الفرق بين النظرية والفرضية
الفرق بين النظرية والفرضية من حيث التعريف
يختلف تعريف النظرية عن الفرضية من نواح عدة، وفيما يلي الفرق بينهما:
النظرية
وفقًا لمعجم المعاني الجامع تعرف النظرية (بالإنجليزية: Theory) بأنها قضية تثبت صحتها بالحجة والبرهان، وفسر المعجم الوسيط النظرية على أنها رأي أو اجتهاد يدلي به أحد العلماء ويحاول إثباته بالبراهين، وتختلف النظرية العلمية عن الاستعمال العام لمصطلح نظرية، فالنظرية العلمية لا بدّ لها أن تستند على حقائق مثبتة بالدليل العلمي، أما في الفلسفة فالنظرية تمثّل طائفة من الآراء لتفسير قضية ما، ولا تختلف عن الفرضية في استعمالها.
الفرضية
تعرف الفرضية (بالإنجليزية: Hypothesis) في العلم بأنها رأي علمي لم تثبت صحّته بعد، أي تبقى الفرضية موضع بحث حتى يتم تقييمها وإثبات صحتها من عدمه، فإن صحت تصبح نظرية علمية يستند إليها وتنسب إلى صاحبها، وفسرها المعجم الوسيط على أنها علاقة أو علاقات بين ظاهرتين أو أكثر قابلة للاختبار من أجل قبولها أو رفضها، وفي الفلسفة، فإن الفرضية تعبر عن فكرة يؤخذ بها في البرهنة على قضية ما.
الفرق بين النظرية والفرضية من حيث قابلية الدحض
قابلية الدحض (بالإنجليزية: Falsifiability) هي معيار وضعه الفيلسوف البريطاني السير كارل بوبر لتقييم النظريات العلمية المفترضة، والتي بموجبها تكون النظرية علمية حقًا فقط إذا كان من الممكن من حيث المبدأ إثبات أنها قابلة للدحض.
ورأى بوبر أن النظريات العلمية الحقيقية لا يتم تأكيدها نهائيًا بشكل قطعي، لأن الملاحظات غير المؤكدة، أي الملاحظات التي لا تتوافق مع التوقعات التجريبية للنظرية، ممكنة دائمًا بغض النظر عن عدد الملاحظات المؤكدة التي تم إجراؤها، وبدلاً من ذلك، يتم دعم النظريات العلمية بشكل تدريجي من خلال عدم وجود أدلة غير مؤكدة في عدد من التجارب المصممة جيدًا.
تستند مساهمة بوبر الرئيسية في فلسفة العلم إلى رفضه للطريقة الاستقرائية (بالإنجليزية:induction) في العلوم التجريبية، فوفقًا للطريقة الاستقرائية، يمكن اختبار الفرضية العلمية والتحقق منها من خلال الحصول على النتيجة المتكررة للملاحظات الإثباتية، وكما أوضح الفيلسوف التجريبي الاسكتلندي ديفيد هيوم، فإن عددًا لا نهائيًا فقط من هذه النتائج المؤكدة يمكن أن يثبت صحة النظرية، وهذا أمر مستحيل، وبناءً على هذا لن يكون إثبات الفرضيات أمرًا ممكنًا.
لذلك جادل بوبر بدلاً من ذلك بأن الفرضيات يتم التحقق منها من خلال ما أسماه "معيار قابلية الدحض"، من خلال هذه الطريقة، يسعى الباحث لاكتشاف استثناء ملحوظ لقاعدته المفترضة، وبالتالي فإن عدم وجود أدلة متناقضة يصبح دعمًا لنظريته، وفقًا لبوبر، فإن العلوم الزائفة مثل علم التنجيم، والميتافيزيقا، والتحليل النفسي الفرويدي ليست علومًا تجريبية، بسبب فشلها في الالتزام بمبدأ قابلية الدحض، وبناءًا على ذلك، فإن الفرضية لا ترقى لتصبح نظرية علمية إلا خضعت لهذا المبدأ.
الفرق بين النظرية والفرضية من حيث الاستخدام
يختلف استخدام أو تطبيق النظرية عن الفرضية، ففي الاستدلال العلمي يتم إنشاء فرضية قبل إجراء أي بحث قابل للتطبيق، بينما النظرية من ناحية أخرى مدعومة بالأدلة أي أنها مبدأ تشكل كمحاولة لشرح الأشياء التي تم إثباتها بالفعل بواسطة التجربة والبرهان.
أما بالنسبة لاستخدامات النظرية والفرضية في العلوم اللاتجريبية، كالعلوم الإنسانية وغيرها من التخصصات التي لا تعتمد على المنهجية العلمية التجريبية، غالبًا ما يتم استخدام مسمى الفرضية أو النظرية للإشارة إلى مجرد فكرة أو تخمين، ولا يتم التفريق بينهما، وذلك لأن المعنى المراد لا يمكن دعمه بالأدلة التجريبية.
الفرق بين النظرية والفرضية من حيث الصيغة
يستخدم مصلطح الفرضية للتعبير عن أي تخمين أو فكرة، لكن ليتم التعبير عنها بطريقة علمية عادة ما تأخد الصيغة السببية، وهي الصيغة التي تعتمد على استنتاج أمر متغير بناءً على معتقد ثابت، أي أنها تعتمد على النتيجة والسبب، من خلال الربط بين المسبب والنتيجة المترتبة عليه عن طريق صيغة "إن كان كذا... إذًا النتيجة كذا".
أما مصطلح نظرية فيستخدم عادة عند التعبير عن فرضية مثبتة بالدليل والبرهان، ولذلك فإن صيغتها تعتمد على صحة صيغة الفرضية، كما وتعتمد على صحة الأدلة الثبوتية عليها، وتختلف هذه الأدلة باختلاف موضوع النظرية.
الفرق بين النظرية والفرضية من حيث الشروط
للنظرية عدة شروط يجب تحققها لتتمكن من تسميتها بنظرية، وتتضمن هذه الشروط ما يأتي:
- يجب أن تكون النظرية مرتبطة مباشرة بالنظام المنطقي المختار وأن تكون البيانات حقيقة.
- يجب أن تكون النظرية متماسكة.
- يجب أن تكون اقتصادية، بمعنى أنها يجب أن تكون خالية من الحشو وأن تعبّر عن الحقائق بشكل مختصر لكن وافي.
- يفضّل أن تتوافق مع حدسنا الصحيح.
- يجب أن تكون مدروسة ومثبتة عن طريق التجربة والخطأ.
للفرضية عدة شروط لكنها ليست كشروط النظرية، تتضمن ما يأتي:
- تشكل الفرضية فكرة أو تخمين يتم التعبير عنها من خلال الربط بين المسبب والسبب.
- يجب أن تحتوي على ثوابت ومتغيرات، وذلك لأن توقع النتيجة يعتمد على ثوابت أو معلومات سابقة.
- لا يشترط إثبات الفرضية من خلال المنهجية العلمية التجريبية، وإن تم إثباتها تصبح نظرية.
أمثلة على النظريات والفرضيات
أمثلة على الفرضيات ليس بالضرورة أن توافق الفرضية الواقع في جميع الحالات إلا أنها كثيرا ما تكون متوافقة ومنطقية، ومن الأمثلة على الفرضيات ما يأتي:
- الفرضيات اللاغية (بالإنجليزية: Null hypothesis): وهي الفرضية التي تمكّن من دحض الشيء، مثل القول بأن فرط الحركة ليست بسبب كثرة أكل السكر، وهي من الفرضيات غير الدقيقة، وقد تستخدم هذه الفرضيات أيضا لإثبات الشيء بدلًا من دحضه مثل القول أن جميع زهرات الأقحوان تمتلك نفس عدد البتلات، وتعتمد هذه الفرضيات على عدد مرات تكرار النتائج.
- فرضيات الاستنتاج ( بالإنجليزية: If then hypothesis): وهي الفرضيات ذات الصيغة الاستنتاجية "إذا كان كذا، إذًا النتيجة كذا" مثل القول: إن شربت القهوة قبل النوم فسوف تصاب بالأرق.
أمثلة على النظريات أما بالنسبة للنظريات فهي مثبتة بالدليل والبرهان العلمي، ومن أشهرها:
- نظرية النسبية العامة للعالم أينشتاين: وهي النظرية التي فتحت آفاق العلم الفيزيائي وأثبتت صحة تمدد الكون.
- نظرية التطور للعالم داروين: وهي النظرية التي شرحت النشوء والارتقاء وتطور الكائنات الحية بناءً على قانون الانتخاب الطبيعي.
- نظرية الصفائح التكتونية للعالمين ألفريد وجنر وتوزو ويلسون: وهي من أهم النظريات في عالم الجيولوجيا وتاريخ الأرض.
الخلاصة
كثيرًا ما يتم استخدام مصطلح الفرضية والنظرية بشكل تبادلي دون التفرقة بينهما، وهذا أمر شائع في الفلسفة وفي العلوم اللاتجريبية، وذلك لأنها يعبران عن فكرة أو استنتاج غير مدعوم بأدلة تجريبية، أما في العلم التجريبي، فيجب التنويه إلى الفرق في المعنى والاستخدام لكليهما، فالفرضية تعبر عن فكرة أو استنتاج غير مدعوم بأدلة تجريبية، ولا يتم الأخذ بها كمعلومة موثقة أو مثبتة، ولكن إن تم إثباتها بناءً على المنهجية العلمية ترقى لتصبح نظرية علمية يؤخذ بها.