الكتب النقدية في العصر العباسي
الكتب النقدية في العصر العباسي
كتاب البيان والتبيين للجاحظ
يعدُ كتاب البيان والتبيين من أهم مؤلفات الجاحظ وأكثرها شهرة، فقد عالج فيه الجاحظ بعض القضايا النقدية والبلاغية، فتحدّث عن قضية اللفظ والمعنى، وأيد تفوق اللفظ، فالمعاني عنده مطروحة في الطريق، يعرفها العربي والأعجمي، وإنما التفوق يظهر في حُسن السبك وقوة اللفظ، فالألفاظ وجودتها تكشف عن تفوق الكاتب وحسن تدبيره.
وتحدّث الجاحظ أيضًا عن موضوع الاحتجاج، فذكر غير قليل من خطب العرب المشهورة، وأجرى عليها دراسات تطبيقية أظهر من خلالها روعة الحضور البلاغي، وكيفية تعامل الخطيب مع النص، من ترتيب للحجج، وتوضيح لها، لإقناع المتلقي بالفكرة المرادة من النص، فالبلاغة عنده توظف أيضًا لغاية الإقناع والتأثير.
كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة
يعدّ كتاب أدب الكاتب من الكتب المهمة في العصر العباسي، إذ حاول فيه ابن قتيبة أن يضع قواعد وأصولاً ناظمة يعود إليها المتصدين لمهنة الكتابة، فقد جاء هذا الكتاب على حد تعبيره نتيجة انحدار الكتابة، وفساد ذوق الكتاب، وتراجع قدراتهم اللغوية والمعرفية.
وفي هذا الكتاب سعى ابن قتيبة إلى تقسيمه إلى خمسة فصول، عالج في كل فصل قضية من قضايا الكتابة، منها ما كان في الصرف ومنها في النحو، ومنها في حقول الألفاظ الدلالية، بالإضافة لتشديده على المتصدين للكتابة على ضرورة حفظهم لكتاب الله، واطلاعهم على السنة النبويّة، وحفظ الشعر، وأقوال العرب؛ حتى تنصقل موهبهم، وينعدل أسلوبهم.
كتاب البديع لابن المعتز
يعدّ كتاب البديع من كتب العصر العباسي المشهورة، ونرى فيه ابن المعتز ساعيًا لجمع ما تيسّر له من ضروب علم البلاغة، فضمّن كتابه غير قليل من دروس البلاغة، وألحقها بعدد وافر من الشواهد القرآنية والشعرية، محاولا تفصيلها وتوضيح وجوه التفوق البلاغي فيها، ورادًا على أصحاب الشعوبية المدّعين بعدم وجود بلاغة عند العرب.
وقد وضع ابن قتيبة كتابه في خمسة مباحث ثم ذكر ثلاثة عشر بابًا فصّل فيها بعض أفنان علم البلاغة، بطابع نقدي وجدل عقلي، مستعملًا الأسلوب العلمي للتدليل والتأكيد على وجود بلاغة عند العرب، وأنهم لم يأخذوا بلاغتهم عن الفرس.
كتاب الموازنة بين الطائيين للآمدي
يعدّ كتاب الآمدي من أوائل الكتب التي حاول فيها أصحابها عقد مقارنة ومقابلة نقدية بين شاعرين وأكثر، وقد جاء هذا الكتاب فريدًا من نوعه، إذ حاول فيه الآمدي أن يبين العلاقات ومواطن التشابه والافتراق بين أبي تمام و البحتري وتفوق أحدهما على الآخر.
بالإضافة إلى سعيه لمعالجة بعض القصائد والمقطعات الشعرية التي تميزت عند كلا الشاعرين، فكان يورد الأشعار ويحللها ويقف على مواطن التفوق والإبداع فيها، ومن ثم يقارن بينها وبين ما ورد عن الشاعر الآخر من أشعار على ذات النمط، وأخيرًا يكشف عن الشاعر الذي تفوق على زميله في قضية شعرية، أو في الأسلوب أو في الصورة الشعرية.
كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه للقاضي الجرجاني
يعدّ كتاب الوساطة من الكتب المهمة لكونه تناول شاعرًا من كبار شعراء الأدب العربي وهو المتنبي ، فنجد أن القاضي الجرجاني يحاول أن يقف موقف المحايد ويذكر آراء الشعراء والنقاد المؤيدة والمعارضة لشعر المتنبي، فيوازن بينها، ومن ثم يستدعي نصوصًا شعرية للمتنبي، ويطبق هذه الآراء عليها، ويرى مدى صحتها أو يرد عليها وينقضها.
فالجرجاني سعى في كتابه إلى أن يكون جامعاً للآراء الموجودة حول شعر المتنبي، ومن ثم يتخذ موقف الحكم المحايد الذي يميز بين الآراء المجحفة وبين الآراء الصحيحة مع إجراء دراسة نقدية تطبيقية، فالجرجاني كان يتحلى بمنهجية علمية في كتابه.
كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة
سعى ابن قتيبة في كتابه هذا للوقوف على أبرز الشعراء وتبيان أفضلية أشعارهم وعلة تفوقها، فكانت منهجية ابن قتيبة تقوم على التعريف بالشاعر وزمنه، والحديث عن أحواله وعلاقاته، فكان يصف البيئة الاجتماعية المحيطة به، ومن ثم كان يذكر آراء العلماء والنقاد بهم، ويناقشها تباعًا كاشفًا عن مواطن الخطأ فيها وسوء الفهم.
وقد قسّم ابن قتيبة الشعراء إلى أقسام وطبقات، قاصدًا الشعراء المشهورين ذوي الصيت، وكان مقياسه في توزيعهم على طبقاته الجودة والبراعة، فقد خالف ابن قتيبة الذين سبقوه في هذا المجال، الذين كانوا يرتبون الشعراء حسب أزمانهم أو أماكن عيشهم، فلم يفرق بين الشاعر القديم والمحدث إلا بقيمة الشعر.