العنف ضد الأطفال أسبابه وأضراره
العنف ضد الأطفال
يعرّف العنف ضدّ الأطفال على أنه إساءة معاملة وإيذاء من هم دون سنّ الثامنة عشر، ويمكن للعنف ضدّ الأطفال أن يحمل العديد من الأشكال، والتي تتمثّل بالإيذاء بنوعيه الجسديّ والعاطفي، أو الاستغلال التجاريّ أو الاعتداء الجنسيّ، إضافة إلى الإهمال والابتزاز اللذين يعدان أيضاً من أشكال العنف، وجميع هذه الأشكال تتسبب في إلحاق الضرر الفعليّ أو المحتمل بحياتهم، أو صحّتهم، أو نموّهم، هذا فضلاً عن كونها تهدّد ثقتهم بأنفسهم، وتُعطّل قدراتهم وإمكانيّاتهم على الإحساس بالمسؤوليّة.
أسباب العنف ضد الأطفال
تساهم مجموعة من الظروف والعوامل على حدوث ظاهرة العنف ضدّ الأطفال، وقد تكون هذه الظروف فرديّة، أو مجتمعيّة، أو في إطار العلاقات، ومن الأسباب التي تؤدّي إلى حدوث ظاهرة العنف ضدّ الأطفال، ما يأتي:
- نشوء الوالِدَين أو أحدهما في أسرة وبيئة تجعل العنف ضدّ الأطفال يبدو وكأنه أمرٌ طبيعيّ يحدث في كل بيت، إذ إنّ تعرُّض أحد الوالِدين أو كلاهما للعنف أثناء طفولتهما قد يكون سببًا في اعتبارهم العنف أمراً عادياً، إذ تشير الدراسات إلى أنّ الطفل الذي يتعرّض للعنف أثناء طفولته يكون أكثر عرضةً لممارسته في المستقبل.
- حاجة المعنِّف لتفريغ الضغوطات والانفعالات السلبيّة والغضب وغيرها من المشاعر التي يتعرّض لها في المجتمع أو العمل.
- أثر الأسباب النفسيّة على المعنِّف، والتي قد تؤدّي إلى عدم قدرته على السيطرة على نفسه، والتصرّف بعنف.
- أثر المشكلات الاقتصاديّة، والتي تزيد بدورها الضغوطات على الوالدين، وتشعرهما بالعجز والضعف، مثل: البطالة، والفقر، وتراكم الديون.
- دور الانحرافات السلوكيّة والأخلاقيّة التي تؤدّي بالشخص إلى التصرّف بعنف، مثل شرب الخمور والمُسكرات.
- تأثّر الوالِديْن أو أحدهما بما يشاهدانه في وسائل الإعلام كالأفلام التي تشجّع على العنف.
- قصور بعض القوانين والتشريعات الحكوميّة المعنيّة بحماية الطفل من العنف.
- قلّة الثقافة والوعي بأساليب التربية السليمة والناجحة.
- غياب أو قلّة وجود المؤسّسات المجتمعيّة التي ترصد الأطفال المعرّضين أو المحتمل تعرّضهم للعنف بكافّة أنواعه.
أضرار العنف ضد الأطفال
يُحدِث العنفُ أضراراً عديدة للأطفال على كافّة المستويات الصحيّة، والنفسيّة، والاجتماعيّة، والسلوكيّة، والتعلّمية، وحتّى ولو يتم يتعرّض الطفل للعنف بشكلٍ مباشر فإنّه ووفقًا للأبحاث قد يتعرض لأضرار نفسيّة وعاطفيّة إذا كان شاهداً على العنف بين والديه، ومن هذه الأضرار القلق والاكتئاب والانسحاب الاجتماعيّ، وفيما يلي توضيح للأضرار التي تنعكس على الطفل:
أضرار صحية
يُسبّب العنفُ ضدّ الأطفال بكافّة أشكاله وخاصّة الاعتداء الجسديّ أضراراً صحيّة، قد تكون بعض هذه الأضرار واضحة كالإصابات الجسديّة الناتجة عن الاعتداءات، وقد تظهر بعض هذه الأضرار على المدى البعيد، مثل: النوبات القلبية، وارتفاع ضغط الدم، والسكّري، ومتلازمة التعب المزمن، والسرطان، وأمراض الأمعاء، بالإضافة إلى مشاكل في الرؤية، والرئتين، وكمثال أكثر دقّة على بعض الأمراض التي قد تنجم عن العنف، زيادة احتماليّة إصابتهم بالتهاب الكبد الوبائيّ ج، والإيدز، في حال تعرّضهم لاعتداء جنسيّ.
إلى جانب ذلك هناك ارتباط بين إساءة المعاملة والعنف ونمو الدماغ بشكل سليم، فقد تتوقّف بعض المناطق في الدماغ عن النموّ أو تفشل في أداء وظائفها، ومن هذه المناطق التي قد تتضرّر في الدماغ بسبب سوء المعاملة على المدى البعيد، اللوزة الدماغية وهي المسؤولة عن معالجة المشاعر، وكذلك الحُصين وهو الجزء المسؤول عن التعلّم والذاكرة، وأيضًا قد يتضرّر المخيخ المسؤول عن الحركة والأداء الوظيفي للجسم، إلى جانب العديد من الأضرار، وعليه فإنّ تضرّر هذه المناطق أو بعضها بسبب العنف المتواصل تجاه الطفل سينعكس دون شكّ بشكلٍ سلبيّ على حياته وصحّته.
أضرار نفسية
يتسبّب العنف ضدّ الأطفال وإساءة معاملتهم في إحداث العديد من الأضرار النفسيّة لدى الطفل، مثل: الإحساس بالعزلة، والقلق، والخوف، وقلة الثقة، والتي قد تؤثّر على جوانب أخرى، مثل انخفاض قدرته على التعلّم، أو مواجهة صعوبات في التعامل مع المشاكل، وتكوين العلاقات والحفاظ عليها أيضاً، كما قد تؤدّي إلى اكتئاب مزمن، وفقدان احترام الذات، والإحساس بقلّة الأهمية.
أضرار اجتماعية
يواجه الأطفال الذين تعرّضوا للعنف أو اختبروا صدماتٍ كبيرةٍ صعوبةً في حياتهم الاجتماعيّة تتمثّل في انخفاض قدرتهم على إدارة عواطفهم والتعبير عنها، كما أنّ استجاباتهم العاطفيّة قد تكون غير متوقّعة ومفاجئة، ومن ناحية أخرى، فإنّ أيّ تفاعل صعب ومُجهد على الطفل الذي تعرّض للعنف، قد ينتج عنه ردّة فعل عاطفية حادّة.
وأيضًا، فإنّ تعرُّضَ الطفل للعنف من قِبَل أسرته أو الأشخاص المقرّبين منه، ومن يفترض أنْ يقوموا بحمايته سيدفع الطفل إلى أخذ الحيطة والحذر في معاملاته عموماً، وسيتوقّع السيئ من أفراد المجتمع، وفي الغالب سيكون التفاعل معه مرهِقا ومجهِداً، وسيتّخذ وضعيّات دفاعية أثناء تعامله معهم، كما ستصدر عن بعض الأطفال المعنَّفين ردود فعل مرتبِكة نظراً إلى صعوبة إدارة مشاعرهم، ومن ناحية أخرى قد يتخذ البعض من البرود العاطفي وسيلةً دفاعيةً عند تعاملهم مع الآخرين، ما قد يعرضهم مجدداً لئن يكونوا ضحيةً لإساءة المعاملة.
أضرار سلوكية
يسبّب العنف ضد الأطفال ظهور بعض الظواهر السلوكية الخاطئة عليهم، منها: حمل المراهِقات، وتعاطي المخدّرات، ومحاولة الانتحار، إلى جانب العديد من السلوكات العنيفة التي تصدر منهم، وتبيّن دراسة تتبّعت سلوكيات الأطفال قبل دخولهم إلى المدرسة وخلال سنوات مراهقتهم أنّ الأطفال الذين يتعرّضون للعنف المنزلي وإساءة المعاملة هم أكثر عرضةً لتجربة السلوكات المنحرفة والمعادية للمجتمع أثناء مراهَقَتهم، وفي دراسةٍ أخرى تربِط بين العنف المنزليّ والمشاكل السلوكيّة تبيّنَ أنّ ازدياد الصدمات في حياة الطفل والعنف الذي يتعرّض له، يرفع من احتمالية وقوعه في المشاكل السلوكيّة.
أضرار تعلّمية
يؤثّر العنف ضدّ الطفل وإساءةِ معاملتِه على قدراته التعلّمية، وخصوصاً في السّنوات الأولى من عمره، إذ قد يواجه ضعفاً واضحاً في تعلّم اللغة والكلام، ومن ناحية أخرى فقد أثبتت الدراسات أنّ هناك علاقة واضحة بين إساءة معاملة الطفل وتدنّي تحصيله العلميّ في المدرسة، وأيضًا فإنّ إحدى الدراسات الحديثة أثبتت أنّ نوع العنف أو الإساءة التي يتعرّض لها الطفل يؤثّر سلبًا وبدرجات متفاوتة على مهارات القراءة لديه، وعلى قدرته على التعامل مع الأرقام.