القيم في الفلسفة الطبيعية
القيم في الفلسفة الطبيعية
تتميز الفلسفة الطبيعية بالر ؤية المادية للأشياء، وهذا عكس الفلسفات الميتافيزيقية التي وضعت أسسًا مثالية للقيم، التربية، ومن أهم الفلاسفة المثاليين أفلاطون، الذي كان أستاذًا لأرسطو إلا أن أرسطو قدم طرحًا مغايرًا للطرح الأفلاطوني من حيث القيم، وقال في هذا الصدد: (أحب أفلاطون ولكنني أحب الحقيقة أكثر).
ومن هذا المنطلق أصبح أرسطو مم ثلًا للتيار المادي أو الطبيعي في الفلسفة اليونانية، إلا أنه لم يستطع التخلص من تأثير مثالية أفلاطون في بعض الجوانب.
القيم في الفلسفة الطبيعية عند أرسطو
سبق وأشرنا إلى أن أرسطو يصنف على أنه من الفلاسفة الطبيعيين، والسبب في ذلك هو خلفيته العلمية، فهو بالأصل طبيب وفيزيائي، وكان لهذا الأمر أثرا كبيرًا على القيم عنده، وخاصةً فلسفة الأخلاق الأرسطية، ومنطلق البحث عند أرسطو هو النظرة إلى الإنسان بما فيه من صفات مميزة عن باقي الكائنات الحية، فهو كائن حي يتميز بالقدرة على التفكير المنطقي .
بالإضافة إلى كونه حيوان اجتماعي، وقال أن الإنسان مدني بطبعه، مما يعني أنه يعرف بطبيعته التي جعلته كائنًا يعيش حياة المدينة، وهي حياة أكثر تعقيدًا من الحياة الريفية، وكمال الإنسان لا يمكن أن يكون إلا في حياة المدينة، وقال إن علم السياسة هي علم مدني يعنى بتدبير المدينة، ويقول أرسطو أن علم الأخلاق جزء من علم السياسة، فبما أن الفرد جزء من المدينة ككل.
ويترتب على هذا الأمر أن كل ما يخصه هو علم مجتزأ من علم المدينة، وهو علم السياسة، وتجدر الإشارة إلى أن أرسطو لم يأخذ بالأفكار القبلية، أي الموجودة مسبقًا، وهذه الفكرة موجودة في فلسفة أفلاطون، فالنفس عرفت معنى الحق عندما كانت في عالم المثل، إلا أن أرسطو أخذ بفكرة أن الأخلاق يمكن تعلمها، أي أنها مكتسبة، وليست فطرية.
ومن أهم القيم التي تناولها أرسطو في فلسفته ما هو موضح فيما يأتي:
- القيم السلوكية
وهي قيم متعلقة بالطريقة التي يجب على الفرد أن يتصرف وفقًا لها، فقد ذهب أرسطو إلى ما يعرف بالوسط الذهبي وهي حالة الوسط، فلا يتصرف الإنسان بإفراط، أو بتفريط، ويضرب أرسطو لنا مثالًا، وهو الشجاعة، فالشجاعة هي حالة الوسط بين التهور، والجبن، فلا يكون الإسان متهورًا ويفرط في شجاعته، كما أنه لا يكون جبانًا، فلا يستخدمها إطلاقًا.
- القيم المعرفية
وهي الفضيلة: ومن خلالها دعا أرسطو الفرد للتعلم، فالسعادة عند أرسطو هي الاكتفاء، لذلك على الإنسان أن يسعى لإكساب نفسه المهارات النظرية، والعملية، وأن ينمي ملكة التأمل عنده، وهذا ما دعا له في كتاب دعوة للفلسفة.
القيم في الفلسفة الطبيعية عند جان جاك روسو
يعد جان جاك روسو من أهم ر واد الفلسفة الطبيعية في العصر الحديث، وساهمت كتاباته في إحداث نهضة وإصلاح سياسي واجتماعي في فرنسا، وأوروبا عامةً، أما جذور القيم التي نادى بها روسو فهي بالأصل نتيجة لرؤيته السياسية التي عبر عنها في نظريته في العقد الاجتماعي والمتضمنة في الكتاب الذي يحمل نفس العنوان، وكتاب آخر اسمه أصل التفاوت بين الناس.
يبدأ روسو في صياغة نظريته من خلال افتراض الحالة الطبيعية، وهي مرحلة ما قبل العقد، وهذه الحالة يتصرف الإنسان فيها حسب فطرته، وذهب روسو إلى أن طبيعة الإنسان بالأساس خيّرة، وبسيطة وبريئة، وبحكم حاجة الإنسان فلا بد له أن يجتمع مع الآخرين، ويعمل معهم، ونتيجةً لهذا العمل يبدأ الإنسان في التملك، ولكن هذه الطبيعة تتغير.
فتنتشر الضغينة والسرقات بين الناس، لهذا كان لا بد من التخلص من هذه الحالة، فيجتمع الأفراد ويتفقون على ضرورة وجود سلطة تحكمهم يكون لها الحكم مقابل الأمان والفصل في ما بينهم من نزاعات، ومن خلال نظريته في العقد الاجتماعي والحالة الطبيعية ركز روسو على مجموعة من القيم، أهمها ما يأتي:
- الحرية
وهي قيمة أساسية فحالة الطبيعة الأولى تجلت فيها الحرية، وامتدحها روسو كثيرًا، لذلك يجب على السلطة الجديدة أن ت حافظ على الحق في الحرية ، إلى جانب حقوق أخرى كالعدالة وتحقيق المصالح العامة.
- القيم التربوية
وهي قيم مستمدة بالأصل من الحالة الطبيعية، فأشار روسو إلى أن كل ما هو طبيعي خيّر إلا أن الإنسان يفسده، لذلك دعا إلى تربية الأطفال وفقًا لمبادئ الطبيعة كما أنه عليه أن يتعلم من خلال ملكة الحس الطبيعي، وعدم قمع هذه الطبيعة.