الطلاق البائن عند الحنفية
الطلاق البائن عند الحنفية
اهتم الإسلام من خلال تشريعاته المختلفة بالأسرة وما يتعلق بها من أحكام، ومن ذلك أحكام الزواج والحضانة والطلاق بأقسامه المختلفة، وفيما يأتي ذكر لمفهوم قسم من أقسام الطلاق وهو الطلاق البائن بنوعيه الاثنين وفق مذهب الإمام أبي حنيفة:
- الطلاق البائن بينونة صغرى
ويعرفه الحنفية بأنه الطلاق الذي وقع قبل الدخول أو على مال أو بالكناية، ولا يستطيع الرجل بعده أن يعيد المطلقة إلى الزوجية إلا بعقد جديد ومهر جديدين.
- الطلاق البائن بينونة كبرى
ويعرف الحنفية هذا الطلاق بأنه الطلاق الذي لا يستطيع الرجل بعده أن يعيد المطلقة إلى الزوجية إلا بعد أن تتزوج بزوج آخر زواجاً صحيحاً، ويدخل بها دخولاً حقيقياً، ثم يفارقها أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه، ولا يملك الزوج بعد ذلك أن يُعيد زوجته إليه إلا إذا تزوجت بزوج آخر.
متى يكون الطلاق بائنا؟
يفرق في حالات الطلاق بين الطلاق الرجعي وبين الطلاق البائن؛ فلكل منهم حالات وآثار يترتب عليه، وسنذكر فيما يأتي آثار الطلاق البائن وفق ما ذُكر في المذهب الحنفي:
- الطلاق البائن بينونة صغرى
- يقع الطلاق البائن بينونة صغرى قبل الدخول الحقيقي بين الزوجين، فيكون حينئذ بائناً؛ لأنه لا تجب به العدة ولا يقبل الرجعة، بدليل قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا).
- يقع ذلك الطلاق كذلك بعد الخلوة الصحيحة المجردة، فإن لم يحدث فيها دخول حقيقي يقع الطلاق بائناً، وإن وجبت العدة؛ لأن وجوب العدة إنما هو للاحتياط لثبوت النسب، والحكم بصحة الرجعة ليس فيه احتياط، بل الاحتياط يقتضي الحكم بعدم صحة الرجعة.
- الطلاق الكنائي، أي أن كل طلاق بالكناية يكون بائنا إذا نوى به الطلاق، ما عدا ألفاظ: (اعتَّدي، استبرئي رحمك، أنت واحدة) يكون طلقة واحدة بائنة، وإن نوى به اثنتين، فيثبت الأدنى وهو الواحدة، فإن نوى به الثلاث كان ثلاثاً.
- الطلاق على مال: بأن يخالع الرجل امرأته أو يطلقها على مال، فيكون طلاقاً بائناً؛ لأن المقصود أن تملك المرأة أمرها، وتمنع الزوج من مراجعتها، ولا يتحقق هدفها إلا بالطلاق البائن.
- الحالة الأخرى هو الطلاق الذي يوقعه القاضي لا لعدم الإنفاق أو بسبب الإيلاء، وإنما بسبب عيب في الزوج أو للشقاق بين الزوجين ، أو لتضرر الزوجة من غيبة الزوج أو حبسه؛ لأن التجاء الزوجة إلى القضاء لا يكون إلا لدفع الضرر عنها وحسم الزواج، ولا يتحقق المقصود إلا بالطلاق البائن.
- الطلاق البائن بينونة كبرى
- يقع الطلاق بائنا بينونة كبرى إذا كان طلاقاً ثالثاً، سواء أكان مكملاً للثلاث تفريقاً، أم مقترناً بالثلاث لفظاً أو إشارة، أم مكرراً ثلاث مرات في مجلس واحد أو في مجالس متعددة، بأن يقول لها: "أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق"، فيقع ثلاثاً إلا إذا قصد تأكيد الطلقة الأولى السابقة، فلا يقع إلا طلقة واحدة.
- يقع كذلك بالإشارة لأن لها حكم العبارة، فإن أشار بأصبع واحدة فهي واحدة رجعية، وإن أشار باثنتين فهي اثنتين، وإن أشار بثلاث فهي ثلاث؛ لأن الإشارة متى تعلقت بها العبارة نزِّلت منزلة الكلام؛ لحصول ما وضع له الكلام بها وهو الإعلام، بدليل العرف والشرع.
آثار الطلاق البائن عند الحنفية
يترتب على الطلاق البائن آثار عدة على الزوجين، نستعرضها فيما يأتي وفق ما ورد بالمذهب الحنفي:
- آثار الطلاق البائن بينونة صغرى
- نقصان عدد الطلقات.
- زوال الْمِلْكِ حيث إنه لا يحل له وطؤها إلا بنكاح جديد.
- لا يصح الظهار كذلك ولا الإيلاء ولا يجري اللعان بينهما.
- لا يجري التوارث بينهما.
- آثار الطلاق البائن بينونة كبرى
الحكم الأصلي لهذا الطلاق هو زوال الْمِلْكِ وزوال حِلِّ الزوجية، حيث إنه لا يجوز له نكاحها قبل الزواج من رجل آخر لقوله -عز وجل-: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ).