الفرق بين القدر والاختيار
الفرق بين القدر والاختيار
كل شيء يقوم به الإنسان ويعمله فهو في علم الله -عز وجل-، ويعلمه من قبل الخليقة، قال تعالى: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ)،ولكن للإنسان حرية الاختيار في أمور كثيرة، ويوجد بين الاختيار رابط سيأتي ذكره بتفصيل، وهو أنّ الاختيار حق للعبد وهو من شأن العبد، أما الذي يريده العبد ونتيجة ذلك فهو في علم الله -عز وجل-.
التعريف بالقدر
القدر: هو أن الله -عز وجل- قدّر كل شيء قبل وقوعه وحدوثه، وكتب كل شيءٍ في اللوح المحفوظ قبل وقوعه،قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)؛فالقدر هو أنّ الله -عز وجل- قد قرّر وقدّر لكل مخلوق ما عمله في الدنيا ومصيره بالآخرة، وهذا له تفصيلٌ يأتي بيانه في التفريق بين القدر والاختيار بإذن الله.
ما هو الاختيار؟
الاختيار: هو أن يريد الإنسان شيئاً دون أن يُجبره عليه طرف خارجي،قال تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)؛يعني أن يختار الإنسان ما يريد، من غير أن يكون مُجبراً في قراره، وكل معاملاتنا بين الناس مبنية على الاختيار، ونتيجتها هي قدر يعلمه الله -عز وجل-.
هل هناك فرق بين القضاء والقدر؟
الراجح عند أهل العلم أنه لا فرق بينهما،وذلك لأسباب عدّة منها:
- لأنهما استُعملا في نفس المواضع، وأريد منهما نفس المعنى في الكتاب والسنة.
- لأنه لم يرد دليل شرعي صريح في هذا التقسيم، وتقسيم كهذا يحتاج دليلاً شرعيّاً ليكون معتبراً.
الفرق بين القدر والاختيار
لقد قدّر الله -عز وجل- كل شيء، ولكن من مستلزمات العدل الإلهي أنّ للإنسان اختياراً على ما سيفعله مما يتعلق بالجزاء يوم القيامة، وبدليل ما ورد في القرآن من آيات؛ كقوله تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)،فكيف يكون للإنسان اختيار، والله -عز وجل- قد قدّر كل شيء؟
إنّ الله -عز وجل- قد رزق الإنسان ملكةً وإرادة في نفسه، وهي مَلَكة الاختيار؛ وهي أنّ للإنسان حرية اختيار ما يشاء، وأما علاقتها بالقدر فالله -عز وجل- يعلم ما سيصنع الإنسان، وما سيختار من قبل الخلق، ولكنّ الإنسان اختار بإرادته وحريته، وأمّا علم الله -عز وجل- فموجود، إذن بين الاختيار والقدر علاقة، فهما متلازمان، إذ إنّ الإنسان حرّ التصرف والاختيار، ولكنّ اختياره الذي سيختاره معلومٌ عند الله -عز وجل-.
هل العبادة اختيار أم قدر؟
كل الأعمال التي يُبنى عليها جزاء يوم لقيامة ويترتب عليها حسنات وسيئات من محض اختيار الإنسان وإرادته، وهذا من عدل الله -عز وجل-، ومن أمثلة ذلك الالتزام بالواجبات الشرعية ؛ كالمحافظة على الصلاة، فمن الناس من يترك الصلاة ويتحجج أنّ الله -عز وجل- هو الذي كتب عليه ذلك.
ولكن في الواقع فالأمر غير صحيح، الله لا يريد أن يعذب عبداً، قال الله -عز وجل-: (وَاللَّـهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ)،فالتزام الإنسان بالعبادة هو اختيار له وهو من محض إرادته، وهو يتحمل مصير التزامه أو تقصيره، وأما اختياره الذي يختاره في الدنيا فهو معلوم عند الله -عز وجل-.
هل الإنسان مخير أم مُسيّر في زواجه؟
تشتهر بين الناس عبارة " الزواج قسمة ونصيب "، هي صحيحة ولكن ليس على إطلاقها وعمومها، فعندما ينوي الإنسان الزواج ويقرر ذلك فهو يدّخر جزءاً من ماله باختياره وإرادته، ويختار من يريد الزواج منها باختياره أيضاً، والفتاة لها الحق في اختيار من تريد وهذا أيضاً اختيار، أما من حيث تمام الزواج وكماله فهو قدر، إن شاء الله تمّمه وإن لم يشأ فلا يتم الزواج.
وكون اختيار الشريك هو حق للإنسان لأنه سيكمل حياته مع شريكه، وبناءً على ذلك فهو الذي يختار، وطبعا لا ينسى الإنسان أنّ الدين أهم شرط من شروط الشريك، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا جاءكُم من ترضونَ دينَهُ وخلُقهُ فأنْكحوهُ، إلا تفعلوا تكن فِتنةٌ في الأرض وفسادٌ، قالوا: يا رسولَ اللهِ! وإن كانَ فيهِ؟ قال: إذا جاءكُم من ترضونَ دينهِ وخُلقهُ فأنْكحوهُ، ثلاث مرات).
وقال -عليه الصلاة والسلام-: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ).