الفرق بين الصفرة والإفرازات في الأحكام
الفرق بين الصفرة والإفرازات في الأحكام
من أهمِّ ما تطرّق له الفقهاء من المسائل هو الفرق بين الصفرة والإفرازات في الأحكام، ولمعرفة أحكامها ينبغي علينا أن نعرف مفهومهما؛ فالصفرة هي سائل أصفر، كالماء الذي يكون من الجرح، ويخرج من الرحم، أما الإفرازات فهي السائل النقي الأبيض الشفاف، أو هي الرطوبة التي تكون في الرحم، ويعدّ السائل الأبيض ورطوبة الفرج طاهرة على الصحيح، ولكنها تعتبر من نواقض الوضوء ، وأما الصفرة فقد اختلف الفقهاء في أحكامها على ثلاثة أقوال، وهي:
القول الأول
قالوا أن الصفرة ليست بحيضٍ مطلقاً، وهو مذهب ابن حزم وقول للشافعية، وقد استدلوا بحديث أم عطية -رضي الله عنهاـ: (كُنَّا لا نَعُدُّ الكُدْرَةَ والصُّفْرَةَ شيئًا)، وعليه فإن الحيض عندهم هو الدم فقط.
القول الثاني
قالوا أن الصفرة هو حيض مطلقاً، وهو مذهب المالكية والشافعية، وقد استدلوا بحديث نظري، إلا أنه قوي، وهو أن الصفرة إذا أشبهت دم الحيض فهي حكمه؛ فالشبيه يأخذ حكم الشبيه، وهي قاعد فقهية مقررة، وهي الحكم على الشيء بالمجاورة، فالمجاور يأخذ حكم مجاوره.
القول الثالث
التفصيل في الحكم على الصفرة من حيث زمن نزوله، وهو قول لبعض الشافعية، ورجحه شيخ الإسلام بن تيمية ، حيث إنهم ذكروا أن نزول الصفرة أو الإفرازات لا تكاد تخلو من ثلاث حالات:
- نزول الصفرة في أيام الحيض حيضٌ بالمجاورة؛ وذلك لأن هذه الإفرازات نزلت بسبب الحيض فتأخذ حكمه.
- نزول الصفرة قبل الدورة بيوم، أو قبل نزول الدم؛ فإن ذلك يعد طهراً، وذلك لكونه محلاً للطهر، فتغسله وتتوضأ وتصلي وتصوم، ودليله ما ورد عن أم عطية: (كنا لا نَعُدُّ الصُّفرةَ والْكُدْرَةَ بعدَ الطُّهرِ شيئًا)، والشاهد في قولها بعد الطهر، وبمفهوم المخالفة، فإنّ ما كان قبل الطهر فهو حيض، وهو رد على ابن حزم، وذهب آخرون إلى أن الصفرة قبل الحيض أو أثنائها؛ فإن ذلك كلَّه يعد من الحيض، فما دام أنه من فترة الحيض فلا احتمال أصلاً لنزول السوائل الطاهرة؛ فلا يبنى عليه أحكام.
- نزول الصفرة أو الإفرازات بعد انقطاع الدورة، يعني في فترة الطهر؛ فإن في هذه الحال تميّز المرأة بين كون هذا السائل الذي نزل أبيضاً نقياً بنظر العين المجرد، دون التكلف بالنظر من خلال الأضواء والفحوصات، وكذلك إذا لم يكن له رائحة كريهة، فهذه من رطوبات وإفرازات الفرج الطاهرة، وأما إن كان هذا السائل يميل إلى الصفرة بالعين المجردة دون تركيز النظر عليه؛ فإنه سائل نجس؛ فتحترز المرأة منه وتغسله من ثيابها، ثم إنها تتوضأ من نزوله، فلا يعد ذلك من الحيض، فالمفترض أن الدورة انقضت، وحل مكانها طهرٌ جديدٌ.