القانون الدولي الإنساني في الإسلام
أحكام القانون الدولي الإنساني في الإسلام
لطالما كانت الشريعة الإسلامية أحد الأنظمة الأساسية التي حكمت مختلف جوانب الحياة الإنسانية، ولعل من بين تلك الجوانب حالات الحرب والنزاع المسلح، إذ مع أن أطراف النزاع يقدمون على استخدام القوة في تسوية النزاع ولكن تظل قواعد الشريعة الإسلامية تحكم سلوكهم أثناء هذه الفترة وبشكل واضح للعيان.
وعليه فهنالك الكثير من المبادئ والأحكام العامة التي تتضمنها الشريعة الإسلامية هي ذاتها التي تم التأكيد عليها من قبل قواعد القانون الدولي الإنساني، لا سيما أن كلًا منهما يسعان إلى تحقيق ذات الأهداف، بما يتوافق مع مبادئ العدالة والتسامح، سواء أثناء الحرب أو بعدها خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الأسرى والمدنيين والممتلكات.
تجدر الإشارة إلى أحكام القانون الدولي الإنساني في الإسلام نابعة من أحكام القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهي أحكام التزم بها الرسول الكريم ومن تبعه من القادة المسلمين بها جميعًا أثناء خوضهم للمعارك والحروب، ولم يتم الخروج عنها إلا في بعض الحالات النادرة.
ولعل من أهم تلك القواعد هي احترام جميع المبادئ العامة التي تحكم الحرب والعمليات المرافقة لها، وكذلك ضرورة معاملة الناس بما يحفظ كرامتهم الإنسانية، والحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم، وفي معاملة الأسرى وضرورة المحافظة على حياتهم وعدم قتلهم أو تعريضهم للتعذيب، ومعالجة الجرحى منهم، وغيرها من الأمور.
المبادئ الإسلامية للقانون الدولي الإنساني
لقد سبق الإسلام القانون الدولي الإنساني عقودًا طويلة فيما يتعلق بالمبادئ العامة التي جرى النص عليها ضمن قواعد القانون الدولي الإنساني، حيث طبقها المسلمون منذ نشأة الدولة الإسلامية في المدينة المنورة، خاصة بعد غزوة بدر الكبرى وطريقة معاملة الأسرى من المشركين، وهو ذات الأمر الذي سار عليه الخلفاء الراشدون، وفي مختلف الفترات اللاحقة.
ولو استعرضنا المبادئ التي نص عليها القانون الدولي الإنساني لوجدنا تشابهًا إلى حد كبير مع ما شرعه الإسلام في جميع الأمور التي تتعلق بالبدء بالحرب وما طبيعة ونوع الأسلحة الواجب استخدامها فضلًا عن ضرورة التمييز بين الأهداف العسكرية وغير العسكرية، وعدم جواز إلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة، ومعاملة الأسرى والجرحى.
لعل من أبرز المبادئ العامة التي وضعها الإسلام أو الشريعة الإسلامية والتي كانت تهدف إلى تنظيم حالة الحرب وما ينتج عنها من أوضاع كانت على النحو الآتي:
- ضرورة دعوة الطرف الآخر إلى الحرب، وهو ما بات يعرف بإعلان الحرب أو الإنذار بالحرب، ونهى الإسلام عن الغدر في الحرب.
- حماية الأشخاص المدنيين أو العسكرين الذين يتواجدون على الأراضي التي تشهد النزاع أو الحرب.
- ضرورة حماية جميع الممتلكات المنقولة وغير المنقولة التابعة للعدو، وعدم جواز إلحاق الأضرار بها إلا بالقدر الذي يشل حركته فقط.
- إبداء الرحمة والرأفة بمن له عذر، واحترام الموتى منهم وإكرامها بدفنها بالطريقة اللائقة، ومنع أو تحريم التمثيل بالجثث.
- ضرورة استخدام أسلحة لا تلحق بالغير آثار مدمرة لا مبررة لها، والاقتصار على أن يكون تأثيرها فقط على ساحات القتال أو الحرب.
التعريف بالقانون الدولي الإنساني
القانون الدولي الإنساني (بالإنجليزية: International humanitarian law) هو مجموعة من القواعد القانونية التي سعى المجتمع الدولي إلى سنها وتشريعها، للحد من الآثار الكارثية التي ترافق الحروب والنزاعات المسلحة بغض النظر عن كون هذه المنازعات دولية أو داخلية، كما أنه يفرض القيود على مجمل الوسائل والأساليب الحربية.
وبالتالي فإن قواعد القانون الدولي الإنساني تتولى إضفاء الحماية القانونية على جميع الأشخاص المديين الذين يتواجدون في المناطق التي تشهد تلك الحروب، وأيضًا جميع الأشخاص العسكريين الذين توقفوا عن القتال، يعرف أيضًا هذا القانون باسم قانون الحرب أو قانون المنازعات المسلحة.
ومن الجدير بالذكر أن القانون الدولي الإنساني يقوم على عدة مبادئ ولوائح عامة، تسعى في مجملها إلى تحديد آليات للحد من النزاع، وحصر تأثيراتها الدامية بحيث لا تمتد إلى الناس المدنيين وكذلك الممتلكات غير العسكرية، من خلال حث الأطراف المتحاربة على احترام تلك المبادئ تفاديًا لزيادة المعاناة والآثار السلبية للحروب.
الأساس القانوني والشرعي لقواعد القانون الدولي الإنساني
في حقيقة الأمر أن قواعد القانون الإنساني تستند في وجدها على مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وهي كثيرة ومتنوعة ولعل من أهمها ما يأتي:
- اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949م.
- اتفاقية حظر استعمال وتخزين وإنتاج ونقل الألغام المضادة للأفراد وتدمير تلك الألغام لعام 1997م.
- نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998م.
- معاهدة حظر الأسلحة النووية 2017م.
- اتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة لعام 2000م.
- اتفاقية لاهاي الخاصة بحماية الممتلكات الثقافية في حالة نزاع مسلح لعام 1954م.