الفرق بين التوكل والتواكل
الفرق بين التوكل والتواكل
الفرق من حيث التعريف
يظهر الفرق بين التوكّل والتواكل واضحاً جلياً من خلال تعريف كل مصطلحٍ منهما؛ فالمقصود بالتوكل: تفويض الأمر لله -تعالى- والثقة بما قدّر مع الأخذ بالأسباب والجدّ والاجتهاد؛ أما المقصود بالتواكل: فهو تفويض الأمر لله -تعالى- دون الأخذ بالأسباب والعمل والاجتهاد، فالمؤمن المتوكّل يعمل ويأخذ بكافة الأسباب ويفوّض أمره لله -تعالى- مطمئناً لقضاء الله -تعالى- وحكمته، أما المتواكل فيجلس وينتظر الأحداث تجري من حوله ليقول في نهاية المطاف هذا قدر الله -تعالى-؛ فهذا تواكل وتفريط؛ فقد أمرنا الله -تعالى- بالعمل والاجتهاد والأخذ بكافة أسباب السعي لتحقيق مُرادنا.
الفرق من حيث الحكم
التوكل عبادة قلبية، أمر الله -تعالى- بها المؤمنين، للتقرّب و اللجوء والاعتصام بالله -تعالى- وحده ، والمؤمن المتوكّل ينال أجراً عظيماً عند الله -تعالى- على توكله، فالتوكّل على الله -تعالى- من صفات المؤمنين، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، ولا يجوز للمؤمن التوكّل على غير الله -تعالى- من المخلوقات والأسباب؛ لأن الله -تعالى وحده المستحق للتوكل عليه وتفويض الأمر إليه، أما التواكل فيحرم على المؤمن الإتيان به؛ لأن فيه مضرّة بترك العمل وترك الأخذ بأسباب الوصول لمراد الإنسان.
الفرق من حيث الأخذ بالأسباب
التوكل عبادة يتكامل فيها أمرين اثنين لا ينفكان عن بعضهما البعض، وهما: الأخذ بكل الأسباب لتحقيق ما يسعى إليه المؤمن، مع تفويض الأمر لله -تعالى- والتوكل عليه وحده لتيسير الأمور وتحقيق المُراد، أما التواكل فيتخلّى مُتّبعه عن الأخذ بالأسباب والعمل وسبل الوصول إلى المُراد ويفوض أمره لله -تعالى- فقط دون العمل والأخذ بالأسباب؛ وهذا منافي لما أمر الله -تعالى- به عباده المؤمنين من العمل والأخذ بالأسباب والتوكل عليه وحده بكل أمور الحياة سواء كانت صغيرة أم كبيرة.
الفرق من حيث الثمرة
التوكل على الله -تعالى- مع الأخذ بالأسباب يبعث في المؤمن الخلق المستقيم، والتصرّف الحكيم الذي ينبثق من إيمانه بحكمة وقضاء الله -تعالى- وحده، ويبعث في قلب المؤمن الطمأنينة للمستقبل القادم تسليماً بما عند الله -تعالى-، وبعيداً عن الخوف والقلق والتوتر لما سيحدث، فيعيش المؤمن المتوكّل حياته بطاعة الله -تعالى- وحده، واتّباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما التواكل فيورث الضعف، والعجز، والكسل في نفس المتواكل، فيبقى بعيداً عاجزاً عن تحقيق غايته وهدفه.
كيفية تحقيق التوكل على الله
التوكل على الله -تعالى- وحده يتحقّق بكيفية مُعينة؛ بيانها فيما يأتي:
- الإيمان بالقدر والتسليم لله -تعالى- ؛ فالتوكل شرطٌ من شروط الإيمان، فلابد للمؤمن أن يتوكل على الله -تعالى- وحده في كل أموره، قال الله -تعالى-: (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
- الأخذ بالأسباب مع تفويض الأمر لله -تعالى-؛ فيجب على المؤمن المتوكل أن يأخذ بكافة الأسباب ويفوض أمره لله -تعالى- راضياً بقضاء الله -تعالى- وحكمته وقدره، فالمريض مثلاً يأخذ بأسباب الشفاء؛ فيذهب للطبيب ويتناول الدواء ويفوض أمره لله -تعالى- فهو الوحيد القادر على شفاءه.
- الشعور بالافتقار والحاجة لله -تعالى- وحده؛ فالتوكل على الله -تعالى- وحده يبعث في قلب المؤمن شعور الطمأنينة، والراحة، والسكون لله -تعالى- وحده مسبب الأسباب، القادر على كل شيء.