أحاديث عن الصبر عند الموت
أحاديث عن الصبر عند الموت
لقد حزن النبي -صلى الله عليه وسلم- لفقد أحبته بالموت حزناً شديداً، ومن ذلك حزنه على موت زوجته السيدة خديجة -رضي الله عنها- وعمه أبو طالب، الذين توفيا في نفس العام حتى سمي عام الحزن؛ لشدة الحزن الذي أصاب رسول الله به على موتهما.
كذلك حزنه -عليه الصلاة والسلام- لموت ابنه إبراهيم حين ملئ الحزن قلبه حتى ذرفت عيونه الشريفة فصبر وقال: (إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ).
ففي السُنة النبوية الشريفة ما ثبت من أحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في فضل الصبر عند نزول مصيبة الموت ومنها ما يأتي:
- ما جاء في حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أنها قالت: (سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: ما مِن عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فيَقولُ: {إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ}، اللَّهُمَّ أْجُرْنِي في مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لي خَيْرًا منها، إلَّا أَجَرَهُ اللَّهُ في مُصِيبَتِهِ، وَأَخْلَفَ له خَيْرًا منها).
(قالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلتُ: كما أَمَرَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخْلَفَ اللَّهُ لي خَيْرًا منه، رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ).
- قال -عليه الصلاة والسلام-: (إذا مات ولدُ العبدِ المؤمنِ قال اللهُ للملائكةِ: قبَضْتُم ولَد عبدي؟ قالوا: نَعم قال: قبَضْتُم ثمرةَ فؤادِه؟ قالوا: نَعم قال: فما قال قالوا: استرجَع وحمِدك قال: ابنوا له بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوه بيتَ الحمدِ).
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (ليسَ مِنَّا مَن ضَرَبَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعا بدَعْوَى الجاهِلِيَّةِ).
- قال -صلى الله عليه وسلم-: (لا يَمُوتُ لأحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ ثَلاثَةٌ مِنَ الوَلَدِ تَمَسُّهُ النَّارُ، إلَّا تَحِلَّةَ القَسَمِ).
- ثبت في الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أَتَتِ امْرَأَةٌ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- بصَبِيٍّ لَهَا، فَقالَتْ: يا نَبِيَّ اللهِ ادْعُ اللَّهَ له، فَلقَدْ دَفَنْتُ ثَلَاثَةً، قالَ: دَفَنْتِ ثَلَاثَةً؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ: لَقَدِ احْتَظَرْتِ بحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ).
حقيقة الموت
الموت حق على كل نفس وهو سيف مُسلَّط على رقاب العباد لا ينجو منه أحد، قال -تعالى-: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ).
وهذه الحقيقة القاطعة مُسلَّمة لا شك ولا ريب فيها ويتساوى فيها الناس جميعا الأنبياء وغيرهم، الصالحون والفاسدون، المؤمنون والكافرون، قال -تعالى- مخاطباً النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ).
وقد وكَّل الله ملك الموت يقبض روح كل إنسان عند انتهاء أجله قال -تعالى-: (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)،ولم يجعل هنالك مكاناً يعصم الإنسان من قدوم الموت قال -تعالى-: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ).
الصبر عند الموت
لا ريب أنَّ فَقْدْ الأحباب من الأهل والأولاد والآباء والأمهات والأقارب والأصدقاء من المصائب الشديدة الوقع على النفس الإنسانية والمطلوب من المسلم عند حلول المصيبة الصبر الجميل فإنَّه إن صبر واحتسب ذلك عند الله فله جزيل الأجر والثواب.
وقد أوصى الله -عز وجل- عباده بالصبر عند نزول المصائب، حيث قال -تعالى-: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)،وبيَّن للمسلم أنَّ له أجر عند صبره حيث قال -عز وجل-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ).