُ الوَردُ مِن أَردانِها شَمِلُ

ما رَوضَةٌ مِن رِياضِ الحَزنِ مُعشَبَةٌ

خَضراءُ جادَ عَلَيها مُسبِلٌ هَطِلُ

يُضاحِكُ الشَمسَ مِنها كَوكَبٌ شَرِقٌ

مُؤَزَّرٌ بِعَميمِ النَبتِ مُكتَهِلُ

يَوماً بِأَطيَبَ مِنها نَشرَ رائِحَةٍ

وَلا بِأَحسَنَ مِنها إِذ دَنا الأُصُلُ

عُلَّقتُها عَرَضاً وَعُلَّقَت رَجُلاً

غَيري وَعُلَّقَ أُخرى غَيرَها الرَجُلُ

وَعَلَّقَتهُ فَتاةٌ ما يُحاوِلُها

مِن أَهلِها مَيِّتٌ يَهذي بِها وَهِلُ

وَعُلِّقَتني أُخَيرى ما تُلائِمُني

فَاِجتَمَعَ الحُبَّ حُبّاً كُلُّهُ تَبِلُ

فَكُلُّنا مُغرَمٌ يَهذي بِصاحِبِهِ

ناءٍ وَدانٍ وَمَحبولٌ وَمُحتَبِلُ

قالَت هُرَيرَةُ لَمّا جِئتُ زائِرَها

وَيلي عَلَيكَ وَوَيلي مِنكَ يا رَجُلُ

يا مَن يَرى عارِضاً قَد بِتُّ أَرقُبُهُ

كَأَنَّما البَرقُ في حافاتِهِ الشُعَلُ

لَهُ رِدافٌ وَجَوزٌ مُفأَمٌ عَمِلٌ

مُنَطَّقٌ بِسِجالِ الماءِ مُتَّصِلُ

لَم يُلهِني اللَهوُ عَنهُ حينَ أَرقُبُهُ

وَلا اللَذاذَةُ مِن كَأسٍ وَلا الكَسَلُ

فَقُلتُ لِلشَربِ في دُرنى وَقَد ثَمِلوا

شيموا وَكَيفَ يَشيمُ الشارِبُ الثَمِلُ

بَرقاً يُضيءُ عَلى أَجزاعِ مَسقِطِهِ

وَبِالخَبِيَّةِ مِنهُ عارِضٌ هَطِلُ

قالوا نِمارٌ فَبَطنُ الخالِ جادَهُما

فَالعَسجَدِيَّةُ فَالأَبلاءُ فَالرِجَلُ

فَالسَفحُ يَجري فَخِنزيرٌ فَبُرقَتُهُ

حَتّى تَدافَعَ مِنهُ الرَبوُ فَالجَبَلُ

حَتّى تَحَمَّلَ مِنهُ الماءَ تَكلِفَةً

رَوضُ القَطا فَكَثيبُ الغَينَةِ السَهِلُ

يَسقي دِياراً لَها قَد أَصبَحَت عُزُباً

زوراً تَجانَفَ عَنها القَودُ وَالرَسَلُ

وَبَلدَةً مِثلِ ظَهرِ التُرسِ موحِشَةٍ

لِلجِنِّ بِاللَيلِ في حافاتِها زَجَلُ

لا يَتَنَمّى لَها بِالقَيظِ يَركَبُها

إِلّا الَّذينَ لَهُم فيما أَتَوا مَهَلُ

جاوَزتُها بِطَليحٍ جَسرَةٍ سُرُحٍ

في مِرفَقَيها إِذا اِستَعرَضتَها فَتَلُ

إِمّا تَرَينا حُفاةً لا نِعالَ لَنا

إِنّا كَذَلِكَ ما نَحفى وَنَنتَعِلُ

فَقَد أُخالِسُ رَبَّ البَيتِ غَفلَتَهُ

وَقَد يُحاذِرُ مِنّي ثُمَّ ما يَئلُ

وَقَد أَقودُ الصَبى يَوماً فَيَتبَعُني

وَقَد يُصاحِبُني ذو الشِرَّةِ الغَزِلُ

وَقَد غَدَوتُ إِلى الحانوتِ يَتبَعُني

شاوٍ مِشَلٌّ شَلولٌ شُلشُلٌ شَوِلُ

في فِتيَةٍ كَسُيوفِ الهِندِ قَد عَلِموا

أَن لَيسَ يَدفَعُ عَن ذي الحيلَةِ الحِيَلُ

نازَعتُهُم قُضُبَ الرَيحانِ مُتَّكِئاً

وَقَهوَةً مُزَّةٌ راوُوقُها خَضِلُ

لا يَستَفيقونَ مِنها وَهيَ راهَنَةٌ

إِلّا بِهاتِ وَإِن عَلَّوا وَإِن نَهِلوا

يَسعى بِها ذو زُجاجاتٍ لَهُ نُطَفٌ

مُقَلِّصٌ أَسفَلَ السِربالِ مُعتَمِلُ

وَمُستَجيبٍ تَخالُ الصَنجَ يَسمَعُهُ

إِذا تُرَجِّعُ فيهِ القَينَةُ الفُضُلُ

مِن كُلِّ ذَلِكَ يَومٌ قَد لَهَوتُ بِهِ

وَفي التَجارِبِ طولُ اللَهوِ وَالغَزَلُ

وَالساحِباتُ ذُيولَ الخَزِّ آوِنَةً

وَالرافِلاتُ عَلى أَعجازِها العِجَلُ

أَبلِغ يَزيدَ بَني شَيبانَ مَألُكَةً

أَبا ثُبيتٍ أَما تَنفَكُّ تَأتَكِلُ

أَلَستَ مُنتَهِياً عَن نَحتِ أَثلَتِنا

وَلَستَ ضائِرَها ما أَطَّتِ الإِبِلُ

تُغري بِنا رَهطَ مَسعودٍ وَإِخوَتِهِ

عِندَ اللِقاءِ فَتُردي ثُمَّ تَعتَزِلُ

لَأَعرِفَنَّكَ إِن جَدَّ النَفيرُ بِنا

وَشُبَّتِ الحَربُ بِالطُوّافِ وَاِحتَمَلوا

كَناطِحٍ صَخرَةً يَوماً لِيَفلِقَها

فَلَم يَضِرها وَأَوهى قَرنَهُ الوَعِلُ

لَأَعرِفَنَّكَ إِن جَدَّت عَداوَتُنا

وَاِلتُمِسَ النَصرُ مِنكُم عوضُ تُحتَمَلُ

تُلزِمُ أَرماحَ ذي الجَدَّينِ سَورَتَنا

عِندَ اللِقاءِ فَتُرديهِم وَتَعتَزِلُ

لا تَقعُدَنَّ وَقَد أَكَّلتَها حَطَباً

تَعوذُ مِن شَرِّها يَوماً وَتَبتَهِلُ

قَد كانَ في أَهلِ كَهفٍ إِن هُمُ قَعَدوا

وَالجاشِرِيَّةِ مَن يَسعى وَيَنتَضِلُ

سائِل بَني أَسَدٍ عَنّا فَقَد عَلِموا

أَن سَوفَ يَأتيكَ مِن أَنبائِنا شَكَلُ

وَاِسأَل قُشَيراً وَعَبدَ اللَهِ كُلُّهُمُ

وَاِسأَل رَبيعَةَ عَنّا كَيفَ نَفتَعِلُ

إِنّا نُقاتِلُهُم ثُمَّتَ نَقتُلُهُم

عِندَ اللِقاءِ وَهُم جاروا وَهُم جَهِلوا

كَلّا زَعَمتُم بِأَنّا لا نُقاتِلُكُم

إِنّا لِأَمثالِكُم يا قَومَنا قُتُلُ

حَتّى يَظَلَّ عَميدُ القَومِ مُتَّكِئاً

يَدفَعُ بِالراحِ عَنهُ نِسوَةٌ عُجُلُ

أَصابَهُ هِندُوانِيٌّ فَأَقصَدَهُ

أَو ذابِلٌ مِن رِماحِ الخَطِّ مُعتَدِلُ

قَد نَطعَنُ العيرَ في مَكنونِ فائِلِهِ

وَقَد يَشيطُ عَلى أَرماحِنا البَطَلُ

هَل تَنتَهونَ وَلا يَنهى ذَوي شَطَطٍ

كَالطَعنِ يَذهَبُ فيهِ الزَيتُ وَالفُتُلُ

إِنّي لَعَمرُ الَّذي خَطَّت مَناسِمُها

لَهُ وَسيقَ إِلَيهِ الباقِرُ الغُيُلُ

لَئِن قَتَلتُم عَميداً لَم يَكُن صَدَداً

لَنَقتُلَن مِثلَهُ مِنكُم فَنَمتَثِلُ

لَئِن مُنيتَ بِنا عَن غِبِّ مَعرَكَةٍ

لَم تُلفِنا مِن دِماءِ القَومِ نَنتَفِلُ

نَحنُ الفَوارِسُ يَومَ الحِنوِ ضاحِيَةً

جَنبي فُطَيمَةَ لا ميلٌ وَلا عُزُلُ

قالوا الرُكوبَ فَقُلنا تِلكَ عادَتُنا

أَو تَنزِلونَ فَإِنّا مَعشَرٌ نُزُلُ

قصيدة: عفت الديار محلها فمقامها

للشاعر لبيد بن ربيعة

عَفَتِ الدِيارُ مَحَلُّها فَمُقامُها

بِمَنىً تَأَبَّدَ غَولُها فَرِجامُها

فَمَدافِعُ الرَيّانِ عُرِّيَ رَسمُها

خَلَقاً كَما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها

دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعدَ عَهدِ أَنيسِها

حِجَجٌ خَلَونَ حَلالُها وَحَرامُها

رُزِقَت مَرابيعَ النُجومِ وَصابَها

وَدقُ الرَواعِدِ جَودُها فَرِهامُها

مِن كُلِّ سارِيَةٍ وَغادٍ مُدجِنٍ

وَعَشيَّةٍ مُتَجاوِبٍ إِرزامُها

فَعَلا فُروعُ الأَيهُقانِ وَأَطفَلَت

بِالجَهلَتَينِ ظِبائُها وَنَعامُها

وَالعَينُ ساكِنَةٌ عَلى أَطلائِها

عوذاً تَأَجَّلُ بِالفَضاءِ بِهامُها

وَجَلا السُيولُ عَنِ الطُلولِ كَأَنَّها

زُبُرٌ تُجِدُّ مُتونَها أَقلامُها

أَو رَجعُ واشِمَةٍ أُسِفَّ نُؤورُها

كِفَفاً تَعَرَّضَ فَوقَهِنَّ وِشامُها

فَوَقَفتُ أَسأَلُها وَكَيفَ سُؤالُنا

صُمّاً خَوالِدَ ما يُبينُ كَلامُها

عَرِيَت وَكانَ بِها الجَميعُ فَأَبكَروا

مِنها وَغودِرَ نُؤيُها وَثُمامُها

شاقَتكَ ظُعنُ الحَيِّ حينَ تَحَمَّلوا

فَتَكَنَّسوا قُطُناً تَصِرُّ خِيامُها

مِن كُلِّ مَحفوفٍ يُظِلُّ عَصِيَّهُ

زَوجٌ عَلَيهِ كِلَّةٌ وَقِرامُها

زُجَلاً كَأَنَّ نِعاجَ توضِحَ فَوقَها

وَظِباءَ وَجرَةَ عُطَّفاً آرامُها

حُفِزَت وَزايَلَها السَرابُ كَأَنَّها

أَجزاعُ بيشَةَ أَثلُها وَرُضامُها

بَل ما تَذَكَّرُ مِن نَوارَ وَقَد نَأَت

وَتَقَطَّعَت أَسبابُها وَرِمامُها

مُرِّيَّةٌ حَلَّت بِفَيدِ وَجاوَرَت

أَهلَ الحِجازِ فَأَينَ مِنكَ مَرامُها

بِمَشارِقِ الجَبَلَينِ أَو بِمُحَجَّرٍ

فَتَضَمَّنَتها فَردَةٌ فَرُخامُها

فَصُوائِقٌ إِن أَيمَنَت فَمَظِنَّةٌ

فيها وِحافُ القَهرِ أَو طِلخامُها

فَاِقطَع لُبانَةَ مَن تَعَرَّضَ وَصلُهُ

وَلَشَرُّ واصِلِ خُلَّةٍ صَرّامُها

وَاِحبُ المُجامِلَ بِالجَزيلِ وَصَرمُهُ

باقٍ إِذا ضَلَعَت وَزاغَ قِوامُها

بِطَليحِ أَسفارٍ تَرَكنَ بَقِيَّةً

مِنها فَأَحنَقَ صُلبُها وَسَنامُها

وَإِذا تَغالى لَحمُها وَتَحَسَّرَت

وَتَقَطَّعَت بَعدَ الكَلالِ خِدامُها

فَلَها هِبابٌ في الزِمامِ كَأَنَّها

صَهباءُ خَفَّ مَعَ الجَنوبِ جَهامُها

أَو مُلمِعٌ وَسَقَت لِأَحقَبَ لاحَهُ

طَردُ الفُحولِ وَضَربُها وَكِدامُها

يَعلو بِها حُدبَ الإِكامِ مُسَحَّجٌ

قَد رابَهُ عِصيانُها وَوِحامُها

بِأَحِزَّةِ الثَلَبوتِ يَربَأُ فَوقَها

قَفرَ المَراقِبِ خَوفُها آرامُها

حَتّى إِذا سَلَخا جُمادى سِتَّةً

جَزءً فَطالَ صِيامُهُ وَصِيامُها

رَجَعا بِأَمرِهِما إِلى ذي مِرَّةٍ

حَصِدٍ وَنُجحُ صَريمَةٍ إِبرامُها

وَرَمى دَوابِرَها السَفا وَتَهَيَّجَت

ريحُ المَصايِفِ سَومُها وَسِهامُها

فَتَنازَعا سَبِطاً يَطيرُ ظِلالُهُ

كَدُخانِ مُشعَلَةٍ يُشَبُّ ضِرامُها

مَشمولَةٍ غُلِثَت بِنابِتِ عَرفَجٍ

كَدُخانِ نارٍ ساطِعٍ أَسنامُها

فَمَضى وَقَدَّمَها وَكانَت عادَةً

مِنهُ إِذا هِيَ عَرَّدَت إِقدامُها

فَتَوَسَّطا عُرضَ السَرِيِّ وَصَدَّعا

مَسجورَةً مُتَجاوِراً قُلّامُها

مَحفوفَةً وَسطَ اليَراعِ يُظِلُّها

مِنهُ مُصَرَّعُ غابَةٍ وَقِيامُها

أَفَتِلكَ أَم وَحشِيَّةٌ مَسبوعَةٌ

خَذَلَت وَهادِيَةُ الصِوارِ قِوامُها

خَنساءُ ضَيَّعَتِ الفَريرَ فَلَم يَرِم

عُرضَ الشَقائِقِ طَوفُها وَبُغامُها

لِمُعَفَّرٍ قَهدٍ تَنازَعَ شِلوَهُ

غُبسٌ كَواسِبُ لا يُمَنُّ طَعامُها

صادَفنَ مِنها غِرَّةً فَأَصَبنَها

إِنَّ المَنايا لا تَطيشُ سِهامُها

باتَت وَأَسبَلَ واكِفٌ مِن ديمَةٍ

يُروي الخَمائِلَ دائِماً تَسجامُها

يَعلو طَريقَةَ مَتنِها مُتَواتِرٌ

في لَيلَةٍ كَفَرَ النُجومَ غَمامُها

تَجتافُ أَصلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً

بِعُجوبِ أَنقاءٍ يَميلُ هُيامُها

وَتُضيءُ في وَجهِ الظَلامُ مُنيرَةً

كَجُمانَةِ البَحرِيِّ سُلَّ نِظامُها

حَتّى إِذا اِنحَسَرَ الظَلامُ وَأَسفَرَت

بَكَرَت تَزُلُّ عَنِ الثَرى أَزلامُها

عَلِهَت تَرَدَّدُ في نِهاءِ صَعائِدٍ

سَبعاً تُؤاماً كامِلاً أَيّامُها

حَتّى إِذا يَئِسَت وَأَسحَقَ حالِقٌ

لَم يُبلِهِ إِرضاعُها وَفِطامُها

وَتَوَجَّسَت رِزَّ الأَنيسِ فَراعَها

عَن ظَهرِ غَيبٍ وَالأَنيسُ سَقامُها

فَغَدَت كِلا الفَرجَينِ تَحسَبُ أَنَّهُ

مَولى المَخافَةِ خَلفُها وَأَمامُها

حَتّى إِذا يَئِسَ الرُماةُ وَأَرسَلوا

غُضفاً دَواجِنَ قافِلاً أَعصامُها

فَلَحِقنَ وَاِعتَكَرَت لَها مَدرِيَّةٌ

كَالسَمهَرِيَّةِ حَدُّها وَتَمامُها

لِتَذودَهُنَّ وَأَيقَنَت إِن لَم تَذُد

أَن قَد أَحَمَّ مَعَ الحُتوفِ حِمامُها

فَتَقَصَّدَت مِنها كَسابِ فَضُرِّجَت

بِدَمٍ وَغودِرَ في المَكَرِّ سُخامُها

فَبِتِلكَ إِذ رَقَصَ اللَوامِعُ بِالضُحى

وَاِجتابَ أَردِيَةَ السَرابِ إِكامُها

أَقضي اللُبانَةَ لا أُفَرِّطُ ريبَةً

أَو أَن يَلومَ بِحاجَةٍ لُوّامُها

أَوَلَم تَكُن تَدري نَوارُ بِأَنَّني

وَصّالُ عَقدِ حَبائِلٍ جَذّامُها

تَرّاكُ أَمكِنَةٍ إِذا لَم أَرضَها

أَو يَعتَلِق بَعضَ النُفوسِ حِمامُها

بَل أَنتِ لا تَدرينَ كَم مِن لَيلَةٍ

طَلقٍ لَذيذٍ لَهوُها وَنِدامُها

قَد بِتُّ سامِرَها وَغايَةُ تاجِرٍ

وافَيتُ إِذ رُفِعَت وَعَزَّ مُدامُها

أُغلي السِباءَ بِكُلِّ أَدكَنَ عاتِقٍ

أَو جَونَةٍ قُدِحَت وَفُضَّ خِتامُها

وَصَبوحِ صافِيَةٍ وَجَذبِ كَرينَةٍ

بِمُوَتَّرٍ تَأتالُهُ إِبهامُها

بادَرتُ حاجَتَها الدَجاجَ بِسُحرَةٍ

لِأُعَلَّ مِنها حينَ هَبَّ نِيامُها

وَغَداةِ ريحٍ قَد وَزَعتُ وَقَرَّةٍ

إِذ أَصبَحَت بِيَدِ الشَمالِ زِمامُها

وَلَقَد حَمَيتُ الحَيَّ تَحمُلُ شِكَّتي

فُرُطٌ وَشاحِيَ إِذ غَدَوتُ لِجامُها

فَعَلَوتُ مُرتَقِباً عَلى ذي هَبوَةٍ

حَرِجٍ إِلى أَعلامِهِنَّ قَتامُها

حَتّى إِذا أَلقَت يَداً في كافِرٍ

وَأَجَنَّ عَوراتِ الثُغورِ ظَلامُها

أَسهَلتُ وَاِنتَصَبَت كَجَذعِ مُنيفَةٍ

جَرداءَ يَحصَرُ دونَها جُرّامُها

رَفَّعتُها طَرَدَ النِعامِ وَشَلَّهُ

حَتّى إِذا سَخِنَت وَخَفَّ عِظامُها

قَلِقَت رِحالَتُها وَأَسبَلَ نَحرُها

وَاِبتَلَّ مِن زَبَدِ الحَميمِ حِزامُها

تَرقى وَتَطعَنُ في العِنانِ وَتَنتَحي

وِردَ الحَمامَةِ إِذ أَجَدَّ حَمامُها

وَكَثيرَةٍ غُرَبائُها مَجهولَةٍ

تُرجى نَوافِلُها وَيُخشى ذامُها

غُلبٌ تَشَذَّرُ بِالذُحولِ كَأَنَّها

جِنُّ البَدِيِّ رَواسِياً أَقدامُها

أَنكَرتُ باطِلَها وَبُؤتُ بِحَقِّها

عِندي وَلَم يَفخَر عَلَيَّ كِرامُها

وَجَزورِ أَيسارٍ دَعَوتُ لِحَتفِها

بِمَغالِقٍ مُتَشابِهٍ أَجسامُها

أَدعو بِهِنَّ لِعاقِرٍ أَو مُطفِلٍ

بُذِلَت لِجِيرانِ الجَميعِ لِحامُها

فَالضَيفُ وَالجارُ الجَنيبُ كَأَنَّما

هَبَطا تَبالَةَ مُخصِباً أَهضامُها

تَأوي إِلى الأَطنابِ كُلُّ رَذِيَّةٍ

مِثلُ البَلِيَّةِ قالِصٌ أَهدامُها

وَيُكَلِّلونَ إِذا الرِياحُ تَناوَحَت

خُلُجاً تُمَدُّ شَوارِعاً أَيتامُها

إِنّا إِذا اِلتَقَتِ المَجامِعُ لَم يَزَل

مِنّا لِزازُ عَظيمَةٍ جَشّامُها

وَمُقَسِّمٌ يُعطي العَشيرَةَ حَقَّها

وَمُغَذمِرٌ لِحُقوقِها هَضّامُها

فَضلاً وَذو كَرَمٍ يُعينُ عَلى النَدى

سَمحٌ كَسوبُ رَغائِبٍ غَنّامُها

مِن مَعشَرٍ سَنَّت لَهُم آبائُهُم

وَلِكُلِّ قَومٍ سُنَّةٌ وَإِمامُها

لا يَطبَعونَ وَلا يَبورُ فَعالُهُم

إِذ لا يَميلُ مَعَ الهَوى أَحلامُها

فَاِقنَع بِما قَسَمَ المَليكُ فَإِنَّما

قَسَمَ الخَلائِقَ بَينَنا عَلّامُها

وَإِذا الأَمانَةُ قُسِّمَت في مَعشَرٍ

أَوفى بِأَوفَرِ حَظِّنا قَسّامُها

فَبَنى لَنا بَيتاً رَفيعاً سَمكُهُ

فَسَما إِلَيهِ كَهلُها وَغُلامُها

وَهُمُ السُعاةُ إِذا العَشيرَةُ أَفظِعَت

وَهُمُ فَوارِسُها وَهُم حُكّامُها

وَهُمُ رَبيعٌ لِلمُجاوِرِ فيهُمُ

وَالمُرمِلاتِ إِذا تَطاوَلَ عامُها

وَهُمُ العَشيرَةُ أَن يُبَطِّئَ حاسِدٌ

أَو أَن يَميلَ مَعَ العَدُوِّ لِئامُها

قصيدة: لخولة أطلال ببرقة ثهمد

للشاعر طرفة بن العبد

لِخَولَةَ أَطلالٌ بِبُرقَةِ ثَهمَدِ

تَلوحُ كَباقي الوَشمِ في ظاهِرِ اليَدِ

وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم

يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ

كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً

خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ

عَدَوليَّةٌ أَو مِن سَفينِ اِبنِ يامِنٍ

يَجورُ بِها المَلّاحُ طَوراً وَيَهتَدي

يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بِها

كَما قَسَمَ التُربَ المُفايِلُ بِاليَدِ

وَفي الحَيِّ أَحوى يَنفُضُ المَردَ شادِنٌ

مُظاهِرُ سِمطَي لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ

خَذولٌ تُراعي رَبرَباً بِخَميلَةٍ

تَناوَلُ أَطرافَ البَريرِ وَتَرتَدي

وَتَبسِمُ عَن أَلمى كَأَنَّ مُنَوِّراً

تَخَلَّلَ حُرَّ الرَملِ دِعصٌ لَهُ نَدي

سَقَتهُ إِياةُ الشَمسِ إِلّا لِثاتِهِ

أُسِفَّ وَلَم تَكدِم عَلَيهِ بِإِثمِدِ

وَوَجهٌ كَأَنَّ الشَمسَ حَلَّت رِدائَها

عَلَيهِ نَقِيُّ اللَونِ لَم يَتَخَدَّدِ

وَإِنّي لَأَمضي الهَمَّ عِندَ اِحتِضارِهِ

بِعَوجاءَ مِرقالٍ تَروحُ وَتَغتَدي

أَمونٍ كَأَلواحِ الأَرانِ نَصَأتُها

عَلى لاحِبٍ كَأَنَّهُ ظَهرُ بُرجُدِ

جَماليَّةٍ وَجناءَ تَردي كَأَنَّها

سَفَنَّجَةٌ تَبري لِأَزعَرَ أَربَدِ

تُباري عِتاقاً ناجِياتٍ وَأَتبَعَت

وَظيفاً وَظيفاً فَوقَ مَورٍ مُعَبَّدِ

تَرَبَّعَتِ القُفَّينِ في الشَولِ تَرتَعي

حَدائِقَ مَوليِّ الأَسِرَّةِ أَغيَدِ

تَريعُ إِلى صَوتِ المُهيبِ وَتَتَّقي

بِذي خُصَلٍ رَوعاتِ أَكلَفَ مُلبِدِ

كَأَنَّ جَناحَي مَضرَحيٍّ تَكَنَّفا

حِفافَيهِ شُكّا في العَسيبِ بِمَسرَدِ

فَطَوراً بِهِ خَلفَ الزَميلِ وَتارَةً

عَلى حَشَفٍ كَالشَنِّ ذاوٍ مُجَدَّدِ

لَها فَخِذانِ أُكمِلَ النَحضُ فيهِما

كَأَنَّهُما بابا مُنيفٍ مُمَرَّدِ

وَطَيُّ مَحالٍ كَالحَنيِّ خُلوفُهُ

وَأَجرِنَةٌ لُزَّت بِدَأيٍ مُنَضَّدِ

كَأَنَّ كِناسَي ضالَةٍ يُكنِفانِها

وَأَطرَ قِسيٍّ تَحتَ صُلبٍ مُؤَيَّدِ

لَها مِرفَقانِ أَفتَلانِ كَأَنَّها

تَمُرُّ بِسَلمَي دالِجٍ مُتَشَدَّدِ

كَقَنطَرَةِ الروميِّ أَقسَمَ رَبُّها

لَتُكتَنَفَن حَتّى تُشادَ بِقَرمَدِ

صُهابيَّةُ العُثنونِ موجَدَةُ القَرا

بَعيدَةُ وَخدِ الرِجلِ مَوّارَةُ اليَدِ

أُمِرَّت يَداها فَتلَ شَزرٍ وَأُجنِحَت

لَها عَضُداها في سَقيفٍ مُسَنَّدِ

جُنوحٌ دِفاقٌ عَندَلٌ ثُمَّ أُفرِعَت

لَها كَتِفاها في مُعالىً مُصَعَّدِ

كَأَنَّ عُلوبَ النِسعِ في دَأَياتِها

مَوارِدُ مِن خَلقاءَ في ظَهرِ قَردَدِ

تَلاقى وَأَحياناً تَبينُ كَأَنَّها

بَنائِقُ غُرٌّ في قَميصٍ مُقَدَّدِ

وَأَتلَعُ نَهّاضٌ إِذا صَعَّدَت بِهِ

كَسُكّانِ بوصيٍّ بِدِجلَةَ مُصعِدِ

وَجُمجُمَةٌ مِثلُ العَلاةِ كَأَنَّما

وَعى المُلتَقى مِنها إِلى حَرفِ مِبرَدِ

وَخَدٌّ كَقِرطاسِ الشَآمي وَمِشفَرٌ

كَسِبتِ اليَماني قَدُّهُ لَم يُجَرَّدِ

وَعَينانِ كَالماوَيَّتَينِ اِستَكَنَّتا

بِكَهفَي حِجاجَي صَخرَةٍ قَلتِ مَورِدِ

طَحورانِ عُوّارَ القَذى فَتَراهُما

كَمَكحولَتَي مَذعورَةٍ أُمِّ فَرقَدِ

وَصادِقَتا سَمعِ التَوَجُّسِ لِلسُرى

لِهَجسٍ خَفِيٍّ أَو لِصَوتٍ مُنَدَّدِ

مُؤَلَّلَتانِ تَعرِفُ العِتقَ فيهِما

كَسامِعَتَي شاةٍ بِحَومَلَ مُفرَدِ

وَأَروَعُ نَبّاضٌ أَحَذُّ مُلَملَمٌ

كَمِرداةِ صَخرٍ في صَفيحٍ مُصَمَّدِ

وَأَعلَمُ مَخروتٌ مِنَ الأَنفِ مارِنٌ

عَتيقٌ مَتى تَرجُم بِهِ الأَرضَ تَزدَدِ

وَإِن شِئتُ لَم تُرقِل وَإِن شِئتُ أَرقَلَت

مَخافَةَ مَلويٍّ مِنَ القَدِّ مُحصَدِ

وَإِن شِئتُ سامى واسِطَ الكورِ رَأسُها

وَعامَت بِضَبعَيها نَجاءَ الخَفَيدَدِ

عَلى مِثلِها أَمضي إِذا قالَ صاحِبي

أَلا لَيتَني أَفديكَ مِنها وَأَفتَدي

وَجاشَت إِلَيهِ النَفسُ خَوفاً وَخالَهُ

مُصاباً وَلَو أَمسى عَلى غَيرِ مَرصَدِ

إِذا القَومُ قالوا مَن فَتىً خِلتُ أَنَّني

عُنيتُ فَلَم أَكسَل وَلَم أَتَبَلَّدِ

أَحَلتُ عَلَيها بِالقَطيعِ فَأَجذَمَت

وَقَد خَبَّ آلُ الأَمعَزِ المُتَوَقِّدِ

فَذالَت كَما ذالَت وَليدَةُ مَجلِسٍ

تُري رَبَّها أَذيالَ سَحلٍ مُمَدَّدِ

وَلَستُ بِحَلّالِ التِلاعِ مَخافَةً

وَلَكِن مَتى يَستَرفِدِ القَومُ أَرفِدِ

فَإِن تَبغِني في حَلقَةِ القَومِ تَلقَني

وَإِن تَقتَنِصني في الحَوانيتِ تَصطَدِ

مَتى تَأتِني أُصبِحكَ كَأساً رَويَّةً

وَإِن كُنتَ عَنها ذا غِنىً فَاِغنَ وَاِزدَدِ

وَإِن يَلتَقِ الحَيُّ الجَميعُ تُلاقِني

إِلى ذِروَةِ البَيتِ الرَفيعِ المُصَمَّدِ

نَدامايَ بيضٌ كَالنُجومِ وَقَينَةٌ

تَروحُ عَلَينا بَينَ بُردٍ وَمَجسَدِ

رَحيبٌ قِطابُ الجَيبِ مِنها رَقيقَةٌ

بِجَسِّ النَدامى بَضَّةُ المُتَجَرَّدِ

إِذا نَحنُ قُلنا أَسمِعينا اِنبَرَت لَنا

عَلى رِسلِها مَطروقَةً لَم تَشَدَّدِ

إِذا رَجَّعَت في صَوتِها خِلتَ صَوتَها

تَجاوُبَ أَظآرٍ عَلى رُبَعٍ رَدي

وَما زالَ تَشرابي الخُمورَ وَلَذَّتي

وَبَيعي وَإِنفاقي طَريفي وَمُتلَدي

إِلى أَن تَحامَتني العَشيرَةُ كُلُّها

وَأُفرِدتُ إِفرادَ البَعيرِ المُعَبَّدِ

رَأَيتُ بَني غَبراءَ لا يُنكِرونَني

وَلا أَهلُ هَذاكَ الطِرافِ المُمَدَّدِ

أَلا أَيُّهَذا اللائِمي أَحضُرَ الوَغى

وَأَن أَشهَدَ اللَذّاتِ هَل أَنتَ مُخلِدي

فَإِن كُنتَ لا تَسطيعُ دَفعَ مَنيَّتي

فَدَعني أُبادِرها بِما مَلَكَت يَدي

وَلَولا ثَلاثٌ هُنَّ مِن عيشَةِ الفَتى

وَجَدِّكَ لَم أَحفِل مَتى قامَ عُوَّدي

فَمِنهُنَّ سَبقي العاذِلاتِ بِشَربَةٍ

كُمَيتٍ مَتى ما تُعلَ بِالماءِ تُزبِدِ

وَكَرّي إِذا نادى المُضافُ مُحَنَّباً

كَسيدِ الغَضا نَبَّهتَهُ المُتَوَرِّدِ

وَتَقصيرُ يَومَ الدَجنِ وَالدَجنُ مُعجِبٌ

بِبَهكَنَةٍ تَحتَ الطِرافِ المُعَمَّدِ

كَأَنَّ البُرينَ وَالدَماليجَ عُلِّقَت

عَلى عُشَرٍ أَو خِروَعٍ لَم يُخَضَّدِ

كَريمٌ يُرَوّي نَفسَهُ في حَياتِهِ

سَتَعلَمُ إِن مُتنا غَداً أَيُّنا الصَدي

أَرى قَبرَ نَحّامٍ بَخيلٍ بِمالِهِ

كَقَبرِ غَويٍّ في البَطالَةِ مُفسِدِ

تَرى جُثوَتَينِ مِن تُرابٍ عَلَيهِما

صَفائِحُ صُمٌّ مِن صَفيحٍ مُنَضَّدِ

أَرى المَوتَ يَعتامُ الكِرامَ وَيَصطَفي

عَقيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ

أَرى العَيشَ كَنزاً ناقِصاً كُلَّ لَيلَةٍ

وَما تَنقُصِ الأَيّامُ وَالدَهرُ يَنفَدِ

لَعَمرُكَ إِنَّ المَوتَ ما أَخطَأَ الفَتى

لَكَالطِوَلِ المُرخى وَثِنياهُ بِاليَدِ

فَما لي أَراني وَاِبنَ عَمِّيَ مالِكاً

مَتى أَدنُ مِنهُ يَنأَ عَنّي وَيَبعُدِ

يَلومُ وَما أَدري عَلامَ يَلومُني

كَما لامَني في الحَيِّ قُرطُ بنُ مَعبَدِ

وَأَيأَسَني مِن كُلِّ خَيرٍ طَلَبتُهُ

كَأَنّا وَضَعناهُ إِلى رَمسِ مُلحَدِ

عَلى غَيرِ ذَنبٍ قُلتُهُ غَيرَ أَنَّني

نَشَدتُ فَلَم أُغفِل حَمولَةَ مَعبَدِ

وَقَرَّبتُ بِالقُربى وَجَدِّكَ إِنَّني

مَتى يَكُ أَمرٌ لِلنَكيثَةِ أَشهَدِ

وَإِن أُدعَ لِلجُلّى أَكُن مِن حُماتِها

وَإِن يَأتِكَ الأَعداءُ بِالجَهدِ أَجهَدِ

وَإِن يَقذِفوا بِالقَذعِ عِرضَكَ أَسقِهِم

بِكَأسِ حِياضِ المَوتِ قَبلَ التَهَدُّدِ

بِلا حَدَثٍ أَحدَثتُهُ وَكَمُحدِثٍ

هِجائي وَقَذفي بِالشَكاةِ وَمُطرَدي

فَلَو كانَ مَولايَ اِمرَأً هُوَ غَيرَهُ

لَفَرَّجَ كَربي أَو لَأَنظَرَني غَدي

وَلَكِنَّ مَولايَ اِمرُؤٌ هُوَ خانِقي

عَلى الشُكرِ وَالتَسآلِ أَو أَنا مُفتَدِ

وَظُلمُ ذَوي القُربى أَشَدُّ مَضاضَةً

عَلى المَرءِ مِن وَقعِ الحُسامِ المُهَنَّدِ

فَذَرني وَخُلقي إِنَّني لَكَ شاكِرٌ

وَلَو حَلَّ بَيتي نائِياً عِندَ ضَرغَدِ

فَلَو شاءَ رَبّي كُنتُ قَيسَ بنَ خالِدٍ

وَلَو شاءَ رَبّي كُنتُ عَمروَ بنَ مَرثَدِ

فَأَصبَحتُ ذا مالٍ كَثيرٍ وَزارَني

بَنونَ كِرامٌ سادَةٌ لِمُسَوَّدِ

أَنا الرَجُلُ الضَربُ الَّذي تَعرِفونَهُ

خَشاشٌ كَرَأسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ

فَآلَيتُ لا يَنفَكُّ كَشحي بِطانَةً

لِعَضبٍ رَقيقِ الشَفرَتَينِ مُهَنَّدِ

حُسامٍ إِذا ما قُمتُ مُنتَصِراً بِهِ

كَفى العَودَ مِنهُ البَدءُ لَيسَ بِمِعضَدِ

أَخي ثِقَةٍ لا يَنثَني عَن ضَريبَةٍ

إِذا قيلَ مَهلاً قالَ حاجِزُهُ قَدّي

إِذا اِبتَدَرَ القَومُ السِلاحَ وَجَدتَني

مَنيعاً إِذا بَلَّت بِقائِمِهِ يَدي

وَبَركٍ هُجودٍ قَد أَثارَت مَخافَتي

بَوادِيَها أَمشي بِعَضبٍ مُجَرَّدِ

فَمَرَّت كَهاةٌ ذاتُ خَيفٍ جُلالَةٌ

عَقيلَةُ شَيخٍ كَالوَبيلِ يَلَندَدِ

يَقولُ وَقَد تَرَّ الوَظيفُ وَساقُها

أَلَستَ تَرى أَن قَد أَتَيتَ بِمُؤيِدِ

وَقالَ أَلا ماذا تَرَونَ بِشارِبٍ

شَديدٍ عَلَينا بَغيُهُ مُتَعَمِّدِ

وَقالَ ذَروهُ إِنَّما نَفعُها لَهُ

وَإِلّا تَكُفّوا قاصِيَ البَركِ يَزدَدِ

فَظَلَّ الإِماءُ يَمتَلِلنَ حُوارَها

وَيُسعى عَلَينا بِالسَديفِ المُسَرهَدِ

فَإِن مُتُّ فَاِنعيني بِما أَنا أَهلُهُ

وَشُقّي عَلَيَّ الجَيبَ يا اِبنَةَ مَعبَدِ

وَلا تَجعَليني كَاِمرِئٍ لَيسَ هَمُّهُ

كَهَمّي وَلا يُغني غَنائي وَمَشهَدي

بَطيءٍ عَنِ الجُلّى سَريعٍ إِلى الخَنى

ذَلولٍ بِأَجماعِ الرِجالِ مُلَهَّدِ

فَلَو كُنتُ وَغلاً في الرِجالِ لَضَرَّني

عَداوَةُ ذي الأَصحابِ وَالمُتَوَحِّدِ

وَلَكِن نَفى عَنّي الرِجالَ جَراءَتي

عَلَيهِم وَإِقدامي وَصِدقي وَمَحتِدي

لَعَمرُكَ ما أَمري عَلَيَّ بِغُمَّةٍ

نَهاري وَلا لَيلي عَلَيَّ بِسَرمَدِ

وَيَومٍ حَبَستُ النَفسَ عِندَ عِراكِهِ

حِفاظاً عَلى عَوراتِهِ وَالتَهَدُّدِ

عَلى مَوطِنٍ يَخشى الفَتى عِندَهُ الرَدى

مَتى تَعتَرِك فيهِ الفَرائِصُ تُرعَدِ

وَأَصفَرَ مَضبوحٍ نَظَرتُ حِوارَهُ

عَلى النارِ وَاِستَودَعتُهُ كَفَّ مُجمِدِ

سَتُبدي لَكَ الأَيّامُ ما كُنتَ جاهِلاً

وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تُزَوِّدِ

وَيَأتيكَ بِالأَخبارِ مَن لَم تَبِع لَهُ

بَتاتاً وَلَم تَضرِب لَهُ وَقتَ مَوعِدِ
15الآداب
مزيد من المشاركات
فوائد الحلبة مع العسل

فوائد الحلبة مع العسل

ما هي الفوائد المحتملة للحلبة مع العسل؟ استخدم مزيج الحلبة مع العسل والليمون في القدم بهدف خفض الحمى، ولكن في الحقيقة لا توجد دراسات علمية كافية إلى الآن تثبت صحة ذلك، وبشكل عام يوجد العديد من الفوائد الصحية لكل من الحلبة والعسل على حدة، و يجدر التنبيه إلى ضرورة استشارة الطبيب قبل استخدام نبات الحلبة أو المكملات الغذائية المحتوية عليه؛ إذ قد يتعارض استخدامه مع بعض الاضطرابات أو المشاكل الصحية. الفوائد العامة للحلبة تنتمي الحلبة إلى نفس عائلة حبوب الصويا، ويستخدم الناس في العادة بذورها الطازجة
معايير التميز المؤسسي

معايير التميز المؤسسي

العمل المؤسسيّ في ظل تزاحم الأعمال في كافة الميادين، وفي ظل اتساع الأسواق وازدياد حدة وشراسة المنافسة بين الفئات التنافسية التي تعمل في نفس القطاع ، أصبح هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق القائمين على العمل في المؤسسات وعلى العاملين فيها أنّ يحققوا أكبر قدر ممكن من التميز والنجاح لضمان الصمود في وجه المنظمات الأخرى وتحقيق الميزة التنافسية بينها، علماً أن هناك تعاظم كبير في دور عمل المؤسسات ليس فقط في الاقتصاديات المتقدمة، بل وأيضاً في الاقتصاديات النامية، ومن هنا برزت الحاجة إلى وجود جُملة من
كم تبلغ كثافة الماء

كم تبلغ كثافة الماء

قيم كثافة الماء عند درجات حرارة مختلفة تُقاس الكثافة بوحدة (كغ/م ) ، وفقاً للنظام الدولي للوحدات (SI) ويُمكن تمثيلها بوحدة (غم/سم) وهي الوحدة شائعة الاستخدام، ويوضّح الجدول الآتي قيم كثافة الماء عند درجات حرارة مئوية مختلفة: درجة الحرارة (درجة مئوية) الكثافة (غم/سم ) 0 0.99987 4.0 1.00000 4.4 0.99999 10 0.99975 15.6 0.99907 21 0.99802 26.7 0.99669 32.2 0.99510 37.8 0.99318 48.9 0.98870 60 0.98338 71.1 0.97729 82.2 0.97056 93.3 0.96333 100 0.95865 تفسير ارتباط كثافة الماء بدرجة حرارته يُفسّر
طريقة عمل آيس شوكلت

طريقة عمل آيس شوكلت

آيس شوكلت بالشوكولاتة مدّة تحضير المكوّنات 10 دقائق مدّة الطهي 5 دقائق تكفي لـ شخصين طريقة الطهي المزج المكوّنات مئة وستون غراماً من الشوكولاتة . ملعقتان كبيرتان من مزيج شراب الشوكولاتة. ملعقة ونصف من السكر. كوب ونصف من الحليب. ثلاثة أكواب من الثلج. كريمة الخفق. شوكولاتة للتزيين. طريقة التحضير قطّع الشوكولاتة إلى قطع صغيرة. ضع الشوكولاتة في قِدر فوق حمام من الماء المغلي. قلّب المزيج إلى أن يذوب تماماً. أضف مزيج شراب الشوكولاتة والسكر. حرّك المزيج إلى أن يذوب تماماً. أزل المزيج عن النار، ثمّ
فوائد شرب الخزامى

فوائد شرب الخزامى

ما فوائد شرب الخزامى يُساعد شرب الخزامى أو ما يُعرف باللافندر (بالإنجليزية: Lavender) على تخفيف القلق وتعزيز القدرة على النوم، حيث أظهرت دراسة أُجريت على الأمهات حديثات الولادة، ونُشرت في مجلة Worldviews on Evidence‐Based Nursing عام 2015؛ أنّ شرب شاي الخزامى ساهم في تخفيف الإجهاد والاكتئاب بالإضافة إلى تعزيز الرابطة بين الأم والرضيع. ومن الجدير بالذكر أنّ نبات الخزامى يُمكن أن يدخل في العديد من الاستخدامات الأخرى، حيث يُمكن استخدام زهوره في الطهي، ويُستخدم نوعٌ من الخزامى يُسمّى الخزامى
مكان نزول سورة الكافرون

مكان نزول سورة الكافرون

مكان نزول سورة الكافرون وتسميتها تعد سورة الكافرون من السور التي نزت قبل هجرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، فهي من السور المكيّة ، وجاء نزول السورة الكريمة بعد سورة الماعون. وتحديداً في الفترة الواقعة بين ابتداء نزول الوحي على رسول الله وقبل الهجرة إلى الحبشة ، وقد سُمّيت السورة بهذا الاسم لما ابتدأت به من قول الله -تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ*لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ)، ويبلغ عدد آياتها ست آيات. سبب نزول سورة الكافرون ذكر ابن جرير الطبري
فوائد فيتامين أ للعين

فوائد فيتامين أ للعين

فيتامين أ يُعدّ فيتامين أ أحد العناصر الغذائيّة الأساسيّة والمهمّة لصحّة الجسم، إذ إنّه يُعدّ مهمّاً للنمو، ووظائف المناعة، وصحة البصر، كما أنّه يساهم في الوظائف الطبيعيّة للكلى، والقلب، والرئتين. ولقراءة المزيد حول فوائد فيتامين أ يمكن الرجوع إلى مقال ما فوائد فيتامين A فوائد فيتامين أ للعين احتمالية فعاليته (Possibly Effective) تقليل خطر الإصابة بالماء الأبيض أو إعتام عدسة العين، وأمراض العين الأخرى: حيثُ إنَّ الأشخاصَ الذين يتناولون كميَّاتٍ أكبرَ من فيتامين أ في نظامهم الغذائي، تَقِلُّ
كيف تكتب سيناريو مسلسل

كيف تكتب سيناريو مسلسل

المسلسل كلمة مسلسل مشتقة من سلسل، أي تتابع الشيء، والمسلسل هو مجموعة من الحلقات التي تعرض على التلفاز، وتكون غالباً ثلاثين حلقة، وتناقش قصة معينة أو قضية ما، وقد يمتد المسلسل إلى أجزاء تعرض بشكل متتالي أو في فترات متباعدة. ويعتمد عدد حلقات المسلسل على طبيعة القصة التي يناقشها، فقد تتجاوز حلقاته المئة حلقة، وفي المعتاد تترابط الحلقات معاً حتى تشكل القصة، ومن ثمّ الحبكة، حتى الوصول إلى النهاية، وقد تكون حلقات منفصلة لكل حلقة فكرة معينة، ولكنّها في النهاية تتبع نوع المسلسل المقدم. أنواع المسلسلات