الفرق بين صلاة الوتر وقيام الليل
الفرق بين صلاة الوتر وقيام الليل
الفرق بين صلاة الوتر وقيام الليل من حيث الحُكم
تندرج صلاة الوتر في حُكم صلاة الليل؛ فهي جزء منها، وتُختتَم بها الصلاة، وقد أجمع العلماء على أنّ صلاة الليل سُنّة مُؤكَّدة وردت في القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، أمّا الوتر فقد ذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنّها سُنّة، في حين ذهب الحنفية إلى وجوبها، ومرتبة الواجب عندهم تأتي بعد الفرض؛ فلا عقوبة على تاركها.
الفرق بين صلاة الوتر وقيام الليل من حيث الكيفية وعدد الركعات
تُصلّى صلاة الليل ركعتَين ركعتَين ؛ فيُصلّي الشخص ركعتَين ثمّ يُسلّم، ويُكمل على هذه الطريقة، وهذا ما صحّ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولا يُوجَد حدّ مُعيّن لعدد الركعات التي يمكن للمُصلّي أن يُصلّيها، بل يستطيع أن يُصلّي ما يشاء، إلّا أنّ الاقتداء بسُنّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أفضل؛ فقد كان الرسول -عليه السلام- يُصلّي صلاة الليل إمّا إحدى عشرة ركعة مع صلاة الوتر، أو ثلاث عشرة ركعة مع صلاة الوتر؛ ودليل عدم تقييد الصلاة بعدد ركعات مُعيّن حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، إذ قال: (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً واحِدَةً تُوتِرُ له ما قدْ صَلَّى). بينما تُعَدّ أفضل طريقة لصلاة الوتر الكيفيّة التي كان يفعلها الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في غالب عمله؛ وهي إحدى عشرة ركعة، وقد وردت عدّة صفات لصلاة الوتر الثابتة في السنّة، وهي أن يُصلّيها:
- ثلاث عشرة ركعة؛ اثنتين اثنتين، ويختم بركعة وتر واحدة.
- ثلاث عشرة ركعة؛ اثنتين اثنتين، ويختم بخمس ركعات وتر مُتَّصِلات.
- إحدى عشرة ركعة؛ اثنتين اثنتين، ويختم بركعة وتر واحدة.
- إحدى عشرة ركعة؛ يُسلّم بعد أوّل أربع ركعات، ثمّ الأربع الأخريات، ويختم بثلاث ركعات وتر.
- تسع ركعات مُتَّصلات، وفي الثامنة يجلس فيذكر الله ويدعو، ثمّ يقوم دون أن يُسلّم ويكمل التاسعة، ويُسلّم بعدها.
- سبع ركعات يجلس آخرهنّ ويُسلّم، وكان أحياناً يجلس في الركعة السادسة يذكر الله ويدعو، ثمّ يقوم دون أن يُسلّم ويُصلّي السابعة، ثمّ يُسلّم.
- خمس ركعات مُتّصلات يجلس في آخرهنّ.
- ثلاث ركعات؛ يُصلّي اثنتين ويُسلّم منهما، ثمّ يختم بركعة وتر واحدة، وهذا أدنى الكمال في الوتر.
- ثلاث ركعات مُتّصلات يجلس في نهايتهنّ.
- ركعة واحدة.
الفرق بين صلاة الوتر وقيام الليل من حيث الوقت
يبدأ وقت صلاة الليل من بعد صلاة العشاء، وتجوز صلاتها في أوّل الليل، أو آخره، أو أوسطه، والأفضل صلاتها في الثلث الأخير من الليل؛ لأنّه وقت النزول الإلهيّ، ويمتدّ وقت صلاة الوتر كذلك من بعد صلاة العشاء وحتى الفجر ، وقد أجمع العلماء على ذلك، أمّا من ظنّ أنّه لن يستيقظ آخر الليل، فيُستحَبّ له أن يُصلّيها أوّل الليل، فإن ظنّ أنّه سيستيقظ آخر الليل، فالأفضل أن يُصلّي الوتر آخره.
الفرق بين صلاة الوتر وقيام الليل من حيث الجماعة
يجوز للمسلمين أن يُصلّوا النفل جماعةً دون أن يُصبح ذلك سُنّة راتبة يعتادون عليها، إلّا أنّ الأفضل وما عليه السنّة أن يُصلّي المسلم قيام الليل منفرداً، وتُشرَع الجماعة للوتر أيضاً إذا كانت بعد صلاة التراويح ، وإلّا فإنّ صلاتها جماعةً غير مشروعة في غير رمضان؛ لأنّ صلاة النافلة جماعة لم تكن من سُنّة الرسول، ولا من هَدي أصحابه بعده، وكره العلماء ذلك إلّا في رمضان.
أوجه التشابه بين صلاة الوتر وقيام الليل
جواز القضاء في صلاة الوتر وقيام الليل
يُستحَبّ لمَن فاته حَظّه من قيام الليل أن يقضيه نهاراً؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مِنَ اللَّيْلِ مِن وَجَعٍ، أَوْ غيرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً)، وإن كان معتاداً على الصلاة في الليل وغلبه النوم، أو عرض له شيء منعَه، فله أجر نيّة القيام، كما يُشرَع للمسلم أن يقضي صلاة الوتر إن فاتته، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء، إلّا أنّهم اختلفوا في وقت قضائها؛ فذهب الحنفية إلى مشروعية قضائها في أيّ وقت سوى وقت النهي، أمّا الشافعية فذهبوا إلى جواز قضائها في أيّ وقت؛ ليلاً كان، أو نهاراً، أمّا مالك وأحمد فذهبا إلى أنّ قضاء الوتر يكون بعد الفجر قبل أن يطلع الصبح.
الجهر في صلاة الوتر وقيام الليل
للعلماء أقوال في الجهر في صلاة القيام وصلاة الوتر، وذلك على النحو الآتي:
- الحنفيّة: ذهبوا إلى وجوب الجهر في صلاة التراويح وصلاة الوتر للإمام في رمضان ، أمّا غيره فهو مُخيَّر بين الجهر والإسرار في الوتر والقيام.
- المالكية: ذهبوا إلى أنّ الجهر مندوب في النوافل الليليّة جميعهاً.
- الشافعية: ذهبوا إلى التوسُّط في نوافل الليل المُطلَقة بين الجهر والإسرار؛ فيُسِرّ مرّة، ويجهر أخرى، أمّا في صلاة الوتر في رمضان فيُسَنّ الجهر.
- الحنابلة: ذهبوا إلى أنّ الجهر يُسَنّ في صلاة الوتر إن كانت بعد التراويح في رمضان، والإسرار فيما غير ذلك.
صلاة الوتر وقيام الليل
صلاة الوتر وقيام الليل عبادتان عظيمتان كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يحافظ عليهما؛ فكان لا يترك صلاة الوتر في سفر أو استقرار، وقد حثّ أصحابه على الاعتناء بها، وعدم تركها، ومن ذلك أنّه أوصى أبا هريرة -رضي الله عنه- ألّا ينام قبل أن يُوتِر، وقال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في فضلها عن الله: (إنَّه وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ)، أمّا صلاة قيام الليل فلها أجر عظيم؛ ويظهر ذلك من مدح الله لأهلها، وذلك في قوله -تعالى-: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ)، وهي أفضل صلاة بعد الفروض الخمسة، ومن حَرص على قيامها، واستغلال الليل فيها، فقد يوافق الساعة التي يستجيب فيها الله الدعاء من أمر الدنيا أو الآخرة، كما أنّ لصلاة الليل فوائد كثيرة على المسلم؛ فهي تُنشّط النفس، وتطرد الكسل والخمول، وتشرح الصدر، وتحمي المسلم من الشيطان ، وهي من مُكفِّرات الذنوب.