العالم غريغور مندل
غريغور مندل
يُعتبَر العالِم غريغور مندل أوّل شخص يدرس علم الوراثة، ويضع له أساساً رياضيّاً، وهو عالم نباتات وُلِدَ سنة 1822م في التشيك لعائلة ذات وضع محدود، ونشأ في بيئة ريفيّة، وقد لاحظَ قسِّيس القرية القدرات العقليّة التي يمتلكها مندل، فطلبَ من أسرته أن ترسله إلى التعليم وهو في سِنّ 11 سنة، وبذلك حصلَ على تعليمه الرياضيّ، ثمّ التحقَ بدورة تدريبيّة في الفلسفة مدّة عامين، وهناك استطاعَ أن يحصل على تعليمه في مجالَي الرياضيّات، والفيزياء .
بعد أن أنهى تعليمه سنة 1843م، توجَّهَ إلى مدينة مورافيا؛ حتى يكونَ كاهناً في الدير بدلاً من العودة للعمل في مزرعة عائلته، إلّا أنّه ما لبث أن وجدَ وظيفة كأستاذ، ثمّ توجّه إلى جامعة فيينا حيثُ تبحّر هناك في علوم الفيزياء، والرياضيّات مدّة سنتَين، ودرسَ الأحياء، وعلم النباتات، كما أبدى اهتماماً كبيراً بدراسة الخليّة . وفي عام 1853م عادَ مندل إلى الدير الذي كانَ يعمل فيه، وحصلَ على منصب مُدرِّس للمرّة الثانية، ثمّ رُشِّحَ ليكونَ رئيساً للدير. وتجدر الإشارة إلى أنّ مندل تُوفِّيَ سنة 1884م في مدينة برنو عن عُمر يناهز 62 عاماً.
نظريّات غريغور مندل
الوراثة
اهتمّ العالِم غريغور مندل بدراسة علم الوراثة ، حيث أُطلِقَ عليه لقب (أبو الوراثة)؛ فقد وضعَ عدّة مبادئ وراثيّة مهمّة مَبنيّة على دراساته التي أجراها على نبات البازيلاء، إلّا أنّها تنطبق على النباتات، والإنسان، والحيوانات، ولدراسة الصفات الوراثيّة، وانتقالها عبرَ الأجيال، استخدمَ مندل نبات البازيلاء مُعتمداً على عدّة صفات مرتبطة به، وهيَ: لون الزهرة (أبيض، أو أرجوانيّ)، وموقع الزهرة (طرفيّ، أو مِحوَريّ)، ولون البذرة (أخضر، أو أصفر)، وشكل البذرة (مُجعَّد، أو أملس)، وشكل الثمرة (مُتخصر، أو مُنتفخ)، ولون الثمرة (أصفر، أو أخضر)، وطول النبات (قصير، أو طويل).
وقد اختار مندل نبات البازيلاء لإجراء تجاربه الوراثيّة عليه؛ لأنّه لا يحتاج إلى الكثير من العناية، وقادر على النموّ بشكل سريع، كما أنّه يمتلك أجزاء التكاثُر الذكوريّة، والأنثويّة، ممّا يُمكّنه من إجراء التلقيح الذاتيّ، أو الخارجيّ، والأهمّ من ذلك أنّ نبات البازيلاء يمتلك صفات ثُنائيّة فقط، ممّا يجعل البيانات أكثر وضوحاً، وسهولة في العمل. وفيما يلي المبادئ التي وضعها مندل اعتماداً على تجاربه:
- النظريّة الأساسيّة للوراثة: استنتجَ مندل بأنّ هناك عاملَين لكلّ سِمة أساسيّة؛ حيث يُورِّث كلّ واحد من الوالدين عاملاً واحداً، فإذا كانَ العامل سائداً، فإنّ هذه الصفة تظهر في الجيل، أمّا إذا كانَ العامل مُتنحِّياً، فإنّ الصفة لا تظهر في الجيل إلّا إذا اجتمعَ العاملان المُتنحِّيان من كلا الوالدين، علماً بأنّ العلم الحديث أطلق على هذه الصفات اسم (جينات).
- مبدأ الفصل: وينصّ هذا المبدأ على أنّ العامل الوراثيّ الذي يُحدِّد الصفات يكون مفصولاً عن بعضه أثناء عمليّة الانقسام، ويُطلَق على هذا الانقسام اسم الانقسام الاختزاليّ ، وأثناء عمليّة الإخصاب تعود هذه الخلايا لتتجمَّع معاً.
- مبدأ استقلاليّة الصفات: أي أنّ الصفات الجينيّة المختلفة والمحمولة على الكروموسومات ستنتقل إلى الجيل الجديد بشكل مُستقلّ لكلّ صفة، وبذلك قد ينتج جيل يحمل صفات مختلفة غير مُطابقة لصفات الوالدين.
التطوُّر
قدّمَ مندل نظريّاته في علم الوراثة، والتي رُبِطت لاحقاً بنظريّات التطوُّر التي ظهرت مع بداية عام 1900م؛ وذلك لأنّ نظريّات مندل الوراثيّة مَبنيّة على أساس الانتقاء الطبيعيّ، والتي بدورها ترتبط بنظريّة آليّة التطوُّر، إلّا أنّه يجدر الذِّكر أنّ مندل لم يربط نظريّاته بمبدأ التطوُّر؛ لأنّه كانَ رجلاً ذا قناعة دينيّة قويّة، ولم يكن يُؤمن بنظريّة تطوُّر الكائنات الحيّة، على الرغم من أنّ أعماله أُضيفت حديثاً كمُدعِّم لنظريّات داروين في التطوُّر.